; أبو مازن: أول قرضاي فلسطيني بمواصفات «إسرائيلية» | مجلة المجتمع

العنوان أبو مازن: أول قرضاي فلسطيني بمواصفات «إسرائيلية»

الكاتب عبد الرحمن فرحانة

تاريخ النشر السبت 03-مايو-2003

مشاهدات 9

نشر في العدد 1549

نشر في الصفحة 31

السبت 03-مايو-2003

أصدر مكتب الجودة والنوعية السياسي الصهيوني شهادة صلاحية «أبو مازن» باعتباره أول قرضاي فلسطيني رسمي بسبب تطابقه مع المعايير الصهيونية من حيث منهج التفكير السياسي، ويقول شارون على إثر تشكيل أبو مازن لوزارته «أبو مازن زعيم فلسطيني ليس عضوًا في الحركة الصهيونية، لكنني أعتقد بأنه إنسان منطقي».

برغم هذه الشهادة المميزة لرئيس الوزراء الفلسطيني «المكيف» سياسيًا للتعاطي مع أجندة شارون، إلا أن شخصيته ليست وفق المطلوب بالمقاس الأمريكي حسب تصريحات مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية كما نشرت الصحيفة الصهيونية معاريف في عددها الصادر في عشرين من أبريل «أبو مازن ليس زعيمًا لكن هذا هو الموجود وينبغي لنا أن نتعامل معه».

مع ذلك تطوع الرئيس بوش وأصدر شهادة حسن سلوك سياسي لـ «أبو مازن» مختومة بالحبر الإمبراطوري الأمريكي بالبيت الأبيض: «أنا متلهف للعمل معه لإيجاد حل يؤدي إلى قيام دولتين»

 وإسنادًا لمهمة أبو مازن الأمنية - وهي ما يهم شارون في الصفقة برمتها - أطلق شارون عدة تصريحات سخية بالمفهوم الشاروني في عدة صحف عبرية وكذلك في صحيفة نيويورك تايمز فحواها أنه مستعد لتقديم «تنازلات مؤلمة» على صعيد الاستيطان، لإبداء نوع من المرونة مشاركة في الجهود الرامية لتخليق أفق سياسي لتشجيع الوزارة الفلسطينية الجديدة في تنفيذ مهماتها المقبلة، وبطبيعة الحال، فهذا الذئب الصهيوني المعروف بسيكولوجيته الماكرة حتى في الوسط الصهيوني، وبالتالي فتصريحاته في هذا الإطار لا تتمتع بالمصداقية بحدها الأدنى، وهذه الصورة الذهنية عن شارون ليست ماركة عربية إنما هي من إنتاج الذهنية على الضفة الأخرى ومن داخل الكيان الصهيوني، وتجسيدًا لهذه الذهنية في الوسط الصهيوني يناقش الكاتب عوزي بيترامين من صحيفة «ها آرتس»، مغزى تصريحات شارون محاولا تفسيرها في إطار ثلاثة احتمالات:

الأول: نضوج شارون في مرحلة ما بعد احتلال العراق واستعداده لصياغة موقف سياسي جديد ومفاجئ 

الثاني: في إطار هذا الاحتمال شارون يقوم بالمقامرة من خلال معرفته بأن أبو مازن لن ينجح بسبب تأثيرات عرفات وبالتالي تصريحاته ما هي إلا مكياج سياسي ليس إلا ويقصد تحسين صورته فقط

الثالث: أن شارون يراوغ وتأتي تصريحاته في سياق التضليل فقط، وعلى ذلك فهو لا يزال شارون القديم، وفقاعاته الإعلامية تندرج في إطار رغبته بالمحافظة على مصداقيته أمام بوش وهروبًا من المواجهة معه في الوقت الراهن، وفي التطبيقات التفصيلية المقبلة لخريطة الطريق لاحقًا ستتفتق بإبداعاته عن مبررات كثيرة لإعاقة سير العجلة. ولا أظن أن المرء بحاجة للقول إن الذهنية السوية سيترجح الاحتمال الأخير، ولا يقال ذلك من باب المصادرة إنما أكبر شاهد على ترجح هذا الاحتمال تفاصيل السيرة الذاتية لشارون والتي يدركها كل عربي مهما كان لونه السياسي. ولكن ما فرص نجاح أبو مازن في مهمته بشقيها الأمني والسياسي؟

 المراقب يلمس أنه تم اختيار أبو مازن ليس لأنه الشخصية القيادية المميزة من بين رجالات السلطة الفلسطينية، إنما مؤهله الأساسي تماهيه مع الأجندة الأمريكية - الصهيونية وببساطة يمكن القول إن الرجل لا يمتلك أجندة فلسطينية خاصة.

وكل ما لديه طموحات ذاتية مع لفيف من أمثاله ومحازبيه من رجالات السلطة المثقلين بالمصالح الذاتية، والسر في اختياره من قبل شارون وبوش هو قابليته للانقياد عبر الريموت كونترول الأمريكي الصهيوني وبخصوص العقبات التي ستواجه أبو مازن في عملية التسوية المقبلة بشكل عام فهي كثيرة منها: 

- عدم توافر المؤهلات الشخصية لـ أبو مازن وفقدانه للكاريزما اللازمة للقيادة أثناء الأزمات يرافق ذلك ضعفه الذاتي أمام عرفات المعني بوضع العراقيل أمام مهمته، كذلك عدم توافر قاعدة واسعة لديه في المستويين الشعبي وبين أفراد الطبقة السياسية الفلسطينية. 

- ارتفاع منسوب شحنة المقاومة لدى الشرائح الفاعلة في المجتمع الفلسطيني وعدم تقبل الشارع الفلسطيني في الوقت الراهن لمشاريع تسوية بثمن سياسي زهيد على شاكلة خريطة الطريق، إضافة للصعاب الميدانية التي ستواجهها الوزارة الجديدة على صعيد تنفيذ الاستحقاقات الأمنية.

- الاحتمال الأكيد المرجح لعدم جدية شارون في التعاطي مع خريطة الطريق كما هو مؤمل من قبل رجالات السلطة، والمعروف أن شارون قد قبلها لأنها أجندة أمنية في جوهرها، أما بعض الدسم السياسي فيها فسيعمل شارون على انتزاعه بمراوغاته المعروفة.

- انشغال الإدارة الأمريكية بالملف العراقي وتفصيلاته في ظل التعقيدات الميدانية غير المتوقعة على أرض الرافدين، يواكب ذلك عدم توافر الدافعية لدى هذه الإدارة للانخراط بشكل فاعل في عملية التسوية، خاصة أن خريطة الطريق جاءت بضغوط أوروبية ومن باب الجائزة فقط للأطراف العربية الإقليمية بسبب موقفها من العدوان على العراق

- نزوع بعض أجنحة الإدارة الفاعلة لعدم الدفع بشكل جاد لمتابعة تنفيذ خريطة الطريق لتوحد أجندتها مع شارون وعلى رأسهم نائب وزير الدفاع المتصهين وولفويتز وريتشارد بيرل الذي دعا صراحة لعدم السير قدماً في خريطة الطريق وحسب رأيه فمن الخطأ السياسي أن يجازي العرب بخريطة الطريق لقاء موقفهم من العدوان على العراق

- ضعف الرئيس بوش في السنة الثالثة من ولايته وحساسيته في هذه الفترة بسبب الانتخابات المقبلة للولاية الثانية وحاجته للصوت اليهودي، وقد ذكر بعض المصادر الصحفية العبرية أن اللوبي الصهيوني في طور عرض صفقة سياسية على بوش ملخصها التصويت له لولاية ثانية مقابل عدم الضغط على «إسرائيل»، في تنفيذ استحقاقات خريطة الطريق.

وفي المحصلة سيكون مستقبل هذه الخريطة كما قال جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي هذه الخريطة ستجلب الأطراف في نهاية المطاف إلى طاولة المفاوضات «ولكن» .... ليس في هذه الخريطة أي شيء يقود إلى مفاوضات ناجحة ولذلك سينتهي بها المطاف إلى طريق مسدود.

أما أبو مازن فربما يتشابه مصيره مع مصير قرضاي كابل الذي تم تقريعه لحد الإهانة، وذلك أثناء زيارته الأخيرة لأمريكا من قبل أعضاء الكونجرس بسبب إخفاقه في إنجاز الأجندة الأمريكية في أفغانستان.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

لِمن تُدق الأجْراس في تل أبيْب؟!

نشر في العدد 5

41

الثلاثاء 14-أبريل-1970

اليهود في روسيا

نشر في العدد 17

19

الثلاثاء 07-يوليو-1970

يوميات المجتمع (35)

نشر في العدد 35

13

الثلاثاء 10-نوفمبر-1970