العنوان عملية مروة قاوقجي
الكاتب أحمد عز الدين
تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1999
مشاهدات 16
نشر في العدد 1350
نشر في الصفحة 31
الثلاثاء 18-مايو-1999
هل أخطات النائبة التركية مروة قاوقجي بإقحام نفسها في عش الدبابير، وارتقت مرتقى صعبًا بمواجهتها العلمانية التركية في إحدى مؤسساتها الرئيسة؟ وهل دخلت مروة في قضية خاسرة ستكلفها المنصب النيابي وربما جنسيتها، بل وحريتها قد تكون القضية خاسرة بالفعل بالمنظور الجزئي المسالة دخول البرلمان والاحتفاظ بالعضوية فيه، واعتقد أن هذا الأمر لم يكن غائبًا عن مروة ولا والدها الأكاديمي المخضرم والداعية الواسع الاطلاع ولا عن حزب الفضيلة، خصوصًا أنها تجنست بالجنسية الأمريكية في الخامس من مارس الماضي، أي بعد ترشيح نفسها لعضوية البرلمان وهي تعلم أن تركيا لا تسمح بازدواج الجنسية إلا بشروط وإجراءات لم تتخذها. مروة أشبه بفدائية، قبلت القيام بعملية اقتحام تعرف مسبقًا أنها ستكلفها الكثير ولكنها تستطيع من خلالها أن تحقق الكثير على الطريق الطويل لكشف العلمانية التركية على النحو الذي أوضحته المقالات المنشورة في هذا العدد حول الموضوع.
عملية مروة قاوقجي، واحدة من سلسلة العمليات الفدائية التي ينفذها دعاة الإصلاح من منظور إسلامي في تركيا والذين يمثلهم في هذه المرحلة حزب الفضيلة -مثله مثل حركات إسلامية أخرى في العالم الإسلامي- يرغب في أن يخوض معاركه على المكشوف وفق نظم الحرب السياسية النظامية المتعارف عليها، ولكن النظام العلماني يأبى إلا أن يعامله على أنه متمرد خارج على القانون - مهمش - بعيد عن النظام السياسي.. ليسهل بذلك عزله وضربه ولتبرير الإجراءات الاستثنائية عند ضربه.. النظام التركي يريد الفضيلة شكلًا آخر من أشكال حزب العمال الكردستاني، ويتمنى أن يرى أربكان ورجائي قوطان معزولين في إحدى جزر بحر إيجه كما هو حال عبد الله أوجلان، ولهذا نجد الإصرار على حل الحزب بعدما نجح النظام في حل حزب الرفاه، على الرغم من أنه ثالث الأحزاب في البرلمان الحالي. المدعي العام وورال صواش وصف أعضاء حزب الفضيلة بأنهم مصاصو دماء!! وسارع بتقديم دعوى لدى المحكمة الدستورية يطلب حل الحزب وإلغاء الصفة البرلمانية عن جميع نوابه، ومنعهم من العمل السياسي خمس سنوات كاملة، ومنع رؤساء البلديات من ممارسة أعمالهم، التطور المهم الذي ظهر هذه المرة أن رئيس المحكمة الدستورية طالب المدعي العام بتقديم وثائق وأدلة يقبل بها القانون بحق كل عضو مدعى عليه وبيان كيفية منافاة عمله لمبدأ العلمانية ومكان وقوع العمل وتاريخه، وفي انتظار استكمال تلك الأوراق لم ترسل المحكمة الدستورية مذكرة المدعي العام إلى الفضيلة لإعداد الدفاع بشأنها، وهذه إشارة مهمة من المحكمة مفادها أن المسائل قد تجاوزت الحدود، ولكن المشكلة ليست في أعضاء المحكمة ولكن في القوانين المتعسفة التي يتم الاحتكام إليها والتي تم بموجبها حل ٢٢ حزبًا سياسيًا في تركيا، فالمعروف أن أكبر إنجازات مصطفى كمال في تركيا أنه وضع قواعد قانونية وأخرى عرفية يصعب الخروج عليها خاصة أن العسكر يقوم بحراستها والسهر على تنفيذها.
وقد يقول قائل: فيم التعب إذن إذا كانت المسائل محسومة والمحاولات مقضيًا عليها بالفشل يرد على ذلك بلند أرينج، أحد رموز جناح الشباب في الفضيلة: على الجميع أن يعرف ويوقن جيدًا أننا لن نفنى بالظلم والذبح والاضطهاد، وأن الأفكار والمعتقدات لا يمكن القضاء عليها بمثل هذه الوسائل، وينصح أرينج المحافل المعادية بألا يفرحوا لأن أولادنا وأطفالنا سيأتون في أعقابنا لمواصلة العمل الذي بدأه أباؤهم!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل