العنوان أدب وثقافة: (العدد: 873)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988
مشاهدات 18
نشر في العدد 873
نشر في الصفحة 44
الثلاثاء 05-يوليو-1988
أخبار ثقافية:
● اتحاد الجمعيات الطلابية الإسلامية في المملكة المتحدة وأيرلندا يعقد في مدينة ليفربول في الفترة ۱٣ - ۱۷ يوليو الجاري المخيم الصيفي السنوي تحت عنوان: «الدعوة الإسلامية الطرق والوسائل» هذا وقد وجه الاتحاد الدعوة لعدد كبير من العلماء والمفكرين والدعاة لحضور هذا المخيم وإلقاء المحاضرات فيه.
● بحضور عدد كبير من الشعراء والكتاب والناشرين من مختلف الأقطار العربية والإسلامية تحتفل لندن خلال المدة من ٢٣ - ٢٩ من شهر ذي القعدة الجاري بالأسبوع الثقافي العربي - الإسلامي الذي يقام فيها، ويتضمن الأسبوع برنامجًا حافلًا بالندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية، وينتظم معرضًا للكتاب العربي الإسلامي يشترك فيه نحو من مائة دار ناشرة في بريطانيا وخارجها.
● تم مؤخرًا انتخاب الدكتور شوقي ضيف أمينًا عامًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة خلفًا للأستاذ عبد السلام محمد هارون رحمه الله، والأستاذ ضيف له إسهامات كبيرة في مجال تحقيق نصوص التراث الأدبي واللغوي والتاريخي.
● في عدد المجتمع رقم «۸۷۱» وفي مقال الدكتور حامد أحمد الرفاعي المنشور في صفحة «50» رکن «حروف على رقعة الشطرنج» نشر عنوان المقال «الحداثة نهج إسلامي» وهو خطأ غير مقصود والصواب «الحداثة.. والنهج الإسلامي»؛ لذا اقتضى التنويه مع اعتذارنا من الدكتور الرفاعي والقراء الكرام.
صدر حديثًا:
«الشهيدان»
تأليف: صلاح شادي..
يقول الناشر عن هذا الكتاب: إذا قدر لشباب أمتنا الإسلامية ألا يلتقي بالشهيدين «حسن البنا - وسيد قطب» فإنهم يستطيعون أن يجلسوا ويتعرفوا عليهما من خلال تلك السطور، والتي سيجدون فيها كيف صدقت توقعات الإمام الشهيد في سيد قطب دون أن يلتقي به، وكيف أن الشهيد سيد قطب صدق في خياله حين كتب ما كتب لشباب الإسلام كفتية لمحهم في خياله قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ!!
والقصة نجملها فيما يلي: لما كتب سيد قطب -رحمه الله- كتابه «العدالة الاجتماعية في الإسلام» عام ١٩٤٨، صدر كتابه بقوله:
«إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ، يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون، مؤمنين في قرارة أنفسهم أن العزة لله ولرسوله والمؤمنين.. إلى أولئك الفتية الذين لا أشك لحظة أن روح الإسلام القوية ستبعتهم من ماضي الأجيال إلى مستقبل الأجيال في يوم قريب.. جد قريب». ولقد ظن الذين اطلعوا على هذا الكتاب أن المؤلف يقصد بهذه المقدمة شباب الإخوان المسلمين في الوقت الذي لم يكن قد عرف شيئًا عن هذه الجماعة وشبابها.. فبادرت الحكومة آنذاك بمصادرة الكتاب وسحبه من الأسواق!!
وكان تعليق الشهيد حسن البنا على هذا الكتاب حين قرأه: «هذه أفكارنا وكان ينبغي أن يكون صاحبها واحدًا منا» وتحققت آمال الشهيد حسن البنا.. بعد أن لقي ربه في ١٢ فبراير ١٩٤٩.. حين كان سيد قطب مريضًا في أحد المستشفيات الأمريكية، فلاحظ بهجة وسرورًا يغمران من حوله من الممرضات والمرضى، فظن أن القوم في عيد، غير أنه ذهل حين سألهم عن سبب بهجتهم تلك فكانت إجابتهم: «لقد تخلصنا من عدو الغرب الأول في ديار الشرق.. لقد قُتل حسن البنا!! وقد وجهت هذه الحادثة تفكير سيد قطب لأن يكون عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين! وألا يكتفي بالكتابة عن الإسلام فقط.
وفي الطبعة الثانية لكتابه: «العدالة الاجتماعية في الإسلام» كانت المقدمة تشير إلى تحقق هذا الحلم: «إلى الفتية الذين كنت ألمحهم بعين الخيال قادمين.. فوجدتهم في واقع الحياة قائمين، يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم مؤمنين بقرارة نفوسهم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. إلى هؤلاء الفتية الذين كانوا في خيالي أمنية وحلمًا، فإذا هم حقيقة أعظم من الخيال، وواقع أكبر من الآمال، إلى هؤلاء الفتية الذين انبثقوا من ضمير الغيب كما تنبثق الحياة من ضمير العدم، وكما ينبثق النور من خلال الظلمات.. إلى هؤلاء الفتية الذين يجاهدون باسم الله، في سبيل الله، على بركة الله، أهدي هذا الكتاب...».
وأما الكتاب الذي نحن بصدده، وبعد هذه المقدمة التي توضح علاقة سيد قطب -رحمه الله- بالحركة الإسلامية وبداياتها. فقد قسمه المؤلف إلى قسمين: تحدث في الأول عن الإمام الشهيد حسن البنا ونشأته والظروف التي أحاطت بها، وعن تأسيسه لجماعة الإخوان وعن مشاركة الإخوان في الأحداث على عهد البنا، وتحقيق المجتمع الإسلامي بصورة عملية، وعما تعرضت له الجماعة من تضييق، ثم مصرع الإمام الشهيد وأفرد المؤلف صفحات لرسائل الشهيد التي عرفت بالجماعة ومنهاجها وتصوراتها في البناء والتغيير والأساليب الموصلة للأهداف، مع تسجيل للتجربة من خلال كتابه «مذكرات الدعوة والداعية».
وفي القسم الآخر من الكتاب تحدث المؤلف عن نشأة الشهيد سيد قطب وخصائص طفولته، وعن حياته بين التخرج والاستشهاد وعن المحاكمة المهزلة وظروفها، وعن مؤلفاته المتنوعة ما بين القصة والشعر والنقد والفكر الإسلامي.
ومن الموافقات في حياة الشهيدين أن كليهما ولد في سنة ١٩٠٦ وتخرج من دار العلوم، وقدر له أن يلقى ربه في ساح الشهادة على يد طاغية أرعن. صدر الكتاب في طبعته الأولى 1408 – 1988 عن دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة في «80» صفحة من القطع المتوسط، ويمتاز بتكثيفه للمعلومات عن حياة الشهيدين دون أن يصل إلى حد الإخلال بها.
نعم إنها حجارة ولكن!!
يبدو أن أكثر الشعراء العرب من المحيط إلى الخليج قد وجدوا الآن فرصة ثمينة لشحذ أقلامهم، ومعاودة نشاطهم في موضوع الساعة الأثير «الحجارة الفلسطينية» وها هي القصائد تنهال علينا، كما تنهال الحجارة هناك على رؤوس الأوغاد.
وهذا يعني أن الشاعر العربي يلهث وراء المناسبة، ويمتطي صهوة يراعة ليلحق بغبار الأحداث، وكم يتمنى لو تخف وتيرة هذه الأحداث حتى يلتقط أنفاسه، ولا ينقطع من شدة الجري، نعم الجري.
وقليل هم الشعراء الذين استفوروا هذا الواقع، واستشرفوا آفاقه وأحسوا بالاهتزازات الحقيقة لعملة الأحداث قبل وقوعها، فأسرعوا إلى تعبئة الجماهير ووضعها وجهًا لوجه أمام مسؤولياتها التاريخية، فاكتسبوا بذلك شرف الريادة.
والحديث عن «الحجر الفلسطيني» حديث مشروع لأنه اللغة الوحيدة الساخنة التي يخاطب بها الطفل الفلسطيني جماجم الذين سرقوا أرضه وشوهوا تاريخه، ويختصر بتلك المسافة السريعة أربعين عامًا من العذاب والاستلاب والجوع والضياع.
وما أكثر الحجارة في فلسطين!!
إلا أن السر الحقيقي ليس في هذه الحجارة وإنما هو في الطاقة الإيمانية الهائلة التي تشحنها عزمًا وقوة واندفاعًا وسدادًا، في الكف الإيمانية الجديدة التي نبتت على أنقاض أفكار متحورة، سادت ثم بادت، تلك الكف التي تلتقط وتلوح وتسدد وتقتحم.
وقديمًا كانت الحجارة وما زالت في أودية فلسطين وسفوحها وحقولها، فلماذا لم تضع هذه الحجارة تلك اللغة الحية الساحرة التي نراها ونسمعها اليوم؟ لماذا لم ينطق الحجر؟
كان ينبغي علينا أن ننصف المرحلة وننصف فرسانها، هؤلاء الأبطال الذين يحملون أرواحهم على أكفهم ويخوضون وحدهم معركة الهوية والانتماء، ونكون بمستوى تطلعاتهم وأشواقهم وطهارة دمائهم.
إن هؤلاء الذين يصوغون من الحجارة فجرنا الجديد هم الجيل الإيماني الجديد الذي تمرد على واقعه، ورفض كل المقولات التي لا تنطلق من الإسلام منهجًا للتفكير وطريقًا للتحرير.
ولولا هذه الطاقة الإيمانية المبدعة لما كان للحجارة ولا لأصحاب الحجارة أي صدى.
لا تهمنا الحجارة بقدر ما تهمنا نوعية الكف التي تحملها، وبوصلة القلب الذي ينفعل عند إطلاقها.
كان الأجدر بالشعراء أن يلتفتوا إلى هذه المعاني الأساسية وهم يكتبون، ويضمون النقاط بشكل نبيل على الحروف حتى لا يشاركوا هم الآخرون في تزييف الحقائق وتزوير البطولات، وألا يدفنوا رؤوسهم في الرمال فلا يرون إلا الحجارة.
ويروحون يمجدونها ويتغنون بها ويلتحمون مع الطبيعة، ضفافًا وأنهارًا وطيورًا، ويقفون طويلًا أمام أمهم الأرض وأخواتهم الزيتونات وجدهم النهر، وينسون أو يتناسون خزان الوقود الهائل الذي يشحن بشكل عجيب كل هذه الخلايا التي تفجرت ثورة في أرضنا المباركة النبع الثرِّ المقدس، الذي يروي مرحلة العطش والحرمان والقمع، فينبت شهداء وسنابل وأنهارًا ويجعل من الشعب الفلسطيني رائدًا بحق في ميدان التضحيات. كان على أدبائنا أن يضيئوا هذا الرمز وأن يستكنهوا أبعاده ويقفوا طويلًا عند المسجد، هذا المعقل الشامخ الذي كان وراء كل توجهات شبابنا هناك.
كيف تذكرون أيها الشعراء الحجارة وتنسون هدير التكبير وقذائف التهليل التي هي والله أشد على رؤوس الأعداء من الحجارة.
إن للرؤوس واقيات حديدية تحميها من مطر الحجارة، أما قذائف التكبير والتهليل فلا عاصم منها.
كيف تتغنون بثورة الحجارة وقدرتها على الإقناع، وتنسون ما وراء هذه الحجارة؟
تلك الرموز الإيمانية الشامخة التي وجهت هذه الثورة ومنحتها هذا الزخم البطولي القرآن العظيم - المنبر - المحراب - العلماء - الجهاد - الأقصى - الإسراء - القسام - الحسيني... وغيرها.
كم يحز في نفسي وأنا أقرأ عشرات القصائد هنا وهناك وأستمع إلى عشرات القصائد من محطات الإذاعة، فلا ألمس هذه الحقيقة الساطعة ولا أشم رائحتها.
إني لأعجب كيف تغير توجه الدم الفلسطيني، فامتطى براق الشهادة ولم يتغير توجه الشعر العربي، وما زال يدور حول نفسه، أما كان الأجدر أن يقف شعراؤنا طويلًا عند قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ﴾؟! (سورة الأنفال: 17) ليربطوا الأسباب بمسبباتها ويضيئوا هذه المعاني الخالدة، ويشعروا القارئ أن الأمم في ساعات المحن تعود إلى جذورها وتشد جراحها النازفة بضماد عقيدتها ولا شيء غير العقيدة.
ومن هذه العقيدة يكون المنطلق ويكون التحرير بإذن الله، بدلًا من العزف على أوتار لم تعد تقدم في حياتنا الأدبية شيئًا، واستلهام رموز وإشارات ودلالات سقطت على سقوط مرحلتها، ألم نشبع بعد من سيزيف وبروميثيوس وألكترا ودلنوب وفينيق... إلخ. إنني أتحدى -وأعتذر عن هذه الكلمة إن كان فيها شيء من الانفعال- أن تجد في عشرات الدواوين الشعرية التي أصدرها أولئك «الكبار» من شعراء الحداثة كلمة واحدة تشير إلى هذه المعاني أو تنزع عن قوسها، بل على العكس تمامًا، إن لدي نصوصًا لكثير من هؤلاء يسخرون من مساجدنا وروادها ويعتبرون حتى مجرد الإشارة إليها مرضًا خطيرًا ليس له علاج.
أبو حسان
في رثاء الشيخ عبد الصمد:
﴿۞ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾. (سورة النساء: ۱۰۰).
رثاء فضيلة الشيخ الوالد الداعية المجاهد: أبو يوسف عبد الرحمن عبد الصمد رحمه الله تعالى، حيث وافته المنية في أستراليا ليلة الخميس الساعة السابعة والنصف ١٧ شوال ١٤٠٨ ه الموافق 2/ 6/ 1988 على إثر حادث سيارة مؤلم عندما كان خارجًا للدعوة إلى الله في تلك البلاد.
الحمد لله العظيم الأكمل
رب البرية واحد متفضل
فالعين تدمع والقلوب حزينة
والقول يرضي ذو الجلال الأول
نبأ بأن الشيخ حان رحيله
أمر به كان القضاء مسجل
أيموت طود في الفضائل كلها
والعلم والأخلاق كنت الأمثل
مالي أرى أن الحياة مريرة
والعيش بعدكم مذاق الحنظل؟
العلم قال الله قال رسوله
قال الصحابة والشيوخ الفصل
هذا الذي أفنيت عمرك داعيًا
أبدًا له يا ليت قومي يعقلوا
ويل لمن دومًا يخادع ربه
أوما علمت بأن ربك يسأل
لا تحسبون الله عنكم غافلًا
فالله لا يهمل ولكن يمهل
وإلى لقاء تحت ظل عدالة
والله يقضي للعباد ويفصل
أختم كلامي بالصلاة مسبحًا
ومهللًا ومكبرًا ومحوقل
إبراهيم حميد الساجر – الكويت
سائح رباني..
سائحًا جاء يستحث سلاحه
قد رأى في الجهاد اسمًا سياحه
بمظان الردا شغوفًا.. تراه
طائــرًا نحوها يؤز جنــــاحـــه
لا يبالي إذا طمى الخطب يوما
أن يرى حتفه ويحيا اجتياحه
فإذا ما امتطى مطايًا المنايا
أطلق الشوق للجنان جماحه
ومضى الفارس الكمي طموحا
يحطم الكفر، كذابه وسجاحه
مؤتة في الصمود نهجًا رآها
فاقتفاها، وصال كابن رواحه
يبتغي الحسنيين: نصرًا مكينا
أو شهيدًا يموت يلقى فلاحه
عُرسه الفذ حين يغشاه قصف
عارم، حينها يصوغ كفاحه
وزفاف له إذا اشتد هول
في الوغى، أو يرى علیه جراحه
فإذا عانق المنايا علته
قمة البشر، حين نال نجاحه
ومضى سابحًا بفردوس عدن
مرتد حلة الخلود وشاحه
يصطفي من جنى الجنان ويشدو
غردًا بالثنا لرب أراحه
كان في هذه الحياة سجينا
فإذا الله جل.. فك سراحه
أبو شهيد الأرحبي
يا شاعر الغزل!!
شعر: أحمد حسن القضاة
عضو رابطة الأدب الإسلامي
دع عنك نظمًا في «سعاد»
وانظم قصيدك في البلاد!
یا شاعر الغزل الرخيص
ومن يزين للفســـاد
تدعو الشباب إلى الهوى
وإلى «التسيب» والرقاد
و«الهم» بركب شعبنا
والخطب حل بكل ناد
أضحت فلسطين الذبيح
وقدسها وطن الأعادي
و «يهود» ها هم جندهم
عبثوا وعاثوا في بلادي
كم غادة في خدرها
تسبي.. تقاد إلى اضطهاد!
انظر تجد «دبابة»
أو مدفعًا صوب العباد!
والشعب أعزل صابرًا
فيها وجرد من عتاد
لكنهم لن يفلحوا
في صده عما ينادي!
ونداؤه: تحيا البلاد
عزيزة من أي عاد!
***
لبنان يُحرق شعبه
وغدا الحريق إلى رماد!
والمسلمون بأرضه
قد «حاصروهم» كالأعادي!
يمضي النهار وجلهم
لم يعرفوا طعمًا لزاد!
وطعامهم -وا حسرتا-
في «فأرة» أو في «الجراد»
واليوم ينصب «زادهم»
فتوشحوا ثوب السواد!
***
يا شاعر الغزل الرقيق
ألا تحث على الجهاد؟!
إني لأعجب ذاهلًا
مما مضيت له تنادي!
تصف الأوانس والحسان
وما بهن من «اعتداد»
وكأنما ليست هناك
«بواسل» خلف الزناد!
يتشوقون إلى القصيد..
سماعه من فيه شاد
فلعله يذكي النفوس
الظامئات إلى الجهاد!
وكأنما ليست لنا
شتى «القضايا» في «المزاد»!
نرجو «الحلول» وحلها
بالدين يصحب بالعتاد
بالشِعر، بالعِلم الغزير
بما نثور على الفساد
یا شاعر الغزل الرخيص
ألا هُديت إلى الرشاد!
أقصوصة:
آخر صفحة من مذكرات مجاهد:
الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل يرقد أحمد على فراشه بعد يوم شاق من مجابهة العدو الإسرائلي، يراجع في مخيلته أحداث ذلك اليوم البطولي الذي سطر فيه مع إخوانه من شباب الحي آيات في العِزة والانتصار، فها هو ذا صديقه محمد يرشق حجرًا من مقلاعه ليستقر في عين جندي من جنود الاحتلال، ومن بعيد ظهر لأحمد صديقه محمود وهو يجهز كمية من الذخيرة «الحجارة» لكتيبة الرماة التي أوشكت ذخيرتها على النفاد، وهناك على أحد أسطح المنازل كان سمير يجهز ذخيرة من نوع آخر «المولوتوف» ذلك السلاح الجبار الحارق.. في الحقيقة كان سمير أكثرنا جرأة.. قال أحمد مخاطبًا نفسه.. لقد استطاع بخفته المعهودة أن يرشق الدورية بالزجاجة الحارقة، ويختفي عن الأنظار قبل أن يتمكن أحد من الجنود من اللحاق به.. في الواقع كلهم رجال، وكل منهم يؤدي دوره بإتقان.. رد أحمد على هواجسه ثم ظهر في مخيلته صديقه نادر الذي تمكن أحد القناصة اليهود من توجيه رصاصة قاتلة إلى رأسه لينال بعدها وسام الشهادة من الله عز وجل، تبعه بعد قليل شهیدان آخران.. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، حقًا لقد كان يومًا حافلًا، وكانت مواجهات رائعة، وقودها الناس والحجارة والإطارات المشتعلة.
وبينما كان أحمد مستغرقًا في هذا الشريط السريع الذي من على ذاكرته من أحداث ذلك اليوم الجهادي، قطع عليه تفكيره جرس الباب يقرع، وأقدام تركل الباب بقوة وضجة أيقظت كل من في المنزل، فخرج والد أحمد الذي ناهز الستين من عمره مسرعًا ليفتح الباب، وإذا بأحدهم يدفعه بغلظة، قائلًا بصوت أجش: ابتعد عن طريقنا نحن لم نأت لأجلك، إنا نريد ذلك الولد المشاغب كي نؤدبه.. أین ذهبت به؟ أین خبأته؟ أيها الجنود فتشوا المنزل جيدًا، ابحثوا عنه حتى في خزانة الملابس، لن نذهب من هنا إلا وهو مكبل بالحديد.. لست ممن يختبئون في خزانة الملابس أيها اليهودي القذر- التفت الجميع وإذا بأحمد يقف بالباب شامخًا برأسه في عزة المؤمن.. نعم أنت تعرف من يختبئ من حجري وراء الدبابة، لو كنت شهمًا لاعتقلتني في المعركة، ولم تأتني وسط الليالي لإعتقالي. الضابط بانزعاج: أيها الجنود عليكم به، هشموا ذراعه، حطموا جمجمته، وينهال الجنود على أحمد بالضرب، بينما وقف الأب والأم في وجههم في محاولة يائسة لتخليص ابنهم من براثن يهود وهراواتهم، وأخيرًا تمكن الجنود من وضع أحمد في سيارة جيب كانت تنتظرهم في الخارج، وقال شهود عيان: إنهم رأوا أحمد والدم ينزف من وجهه والجنود لا يكفون عن ضربه على رأسه ويديه ثم توجهوا به إلى مكان مجهول، أخذ إليه كثيرون ولم يعودوا.
وفي غرفة أحمد كانت الأم الملتاعة والأب الملهوف يقلبون ملابسه ودفاتره وكتبه، ومن بين الأوراق وجدوا ورقة كتب عليها وصية جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
أبي العزيز إنني أتوقع بين لحظة وأخرى أن أُعتقل أو أن أُقتل، فإليك يا أبي وإليك يا أمي وصيتي ألا تنسياني من دعوة صالحة في جوف الليل إلى الله -عز وجل- أن يقبلني في زمرة الشهداء، وأن يتغمدني بواسع رحمته أنا وإخواني الذين سبقوني إلى الشهادة، ولقد أخفيت في ملجأ المنزل في الزاوية اليسرى منه كيسًا مملوءًا بالحجارة وقطعتي سلاح من نوع مقلاع مضاد للعنتريات الصهيونية لشقيقي جهاد ريثما یکبر، أرجو تسلیمه إياه كي يكمل المشوار الذي بدأناه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنكم البار أحمد
الأم في حرارة واندفاع: روح يامَّه.. الله يرضى عليك، وفي هذه الأثناء يُرفع أذان الفجر.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل