العنوان مقاومة التسلل الصهيوني للهيمنة على الذاكرة العربية
الكاتب عبد الله الأشعل
تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مشاهدات 841
نشر في العدد 2101
نشر في الصفحة 70

الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مقال
مقاومة التسلل الصهيوني للهيمنة على الذاكرة العربية
على الباحثين العرب إجراء أبحاث حول مدى تغلغل الكيان الصهيوني ورسالته الإعلامية ودرجة الاقتناع بها عند المواطن العربي
«إسرائيل» تراهن على التسلل بكل الطرق إلى المواطن العربي بعد أن حاولت قهره بالقوة
«إسرائيل» تعمل على بث الفرقة عن طريق الإعلام الكاذب ونشر الإشاعات لتدمير الاستقرار في
الوطن العربي
السفير د. عبدالله الأشعل
يقول السفير «الإسرائيلي» في القاهرة: إن خطته هي النفاذ إلى الشعب المصري مهما طال الزمن، هذا الأسلوب المثابر هو طبيعة الحركة الصهيونية التي أدركت منذ ثورة يناير أن الشعوب تعصف بحلفائها ولذلك يجب على الحركة المناهضة للصهيونية حماية العقل العربي والأوطان العربية من الهجمة الجديدة بكل حلفائها.
تراهن «إسرائيل» على التسلل بكل الطرق إلى المواطن العربي بعد أن حاولت قهره بالقوة، فعمدت إلى طريقتها الأثيرة؛ وهي اصطناع الأكاذيب والتلفيق وبثها على أنها حقائق، بدأ اليهود ذلك منذ ظهور الإسلام، فظهر في تحريف القرآن والسُّنة ما عرف تاريخياً بـ «الإسرائيليات» نسبة إلى بني إسرائيل قبل أن يصبحوا يهوداً بعد موسى عليه السلام، وعندما بدأ الصراع العربي «الإسرائيلي» بإعلان قيام «إسرائيل» يوم 15 مايو 1948م سلكت «إسرائيل» طرقاً متعددة لهزيمة الوسط العربي والسيطرة عليه.
10 أساليب للهيمنة
نستطيع في هذه المقالة أن نحدد 10 أساليب للهيمنة الصهيونية على العالم العربي:
الأسلوب الأول: هو الإبادة بالقوة العسكرية وتحقيق الانسحاق للجيوش العربية؛ وبذلك تستطيع «إسرائيل» أن تقنع القيادات العسكرية بأنه لا أمل في المواجهة العسكرية ولا بديل إلا بالاستسلام تحت شعار السلام، وهو ما انعكس في معاهدة السلام وتكريس هذه العقيدة منذ عام 1979م في مصر.
الأسلوب الثاني: إبادة الشعب الفلسطيني على أساس النظرية الصهيونية بأنه احتل أرضهم وهو المسؤول عن طردهم منها وفقاً لأساطير تاريخية وتوراتية من صنع أيديهم.
الأسلوب الثالث: هو التركيز على القوة الأمريكية والغرب باعتبار «إسرائيل» هي شركة مساهمة غربية لتنفيذ مخططات الغرب في المنطقة العربية وهي الوكيل الحصري لهم.
الأسلوب الرابع: الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ثم التفاوض على ردها مقطعة ومنقوصة مقابل تحييد هذه الأرض في أي صراع، والاستيلاء مقابل ذلك على إرادة الدولة، وهذا هو طابع معاهدة السلام مع مصر؛ وبالطبع فإن «إسرائيل» مع «السادات» أرادت أن تبث رسالة كاذبة، وهي أن تحييد مصر في الصراع يجلب لها الرضا الأمريكي والخير العميم لمصر وشعبها، ولا تزال «إسرائيل» تبث هذه الخرافة التي روج لها «السادات»؛ وهي أن إخراج مصر من عروبتها يضمن لها توفير نفقات الصراع للتنمية والازدهار.
الأسلوب الخامس: هو إطفاء المقاومة العلنية والعسكرية والنفسية لوجود «إسرائيل» ومشروعها في المنطقة.
الأسلوب السادس: بث الفرقة عن طريق الإعلام الكاذب بين الحاكم والمحكوم، ونشر الإشاعات لتدمير الاستقرار في الوطن العربي.
الأسلوب السابع: السيطرة بالوسائل المعروفة وغير المعروفة على صناعة القرار في الدول العربية، خاصة عن طريق الاختراق والتجنيد والسيطرة واغتيال الشخصيات التي يستحيل السيطرة عليها، ولـ«إسرائيل» سجل حافل يجب أن يصدر له كتاب أسود من المراكز العربية، وفي مصر تم اغتيال يحيى المشد، عالم الذرة، الذي كان يتعاون مع المشروع العراقي، وجمال حمدان، وحامد ربيع، وغيرهم من أعلام الوطن حتى لا يبقى فيه سوى الصغار الذين يمكن السيطرة عليهم.
الأسلوب الثامن: التغلغل الثقافي والإعلامي والتواصل مع المواطن العربي؛ حيث استحدث المسؤولون «الإسرائيليون» صفحات شخصية باللغة العربية في هذا البرنامج الذي يراهن على ضعف الذاكرة العربية، واستياء الأجيال المتعاقبة؛ بسبب الهزائم والدكتاتورية والاستبداد والاستتباع.
الأسلوب التاسع: برنامج الاقتراب وكسر الحاجز النفسي عند المجتمعات العربية، وتوصيل الرسالة الإعلامية «الإسرائيلية» بوسائل لا حصر لها، وأبرزها نقل بعض الصحف العربية لمقالات من الصحافة «الإسرائيلية»؛ مثل جريدة «الشروق» المصرية، واستضافة شخصيات «إسرائيلية» لتطل على المواطن العربي بحجة التعرف على وجهات نظر «إسرائيل» دون التعقيب عليها في الإعلام العربي؛ حتى يعرف المواطن العربي وجهات النظر المختلفة ولا ينفرد الإعلام «الإسرائيلي» بالساحة.
ونظراً لأن المواطن العربي يشك شكاً عميقاً في الإعلام العربي وفي النظم العربية، فإن لديه استعداداً جاهزاً لتقبل الإعلام «الإسرائيلي» سعياً منه إلى البحث عن الحقيقة، فيقع المواطن العربي في المساحة الفاصلة بين حافتين؛ الأولى اصطياد الإعلام «الإسرائيلي» له وشحنه بالأكاذيب، والثانية معرفة المواطن العربي لما أخفاه أو زوَّره الإعلام العربي، وأوضح مثال لذلك هو أن كل ما يتعلق بالعلاقات بين النظام في مصر والكيان الصهيوني والولايات المتحدة والذي يسكت عنه الإعلام المصري يكشف عنه الإعلام «الإسرائيلي»، كما أن الاتصالات «الإسرائيلية» ببعض الدول العربية التي يسكت عنها الإعلام العربي تذاع بالتفاصيل في الإعلام «الإسرائيلي»، فلا يعرف المواطن العربي قدر الحقيقة وقدر الدس في الخبر أو الرأي، ولكن الكثير من النظم العربية لا تزال تمارس القهر الإعلامي على مواطنيها بعقلية الخمسينيات من القرن الماضي يوم أن كان الاستماع إلى «إذاعة إسرائيل» جريمة، بل إن «هيئة الإذاعة البريطانية» كانت مصنفة ضمن الإذاعات المعادية.
ويجب على الباحثين العرب أن يجروا أبحاثاً حول مدى تغلغل «إسرائيل» ورسالتها الإعلامية ودرجة الاقتناع بها عند المواطن العربي مقابل انصرافه عن إعلام النظم العربية.
الأسلوب العاشر والأخير: تزوير التاريخ في كل مراحله، وفرض هذا التزوير على العقل العربي من خلال الهيمنة والسيطرة «الإسرائيلية» والأمريكية؛ ولذلك يجب أن تنشأ جمعيات في كل الدول العربية للمقاومة الثقافية، ويكون لها مهمتان؛ المهمة الأولى هي معالجة التجريف الثقافي والتزوير التاريخي الذي صبغ المقررات الدراسية والفضاء الإعلامي العربي، والمهمة الثانية هي تحصين العقل العربي بالحقائق التاريخية من المنظور العربي والإسلامي، وتنقيته من الشوائب والمبالغات والتشويه والتبرير الذي مارسته «إسرائيل» والنظم العربية على العقل العربي.
حقائق الصراع
ويهمنا في هذه المقالة التنبيه إلى حقائق الصراع العربي «الإسرائيلي» الذي تحاول «إسرائيل» الآن فرض رويتها عليه، ونوجزه في الحقائق الآتية:
الحقيقة الأولى: المشروع الصهيوني هدفه الأساسي القضاء على العروبة والإسلام، وهو مشروع سرطاني، ولا يمكن التعايش بينه وبين الجسد العربي والإسلامي لسبب واحد؛ وهو الطبيعة الخبيثة والمدمرة للمرض الصهيوني المرتبطة بطبيعته ووجوده.
الحقيقة الثانية: مصطلح الصراع العربي «الإسرائيلي» بدأ يظهر منذ قيام «إسرائيل» على أساس أن المشروع الصهيوني يستهدف الجسد العربي كله، وإن كان مقره في فلسطين، فيبدأ بجزء من فلسطين ثم يلتهم الجسد الفلسطيني كله، ويهيمن على بقية الجسد العربي ضماناً لشغل العرب عن إنقاذ فلسطين.
الحقيقة الثالثة: «إسرائيل» تمكنت من صرف العرب عن فلسطين، وذلك بإلهائهم داخلياً، ومناصرة الدكتاتورية العربية التي تطلق يدها في مواجهة الشعوب مقابل أن تستكين هذه القيادات لإملاءات المشروع الصهيوني؛ ولذلك يستحيل التعايش بين الديمقراطية في مصر والمشروع الصهيوني بتكوينه ومنطقه وعقليته وتحالفاته؛ ولذلك قاد هذا المشروع الثورة المضادة ضد ثورات العرب في مصر وليبيا وسورية واليمن وتونس، وأصبح له مع حلفائه الإقليميين يد في مصائب العرب جميعاً وإرهابهم وضياع الأمل في المستقبل عند شبابها.
الحقيقة الرابعة: الحديث عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين أصبح لغواً، فقد انتهى مفعول المخدر أو كاد، كما لم يعد هذا المخدر صالحاً لستر عورة النظم في ظل مواقفها الواضحة، مثلما صار متفقاً عليه بين «إسرائيل» وهذه النظم لمجرد التسجيل على الورق، فاستمرار التهويد للأراضي الفلسطينية والتهويد للحكام والتهويد للعقل العربي قد امتد إلى الثقافة العربية وإلى الإعلام العربي الذي لم يعد طابوراً خامساً بل هو الطابور الأول.
الحقيقة الخامسة: الحديث عن السلام هو إعطاء مزيد من الوقت للمشروع الصهيوني، والتغطية على التصفية الكاملة للقضية.
الحقيقة السادسة: المقاومة العربية بكل أصنافها وساحاتها دليل على حيوية الجسد العربي، واستمرار حساسيته للمرض الصهيوني، وسيظل المجتمع العربي هو الحائط الذي لا يمكن للحاكم أن يخترقه بعد أن انتشرت الصهيونية العربية بشكل واضح.
في ظل هذا الوضع تمكنت «إسرائيل» من التسلل إلى المقررات الدراسية للمرحلة الإعدادية في مصر، حتى يشمل البرنامج أطفال المدارس، وقد كشف الأستاذ محمد المنشاوي في مقالته في جريدة «الشروق» المصرية يوم 16 يونيو 2016م عن طرف من ذلك البرنامج، وسبب احتفال اليهود في الولايات المتحدة بفريق من وزارة التعليم المصرية بعد أن حذفوا الفتح الإسلامي للأندلس، وقصة فتح صلاح الدين لبيت المقدس وهزيمة الصليبيين وغيرها.
وإذا كانت الحكومات العربية قد تم اختراقها وتسللت «إسرائيل» إلى المقررات الدراسية، فلا بد أن ينهض المجتمع لمقاومة البرنامج السرطاني، وذلك بتسجيل التاريخ الصحيح العربي الإسلامي، وإطْلاع الأبناء على الحقيقة والتزوير حتى ينكشف مدى الاختراق لنظمهم، ولذلك ندافع عن الحقيقة في مواجهة السرطان ما دام المسؤولون عن هذه المقررات قد باعوا ضمائرهم ورسالتهم إلى الشيطان الصهيوني.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
