العنوان عالم الأطفال.. مشاكل الموهوبين في المدرسة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1971
مشاهدات 16
نشر في العدد 71
نشر في الصفحة 27
الثلاثاء 03-أغسطس-1971
عالم الأطفال
مشاكل الموهوبين في المدرسة
لنفرض أن الطفل الموهوب ينعم بوالدين لهما من حسن الإدراك والبصيرة ما لا يجعلهما يهملان أو يبالغان في تأكيد مواهبه، ولكن الطفل لا يزال رغم هذا معرضًا لبعض المتاعب التي يواجهها الأطفال الآخرون، فقد تنشأ بعض هذه المشاكل عندما يلتحق الطفل الموهوب عقليًا بمدرسة يدور كل نشاطها حول تحقيق حاجات أطفالها الذين لا يرقون إلى مستواه ولا يسيرون بسرعته في التعلم.
ومن الطبيعي أن تصبح المدرسة بالنسبة لهؤلاء الموهوبين مكانًا مملًا لا يطاق؛ إذا كانت الدروس التي يتلقونها يومًا بعد يوم أقل من مستواهم أو قد سبق لهم معرفتها، ففي إحدى الحالات حاول المدرس أن يحمل طفلًا موهوبًا في السادسة على أن يقرأ كتابًا أوليًا يعطى لتلاميذ ما قبل المرحلة الابتدائية، وكان الطفل قد قرأ هذا الكتاب من فترة بعيدة وقطع في القراءة أشواطًا كبيرة بعد هذا الكتاب، فكانت النتيجة أن رفض الطفل قراءة هذا الكتاب وانتقل هذا الاتجاه إلى القراءة إجمالًا، وسرعان ما اشتكى والداه من نفوره وكراهيته للكتب بينما كانت القراءة نشاطه المفضل حتى وقت قريب جدًا.
وهكذا عندما يجد بعض الموهوبين أن المدرسة مكان سقيم سمج لا يستثيرهم أو يتحداهم؛ لا يبذلون أي مجهود في دروسهم وهناك حالة طفل في السابعة كان يضيق بالمدرسة ضيقًا شديدًا كما كان قليل الاستقرار سريع الملل لا يبذل أي جهود في المدرسة، أما في منزله فكان متقلب الأحوال، ولما عرض على أحد الإخصائيين النفسيين ظل مكتئبًا وعبوسًا إلى أن اكتشف ذات يوم أن هذا الأخصائي قد ألف كتابًا عن الحرب؛ كما نشر صحيفة خبرية مصدرة، وكم كان سرور الطفل عندما اكتشف هذا، إذ إنه قرأ هذا الكتاب وهو في السادسة من عمره، أي بعد عامين من بدئه القراءة، وعندما اختبر هذا الطفل فيما بعد وجد أن قدرته في القراءة توازي قدرة من هم في الحادية عشرة ، فلا غرو إذن ألا يهتم بقراءة كتب القراءة الأولية، وبشيء من التوجيه والتشجيع استطاع هذا الطفل أن يكتب كتيبًا لزملائه في الفصل عن بعض أحداث العالم ومشاكله، وفجأة أصبحت المدرسة مكانًا محبوبًا بالنسبة له.
ولكن هل يحالف الحظ جميع الموهوبين؟
قد يحالف الحظ بعض الأطفال الموهوبين فيكتشفهم من يفهمهم من البالغين ويوفر لهم من المجالات والمشروعات ما يتحداهم ويستثيرهم، ولكن روتين العمل المدرسي يقضي على كثير من التلاميذ الذين يستطيعون فهم وأداء أعمالهم المدرسية في يسر، ويسبب لهم الملل والسأم، ويترتب على هذا أنهم لا يكتسبون تلك العادات السليمة في الدرس والتحصيل ويصفق بعضهم عندما يصل إلى مرحلة التعليم العالي، إذ يفاجأون بنوع جديد من الدراسة يختلف عما ألفوه في مراحل التعليم العام، إذ يتطلب التركيز وبذل المجهود، ولما كانت دراساتهم السالفة لم تضطرهم إلى هذا فقد يسوء الأمر وينتهي بهم إلى الفشل في الجامعة، وفي أحسن الظروف يحتمل أن يواجه هؤلاء النابغون صعوبة في الانسجام والتوافق مع مطالب هذا الجو الدراسي الجديد.
كيف تقضي المدرسة على مواهبهم وحماساتهم؟
ورغم السهولة التي يجدها الموهوبون في تعلم واستيعاب دروسهم، فإن كثيرين منهم لا ينالون اعترافًا وتقديرًا لمجهوداتهم، وينطبق هذا الأمر على حالة طفلة كانت تعرف الإجابات الصحيحة لكل أسئلة المدرسة، وكانت إذ تسبق بقية الأطفال في الوصول إلى الحلول والإجابات تلوح للمدرسة بيدها مستأذنة للإجابة، ولكن المدرسة كانت تتجاهلها؛ واستمر الحال هكذا عدة أسابيع، وأخيرًا قالت لها المدرسة إنها لن تسألها أو تطلب منها أن تجيب حيث إنها تعرف الإجابات وترتب على استبعاد المدرسة لها أن شعرت الطفلة أنها غير مرغوبة؛ فانسحبت ولم تشارك المجموعة في مناقشاتها، وبدأت تهتم بأشياء أخرى غير العمل المدرسي، وهكذا قد يخنق المدرس حماسة الطفل الموهوب حينما يركز كل جهوده واهتمامه في توصيل المعلومات إلى رؤوس الأطفال الأقل ذكاء، وقد يترتب أحيانًا على قدرة الطفل الموهوب على الإجابة لأسئلة المدرس، وعلى رغبته في أن يعرض معارفه أمام زملائه أن يشعر المدرس أن هذا الطفل يحاول أن يظهر ويتباهى فيقف في سبيله ويطفئ جذوة حماسته.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل