; أيام في.. صقلية | مجلة المجتمع

العنوان أيام في.. صقلية

الكاتب د. محمد بن موسى الشريف

تاريخ النشر السبت 08-يونيو-2013

مشاهدات 36

نشر في العدد 2056

نشر في الصفحة 42

السبت 08-يونيو-2013

ذهبت إلى « شاتوشينو» جنوبي فرنسا للتدريس في «الكلية الأوروبية للدراسات الإنسانية»

تحدثت في المؤتمر العاشر لمسلمي صقلية وعنوانه «نحو مشاركة اجتماعية راشدة» وحضره جمع من قادة العمل الإسلامي في إيطاليا

حاضرت في المؤتمر عن «شخصية المسلم» وبينت أن للمسلم شخصية تميزه عن غيره من سائر البشر عمادها العقيدة الجلية والعبادة بدون حرج والخلق الإسلامي الرفيع

 أكدت أن المسلم يجب أن يحافظ على هذه الشخصية خاصة في بلاد الغرب وينطلق بها لخطاب القوم خطابًا راشدًا

كنت في «شاتوشينو» - وهي بلدة في جنوب فرنسا - للتدريس في «الكلية الأوروبية للدراسات الإنسانية»، وقد تحدثت في أمر هذه الكلية في مقال سابق فلا أعيده الآن، ولما فرغت من التدريس في الكلية حملني وزوجي أم علي، الأخ يحيى إلى مطار زيورخ.

ويحيى هذا هو مسلم فرنسي الأصل، درس اللغة العربية والدراسات الإسلامية في الكلية نفسها، وحذق النطق باللغة إلى درجة جيدة، وتزوج ابنة الدكتور العراقي زهير محمود، مدير الكلية، وحسن إسلامه، أحسبه كذلك والله تعالى حسيبه، وهو دمث الخلق، هادئ الطبع، متواضع حتى تحسبه أحد العمال، عف اللسان حسن المعشر. 

فمررت في الطريق بـ«ميلوز» وجددت الصلة بالأخ في الله تعالى أبي زيد مارسو، وقد ذكرت زيارتي لميلوز من قبل في مقال سابق فلا أعيد ذكرها ها هنا، ثم وصلت إلى مطار زيورخ، فأقلعت منه إلى روما، ومنها إلى كتانيا، وهي المدينة الثانية في صقلية بعد العاصمة بالرمو، واستقبلني فيها إخوة كرام منهم الأخ في الله عبدالحفيظ الجزائري، مسؤول المركز الإسلامي في كتانيا، والأخ الدكتور السعودي محمد بن جابر اليماني، وهو دكتور في الصيدلة ويدرس في جامعة الملك سعود بالرياض، وكان قد قدم للمؤتمر للمشاركة فيه بمحاضرة، وقد شارك في عدة مؤتمرات سابقة في كتانيا، وأخذني الأخ عبد الحفيظ للعشاء في بيته، ولم يكن بـي حـاجـة إلـى الـطـعـام، فقد خرجت من فرنسا إلى سويسرا إلى روما إلى كتانيا في رحلة طويلة، وكنت كذلك الأعرابي الذي وجد في طريق سفره عنتاً وتعبا، وسقط عليه المطر ، فلما وصل إلى المكان الذي يريد وأضافه القوم سألوه: ماذا يحب أن يطبخوا له؟ فقال بعد أن بلغ التعب كل مبلغ: 

قالوا: اقترح شيئا نجد لك طبخه 

قلت: اطبخوا لي حبة وقميصًا!

وكنت أريد منه إيصالي إلى الفندق لأخلد إلى الراحة لكنه أبي وأصر على أخذي إلى بيته لإكرامي -كعادتهم جزاهم الله خيرًا- فما استطعت إلا الامتثال، ولا يمكنني غير هذا!

الجامع الكبير في كتانيا

وفي اليوم التالي -كان يوم جمعة- خطبت الجمعة في الجامع الكبير في كتانيا، وكان قد افتتح قريباً، وكانت خطبة في «عزة المسلم ومقتضياتها ولوازمها»، وبين المغرب والعشاء حاضرت في موضوع «أثر المرء في دنياه»، وقد خطبت وحاضرت في هذين الموضوعين في عدة مساجد، وفصلت الحديث فيهما: «العزة» و«الأثر» في مكان غير هذا لمن أراد أن يطالعه.

حضور المؤتمر

وفي يوم الأحد بـدأ المؤتمر العاشر لمسلمي صقلية، وكـان مـوضـوعـه «نحو مشاركة اجتماعية راشدة»، وحضر إليه جمع من الضيوف منهم أ. د العربي كشاط، وهو مدير مركز في باريس وإمام جامع، وكذلك الأستاذ فاتح الراوي السوري، وهو أحد الدعاة المقيمين في لندن، والأخ الطيب عبدون، وهو مقيم في لندن ويعمل في هيئة الإغاثة بها، وكان في المؤتمر جمع من قادة العمل الإسلامي في إيطاليا، منهم د .دشّان، وهو من سورية، وهو مسؤول العمل الإسلامي الأقدم في إيطاليا، والأستاذ عز الدين الزير، وهو رئيس اتحاد المنظمات في إيطاليا، وحمزة ريكاردو، وهو مسلم إيطالي قص علينا قصة إسلامه، وهي موجودة في موقع «الجزيرة الوثائقي» بعنوان «حمزة ومعاني القرآن» لمن أراد الرجوع إليها، وقابلت ثلة آخرين من أهل الفضل والدعوة. 

شخصية المسلم

وقـد شـاركـت فـي المؤتمر بمحاضرة موضوعها «شخصية المسلم»، وبينت فيها أن للمسلم شخصية تميزه عن غيره من سائر البشر، عمادها العقيدة الجلية الواضحة والعبادة المنفي عنها الحرج، والخلق الإسلامي الرفيع، وحسن التعامل مع الآخرين، فينبغي للمسلم أن يحافظ على هذه الشخصية خاصة في بلاد الغرب وينطلق بها لخطاب القوم خطابا راشداً، ولدعوتهم وللتأثير عليهم، فإن أعظم وسائل التأثير القدوة الحسنة وإحسان خطاب الناس، وإحسان معاملتهم.

وانتهى المؤتمر في اليوم نفسه، واجتمع الناس بعد ذلك في الجامع، وقدمت للحديث بين المغرب والعشاء فاخترت الحديث في موضوع «ذكر الله تعالى»، وبينت أهميته في الحياة المادية المعاصرة، وأثره في نفي القلق والوساوس، ورفيع منزلته، وعظيم أجره. 

زيارة «بالرمو» 

وفي اليوم التالي، شددت الرحال إلى «بــالـرمـو»، وفيها زرت الأكاديمية الليبية التاريخية التي أنشأها النظام البائد، واستقبلني مديرها د. إبراهيم المقدود استقبالًا حسنا، وبين لي أنشطة الأكاديمية، وأهداني كتبًا نشرتها الأكاديمية وبعض المجلات العلمية وسألته في مسائل في الشأن الليبي وقبائل الأشراف؛ فدلني على مصادر جيدة، جزاه الله خيرًا.

قصر على الطراز العربي

وفي بالرمو زرتُ القصر الملكي الذي بني على الطراز العربي الفاخر، وزرت قصراً عربياً آخر بناه أحد الحكام المسلمين لصقلية بناه لزوجه، وآثار العرب في صقلية كثيرة، فقد فتحوها وبقوا فيها عدة قرون، وشارك في فتحها عظماء وأبطال وعلماء على رأسهم العالم التونسي المشهور أسد بن الفرات الذي توفي على أسوار سارجوزا، يرحمه الله تعالى، وفي جزيرة صقلية عدد كبير من الحصون والبلدات مازال يحمل الاسم العربي محرفا في النطق بعض الشيء كما هي الحال في إسبانيا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وما انتهى حكمنا لصقلية إلا بذنوبنا واختلافنا، ومقاتلة بعضنا بعضا؛ فتمكن منا العدو، وطردنا من الجزيرة، وصقلية اليوم جزء من إيطاليا وفيها ٤٠٠ ألف مسلم. 

زيارة تونس

ومن بالرمو سافرت إلى تونس لتصوير حلقات رمضانية لقناة ناشئة جديدة هي قناة «إنسان»، ومكثتُ في تونس ثلاثة أيام أزعجني فيها احتدام الخلاف بين السلفيين، أو «السلفيين «الجهاديين على وجه الخصوص، وبين «النهضة»، وأخاف أن تُوأَدَ الثورة بسبب هذا الخلاف المتنامي، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وحاضرتُ في «الجامع الكبير» في «المهدية»، وهي مدينة تاريخية كانت قاعدة -أي عاصمة- للعبيديين الباطنيين الذين تسموا زورًا وبهتانًا بـ«الفاطميين»، وكانت قاعدتهم، ثم انتقلوا إلى القيروان ثم إلى مصر، والمهدية تبعد مائتي كيلومتر تقريبا عن تونس العاصمة حاضرت في الجامع في موضوع الشيعة المتنامي وخطرهم في تلك المنطقة وغيرها في تونس، ولعل إيران استغلت فرصة الخلاف والمشكلات الموجودة في تونس للتغلغل في صفوف الغافلين وضعاف الإيمان وتغريهم بالأموال والبعثات وزواج المتعة وإنا لله وإنا إليه راجعون. 

ثم شددت الرحال عائدا إلى بلادي، ولله الحمد من قبل ومن بعد.■ 

[1] داعية إسلامي – المشرف على موقع التاريخ طيار مدني بالخطوط السعودية

الرابط المختصر :