العنوان شعب الزولو الفلسطيني
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
مشاهدات 13
نشر في العدد 1022
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
عجيب أمر ياسر عرفات، فهذا الطامح إلى شبر من الأرض يحكمه من أرض فلسطين وعلى حساب كل الحقوق
الإسلامية والعربية والفلسطينية في أرض الإسراء والمعراج، أعلن أخيرا أنه بعد
تتويجه على الدولة العرفاتية الموعودة لن يكون إلا طاغوتا آخر من طواغيت العالم
العربي وزعمائه المتجبرين، فقبل أيام اجتمع عرفات بأعضاء من المجلس الوطني الفلسطيني في عمان، وفي هذا الاجتماع هدد بأنه «لن يقبل بـ«قبائل زولو» في الدولة
الفلسطينية القادمة». وقبائل الزولو هذه عبارة عن قبائل تقطن جنوب إفريقيا وتعارض
سياسة الزعيم الإفريقي نلسون مانديلا المهادنة لحكومة البيض، وأما قبائل الزولو
الفلسطيني فهي إشارة من عرفات لحركة حماس ومعارضتها المبدئية للتفريط بالأراضي
المحتلة في ١٩٤٨.
وقال عرفات في
الاجتماع المذكور: «إذا كان نلسون مانديلا لا يطلق الرصاص ضد القبائل المعارضة،
فإنه مستعد- أي عرفات- لإطلاق النار على قبائل الزولو الفلسطينية».
ويسجل عرفات على
نفسه وعلى التنظيم الذي يقوده أنه فاق كل طواغيت العالم الثالث في أن هؤلاء
يمارسون الاضطهاد للرأي الآخر والعنف ضد المعارضين في نطاق وطن قائم يتمتع
بالسيادة والاستقلال، أما عرفات فإنه يقدم منذ الآن الوعود والوعيد بممارسة القمع
السياسي والأمني في الدولة الفلسطينية التي لم تقم بعد، ولا يستطيع أحد أن يغفل
المفارقة الواضحة هنا، فحماس كانت أبرز عناصر تفجير الانتفاضة في فلسطين المحتلة
وتحريكها لسنوات عديدة، وحققت الانتفاضة بمرور الزمن قناعات متزايدة لدى العدو
اليهودي بالجدوى السياسية والأمنية في تقديم تنازلات في الأراضي المحتلة لعام ١٩٦٧
إلى درجة تحقيق صيغة ما لدولة فلسطينية، وفي حين تحرك عرفات ومنظمته- بعد طول
إخفاق وهزيمة- لخطف ثمرة الانتفاضة وادعاء انتصارات سياسية للقضية الفلسطينية،
نجده يضع ضرب «حماس» بالرصاص في أعلى جدول أعمال حكومته في الدولة الموعودة.
|
* عرفات يرى أن الحوار مع إسحاق رابين أمر لا غبار عليه أما الحوار
مع حماس والتفاوض فهو محرم والرصاص أصبح اللغة الوحيدة الممكنة معها |
عرفات وجد أن
الحوار مع إسحق رابين وتبليغه رسائل عن طريق فلسطيني الداخل أمر لا غبار عليه، أما
الحوار مع حماس والتفاوض معها فهو محرم، والرصاص أصبح اللغة الوحيدة الممكنة معها،
والحقيقة أن المنهج العرفاتي هذا لا يقتصر على الإسلاميين الفلسطينيين فهو مارسه مع
خصوم عدة له في الإطار الفلسطيني، ففي لبنان نفذت فرق إعدامه أحكاما ضد فلسطينيين
من فصائل معارضة مختلفة، وفي اليمن تختطف عناصره مسؤولين في فتح وتمارس البروتوكول
الأمني العربي المعروف ضد المعارضين.
|
* هل من الآن الإنصاف أن تستمر الحكومات العربية في تنصيب ياسر
عرفات حاكما على الشعب الفلسطيني رقم كل ما فعله؟ |
هل من الإنصاف أن
تستمر الحكومات العربية في تنصيب عرفات حاكما للشعب الفلسطيني؟ وهل سيزول الاحتلال
اليهودي عن الضفة الغربية وقطاع غزة- إذا صدقت التفاؤلات- ليحل محله نظام طاغوتي
قمعي ومتجبر؟
فهذا الذي استصدر
قرارا عربيا في السبعينيات احتكرت منظمته بموجبه القتال من أجل المسجد الأقصى،
وقاد بعده مواجهة عسكرية ناقصة ومشوهة مع العدو انتهت بالهزيمة الدامية، وانطلق
منها يقدم التنازلات من أرض أولى القبلتين في سبيل دولة ناقصة السيادة والكرامة
يتم تتويجه ملكا عليها، ثم اختتم السجل الأسود بالتحالف مع طاغية العراق وتوريط
المؤسسات الفلسطينية كافة بهذا المستنقع البعثي الدميم.. عرفات هذا يريد الآن
مباركة عربية لعرشه المبني على التفريط في الأرض والمقدسات.
وكانت جريمة الغزو العراقي التي تعلق بها عرفات وتورطت بها منظمته حتى النخاع المسمار الأخير في نعش الصمود العربي أمام منزلق التسوية مع اليهود، إذ وجهت حماقة صدام العظمى ضربة قاضية للتضامن العربي، ويئست الشعوب من تحقيق أي نصر وفتحت الطريق سهلا أمام الحكومات المتدافعة للصلح الذليل مع العدو وترك عرفات شعبه بعد 30 عاما من المتاجرة بالقضية أعزل من الإجماع العربي وراء القضية، وضحية لكل الحزازات والأحقاد والكراهية التي فجرها عدوان حليفه حاكم العراق، فماذا بقي لعرفات من مشاريع تخريبية أخرى بحق القضية؟ سؤال لا تصعب إجابته.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل