; للذين منحوا کسینجر صفات.. «خارقة»! - البيت الأبيض.. «بيت عنكبوت» | مجلة المجتمع

العنوان للذين منحوا کسینجر صفات.. «خارقة»! - البيت الأبيض.. «بيت عنكبوت»

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1974

مشاهدات 18

نشر في العدد 193

نشر في الصفحة 39

الثلاثاء 26-مارس-1974

﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت: ٤١)

قرآن کریم

للذين منحوا کسینجر صفات.. «خارقة»!

البيت الأبيض.. «بيت عنكبوت»

صحيفة التايمز تقول:

كيسنجر.. كتلة من الأعصاب المرهقة.. وأخذ يتداعى!

کل اتفاق لاغ.. في فترة رئاسة نكسون الثانية!

يبدو للكثيرين أن الصورة التي ترسم لوزير الخارجية الأميركي هنري کیسنجر، وعن قدرته الفريدة على مواجهة كافة العقبات التي تعترضه، مبالغ فيها إلى حد كبير. وإذا كانت هذه الصورة لا تزال ماثلة في الأذهان، فإن اللوم لا يقع على كيسنجر وحده، بل يشاركه المسئولية كل الذين قالوا ورددوا وكتبوا في الشرق والغرب معًا أنه يتمتع «بقدرات خارقة للعادة».

لكن هذه الصورة بدأت تنهار أخيرًا، ليس لأن الحرب الفيتنامية التي نال عن دوره في إنهائها جائزة «نوبل» للسلام قد عادت اليوم أشرس مما كانت عليه من قبل، وإنما لأنه تطاول أكثر مما ينبغي على أوربا الغربية.

إن قول كيسنجر المستمر بأن مصلحة الولايات المتحدة تتحقق من خلال «الحوار» مع أصدقائها، وليس مع أعدائها، لم يعد يجد آذانًا صاغية.

كما أن تحذيره من أن بلاده ستكسب أي جولة تصطدم فيها بأوربا؛ لأن أميركا في مركز الأقوى، بات هو الآخر لا يثير اهتمام الأوربيين.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها كيسنجر عنادًا من الطرف المقابل، فقد سبق له أن تعرض لمواقف مشابهة في الشرق الأوسط.

لكن موقفه الأخير يعتبر نقطة هامة في مجال بحث العلاقات الأوربية- الأميركية.

ومن أبرز الأسباب التي دعت إلى تقليل حجم التفاؤل الذي تميز به كيسنجر أن الانفصام الحادث في الصف الأوربي على صعيد دول السوق الأوربية المشتركة، واستعداد هذه الدول للتعاون مع أميركا والخروج على التزامها بفرنسا، لم يجعل أيًّا من الطرفين قادرًا على التأثير على باريس، ولذلك شملت نقمته دول السوق دون استثناء.

أما في الشرق الأوسط، فقد كان للولايات المتحدة دور تلعبه ولا تحلم أوربا بمثله، مما دفع بالقارة القديمة إلى تركيز الجهود من أجل ضمان مصالحها، ذلك أن النفط العربي يعتبر ضرورة لا بد منها لأوربا، بينما اعتبرت الولايات المتحدة حظر النفط عنها مجرد كبوة.

لكن أوربا لم تنتظر كيسنجر الذي لم يتمكن منذ وقت طويل من القيام بعمل إيجابي بصدد النفط، برغم اهتمامه الشديد بنتائج الحرب في الشرق الأوسط. وقد أدى ذلك إلى نجاح العرب في اللعب بأوراقهم بقوة، وأبدى الأوربيون مرونة كبيرة في اعترافهم بهذا الواقع.

وفي الوقت الذي كانت أميركا تصر فيه على عدم التأثر بالحظر العربي، بدا واضحًا أن بريطانيا ستتعرض لكارثة حقيقية إذا اتخذت دول السوق موقفًا صلبًا من الولايات المتحدة، ولذلك قبلت هذه الدول -باستثناء فرنسا- التعاون مع أميركا في اجتماع البلدان المستهلكة للنفط الذي عقد في واشنطن.

كان ذلك استعراضًا لأحداث جرت في الماضي القريب، ولكن ما الذي يمكن قوله خارج نطاق الموقف الفرنسي الاستقلالي، ولهجة كيسنجر غير المقبولة؟

إن كيسنجر الآن هو كتلة من الأعصاب المرهقة بشكل عام، ومع ذلك يواصل التنقل باستمرار من مكان إلى آخر، والإعراب عن توقعاته، والنظر في بعض المسائل السياسية.

وهو بذلك أشبه ما يكون بسلفه جون فوستر دالاس، إذ «سلخ» نفسه عن وزارة الخارجية. وراح يعقد الاجتماعات تلو الاجتماعات مع الشخصيات العالمية، آملًا في الاستفادة منها بأكثر مما يتيحه له الجو المحيط به.

ونذكر بالمناسبة أن فوستر دالاس كان قد هدد أوربا، وحذر من تقديم العون اللازم لإنجاز سد أسوان، إلا أن موقف كيسنجر اليوم يعزى إلى انشغاله بتطبيق سياسة «التفاهم» والوفاق.

وقد أشارت صحيفة «النيويوركر» إلى أن التجاء الكاتب السوفيتي ألكسندر سولجينيتسين من الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة يعتبر دليلًا على «وحدة الفكر بين المشرق والغرب»، وأن مجهودات كيسنجر تستهدف «تدعيم أسس الوحدة الاقتصادية والسياسية لهذا العالم».

ولعل كيسنجر يقضي الكثير من وقته على متن طائرته، بغية زيادة فرص التفاهم، لكنه ليس هناك ما يشير إلى أن التعاون سيكون وثيقًا بين دول السوق الأوربية وحلف شمالي الأطلسي مهما بلغت جهوده.

والواقع أن كيسنجر قد ذهب بعيدًا في تفاؤله، فأوربا ليست مجموعة من «الزبائن» وقد أثبتت دولها، وعلى رأسها فرنسا، أنها تستطيع أن تقدم الكثير، فضلًا عن أن سياسة «الانفتاح» التي يتبعها فيلي برانت فاقت في إنجازاتها خلال الفترة القصيرة الماضية ما فعلته الدبلوماسية الأميركية طوال ٢٥ سنة خلت.

وقد لا يقبل كيسنجر الاعتراف بذلك لاقتناعه بأنه نادرًا ما حظيت حكومة أوربية بتأييد شامل بعد الحرب العالمية الأولى، لكنه نسي على ما يبدو أن هذه الحكومات انتخبت جميعها بطريقة «ديمقراطية»، كما نسي أن إدانة نيكسون بانت أمرًا أكيدًا بعد فصل قاضي التحقيق الرئيسي في فضيحة ووترغيت في الخريف الماضي.

وعلى كيسنجر أن يتذكر أيضًا أن كل اتفاق عقد مع الرئيس نيكسون في فترة رئاسته الثانية قد أصبح لاغيًا، وأن هناك حكومات أوربية شبيهة بتلك القائمة في موسكو وبكين لن تدخر جهدًا في الدعوة إلى تصحيح الأمور في واشنطن.

ولعل أصدق ما قيل في هذا الصدد هو ما أوردته «النيويورك تايمز» منذ بضعة أيام من أن أوربا ليست بحاجة إلى دروس «شرعية» في أسلوب الإدارة الذي يعمل به كيسنجر.

(عن الزميلة «القبس»)

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مشاريع كثيرة، ولكن !!

نشر في العدد 3

104

الثلاثاء 31-مارس-1970