; أطماع أمريكا في إريتريا | مجلة المجتمع

العنوان أطماع أمريكا في إريتريا

الكاتب أبو أنس

تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1971

مشاهدات 69

نشر في العدد 47

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 16-فبراير-1971

ترجمة أبو أنس عن صحيفة ريديانس الهندية

 

- حالة الطوارئ في إريتريا و5 آلاف مقاتل إريتري في المعركة.

- فيتنام ثانية في لمساتها الأخيرة.

- إسرائيل تحصل على جزيرة عند إريتريا لتتخذ منها قاعدة عسكرية لها.

- افتتاح أول خط للطيران بين إسرائيل وإثيوبيا باسم «طيران ملكة سبأ».

- مركز إرسال وتجسس أمريكي في منطقة كاجنو في إريتريا

اضطرت إثيوبيا إلى إعلان حالة الطوارئ في إريتريا في السادس عشر من ديسمبر الماضي، فوضعت معظم الأراضي الإريترية تحت الرقابة المباشرة لوزير الدفاع، وقبل ثلاثة أسابيع قام الفدائيون الإريتريون بقتل قائد الجيش الثالث في كمين نصبوه له.
تحاول السلطات الإثيوبية وحلفاؤها المستعمرون أن يعطوا العالم انطباعًا زائفًا بأن كل شيء على ما يرام في إريتريا.
فليس هناك إلا بعض «اللصوص، والعملاء الأجانب» الذين ينشطون ضد الحكومة.
لكن الحقيقة مخالفة لذلك تمامًا. فالشعب الإريتري منهمك في حرب تحرير وطنية.
فهناك أكثر من خمسة آلاف مقاتل بقيادة جبهة تحرير إريتريا يقاومون الجيش الإثيوبي الذي تلقى تدريبه وأسلحته من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وإن نظرة سريعة إلى الماضي تعيننا على فهم الموقف الغامض على حقيقته.
 فالعرب المسلمون يُشكّلون الأغلبية في إريتريا، و٤٠% من السكان تقریبًا نصاری.
ولكن الطرفين من أصل عربي ولغتهم العربية.
لقد كانت إريتريا مثل إثيوبيا مستعمرة إيطالية منذ عام ١٩٣٥م حتى عام ١٩٤١م.

 وفي عام ١٩٥٢ تم ضمها إلى إثيوبيا، ولكن بشروط دولية لمنحها الاستقلال الذاتي.
ولكن الإمبراطور هيلاسلاسي سرعان ما حرم البلاد من الحكم الذاتي وضمها إلى بلاده ضمًا نهائيًا، ولعلنا نذكر أن الإمبراطور الذي يبلغ الآن الثالثة والسبعين من العمر يعتبر رمزًا للسيطرة الثقافية والسياسية التي تمارسها الأقلية الأمهرية المنتمية إلى الكنيسة القبطية. ولما بلغت الأمور هذا المبلغ ثار الشعب الإريتري وقرّر القتال دفاعًا عن استقلال بلاده. فتشكلت جبهة تحرير إريتريا في عام ١٩٦٢ وأخذت تقاوم الإدارة الإثيوبية منذ ذلك الحين. وفي بداية الأمر وقف النصارى الإريتريون بمعزل عن المعركة، ولكنهم بدأوا في الآونة الأخيرة يمدون يد العون لها لأنهم يشعرون أنهم لم يستفيدوا شيئًا من الاتحاد مع إثيوبيا. بل خسروا الكثير من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.
ويجب أن نعلم أن تحقيق استقلال إريتريا ليس بالأمر الهين. فهم يواجهون الجيش الإثيوبي من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة أخرى.

فللولايات المتحدة قاعدة عسكرية في إريتريا يقول عنها الأمريكيون بأنها مجرد مركز للاتصال. وتسعى إسرائيل بأقصى ما لديها من جهد لتشديد قبضة الاستعمار على البلاد التي تقع على السواحل الغربية للبحر الأحمر مواجهة لكل من اليمن وخليج عدن. وحيث إن اليمن وعدن «جنوب اليمن» قد نجحتا في كسر طوق الاستعمار، لذلك قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإبقاء على سيطرتهما على إريتريا لأهميتها الاستراتيجية.

 فقد خسروا عدن ولا يمكن أن يرضوا بفقدان سيطرتهم على المنطقة الساحلية الإثيوبية أي إريتريا.


١٥٩ مليون دولار تقدمها أمريكا للحبشة لضرب الثوار

 ولقد صرّحت لجنة فرعية تابعة للبرلمان الأمريكي مؤخرًا أن الولايات المتحدة قامت بتزويد إثيوبيا بالقنابل والذخيرة التي استخدمتها ضد المقاتلين من أجل الحرية في إريتريا.

ونشرت اللجنة ذاتها تقريرًا حول الكلمات السرية التي استفسر فيها أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن الأسباب التي من أجلها تسلّمت إثيوبيا ١٥٩ مليون دولار أي ما يعادل ٦٦ مليونًا و٢٥٠ ألف جنيه إسترليني كمساعدات عسكرية من أمريكا منذ عام ١٩٥٣- أي حوالي نصف مجموع المساعدات العسكرية الأمريكية إلى البلاد الأفريقية بأسرها. وقد تسربت الإجابة عن هذا التساؤل المتكتم بأن قال بعض الأعضاء بأن السبب في ذلك يعود جزئيًا إلى رغبة الولايات المتحدة في الاحتفاظ بمركز إرسال وتجسس في منطقة كاجنو في إريتريا. وقد أنكر بعضهم بأن القصد من المساعدات العسكرية الأمريكية لإثيوبيا هو التورط في فيتنام أخرى. وهناك دليل على أن هناك حوالي ۳۲۰۰ رجل عسكري أمريكي في كاجنو، وهي معسكر بريطاني سابق يقع على هضبة مرتفعة تسلمته الولايات المتحدة منذ عام ١٩٥٣ بناء على اتفاق مع إثيوبيا.

ويقول تقرير بأن هذا الموقع له أهمية بالنسبة لبث الاتصالات العسكرية والدبلوماسية اللاسلكية.

 

أهمية إريتريا لأمريكا

ولقد وجه السناتور فولبرایت السؤال التالي إلى المستر دافيد نيوصام مساعد وزير الداخلية الأمريكية للشئون الأفريقية: لماذا تنهمك الولايات المتحدة هذا الانهماك كله في إثيوبيا بصرف النظر عن رغبتها في الاحتفاظ بمحطة اللاسلكي هناك. فقال المستر نیوصام بأن البلاد «إريتريا» ستكون ذات أهمية خاصة لحراسة طرق الانتقال في حالة إعادة فتح قناة السويس.

وقال بأنه ما دام الإمبراطور الذي يبلغ ٧٣ عامًا من عمره على قيد الحياة فهو يعتبر شخصًا ذا أهمية قصوى في أفريقيا نفسها بالرغم من أنه يدلي من وقت لآخر بتصريح يعارض السياسة الأمريكية على نطاق واسع».

 وتقع محطة اللاسلكي الأمريكية في كاجنو على قمة جبل قريب من أسمرة عاصمة إريتريا. وهي جزء من قاعدة عسكرية كبيرة تحمل نفس الاسم. فلما كانت هذه المحطة تقع على ارتفاع ۷5۰۰ قدم فوق سطح البحر فإنها لا تتعرض لأجهزة الرصـد والاكتشاف في البلاد الأخرى.
ولقد كان عن طريق هذه القاعدة أن هوستون ظل على اتصال بسفينتي الفضاء أبولو وجيمني.
ويتكون الجيش الإثيوبي من أربع فرق لكل منها مستشار عسكري أمريكي. وتقوم وحدة بحرية أمريكية بتدريب البحرية الإثيوبية في ميناء مصوع على البحر الأحمر. كما أن سربًا من سلاح الجو الأمريكي يتولى تدريب الطيارين الإثيوبيين على طائرات نفاثة مقاتلة من طراز ف 5 وف ٨٦. ومن الناحية الاقتصادية فإن أمريكا تملك مصالح في إريتريا. إذ تقوم شركة موبيل واسو بالتنقيب عن النفط بالقرب من شواطئ البحر الأحمر.

 

الوجود الإسرائيلي:

يعتبر الوجود الإسرائيلي في إثيوبيا وإريتريا أكثر تغلغلًا ونفوذًا من الوجود الأمريكي.
فلقد أدخل الإسرائيليون في روع إثيوبيا بأنه ما أن يتم إحياء العلاقات المزدهرة التي كانت قائمة بين إسرائيل في القديم وبين الحبشة وذلك في عصور الإنجيل، أضف إلى ذلك أن الإمبراطور هيلاسلاسي يعتبر نفسه سلیل الإمبراطور «مالنيك» ابن الملك سليمان من ملكة سبأ. وهذه أسطورة طبعًا. وتزعم الأسطورة بأن هيلاسيلاسي من سلالة قبيلة مالتيك. من أجل ذلك يحمل إمبراطور إثيوبيا لقب «أسد يهوذا». وهناك علامة أخرى وهي أن نجمة إثيوبيا السداسية شبيهة بنجمة داود رمز إسرائيل.
ولقد تم مؤخرًا افتتاح أول خط طيران بين إثيوبيا وإسرائيل وأطلق عليه اسم طيران «الملكة سبأ». كما أن الخبراء المدنيين والعسكريين ينشطون في كافة أنحاء المملكة الإثيوبية. ولقد منحت إسرائيل قرضًا لإثيوبيا لإنشاء طرق للسفر البري. وعين خبراء إسرائيليون رؤساء للمرور وإدارات الطرق.
وتقول تقارير غير مؤكدة بأن إثيوبيا، بدافع من العرفان بالجميل قامت بمنح إسرائيل حق استخدام جزيرة صغيرة في البحر الأحمر كقاعدة بحرية. كما عيّنت إسرائيل خبراء بحريين لإدارة ميناء مصوع. وهكذا فهناك علاقة ثلاثية.
إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هما أفضل أصدقاء الحكومة الإثيوبية. وما من بلد عربي مجاور ينخدع بحياد إثيوبيا الشكلي الظاهر. کما أن من الجلي الواضح أن الإريتريين لا يستطيعون أن يكسروا قبضة المستعمر على بلادهم. فليس أمامهم من سبيل إلا المقاومة المسلحة.
 ولكن المستقبل لصالحهم بكل تأكيد، فكل شيء في الدولة الإثيوبية قد تعفن. والدولة ذاتها على وشك السقوط. وعلى الرغم من المساعدات الضخمة التي تتلقاها الأقلية الأمهرية الحاكمة من كل من أمريكا وإسرائيل فسيكون من الصعب عليها أن تحافظ على سيطرتها السياسية والاقتصادية على المملكة. فإما أن ترضى بإشراك القبائل الصومالية في الحكم، وكذلك أهل إريتريا وإما أن يتم القضاء عليها.
وليس بوسع الإمبراطور البالغ من العمر ثلاثة وسبعين عامًا أن يمنح الاستقرار للبلاد. فعلى أفضل الاحتمالات ربما ينجح في الإبقاء على الأوضاع الراهنة إلى بضع سنين.

                 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل