العنوان أكاديميون مغاربة لـ«المجتمع»: حصار غزة.. صُنعٌ صهيوني تحرضه أيادٍ غربية وعربية
الكاتب عبدالغني بلوط
تاريخ النشر الاثنين 01-مايو-2017
مشاهدات 740
نشر في العدد 2107
نشر في الصفحة 20

الاثنين 01-مايو-2017
خلال 10 سنوات عانت غزة من حصار و3 حروب دمرت البنية التحتية والمرافق
حال غزة يلخص الوضع العام في الأمة
من الناحية القانونية الحصار غير مشروع فرضه الاحتلال الصهيوني بالقوة
تراجع المد الشعبي جعل الأنظمة في حِلّ من أمرها إزاء هذه القضية
الأمة تواجه عدواناً ثلاثي الأضلاع يتمثل في الإمبريالية والصهيونية وبعض الأنظمة العربية
لا سبيل لرفع الحصار إلا بالصمود والنضال في وجه الآلة الوحشية الصهيونية
يعيش أهل غزة حالة من الحصار الغاشم الذي فرضه الكيان الصهيوني، وباركته الدول القوية في العالم؛ مما يجعلها أمام حقيقة مرة تصنفها في مصاف الدول الداعمة لقتل الشعوب المناضلة من أجل الانعتاق والتحرر، وفي هذا السياق، يرى أكاديميون مغاربة أن الوضع في غزة المحاصرة يتحمل مسؤوليته الأولى العدو الصهيوني باعتباره كياناً محتلاً للأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى أطراف أخرى، سواء كانت عربية أو غربية، تشارك بشتى الطرق في تشديد الخناق على أهل غزة.
يؤكد هؤلاء الأكاديميون في تصريحات لـ«المجتمع» أنه لا سبيل لرفع الحصار إلا بمواصلة النضال والصمود من قبل الشعب الفلسطيني ذاته، والبحث عن كل السبل من أجل ذلك، مع تحميل الشعوب العربية والإسلامية مواصلة رفع صوتها للتنديد بالحصار وبكل الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاشم.
حصار و3 حروب
بداية يذكر البرلماني المغربي عيسى أمكيكي، نائب رئيس رابطة «برلمانيون من أجل القدس»، أنه ينظر إلى الحصار على غزة كما ينظر إليه أحرار العالم بمختلف دياناتهم وتوجهاتهم على أنه حصار ظالم مجحف متسلط غاشم في حق مليونين من البشر، لو وقع في منطقة أخرى غير الشرق الأوسط أو من نظام آخر غير الكيان الصهيوني؛ لكان هناك حديث آخر ولغة أخرى.
ويضيف في تصريح لـ«المجتمع» أنه حصار فاق السنوات العشر مع ثلاث حروب مدمرة للبنية التحتية والمرافق الخدمية والصحية والتعليمية؛ جعلت نسبة كبيرة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة عالية من البطالة تتفشى في المجتمع، وهذا يحدث على مرأى ومسمع أكتر من مليار مسلم يحدث لإخوانهم الفلسطينيين في أكناف القدس والأرض المباركة والمقدسة مسرى خير خلق الله ومولد كثير من الأنبياء والرسل وعلى رأسهم سيدنا عيسى عليه السلام.
مخالف للمواثيق الدولية
من جهته، يؤكد الناشط الحقوقي المغربي أحمد ويحمان في تصريح لـ«المجتمع»؛ أن هذا الوضع في غزة يلخص الوضع العام في الأمة، وهو وضع لا يسر صديقاً، مضيفاً: فبعد كل المحن التي كابدها أشقاؤنا الفلسطينيون ومآسيهم الناجمة عن إبادات جماعية ومجازر ومحارق جيش الحرب الصهيوني في حقه، والحصار المضروب من قبل هذا الكيان الإجرامي على القطاع المكدس بالسكان الجوعى والمرضى، بعد كل هذه المحن والمآسي المتعاقبة عليه وموازاة لها، سيسجل التاريخ بمداد من القطران أن من العرب والمسلمين على رأس دول وحكومات، لم يكتفوا بمجرد التخاذل عن واجب نصرة أشقائهم، بل تعدوه للتواطؤ والتآمر بتشديد الخناق عليهم بتنسيق مع أعداء الأمة من صهاينة وأمريكيين وبريطانيين والغرب الاستعماري بصفة عامة.
ومن الناحية القانونية، يؤكد المحامي المغربي عبدالرحمن بن عمرو، الخبير في العلاقات الدولية، أنه من الناحية القانونية هذا الحصار هو حصار غير مشروع، وهو مخالف للمواثيق الدولية ولمواثيق حقوق الإنسان العالمية، وهو اعتداء همجي لا يقره شرع ولا قانون ولا عرف وأي شيء يمت للإنسانية بصلة، وقد نددت به كل المنظمات الحقوقية العالمية.
ويوضح القانوني المغربي أن الحصار الدولي تقرره الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن ضد دولة معينة حسب «الفصل السابع» من ميثاقها عندما تصبح هذه الدولة تهدد السلم والأمن الدوليين، ولا يكون من مبادرة دولة مجاورة، والأنكى أن يكون بمبادرة من كيان محتل وغاصب، فما هذا التهديد الذي يقوم به الشعب الفلسطيني المحاصر حتى تتم محاصرته بهذا الشكل؟! كما أن الحصار الاقتصادي تسبقه قرارات أممية قمعية تخص الحصار البريدي والحصار السككي قبل أن تنتقل إلى التدخل العسكري.
ويضيف أن هذا الحصار الخارج عن الشرعية الدولية، تم فرضه بالقوة من قبل الكيان الصهيوني المحتل، بل إنه هو نفسه حصار يهدد الأمن والسلم في المنطقة، وكان على الأمم المتحدة أن تتدخل من أجل ردع الكيان ورفع الحصار وفرض عقوبات اقتصادية بدل السكوت عنه والتقاعس في رفعه.
وبخصوص الصمت العربي والعالمي تجاه ما يحدث في غزة، يشدد ويحمان، العضو في تنسيقية العمل المغربية من أجل فلسطين، القول: إنه بالنسبة لصمت الجانب الرسمي العربي، فلا غرابة في ذلك؛ ذلك أن تراجع المد الشعبي والجماهيري في ساحة الفعل النضالي على المستوى السياسي والنقابي، وتفسخ التنظيمات بطغيان الفردية وأولوية المصالح الشخصية على قيم التطوع والتضحية في السنين الأخيرة، كل هذا جعل الأنظمة في حِلّ من أمرها إزاء هذه القضية المزعجة والمحرجة لهم منذ عقود.
وهكذا سمحت الظروف للحكام أن يجهروا بحقيقة تمثلهم ومواقفهم من الصراع العربي الصهيو - غربي، تلك المواقف التي كانوا يغلفونها ببيانات القمم الرنانة والعنتريات الكاذبة التي ما قتلت ذبابة، لا سيما بعض القيادات العربية، التي رغم دكتاتوريتها وقمعها لشعوبها، كانت تمثل حداً ما من المقاومة للمشاريع الاستعمارية ونهمها لنهب ثروات الأمة والسيطرة على مقدراتها والتحكم في مصائرها.
أما بالنسبة للصمت العالمي، فهذا تحصيل حاصل، وفيما يخص القوى العالمية الأخرى، فهي ساهرة على خدمة مصالحها ولا تأبه لما يصيب الآخرين إلا عندما تتشابك مصالح هؤلاء، على نحو ما مع تلك المصالح.
عدو ثلاثي الأضلاع
يضيف ويحمان أن عدو الأمة ثلاثي الأضلاع؛ هي: الإمبريالية ومشاريعها في نهب ثرواتنا، والصهيونية العالمية باحتلالاتها وتوسعها مباشرة في جغرافيتنا المجالية أو بطرق غير مباشرة باختراقاتها لاقتصاداتنا وثقافتنا واستهداف كل مقوماتنا الحضرية، ويبقى الضلع الأخير في مثلث «برمودا» الذي تعاني منه الشعوب العربية وهو الأنظمة العربية التي لا تستند لإرادة شعوبها في التحرر والانعتاق من التبعية للغرب الاستعماري، ومصالح هذه الأنظمة تتقاطع وتتكامل مع الاستعمار والصهيونية.
ويذهب ابن عمرو في الاتجاه ذاته حين يؤكد أن الدول العربية تتحمل كامل المسؤولية في الحصار على غزة، متسائلاً عن قرارات الجامعة العربية التي تقول بضرورة مناصرة الدول العربية ضد أي عدوان عسكري أو سياسي أو اقتصادي.
ويضيف أن الأمم المتحدة عاجزة أمام الغطرسة الصهيونية، مشيراً إلى أن الكل يتذكر عدم قدرتها على تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية بلاهاي الذي اعتبر جدار الفصل عنصرياً، وأقر بتعويضات لصالح المتضررين الفلسطينيين، ويشير إلى أن الدول الغربية تستعمل جميع الذرائع من أجل عدم معاقبة الكيان الصهيوني على ممارساته العدوانية، وخص بالذكر أمريكا التي تستعمل «الفيتو» في كل مرة وحين، حتى بات الوضع الحالي يكشف أن هناك قانوناً يسري على كل الدول من غير الكيان الصهيوني الذي تم زرعه في المنطقة العربية لأهداف يعرفها الجميع.
صامد رغم الحصار
ويؤكد ويحمان أنه بالرغم من كل ذلك فأهل غزة صامدون بالرغم من الحصار، قبل أن يضيف أنه لا بديل لأهلنا في غزة وفي الضفة وأراضي الـ48 والجولان وشبعة وكفر شوبا إلا الصبر والصمود، لا بديل آخر.
نفس المنطق يقول به ابن عمرو حين يؤكد أن لا سبيل لرفع الحصار سوى الصمود والنضال، نضال الشعب الفلسطيني في وجه الآلة الوحشية الصهيونية، والبحث عن كل السبل لرفعه، مثل المحاولات التي قامت بها منظمات دولية لرفع الحصار، يجب ألا تتوقف بالرغم من أخطارها وتعرضها للمنع والقمع.
ويضيف ويحمان: لقد وصل الأمر بالفلسطينيين، عموماً وأهلنا في غزة خصوصاً، إلى ما يسمى في علم النفس الاجتماعي مرحلة «رد الفعل الحرج»؛ وهي المرحلة القصوى، بعد مرحلتي الاضطهاد والقهر، وفيها يصبح تمثل الوجود والعدم مشوباً بشعور السواء على نفس الحدود، وفي هذه الحالة فقط، عند اختلال موازين القوى لفائدة القوي وعلى حساب الضعيف لهذه الدرجة، يتغلب الضعيف على القوي وتنقلب المعادلة للمستحيل تماماً، حالة الاستشهاد نموذجاً.
فعندما يقرر الضعيف أنه يقبل أن يموت؛ شعور تساوي الحياة والموت، فما بالك عند من يفضل الموت على الحياة؟
ويؤكد أن هذه الشدة في المعاناة، بوعد الله سبحانه وبمنطق التاريخ، سيعقبها فرج النصر بإذن الله.
أما دروس التاريخ فتؤكد صحة هذه القاعدة، وإلا كيف لشعب فقير جداً كشعب فيتنام أن يهزم أعتى إمبرياليتين (فرنسا، والويلات المتحدة الأمريكية).
جهود محدودة
ويشير أمكيكي بخصوص التخفيف من معاناة أهل غزة إلى أن الجهود المبذولة للتخفيف من معاناة الحصار ما زالت محدودة ومحتشمة بحكم أن رابطة «برلمانيون لأجل القدس» لا يتجاوز عمرها السنتين، وعملها ينصب أساساً على التحسيس بالقضية في البرلمانات العالمية للضغط على حكوماتها لفعل شيء إزاء حكومة الكيان الصهيوني، فهناك مبادرات بريطانية وإندونيسية وماليزية وتركية تنصبّ أساساً في جهود إغاثية واجتماعية صرفة ساهمت إلى حدود معينة في التخفيف من معاناة الحصار.
وبخصوص رابطة «برلمانيون لأجل القدس» أكد أمكيكي أنها مدنية وغير مدعومة من الجهات الحكومية؛ لذا فمن الصعوبات التي تحول دون القيام بواجبها صعوبات مادية صرفة مرتبطة بأسفار وتنقلات أعضائها لدى البرلمانات العالمية للتعريف بالقضية والدفاع عنها، بالإضافة إلى حصار اللوبي الصهيوني لكل أعمال برلمانية تتعلق بالقضية الفلسطينية، وقد ذكر برلمانيون بريطانيون أنهم أصبحوا يتحاشون إثارة القضية الفلسطينية داخل قبة البرلمان لأنهم كلما تحدثوا عنها تصدرت صورهم الصفحات الأولى من كبرى الصحف التي تصفهم بمعاداة السامية وتأييد الإرهاب الدولي.
ومن التحديات أيضاً - حسب نائب رئيس رابطة «برلمانيون من أجل القدس» - محدودية التغطية الإعلامية لأنشطة الرابطة، خصوصاً في البلدان التي تتم زيارة برلماناتها.
ويختم ويحمان بالتأكيد على ضرورة استشعار المسؤولية وتحرك واتصالات وتعبئة وتكاتف وتنظيم كل الأحرار والحرائر، في الساحتين العربية والإسلامية وأحرار العالم في كل مكان، مضيفاً أن معركة فك حصار غزة وكل الشعب الفلسطيني هي معركة كل الشريفات والشرفاء المناهضين للاستعمار والحروب ومآسيها التي لا يجني منها الأرباح على حساب مصائب وآلام ودموع الشعوب، إلا أصحاب الكارتيلات في الصناعة العسكرية وتجار وسماسرة الأسلحة وعلى رأسها مركبات الصناعة الحربية بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمعركة إعلامية يخوضها الاحتلال الصهيوني لتسـويــق روايتــه المشـوَّهــة
نشر في العدد 2178
787
السبت 01-أبريل-2023

الذكاء الاصطناعي وصراع الأدمغة.. حـــرب خفيـــة بين المقاومــة الفلسطينيـــة والاحـتـــــلال الصهيـونــــــي
نشر في العدد 2178
733
السبت 01-أبريل-2023

