; أسباب تدهور الحالة الاقتصادية في دول أوروبا الشرقية | مجلة المجتمع

العنوان أسباب تدهور الحالة الاقتصادية في دول أوروبا الشرقية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 16-سبتمبر-1980

مشاهدات 10

نشر في العدد 497

نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 16-سبتمبر-1980

● التقييد التعسفي لحرية الفرد والقضاء على الملكية الخاصة والحوافز

الشخصية من أسباب تدهور الاوضاع الاقتصادية في الدول الشرقية.

● بعد نصف قرن أو يزيد من التطبيق الشيوعي في أوروبا الشرقية وروسيا يزداد وضعها الاقتصادي والزراعي خاصة سوءً وتتراكم ديون الغرب عليها.

● أسباب تدهور الحالة الاقتصادية...

●ثورة العمال البولنديين صورة من انفجار الأزمة الخانقة. التي تعاني منها الطبقة العاملة المسحوقة في البلاد المبتلاة بالاستعمار الروسي.

● نجحت يوغوسلافيا في تخطي جزء كبير من الأزمة الاقتصادية باعتمادها نوعًا من الملكية الخاصة واستقلالها الكامل عن روسيا.

●الجنة الموعودة للشيوعيين تتحقق جحيمًا وسجنًا وعذابًا يجلد الحرية ويصادر أبسط مظاهر العيش الإنساني الكريم...

إعداد قسم الترجمة

كتبت مجلة «لوبوان» الفرنسية في عددها الصادر 1/٩/1980‏ مقالًا عن الحالة ‎الاقتصادية المتدهورة في دول أوربا الشرقية، حيث تتعرض تلك الدول الاشتراكية لأزمات اقتصادية متعددة منها التضخم والركود وضعف القدرة الشرائية وأزمة الطاقة وغير ذلك من المشاكل الاقتصادية الحادة التي تؤثر على الأوضاع الاجتماعية والسياسية في تلك الدول وتؤدي في بعض الأحيان إلى اضطرابات اجتماعية خطيرة مثل تلك التي وقعت مؤخرًا في بولندا، فإليكم المقال مترجمًا من قسم الترجمة بالمجتمع:

تعاني دول أوروبا الشرقية من التضخم والركود الاقتصادي وقلةالدخل الفردي:

ترتكز مشكلة أوروبا الشرقية على التضخم والركود وضعف القدرة الشرائية وهذا ما يؤثر تأثيرًا سيئًا على اقتصاديات تلكالبلاد ويضعف اقتصادها ويقلل إنتاجها. في وارسو عاصمة بولندا يفتقد المواطن أسباب العيش من المواد الاستهلاكية من لحم وفواكه وغيرها ونفس الشيء يحدث للمواطن في موسكو وبراغ وبرلين الشرقية وبوخارست وصوفيا وغيرها من دول الكتلة الشرقية في أوروبا، ومما زاد الوضع سوءً هو أن هذه البلاد

تشهد منذ سنوات تقهقرا في المنتوجات الزراعية بسبب الظروف الجوية السيئة التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة، ولا تستثنى من ذلك إلا هنغاريا التي استطاعت أن تحافظ على إنتاجها الزراعي كما هو، أما الإنتاج الصناعي في تلك البلاد وحتى في بلغاريا نفسها فما زال ‎‏ انخفاض مستمر وقد انحطت معدلات الرخاء إلى درجة الصفر وتراكمت الديون الخارجية بشكل لا يطاق على هذه الدول جميعًا، إنها فعلًا الأزمة. إن أسباب عدم الاستقرار الاقتصادي الذي أصاب الغرب هي نفس الأسباب في تدهور الحالة الاقتصادية في دول الكتلة الاشتراكية التي تسيء إلى اقتصادها بالأساليب الاشتراكية نفسها في مجال الإنتاج والتخطيط

المزارعون في الدول  الشيوعية يفضلون العمل الفردي على الإنتاج الجماعي داخل جمعيات تعاونية زراعية، وهذا ما يجعلهم لا ينتجون بحماس.

منذ سنتين دأب السوفيتيين على تكرار نفس الأخطاء في مجال الزراعة دون أن يستفيدوا من أخطائهم للمستقبل كما ذكرخبير هنيغاريا في الاقتصاد والشؤون الاجتماعية وهو أحد الخبراء الاقتصاديين المشهورين في دول أوربا الشرقية، ومن المؤكد أن أسباب انخفاض المزارعين لنظام التعاونيات الزراعية الذي تنتهجه تلك الدول؛ ذلك النظام الذي يحرم المزارعين من الإنتاج الفردي كما يحرمهم من محاصيلهم الزراعية، وهذا الأمر يؤثر تأثيرا سيئًا علىنشاط العمال المزارعين ويعكسذلك بالضرورة على الإنتاج. وفي بولندا حيث يتمتع المزارعون بنوع من الحرية للإنتاج الفردي إلى جانب التعاونيات الزراعية، ويوجد فيها أكثر من ثلاثة ملايين مزارع يعملون بجهود فردية لكنهم غير متفرغين للزراعة فجهودهم موزعة بين الزراعة والعمل في المصانع، كما إنهم لا يستطيعون أو لا يرغبون في اتخاذ الطرق الحديثة في أعمالهم الزراعية مما جعل إنتاجهم في الزراعة أقل حتى من إنتاج التعاونيات الزراعية التابعة للدولة؛ ولذلك اضطرت بولندا إلى أن تطلب من الولايات المتحدة الأمريكية كمية من الحبوب، وفي هنغاريا لا توجد ملكيات زراعية خاصةً لكن الأمور تسير فيها أحسن من غيرها من بلدان الكتلة الشرقية نسبيًّا، ويرجع السبب في ذلك كما قال الخبير الاقتصادي الهنغاري إلى اتباع التعاونيات الزراعية هناك طريقة منظمة تجمع الأسر في مجموعات مالية، كما أن هنغاريا أحرزت مكاسب ممتازة في مجال الصناعة منذ عشر سنوات أكثر من كثير من الدول الاشتراكية، وإذا كان دخل الفرد في هنغاريا يساوي نصف دخل الفرد الفرنسي، فإن دخل الفرد في هنغاريا أكثر من الدخل الفردي في البرتغال، وذلك لأن الهنغاريين قلدوا النظام اليوغسلافي، والمعروف أن  يوغسلافيا تسمي نفسها دولة اشتراكية لكنها مستقلة في نهجها الاشتراكي بخصوص النظام الاقتصادي عن بقية الكتلة الشرقية منذ زمن بحيد، فقد سمحت بإنشاء قطاع خاص وإن كان متكونًا غالبًا من شركات تجارية صغيرة أو حرفية، كما أنها أعطت نوعًا من الحرية لرؤساء الشركات الوطنية الكبرى...‏

هنالك عاملان أساسيان لتدهور الحالة الاقتصادية في كثير من الدول الشرقية هما: المركزية في التخطيط وعدم النظام وفقدان الرغبة في الحمل لدي العاملين:

في كثير من الدول الشرقية الاشتراكية يوجد عاملان أساسيان وراء تدهور الاقتصاد الوطني الذي يؤدي إلى ضياع الجهود المبذولة في الإنتاج وضياع الوقت وقلة الإنتاج، وهذانالعاملان هما: اتباع النظام المركزي في التخطيط الصناعي والزراعي، وفقدان النظام بالعمل وعدم الرغبة لدى العاملين؛ لأن جميع وسائل الإنتاج وجميع الشركات الصناعية والتجارية ملك للدولة، وهي تديرها بخطط خمسية تحدد فيها المعدل الإنتاجي لفترة معينة كما تحدد أسعار المنتجات لكن ذلك كله يبقى نظريًا ولا يعرف طريقه إلى التطبيق الفعلي. والشيء الغريب الذي يحدث غالبًا في الدول الشرقية هو إنتاج بضائع قد لا تستهلك ولا تستعمل بل تنقل مباشرةً من المصانع لتخزن في المخازن لعدم حاجة المستهلكين إليها، وقد تفسد تلك البضائع داخل المخازن دون الاستفادة منها. بينما تبقى المواد التي يكثر عليها الطلب ناقصة في السوق لقلة الكمية المصنوعة منها، فمثلًا ‎‏ مصانع الأحذية تصنع مقاييس صغيرة جدًا أو كبيرة جدًا فقط ولا تصنع مقاييس متوسطة. وكذلك في مصانع الغسالات مثلًا لا تصنع فيها إلا «موديلات» قبيحة المنظر لا يرغب فيها أحد. كما أن الخطط الاقتصادية التي تتبعها هذه الدول لا تستطيع أن تضمن المواد الأولية والأجهزة الصناعية الضرورية لمصانعها، كما أن العمالة غير منتظمة في هذه المصانع ولا يعرف العامل طبيعة عمله في الصنع إلا بعد أن يحضر في العمل دون أن يكون أمامه عمل مخطط يسعي بإنجازه وهذا ما يدفع كثيرًا من العمال إلى التغيب عن أماكن أعمالهم. وحسب مصادر سوفيتية رسمية فإن 10-15% من العمال في روسيا يتغيبون عن أماكن أعمالهم باستمرار وتفاديًا لتعطيل العمل قامت الدولة باتباع طريقة تعيين العمال فوق ما تحتاج إليه المصانع ونتج عن ذلك خلق الفوضى في العمل، كما أنه في الاتحاد السوفياتي يستطيع الموظف أو العامل أو المستخدم أن ينتقل بحرية من مكان عمله إلى مكان آخر بكل سهولة. وهذا أيضًا يزيد من الفوضى في عملية الإنتاج، وهذه الأساليب الاقتصادية الفاشلة التي تنتهجها الدول الشرقية هي أسباب الأزمة الاقتصادية فيها والتي بدأت الدول الغربية أيضًا تشهدها منذ ‎سنة 1975. ‏

الاتحاد السوفيتي يحذو حذو دول الأوبك ويزيد نسبة مئوية معينة على

 سعر نفطه المبيع إلى الدول الاشتراكية قابلة للزيادة سنو يًا:

الاتحاد السوفياتي واحدة من كبريات الدول المنتجة للنفط ويتوقع أن ينتج 6٠٦‏ مليون طن النفط هذه السنة. ويحاول الاتحاد السوفييتي الآن أن‏ يحذو ‏حذو دول الأوبك في زيادة نسبة مبيعاته من النفط للدول الاشتراكية. ومن المعروف أن الاتحاد السوفياتي يبيع نفطه للدول الاشتراكية بسعر أقل من الأسعار العالمية منذ خمس سنوات لكنه أشعر هذه الدول فجأة بأنه لن يستمر على بيع نفطه لهم بسعر منخفض بل إنه سيتبع نظام زيادة نسبة مئوية معينة كل سنة على سعر نفطه مستقبلًا. والنفط السوفييتي رغم أنه بقي مدة طويلة أرخص من النفط العربي بمقدار ‎25-40% ‏فإنه شهد ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الخمس الماضية كما أن الكمية التي كانت تبيعها للدول الاشتراكية ظلت في هذه المدة محدودة. لأن السوفييت بدؤوا يحتكرون نفطهم خوفًا من أن ينفذ أو أملًا في ارتفاع جديد للأسعار والازدهار الصناعي في الشرق وكذلك في الغرب يعتمد على الطاقة الرخيصة فإذا ارتفعت أسعار الطاقة إلى ستة أضعاف ما هي عليه حاليًا فيعني ذلك الكارثة. والمعروف أنه نتيجة لارتفاع سعر الطاقة كان لا بد من بيع المواد المصنوعة بأسعار غالية أو تدعيمها من طرف الدولة مما يحملها فوق طاقتها ويدفع باقتصاد البلاد إلى الحضيض ومن هنا بدأ التضخم يظهر في

كثير من الدول الاشتراكية. وهذا ما جعل وزير المالية في تشيكوسلوفاكيا يعلن أمام البرلمان التشيكي «إن بلادنا لا تقدر أن توفر للمواطنين الآن ما كانت توفره لهم سابقًا، ويجب على المواطنين أن يقتصدوا في المواد الاستهلاكية وفي الطاقة بلوفي كل شيء» ...

الدول الاشتراكية مكبلة بديون الغرب لأنها تصدر أقل وتستورد أكثر من الدول الغربية:

القوة الشرائية في جميع الدول الاشتراكية في انخفاض مستمر، وهذه الدول الشرقية تصدر أقل وتستورد أكثر من الدول الغربية وترتب على ذلك أن أصبحت الدول الاشتراكية مكبلة بدين الغرب، فتشيكوسلوفاكيا عليها من الديون للغرب ثلاثة بلايين ونصف البليون من الدولارات، وألمانيا الشرقية عليها ثمانية بلايين دولار وكل من روسيا وبولندا عليه حوالي عشرين مليار دولار للغرب. وبالنسبة لروسيا ليس الأمر مأساويًا نوعًا ما فهي تملك من الذهب ومن المواد الأولية الأخرى المهمة مثل اليورانيوم ما يمكنها من سداد ديونها، لكن الأمر يختلف كثيرًابالنسبة لبولندا مثلًا، ولكن لحسن الحظ ما زالت البنوك الغربية توافق على تقديم الديون لبولندا وخاصةً في ألمانيا الغربية، لأن هذه الدول تخاف من أنها إذا أوقفت ديونها عن بولندا مثلًاسوف يزداد الوضع الاقتصادي فيها تدهورًا وذلك سيؤدي حتمًا إلى أن تخسر الدول الغربية ديونها القديمة المترتبة عليها، لذلك تفضل الاستمرار في تقديم الديون لها. ولكن المراقبين الاقتصاديين في الشرق يتساءلون: إلى متى يمكن أن يستمر الأمر هكذا... بولندا في الوقت الحاضر دولة في غاية الإفلاس كما يقول الخبير الاقتصادي الهنغاري «بييركاند» والسبب في ذلك هو وقوعها في هوة التخطيط الاقتصادي السيئ، كما يرى أن الإجراءات التي اتُخذت في بولندا في الآونة الأخيرة لإسكات العمال تهدف فقط إلى رفع القدرة الشرائية دون محاولة «لزيادة» الإنتاج، ولا شك أن ذلك سوف يؤدي إلى مزيد من التضخم. 

ويرى أنه لكي تتخلص بولندا من مشاكلها الاقتصادية يجب عليها أن تسعى لتنمية الملكية الفردية الصغيرة في مجال الزراعة على غرار ما يُعمل به في الكتلة الرأسمالية، وأنه لكيلا تبقى الصناعة في بولندا هيكلًا بدون وزن لابد من إدخال خطط حديثة على طريقة بناء المصانع وتوزيعها. لكن إذا أدخلت بولندا جميع هذه التعديلات على سياستها الاقتصادية، هل سيعتبرها ليونيد بريجنيف دولة اشتراكية؟

الرابط المختصر :