العنوان أكاديميون مغاربة يكشفون خطورة التطورات الأخيرة حول فلسطين
الكاتب عبدالغني بلوط
تاريخ النشر الأربعاء 01-مارس-2017
مشاهدات 741
نشر في العدد 2105
نشر في الصفحة 26

الأربعاء 01-مارس-2017
أكاديميون مغاربة يكشفون خطورة التطورات الأخيرة حول فلسطين
كل رئيس أمريكي لعب بالورقة الفلسطينية خلال حملاته الانتخابية استدراراً لعطف اللوبي الصهيوني
تصريحات «ترمب» منطلقة من قواعد «وعد بلفور» والأمر يتعلق بسياسة استعمارية واحدة منذ ذلك العهد
أمريكا ليست راعية محايدة في الصراع وسياستها تسير في اتجاه بث الفوضى في المنطقة
الخطوات القليلة القادمة هي إعلان تحالف واضح بين الكيان الصهيوني وبعض القوى العربية
بداية المخطط تقسيم العراق ثم سورية وليبيا ثم إشغال مصر بنفسها
حديث «ترمب» عن نقل سفارة دولته إلى القدس يهدف إلى استفزاز الشعب الفلسطيني
الحصانة الإستراتيجية المتبقية لدى فلسطين هي المشاعر المغروسة في وجدان الشعوب الإسلامية
يُجمع عدد من المحللين السياسيين والأكاديميين والنشطاء الحقوقيين في المغرب على أن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة أخرى أكثر صعوبة بعد صعود الرئيس الأمريكي الجديد «دونالد ترمب»، ويرى هؤلاء في تصريحات متطابقة أن القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدة لأن يبقى الكيان الصهيوني بعيداً عن سهام الاستهداف بافتعال الصراعات الإقليمية وتغذيتها.
أجاب السياسيون في تصريحاتهم لـ»المجتمع» عن سبل مواجهة التحديات الجديدة القديمة، واستمرار ترسيخ شعار «القدس في القلب» لدى الشعوب العربية والإسلامية إلى حين تحريرها وتحرير باقي البقاع الفلسطينية من أيادي الاحتلال الصهيوني الغاشم.
لم يعد خافياً أن كل رئيس أمريكي لعب بالورقة الفلسطينية خلال حملاته الانتخابية، ووعد بنقل سفارة بلاده إلى القدس من أجل استدرار عطف اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، لكن مع صعود «دونالد ترمب» الرئيس الجديد وتصريحاته العلنية زادت المخاوف وارتفعت أصوات تحذر من أي خطوة في هذا الاتجاه.
ولفهم هذا الموقف الأمريكي يوضح د. عبدالصمد بلكبير، المفكر المغربي والمحلل السياسي والأستاذ الجامعي السابق، أن وجود «ترمب» على رأس الإدارة الأمريكية أو عدمه لا يغير في الأمر شيئاً، وأضاف: لكن يمكن أن نقول: إن طريقة التعامل مع القضية الفلسطينية قد تغيرت، باعتبار أن هناك إستراتيجية واضحة في البداية لدعم تأسيس الكيان الصهيوني وتوظيفه في حماية المصالح الأمريكية والذهاب إلى فرضه كأمر واقع، وذلك طبعاً عبر عدة مراحل.
ويبرز المتحدث ذاته أن الجديد هو خلق نوع من الفوضى التضليلية تجاه القضية، حتى إن الولايات المتحدة تريد منا ألا نحس بماذا تريد بالضبط، وهذا جزء من المخطط للقضاء على التفكير في حل القضية، وهو مقصود طبعاً، وأكد أن شخصية «ترمب» تلائم هذه الإستراتيجية التضليلية، وتساعد على توجيه الرأي العام، في حين يشتغل الأمريكيون بشكل حثيث في تنفيذ مخططاتهم.
من جهتها، تتابع مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين (جمعية حقوقية مغربية تضم مختلف الأطياف مهتمة بالقضية الفلسطينية) عن كثب مجمل التطورات التي تشهدها كل مناطق العالم، ومدى انعكاساتها على القضية الفلسطينية التي تعتبرها قضية مركزية، الأستاذ عبدالقادر العلمي، رئيس المجموعة، يرى في تصريح لـ»المجتمع» أن مواقف الولايات المتحدة لم تتغير عبر سنوات، فهي مواقف داعمة دائماً للكيان الصهيوني، وبسبب هذه المواقف يستمر تعنت الكيان الصهيوني في اغتصاب الأراضي الفلسطينية، بل إنه يتحدى حتى القرارات الدولية، لكن الجديد مع صعود «ترمب»، يضيف العلمي، هو أن هذه المواقف أصبحت على ما يبدو من خلال المؤشرات الظاهرة أكثر تطرفاً، وأكثر ميلاً وانحيازاً للكيان المحتل لأرض فلسطين، وذلك من خلال عدة تصريحات متتالية، بل إن «ترمب» نفسه هو بطبيعته اتخذ عدة إجراءات ذات طبيعة عنصرية ومناهضة للحرية ولعدد من الحقوق الأساسية للإنسان خاصة غير الأمريكي.
بدوره، يرى الباحث والأكاديمي المغربي إمحمد الهلالي أن موقف «ترمب» يجب ألا يكون مفاجئاً لأي أحد، ذلك أن مثل هذه الإعلانات أو التصريحات ذات الأبعاد الانتخابية لا يمكن إلا أن نقرأها ضمن القواعد التي أرساها «وعد بلفور»؛ وبالتالي فالأمر يتعلق بسياسة استعمارية واحدة منذ ذلك العهد إلى عهد تصريحات «ترمب»، وهذا يعطي درساً واحداً بالنسبة للمقاومة الفلسطينية؛ أن أمريكا ليست راعية محايدة في الصراع، وسياستها تسير في اتجاه بث الفوضى في المنطقة العربية والإسلامية تمهيداً لاتفاقية «سايكس بيكو» أخرى، تقسم المقسم وتجزئ المجزأ، في إطار كيانات جديدة لإبقاء السيطرة على جميع مقدرات شعوب المنطقة، ويبرز أن الاحتلال لا يمكن أن يستمر إلا في رعاية الاستبداد، لذا نجد الاتجاه إلى خلق نوع من الفوضى وافتعال أسباب الخلاف بين من يرون الكيان الصهيوني عدواً مشتركاً، بل حتى داخل الجسم الفلسطيني نفسه.
المخطط من البداية
يشرح بلكبير السياسة الأمريكية بصورة أوضح في المنطقة، مبرزاً أن المخطط كان في البداية تقسيم العراق ثم سورية وليبيا، ثم إشغال مصر بنفسها، ثم السعي إلى تدبير أمورهم بشكل تبدو تصرفاتهم ذات طبيعة شرعية من ناحية القانون الدولي وسيرورة السياسة الدولية، ولكنهم فشلوا في هذا فاضطروا إلى تنفيذ نفس السياسة ولكن بوسائل أخرى أكثر التواء وأكثر قناعاً، ذلك أن هناك تدبيراً للتغطية على الجرائم الصهيونية من أجل خلق حرب كبرى تصطدم فيها القوة التركية مع القوة الإيرانية على أساس مذهبي، لكن يبدو أن هذا الرهان فشل بسبب تعقل الدولتين بدرجة ما في عدم الاصطدام وممارسة الاختلاف بينهما دون أن يصل إلى درجة الاحتراب.
ونبه بلكبير إلى أن الأسلوب الجديد الذي تطرحه الولايات المتحدة الأمريكية هو تعميق التطبيع السياسي والدبلوماسي بين الكيان الصهيوني مع بعض الدول المرتبطة بشكل أو بآخر مع إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن ردود الفعل على المستوى الإقليمي، قال بلكبير: نجد مثلاً أن الأردن الذي يؤدي دور الترمومتر في المنطقة يحس أن هذا الاتجاه فيه مغامرة، ولذلك أعاد الارتباط بدولة مصر، وتشبث بمسألة الدولتين لشعبين (الشعب الفلسطيني موجود، في حين لا يوجد شيء اسمه الشعب اليهودي)، كما أن الأوروبيين ليسوا مع هذه الخطة التي تزيد من توغل السياسة الأمريكية في المنطقة، كما أنه بدأ التناقض بين سورية وروسيا من جهة، وبين إيران وروسيا من جهة ثانية، هذه الأخيرة التي ليس لها مشكل في الاعتراف بالكيان، ولكنها ضد التوغل الأمريكي حفاظاً على مصالحها في المنطقة.
أما حديث “ترمب” عن نقل سفارة دولته من تل أبيب إلى القدس فهو يهدف بها، حسب العلمي، إلى استفزاز الشعب الفلسطيني، والإمعان في دعم الكيان الصهيوني، ويرسل إشارات لمن يهمه من الدول العربية وغيرها من أجل الضغط والابتزاز، في حين يرى بلكبير أن هذه الخطوة ربما تُقْدم عليها أمريكا حين تحس أن كل الشروط متوافرة لاندلاع حرب إقليمية في المنطقة غير متوازنة وفي صالح الكيان الصهيوني.
وعن سياسة الاستيطان التي استفحلت مع صعود “ترمب”، أبرز العلمي أن الكيان الصهيوني يمارس سياسته الاستيطانية والاستعمارية دون اكتراث من أي جهة من الجهات، انطلاقاً من كونه يعرف أنه مدعوم من قبل قوى الطغيان الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
المستقبل للمقاومة
وأمام كل التطورات، فالمتحدثون إلى «المجتمع» يعتقدون أن المستقبل للمقاومة الفلسطينية من أجل استجلاء المستعمر، لذا فالأكاديمي إمحمد الهلالي يرى أن هذه المقاومة الآن بمواقفها الثابتة تعد ردعاً إن لم يكن مادياً اليوم فهو معنوي، وهذا وحده يمكن أن يبطل مفعول تصريحات «ترمب» وتخطيطاته في المنطقة.
كما كان آخر تجليات المقاومة هو ترسيخ حب القدس وفلسطين من خلال شعار “القدس في القلبذ”، وفي هذا الصدد أشار الهلالي إلى أن الحصانة الإستراتيجية المتبقية لدى فلسطين هي هذه المشاعر المغروسة في وجدان الأمة والشعوب العربية والإسلامية، وهذا الأمل المفتوح على أن غداً مشرقاً سيحل بفلسطين، وهو الحاضنة المعنوية والنفسية والاجتماعية لحالات المقاومة، ولا ننسى أن ما يجري هو محاولة للطمس والتغطية على أكبر عملية انتفاضة ثالثة تتم في عمق القدس، مرة بالسكاكين ومرة بالدهس، وهناك تعتيم إعلامي كبير، لكن مع ذلك ظلت المقاومة الفلسطينية صامدة وهذا هو طريق التحرير، علاوة إلى أن العامل الفني والعامل الثقافي وسيما أدب المقاومة هي الطريق الأمثل لترسيخ هذا الشعار في الوجدان وتوريثه عبر الأجيال، وحتى تبقى الأمة رافعة لشعار التحرير وانتهاء الاستيطان والاحتلال.
ويشدد العلمي على أن منظمة “اليونسكو” اعتبرت في قرارها الأخير أن المسجد الأقصى والمآثر والمعالم الإسلامية الأخرى في القدس هي تراث فلسطيني عربي إسلامي خالص، وبالتالي فهذا القرار يكشف الوجه عن الخرافات الصهيونية وأسباب الحفريات التي يقوم بها الكيان الصهيوني، وكلها لا أساس لها ولا ينبغي لها أن تستمر.
ويأمل العلمي أن تتوحد القوى الفلسطينية حيث لا خيار أمامهم إلا المقاومة، ولا يمكنهم أن يستعيدوا حقوقهم ووطنهم ويحرروا أرضهم إلا بمقاومة الاحتلال وهذه عبر التاريخ سُنة تاريخية؛ ذلك أنه لا يوجد احتلال غادر الأرض إلا بعد هزيمته من قبل أصحاب الأرض الشرعيين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
