العنوان أزمة أخلاق وإيمان
الكاتب عبد الله بن عبد الرحمن السند
تاريخ النشر الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
مشاهدات 11
نشر في العدد 176
نشر في الصفحة 23
الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
أزمة أخلاق وإيمان
بقلم فضيلة الشيخ عبد الرحمن السند
تسمعون الناس يتحدثون عن الأزمات والمشاكل وهذا العصر هو عصر الأزمات والمشاكل يتحدثون عن أزمات اقتصادية وأزمات سياسية ويتحدثون عن أزمات الحكم وأزمات الاجتماع ولكني أعتقد أن هناك أزمة واحدة لا ثانية لها هي أزمة الإيمان: أزمة الأخلاق - سيحوا في الأرض وشاهدوا الأمم والشعوب فإنكم سترون أن هذه الإنسانية بمختلف الشعوب والأقطار في أنحاء العالم كله تعاني أزمة واحدة هي: «أزمة الإيمان والأخلاق» هي كارثة الكوارث وهي مصيبة المصائب وكل مشكلة تحدث الناس عنها واشتكوا منها ترجع إلى هذه الأزمة، والشيء الوحيد الذي فقد وبفقده وقعنا في هذه المصيبة العالمية هو الإيمان والشيء الوحيد الذي اعتل باعتلاله أصبحنا نواجه هذه المشاكل كلها في نطاق الأفراد والمجتمعات والحكومات والأوضاع العالمية هو الأخلاق.
المهم أو الأهم - أن يتغير الإنسان أن كل شيء في العالم خاضع للإنسان والإنسان خاضع لنفسه وضميره وعقله فإذا كانت هذه صالحة كان صالحًا وإذا صلح الإنسان صلح العالم «إلا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
قد يدخل الرجل إلى غرفة مظلمة فلا يستطيع أن يجد طلبه إذا لم يفتح الزر الكهربائي، ولكن الرجل الخبير بمجرد دخوله الغرفة يعرف موضع الزر فيفتحه فيسري النور في التيار ويضيء جنبات الغرفة ويقضي الرجل حاجته وهذا هو شأن الأنبياء عليهم السلام ومن سار على أثرهم هذا الزر هو الإيمان إذا فتح انطلقت منه موجة النور لتضيء العالم كله.
كان الجو قاتمًا والعالم الإسلامي يعاني مشكلة عظيمة وكان الولاة جائرين والجهاز فاسدًا والمظالم سائدة والحقوق تمتهن والناس غير آمنين وكان العالم الإسلامي من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه يعاني مرضًا مرهقًا جاء رجل واحد هو عمر بن عبد العزيز عرف ربه ونسي نفسه وذكر اليوم الآخر فاستطاع أن يغير هذا التيار ويرغم العالم الإسلامي أن يتجه إلى الصلاح أين الأفراد، وأين من ينتجونهم، هل تنتجهم الكليات والمعاهد لا إنما يربيهم الإيمان وتنتجهم العقيدة والأخلاق - فكلمتي لكم أن تھیئوا نفوسكم ربوا فيها الإيمان والعقيدة. كونوا مؤمنين بالله واليوم الآخر ومصلحة الإسلام.. كونوا رجالًا إذا دانت لهم البلاد وأصبحوا يملكون أزمة الأمور لم يغيرهم الوضع الفاسد عما كانوا عليه هذا شأن الصحابة كانوا ضعفاء. فقراء. لا يملكون ما يكسون به أجسامهم ويشبعون به بطونهم فدانت لهم الدنيا وتفتحت لهم الخزائن فما تغيروا - إن العالم لم يفسد إلا لما فسد الأفراد وفقد هذا الطراز الذي تخرج في مدرسة «محمد» صلى الله عليه وسلم نحن في حاجة إلى هذا الطراز وهو لا يرتجى إلا منكم. من مثل هذا الشباب المسلم المؤمن الصادق الذي يوطن نفسه على الشظف والحياة البسيطة - إن من أمراض الأمة العربية هذا التنعم والتبذير والعادات القاصرة - لا يستطيع أحدهم أن يعيش من غير سيارة وبيت فخم وراتب ضخم إن هذه الأمراض قعدت بأمتنا: وهذا هو كان داء الرومان والفرس فقد أسرفوا في المدنية والتنعم فهيئوا نفوسكم للجهاد والدعوة وإذا قلدتم أمانة فأحسنوا القيام عليها هذه وصيتي لكم وربما لا تقيمون وزنًا لها، ولكنكم ستذكرون ذلك في المستقبل.
إن الأزمة أزمة رجال وأزمة إيمان وأخلاق وإني أعيد نفسي أن أؤمن بالفكرة القاصرة القائلة بتغير الوضع بتغير الحكومات والأحزاب أقول وأنا مخلص ناصح اهتموا بأنفسكم اهتمامًا دينيًا خلقيًا تربويًا فكريًا وآمنوا بأنكم أنتم العالم الإسلامي إذا صلحنا صلح العالم الإسلامي وإذا صلحت الأجزاء صلحت المجموعة والله الموفق.
عبد الله بن عبد الرحمن السند
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل