; في الهند .. مملكة رام الأسطورية تصمم مستقبل المسلمين! | مجلة المجتمع

العنوان في الهند .. مملكة رام الأسطورية تصمم مستقبل المسلمين!

الكاتب محمد بادريس

تاريخ النشر الثلاثاء 21-نوفمبر-1989

مشاهدات 727

نشر في العدد 942

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 21-نوفمبر-1989

* مازالت المذابح الطائفية تحصد الآلاف والمسلمون هناك بانتظار تدخل منظمة المؤتمر الإسلامي.

* راجيف يدعو إلى الأصولية الهندوسية بعد خمس سنوات من حكمه.

* مسيرة الطابوق أدت في يوم واحد إلى مقتل عشرة مسلمين وجرح خمسين!

لم يمتنع الهندوس المتطرفون من وضع حجر الأساس للمعبد الوثني الضخم في ساحة المسجد البابري رغم صدور قرار المحكمة العليا بالامتناع عن ذلك حسمًا للنزاع القائم بين المسلمين والهندوس.

فقد احتشد مئات الألوف من الهندوس المتطرفين في مواكب ومسيرات جماهيرية تحمل ملايين من الطابوق، وبعد هتافات صارخة ضد المسلمين وتهديدات بهدم كافة مساجد المسلمين في الهند، وقيام الكهنة بعبادة الأوثان لمدة 27 ساعة، تم وضع حجر الأساس للمعبد في ساحة قريبة من المسجد، وقد أجلت خطة هدم المسجد الذي تُعبد فيه الأصنام جهارًا نهارًا لأسباب سياسية وظروف انتخابية والضغط من قبل رؤساء الأحزاب لفترة تالية، غير أن البدء في بناء معبد ضخم في ساحة المسجد مع أداء الكهنة لعبادتهم قد تم بالفعل داخل المسجد.

وقد اعتقلت السلطات الهندية في مدينة فيض آباد أكثر من ستمائة مسلم بسبب احتجاجهم على قيام الرهبان الهندوس بوضع حجر الأساس لمعبد وثني ضخم. بينما سمحت لآلاف من المتطرفين الهندوس للقيام بالاحتفال الجماهيري الحاشد لاستفزاز المسلمين وإرساء دعائم المعبد في ساحة المسجد.

والمعبد الذي بدء العمل بتشييده سوف يكلف تسعة عشر مليون دولار

إن انحياز السلطات الهندية الواضح ومساندتها لحركة المتطرفين من الهندوس يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل المسلمين في الهند.

والحكومة الهندية قد نجحت في صيد عصفورين بحجر واحد، فقد حالت دون هدم المسجد من ناحية، وأفسحت المجال للهندوس من وضع حجر الأساس في ساحة المسجد، ولم تقم بإزاحة الأصنام من محراب المسجد، وكل ذلك للتأثير على الانتخابات القادمة.

وفي بادرة لم يسبق لها مثيل تعهد رئيس وزراء الهند راجيف غاندي بأنه- في حالة فوزه في الانتخابات العامة القادمة- سوف يقوم بتحويل الهند إلى «مملكة رام الأسطورة» و«رام» هو أحد آلهة الهندوس، والذي أصبح رمزًا للنزاع الطائفي بين المسلمين والهندوس، وقد أدى العنف الناتج من ادعاء الهندوس لملكية مسجد أثري يرجع تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر أنه مسقط رأس رام المزعوم إلى استشهاد مئات من المسلمين.

وقد اختار رئيس وزراء الهند لإعلان هذا التعهد مدينة فيض آباد القريبة من مكان النزاع الطائفي؛ ليعطي للهندوس- وهم أغلبية الشعب الهندي البالغ ثمانمائة مليون نسمة- شعورًا بأنه ليس ضد التيار الهندوسي الجارف؛ حتى لا يفقد مكانته لدى الجماهير، ولا يخسر أصوات الناخبين من الهندوس.

غير أن دغدغة عواطف الهندوس في وقت تسود فيه موجة العنف ضد المسلمين قد تسببت في ازدياد حدة التوتر؛ حيث إن كل هندوسي يحلم باستعادة مجد العصور السحيقة من ثقافة الهند وحضارتها الوثنية.

والذي يعرف الهند عن كثب يعرف تناقض المعتقدات التي تعطي القداسة للقطط والكلاب، وتجعل من الحيات والثعابين آلهة تعبد، لكنها تستبيح إراقة دماء المسلمين، وتعتبر أرواح الأبرياء من النساء والأطفال أقل قدرًا من أرواح القرود والأبقار السائبة.

إن الفوارق الطبقية جزء أساسي في مبادئ الديانة الهندوسية، فالبراهمة وحدهم يستحقون أن يحكموا البلاد، أما المنبوذون أو ما يسمونهم «شودر» فلم يخلقوا إلا لخدمة الطبقة الأرستقراطية من البراهمة وغيرهم.

ومازالت الممارسات اللاإنسانية مستمرة في الهند؛ سواء كانت ضد المسلمين، أو ضد المنبوذين من الهندوس أنفسهم، فطالما تحرق قرية بأكملها بسبب بقرة يذبحها مسلم، أو كوب ماء يأخذها للشرب من البئر أحد أفراد طائفة المنبوذين.

والبراهمة- وأسرة نهرو منهم- مع كونها أقلية تملك ناصية الحكم في الهند منذ استقلالها، وشأنهم في ذلك شأن الأقلية البيضاء التي تحكم في جنوب إفريقيا، وتفرض سياستها العنصرية على الأغلبية السوداء، مع الفارق الموجود في ظروف كلا البلدين.

لقد رفع رئيس وزراء الهند- حين استلم السلطة في أعقاب مقتل والدته- شعار تطوير الهند والوصول بها إلى أرقى مستوى المدنية والحضارة بالاستفادة من التكنولوجيا الغربية الحديثة، وبعد خمس سنوات من الحكم وحتى هذا اليوم وهو ينادي بالعودة إلى الأصولية الهندوسية؛ حينما كانت الهند في عصور رام الأسطورية منقطعة عن العالم ومنطوية على عجائب تقاليدها وأوثانها.

فهل هذا التعهد مجرد «تكتيك» انتخابي أو أن مسؤول أكبر دولة في العالم بعد الصين في كثرة عدد سكانها إلى اقتناع بأن يصبح أداة في أيدي المتطرفين من الهندوس في سحق الأقليات التي تعيش بين الأغلبية الهندوسية الكبيرة، ويبني صرح أعتى دولة وثنية في شبه القارة الهندية، مستوحيًا مبادئها ودساتيرها من الأساطير العرقية البالية، ويفرض على كافة المواطنين- ومن بينهم 120 مليون مسلم- القانون المدني الموحد المقتبس من نصوص الكتب الدينية الهندوسية الوثنية.

لا شك أن نتائج الانتخابات هي التي ستحدد مستقبل التوجهات لدى السلطة الهندية القامة.

وتفيد الأنباء الواردة من الهند أن أعمال عنف جديدة اندلعت ضد المسلمين بسبب مسيرة الطابوق، وأدت إلى مقتل عشرة وجرح خمسين شخصًا من المسلمين في مدينة «سهسرام» من ولاية بيهار الواقعة في شمال شرق الهند.

وعلى المسلمين في الهند أن يتركوا أسلوب الاتكالية في الحياة، وعدم الإدراك بالمخاطر المحدقة بهم، وأن يشقوا الطريق للخروج من مسلسل الكوارث الدامية، فإن كل يوم تشرق فيه الشمس يفقدون فيه ورقة، ويقتربون من كارثة محتمة.

إن الانتخابات القادمة فرصة ليراجعوا أنفسهم، ويتخذوا موقفًا موحدًا يساعد في حماية أرواحهم وممتلكاتهم، ويضمن لهم البقاء متمسكين بدينهم وعقيدتهم.. وما ذلك على الله بعزيز..

وفيما يلي تقرير مفصل عن أحداث العنف والاضطهاد الهندوسي التي مورست ضد المسلمين في الأيام الأخيرة.

مذابح مروعة

تعرض المسلمون في الهند (100 مليون مسلم تقريبًا) لمذابح مروعة في الأسابيع القليلة الماضية من قبل المنظمات الهندوسية المتطرفة بتواطؤ من الشرطة والحكومات المحلية الهندية، وموافقة صامتة من رئيس الوزراء راجيف غاندي.. وتقدر المصادر المطلعة بضحايا الأحداث الأخيرة بحوالي 2000 شخص وتدمير مئات البيوت والمحلات في كل من أيودا وبجالبور وبعض المدن الشمالية.. ويذكر أن هذه المذابح بدأت عندما صمم الهندوس على هدم المسجد البابري الذي يعود بناؤه إلى القرن السادس عشر وبناء معبد هندوسي محله. والأحداث التي وقعت أخيرًا في بجالبور وذهب ضحيتها آلاف المسلمين سبقتها أحداث عاصفة في عدة مدن وقرى. وقد نشرت نشرة «الداعي» التي تصدر عن دار العلوم في ديوبنه تقريرًا عن القتل والتشريد الذي حدث لكثير من المسلمين في بعض القرى والمدن، على مرأى ومسمع من الشرطة والحكومة، وجاء فيها ما يلي:

كوته– راجستهان

وقع الاضطراب في مدينة كوته في 14 سبتمبر الماضي بولاية «راجستهان» واستمر أكثر من أسبوع وحصد أكثر من عشرين شخصًا معظمهم من المسلمين، وأصيب مئات بجروح شديدة.. وثار الاضطراب من أجل موكب هندوسي هائل طاف بشوارع المدينة بمناسبة مهرجان «كنيس جتر درش»، ولما وصل الموكب إلى مفترق الطرق تفجر الاضطراب؛ لأن المشاركين في الموكب كانوا يطلقون هتافات نارية جارحة لمشاعر المسلمين، منها «من يطالب بمسجد البابري سيلقى مصرعه من ساعته»، «ومن يعش في الهند يعش هندوكيًّا».

ولم تمض دقائق حتى جعل المشاغبون الهندوس دكاكين المسلمين رمادًا في المنطقة الواسعة في المدينة، وفي أحياء «سبري مندي» و«آيه سماج رود» و«لاد بوره رود» و«رامبوه» و«بزارخانه» و«لكشمى بوره».

وأفادت الأنباء أن المشاركين في الموكب انتشروا جماعات في أرجاء المدينة، وقاموا بعمليات النهب والإحراق والقتل والجرح.. وقطعوا التيار من محطة التوزيع، وظلت دكاكين المسلمين ومحلاتهم التجارية تحترق وتنهب؛ حتى بعد فرض حظر التجوال، ومنعت سيارة المطافئ من الوصول إلى مكان الحرائق، حتى بعد سيطرة القوات المسلحة على المدينة.

وقتل المتطرفون خمسة مصلين خلال أداء الصلاة في مسجد، كما قتلوا شرطيًّا كان يؤدي وظيفته لكونه مسلمًا، وجعلوا جسمه قدائد، واسمه محمد شفيع.

والجدير بالذكر أن رجال المخابرات كانوا قد اطلعوا السلطة المحلية قبل شرع المذابح، كما اطلعوا السلطة المحلية؟ وأن المشاركين في الموكب كانوا مسلحين بالعصي والبنادق والآلات الحادة.. وكان يقود الموكب رجال المنظمات الهندوسية المتطرفة المدربة على القتل والفتك والنهب والإغارة وبعض أعضاء الأحزاب الهندوسية المتعصبة، «ولم تتخذ الحكومات المحلية أي إجراء لمنع هذه الاعتداءات على المسلمين».

وكان الاضطراب مدروسًا ومخططًا له من قبل المنظمات المشار إليها التي ألهبت الجو بالإعلانات والنشرات والكتيبات.

سهرام.. ولاية «بيهار»

وفي سهرام وقعت مذابح للمسلمين؛ حيث اغتصب الهندوس أرض مصلى العيد من المسلمين.. وقدم المسلمون مذكرة إلى كبير وزراء الولاية الذي استمع إلى المسلمين، وأمر السلطات المعنية باتخاذ اللازم نحو تخلية الأرض، فأخليت الأرض، ومنع بناء المعبد الهندوسي على الأرض.. ولكن الهندوس صرخوا في المدينة وضواحيها أن المسلمين يتدخلون في بناء المعبد.. وخلال ذلك سيَّر الهندوس موكب «راكهي» لإظهار قوتهم.. وأقاموا حفلًا ألقيت فيه خطابات مثيرة ونعرات استفزازية للمسلمين، وخلال رحلة العودة فجر المشاركون الصدام مع المسلمين، وحصدوا خلاله الأرواح والممتلكات، ونهبوا كثيرًا من المواشي، وقتلوا المسلمين دون تمييز بين الشيوخ والشباب والرجال.

قرية «راجو» الواقعة على حدود مديريتين في «بيهار».

وفي هذه القرية أيضًا ظل المتعصبون الهندوس يقومون بالنهب والإغارة وإحراق البيوت، منذ الساعة العاشرة صباحًا حتى الخامسة مساءً، في حرية تامة دون مراقبة من السلطة والشرطة، وأفادت الأنباء أن المسؤول المحلي ومدير مخفر الشرطة ظلا قابعين في بيت مدير القرية الهندوسي في قرية «بهرداره»، ولم يخرجا رغم لفت الناس في «بهر داره» أنظارهم إلى دخان متصاعد من قرية «راجوا».. ولم يصل مفوض المديرية وضابط الشرطة إلا في الساعة السادسة، عندما أتم الهندوس عمليتهم الإجرامية.. حيث أحرقوا نحو 25 بيتًا للمسلمين، ونهبوا ما كان فيه من النقود والأموال، وتركوا القرية عراء.. وضربوا وجرحوا وقتلوا..

قرية ست يرادا

وفي هذه القرية قتل خمسة مسلمين وجرح مثلهم، ونهب نحو 15 دكانًا لهم، ولما قدموا مخفر الشرطة يسألونه الإغاثة: قال المسؤول: «أنا ذاهب إلى اجتماع مهم للغاية!! وليس عندي شرطة».

هذا ما سجلته «الداعي» التي تصدر عن الجامعة الإسلامية دار العلوم في ديوبنه.. وهو طرف قليل مما يحصل للمسلمين من مذابح يومية.

والإعلام العربي لم ينقل شيئًا من ذلك.. والصحافة تنقل الذين يهربون من ألمانيا الشرقية إلى الغربية بالصور والكلمات؛ حتى إنها تسود عدة صفحات كل يوم.. أما المسلمون فلا تنقل عنهم شيئًا.

وقد أصدرت منظمة المؤتمر الإسلامي من مقرها بجدة بيانًا تندد فيه هذه المذابح، كما أصدرت رابطة العالم الإسلامي بيانًا بذلك.. وأصدرت المملكة العربية السعودية بيانًا عبرت فيه عن قلقها لما يحدث للمسلمين في الهند.. ومعظم العالم ساكت يتفرج.. فهذا لا يدخل ضمن حقوق الإنسان التي تباكى عليها الغرب.. ولا يدخل ضمن الاضطهاد الذي يمارس ضد الأقليات.. ففي بعض البلاد الإسلامية تريد الأقليات المسيحية، أن تتحكم في الأغلبية الإسلامية أما الأقليات الإسلامية فهي تتعرض للذبح فضلًا عن أن تطلب أدنى حقوقها.. ما هذا الوضع المقلوب..

إنه لابد للدول الإسلامية أن تقوم بتجميد علاقاتها مع الهند، وطرد رعاياها الهندوس من البلاد؛ حتى تحترم الهند حقوق المسلمين.. فهذا أضعف الإيمان.. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

الندوة العالمية للشباب الإسلامي تفتح باب التبرعات لمسلمي الهند

فقد أفادت تقارير غير رسمية عن مقتل أكثر من ألف شخص بالإضافة إلى المفقودين، كما أن الأشخاص الذين أصيبوا بجراح خطيرة قد تجاوزوا الآلاف، وأن عشرات الآلاف من الأشخاص باتوا بغير مأوى بعد أن حرقت بيوتهم، والحقيقة أن قرى كاملة ومناطق للمسلمين قد أتت عليها النيران. حتى إن المسلمين الذين لجأوا إلى معسكرات الإغاثة المؤقتة هوجموا وذبحوا في حادثتين، يعتقد أن الشرطة تسترت عليهما. وقد تعرض المسلمين في القطارات للاضطهاد بواسطة الهندوس المتطرفين، وأنزلوهم عنوة وقتلوهم، ولم يستثنوا من ذلك النساء والأطفال.

إن غياب السلطة الواضح كان ملموسًا؛ حتى إن رئيس الوزراء راجيف غاندي ووزير داخليته أعلنا أن حكومة المقاطعة «التي هي من حزب المؤتمر الحاكم» مسؤولة عن إخفاقها في التحكم في مجازر بيهار، إلا أن الحكومة المركزية لم تتخذ أي إجراء ضدها، وأن جرائم القتل المروعة لم تتوقف حتى بعد زيارة رئيس الوزراء ووزير داخليته للمنطقة.

والجدير بالذكر أن هذا الادعاء لا أساس له، وقد أثبت بطلانه كثير من علماء التاريخ الموثوقين من الهندوس أنفسهم، إلا أن العناصر المغالية والمتعصبة رفضت الاستماع إلى منطق العقل، حتى إنهم وضعوا حجر الأساس للمعبد ولم يقبلوا بقرار المحكمة العليا التي حكمت أن المكان الذي يريدون إنشاء المعبد فيه لا يزال متنازعا عليه، ولا يحق لأي فريق تعديل الأوضاع الحالية أو إنشاء أي مبنى جديد. والغريب أن هناك أربعة معابد أخرى على الأقل يدعى أن لها نفس التسمية «معبد رام جنم بهومي» وأنها مكان ولادة «راما».

ومن جهة أخرى ادعى أحد المؤرخين من فئة الهندوس المتطرفة أن الكعبة المشرفة- زادها الله عزا وتشريفًا- كانت معبدًا من معابد البراهمة، كما ادعى هذا النموذج الذي يشتهر بإثارة القضايا التي تستفز المسلمين أن سيدنا إبراهيم عليه السلام باني الكعبة هو أصلًا إلههم «براهمة». نشرت هذا الخبر مجلة «داليت فويس» لسان حال طبقة المنبوذين نقلًا عن جريدة «أنديانا بوست» في عددها الصادر في 9 أكتوبر 1989.

إن القلاقل الطائفية التي تحدث بين الأغلبية الهندوسية والأقليات الأخرى قد أصبحت السمة المميزة للهند، وأغلب الساسة في الهند لا يهتمون كثيرًا بالمصالح الكبرى للبلاد، ويرون أن مصالحهم الرئيسية تتمثل في البقاء في السلطة أو الحصول عليها بأي وسيلة كانت: شرعية أم غير شرعية، ولهذا فإنه لا طائل من مطالبة الحكومة الهندية باستئصال هذه البقعة السوداء من وجه دولة الهند.

وفي غمرة هذه الظروف يتوجب على غالبية الجماهير الهندوسية التي لا تقر الفوضى الاجتماعية والسياسية وتخريب الممتلكات العامة والخاصة أن تنشط وتهب لوضع حد لهذه الأعمال غير المسؤولة من إشعال الحرائق وذبح الأبرياء ممن لا حول لهم ولا قوة. إنه من الصعب وغير المعقول القول بأن ضمير الغالبية العظمى في المجتمع الهندوسي قد مات وأصبح لا يحس بالألم والضيق النفسي من جراء هذه الأحداث.

لقد حان الوقت لتأخذ الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي موقفًا حازمًا من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الأساسية حيال الأقليات الإسلامية في مختلف أقطار العالم، كما يجب دراسة اتخاذ إجراءات مناسبة وفعالة ضد هذه الحكومات إذا فشلت في تأمين الحماية الضرورية لمواطنيها. كما أن القوى الغربية التي تتبجح بأنها تدافع عن حقوق الإنسان لم ولن ترفع إصبعًا ضد هذه الانتهاكات، ومن دواعي السرور والامتنان أنه لم تقع في بلاد المسلمين مثل هذه المخاطر التي تعمل على تقتيلها وإبادة ممتلكاتها وتدنيس شرفها.

ومن المناسب في هذا المقام توجيه كلمة نصح ولفت انتباه لإخواننا في العقيدة الذين يعيشون في أقليات في أماكن مختلفة من العالم بأن يتأسوا بالنموذج والقدوة المتمثلة في الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام عندما نجحوا في تحويل ألد أعدائهم إلى أقرب الأصدقاء وكسبهم إلى صفهم في فترة وجيزة من الزمن هي ثلاثة وعشرون عامًا، وذلك عندما كانوا حريصين على دعوتهم إلى الإسلام.

إن التاريخ سيعيد نفسه إذا استطعنا إظهار نفس روح التضحية في سبيل الإسلام ونكران الذات وحب رسالتنا الإسلامية والتعاطف مع الذين نرغب دعوتهم، وفوق ذلك تحقيق ثقتنا بالله سبحانه وتعالى الذي يسمع ويرى ووعد المؤمنين الصابرين بالنصرة، وينبغي ألا ندع اليأس يدخل إلى قلوبنا بسبب تكرار محاولات الاعتداء الواحدة تلو الأخرى؛ بل يجب أن يدفعنا ذلك إلى التفكير العميق في المخرج من مثل هذه الورطة.

يجب أن تعلم الحكومات والأغلبيات التي تسمع بمثل هذا الاضطهاد بأن هناك حدًّا لصبر المسلمين واحتمالهم للأذى والاضطهاد، فمتى ما هبوا ضد الظلم، فلن يقف في طريقهم حتى ما يسمى بالقوى العظمى؛ لأنه في هذه الحالة تصبح الشهادة في سبيل الله للدفاع عن أنفسهم وحرياتهم أسمى غاياتهم، لإيمانهم بأن الحياة الخالدة هي في دار النعيم؛ حيث وعد الله الشهداء حياة وسعادة لم تخطر على بال بشر، وما تحرير دول شمال أفريقيا وأفغانستان إلا مثالين لإصرارهم ونضالهم.

وإنني لأرجو من إخواننا المسلمين مساعدة إخوتهم المتضررين من جراء الاضطرابات في الهند، لأن آلافًا من الأطفال أصبحوا أيتامًا ومئات من النسوة قد ترملن.. إن إخواننا في حاجة ماسة وعاجلة إلى الغذاء والعطاء والمسكن والرعاية الطبية وإلى مصادر قوتهم.. والندوة العالمية للشباب الإسلامي مستعدة لإيصال ما يصلها من المساعدات المالية إلى الجهات الموثوقة التي تقوم بالإغاثة وإعادة التعمير.

مع رجاء أن تحرر الشيكات باسم «الندوة العالمية للشباب الإسلامي لصالح إغاثة المتضررين في الهند» وتسليمها إلى مكتب الندوة الكائن في شارع الأمير سلطان بن عبد العزيز بالعليا-  الرياض أو ترسل بريديًّا على عنوانها:

ص. ب: 10845 الرياض 11443

هاتف: 4641663-  4641669

كما يمكن تسليم المعونات إلى فرع الندوة بجدة الواقع خلف صيدلية الجامعة قرب دويرة الجامعة هاتف: 6891962.

الرابط المختصر :