العنوان أمة الإسراء متى تنهض؟
الكاتب د. توفيق الواعي
تاريخ النشر السبت 18-أغسطس-2007
مشاهدات 13
نشر في العدد 1765
نشر في الصفحة 39
السبت 18-أغسطس-2007
أمة الإسراء متى تنهض ؟
مهما تباعد الزمان تظل مشاهد الإسراء والمعراج حية في قلوب المسلمين، وتظل فلسطين لها مكانة خاصة في نفوسهم، تتعلق بها الأفئدة وتهفو إليها الأرواح وتخفق، ويحيي ذكرها دائمًا الكتاب والسنة المطهرة
هي أرض المسجد الأقصى المبارك، وأول قبلة للمسلمين، كما أنه ثالث المساجد مكانة ومنزلة في الإسلام ، بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويسن شد الرحال إليه، وزيارته والصلاة فيه بخمسمائة صلاة عما سواه من المساجد.
وكان المسلمون في مكة يصلون إلى بيت القدس، وبعد أن هاجر رسول الله ﷺ ظل يصلي نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا. ولا يزال له مكانة خاصة في الإسلام، اكتسبها لعدة أسباب منها:
1-أنه من أوائل المساجد التي وضعها الله للناس في الأرض للعبادة. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله ﷺ عن أول مسجد وضع في الأرض ، قال المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد لأقصى..
وعن ميمونة مولاة النبي ﷺ أنها قالت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، فقال: ائتوه فصلوا فيه، فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله...
٢- أنه ارتبط بالعبادة عند المسلمين ولا سيما الحج والعمرة. عن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة.. ثم قال: يرحم الله وكيعا أحرم من بيت المقدس، يعني إلى مكة، ( رواه البيهقي وابن حبان في صحيحه) ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه.. قال: فركبت أم حكيم إلى بيت المقدس حتى أهلت منه بعمرة.
٣. ومنها أنها هي الأرض المباركة بنص القرآن الكريم ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (السورة الإسراء: ١)، وقوله: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ (السورة: الأنبياء: ٧١) قال ابن كثير بلاد الشام، وقال تعالى ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً﴾ (السورة: سبأ ۱۸) ، قال ابن عباس القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس... والبركة هنا حسية ومعنوية لما فيها من ثمار وخيرات ولما خصت به من مكانة ولكونها مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار.
٤. وهي أرض مقدسة بنص القرآن الكريم قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ﴾ (السورة المائدة: ۲۱)، قال الزجاج المقدسة الطاهرة، وقيل سماها المقدسة ، لأنها طهرت من الشرك وجعلت مسكناً للأنبياء.
٥. كما أن فلسطين أرض الأنبياء ومبعثهم عليهم السلام. فعلى أرضها عاش إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ويوسف، ولوط و داود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، كما زارها محمد ﷺ كما عاش على أرضها الكثير من أنبياء بني إسرائيل الذين كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي جاءهم نبي
٦. كما أنها أرض الإسلام، وأرض إسراء و معراج الرسول ﷺ فشرف الله بذلك المسجد الأقصى وأرض فلسطين، تشريفًا عظيماً وجعل بيت المقدس بذلك بوابة الأرض إلى السماء وهناك في المسجد الأقصى جمع الله سبحانه لرسوله الأنبياء من قبله فأمهم في الصلاة، دلالة على استمرار رسالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء وعلى انتقال الإمامة والريادة وأعباء الرسالة إلى الأمة الإسلامية، كما أنها أرض المحشر، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي ﷺ قالت يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس، فقال: أرض المحشر والمنشر. وهي عقر دار الإسلام وقت اشتداد المحن والفتن، فعن سلمة بن نفيل قال: قال رسول الله.. عقر دار الإسلام بالشام ولهذا فكل ما في فلسطين باعث للأمة الإسلامية ومحفز لها، حيث تناديها مقدساتها وأمجادها، كلما ضعفت أن تهب وتنهض وتمسك بعجلة القيادة من جديد
أسلافنا في كل ملحمة لهم تاریخ مجد بالمداد مسجل
لسنا بأمجاد الأوائل نكتفي ولكن كما فعل الأوائل نفعل
عن ثالث الحرمين ندفع عصبة دخلت كالميكروب إذ يتسلل
وعروقنا تغلي بهن دماؤنا فكأنما في كل عرق مرجل
إن هذا التراث الضخم من الدوافع ومن الارتباطات والروابط والوشائج يدفع الأمة في أي عصر إلى مصارعة المعتدين والمحتلين، كما يدفعها إلى إرضاء ربها والقيام بحماية مقدساتها ، وتظل الأمة في كرب وحسرة حتى تدفع الشر عن نفسها.
إن الأمة التي يؤججها مجدها وقرآنها ورسولها يستحيل أن تفقد رجولتها وتستنيم للذل والهوان وتاريخها شاهد على ذلك يتحدث ويسمع، وتتربى عليه الأجيال، فقد ناداها قطز فأجابت وانتصرت وهزمت العدو وأيقظها صلاح الدين فهبت وتعملقت وغلبت وعزت. وهي اليوم في انتظار عباد الله ورجال شريعته لتسود وترود من جديد، وهؤلاء هم من عناهم الله بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا﴾ (السورة الإسراء: ٥) ، وما أظن إلا أنهم قادمون ، إن شاء الله نسأله سبحانه أن يوفق ويعين آمين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
د. حسن خاطر: الصهاينــة يواصلــون تغييــر المشهــد الإسلامــــــي والحضــــاري لـ«الأقصــــى»
نشر في العدد 2182
26
الثلاثاء 01-أغسطس-2023