العنوان أيام في «قازان» (5) ... تترستان مركز علمي مهم في تاريخ الإسلام
الكاتب محمد موسي الشريف
تاريخ النشر السبت 03-يناير-2009
مشاهدات 18
نشر في العدد 1833
نشر في الصفحة 39
السبت 03-يناير-2009
في القرن الثامن عشر ترجمت معاني القرآن إلى اللغة التترية لأول مرة بعد امتناع طويل
مدير الجامعة الإسلامية الروسية: الإسلام خيار التتار وروحهم وثقافة حياتهم
اتفقت مع مدير الجامعة الإسلامية الروسية على زيارة أخرى لمناقشة ترجمة التراث القازاني
اللغات تقوى وتضعف بحسب أحوال أهلها من القوة والضعف في المجالات المختلفة
تحدثت في العدد الماضي عن مؤتمر «علماء التتار في تاريخ الحضارة الإسلامية» في قازان وتناولت الكلمات التي ألقيت في جلسة الافتتاح الأولى، والتي رفعت ثم دعي الحاضرون لجلسة شاي، ثم ابتدأت جلسات المؤتمر، وألقى «د. رافق محمد شين» المحاضرة الأساسية: «تتارستان مركز علمي مهم في تاريخ الإسلام» وهو مدير الجامعة الإسلامية الروسية التي تحدثت عن زيارتها في حلقة ماضية.
وقد تحدث عن المؤتمر الذي أقامته «الإيسيسكو» في «موسكو» هذا العام، ولم أدر بإقامة هذا المؤتمر، ولا أعرف عنه شيئًا للأسف، وهذا دال على تقصير «الإيسيسكو» في الاتصال بالمثقفين في العالم الإسلامي المهتمين بمثل هذه المؤتمرات.
جوانب تاريخية
ثم أكد -جزاه الله خيرًا- أن الإسلام هو كل شيء بالنسبة للتتار، وهو روحهم وثقافتهم وخيارهم الذي اختاروه ماضيًا، ويختارونه الآن وليس له أي بديل، وهذا كلام رائع من الدكتور الموفق في حديثه هذا، ومهم في هذا المقام، ثم عرّج على بعض الجوانب التاريخية لتترستان، وطلب من الباحثين من الدول المختلفة المشاركة في المؤتمر مساعدة التتريين على ترسيخ الإسلام واللغة العربية، وذكر أن الإسلام اليوم ينتشر بسرعة في حوض الفولجا وسيبقى إلى الأبد، وهو الآن شكل للحياة وشكل للوجود، وبيّن أن الباحث في تاريخ المنطقة يجب أن يُعنى بالمخطوطات الموجودة في الدول العربية و«تركيا» لأن كثيرًا من تراث التتار دُمر في الداخل، ولعل هذا المؤتمر يفتح أبوابًا لمساعدة الإخوة من الدول العربية للتتار، وذكر أنه قد وجد التتريون في «إيران» مخطوطة «الترياق» في الطب لأحد علماء التتار، وأهديت للتتار لما زار رئيس جمهورية التتار «إيران»، ثم ذكر ما صنعه الروس في التتار لما احتلوا بلادهم وأن الإسلام هو الذي حافظ على قومية التتار في ظل عدم وجود حكومة ولا مدارس ولا مساجد، وأنه لولا هذا الدين العظيم لما استطاع التتار الحفاظ على البقاء والمقاومة، والتاريخ في تلك الحقبة غامض، وروسيا لم تكن تعلم ماذا ستفعل بالمسلمين، وبطرس الأول» عند الروس مصلح؛ لكنه عند التتار معتدٍ، وقد فتح النوافذ على أوروبا وأغلقها على التتار.
الاعتراف بالإسلام
وتحدث «د. شين» عن تسامح «كاترين الثانية» مع التتار، والاعتراف بالإسلام دينًا في «موسكو»، ولم يكن الإسلام ينظر إليه على أنه دين قبل ذلك؛ و«كاترين» استطاعت أن تدير المسلمين بيد المسلمين أنفسهم، فظهرت المراسيم التي أذنت ببناء بعض المساجد كـ «المسجد المرجاني»، وكان ذلك متنفسًّا للمسلمين، والتتار بدؤوا يدركون أن وجود الإمبراطورة فرصة عظيمة لهم ففتحوا المدارس العديدة، والمكتبات في المساجد، وكان ذلك حجر الأساس في الحفاظ على الدين الإسلامي والارتقاء بمؤسساته بعد ذلك عن طريق تعليم الأطفال، ثم إرسالهم بعد ذلك إلى آسية الوسطى لتلقي التعليم الإسلامي العالي، والاطلاع على ما هو موجود في المكتبات هناك مما ليس عندهم، ثم في القرن التاسع عشر أراد التتار الذين كانوا يعيشون في الأرياف آنذاك، وليس في المدن التي هجرهم منها الروس، أرادوا أن يجددوا في وسائل التعليم، وظهر فريق يريد المحافظة على القديم، وفريق آخر يريد التجديد في وسائل التعليم حتى لا يصبح المسلمون فقط أئمة مساجد؛ بل يجب أن يكونوا مهندسين وحقوقيين أيضًا فتوجه فريق من المسلمين إلى المدارس العامة، وإلى الجامعة في «قازان» التي كانت تدرس العلم الحديث بجوار الدين النصراني الأرثوذكسي فخاف الآباء من إرسال أبنائهم فيفسد دينهم، حتى أنه لم يتخرج في مائة سنة في هذه الجامعة إلا مائة تتري فقط.
فظهرت الحاجة إلى بناء مدارس جديدة إسلامية فبنيت «المدرسة المحمدية» التي سدت فراغًا كبيرًا آنذاك، ثم تحدث عن «شهاب الدين المرجاني» الفقيه والمؤرخ التتري الأول، وذكر بأن «المرجاني» بدأ بالإصلاح عن طريق كتابة تاريخ التتار الوطني للحفاظ على قومية التتار، وأنهم مسلمون، ثم عرج على ذكر بعض علماء التتار ونتاجهم العلمي والثقافي.
أول ترجمة
ثم ذكر أنه في القرن الثامن عشر ترجمت معاني القرآن إلى اللغة التترية لأول مرة عن طريق كتابة تفسير القرآن، بعد امتناع طويل من قبل العلماء، وهذه قضية معروفة ثارت في المشرق في «تركيا»، و «مصر» خاصة في أيام الهالك «مصطفى كمال»، وقد منع كثير من العلماء ترجمة القرآن؛ والسبب الأول هو خوفهم من قراءة الترجمة في الصلاة كما أراد «مصطفى كمال»، ومن أسباب المنع عدم التفرقة بين ترجمة القرآن نفسه - وهو أمر مستحيل - وترجمة معاني القرآن، وهو سائغ وأمر سهل وهو أشبه بترجمة التفسير، ثم استقر المسلمون بعد ذلك على جواز الترجمة، وأن المقصود بها هو ترجمة المعاني لا غير.
وقال: لقد أقيمت مدرستان إسلاميتان في «بطرسبرج»، و«موسكو» في القرن التاسع عشر لكن مدرسة «بطرسبرج» كانت تقليدية، ولم يستفد منها المسلمون كما ينبغي، ومدرسة «موسكو» كانت لأغراض سياسية محضة ترمي إلى فهم وزارة الخارجية الروسية لطرائق التعامل مع المسلمين في «روسيا» وخارجها.
ثم ختم محاضرته بذكر الزيارة التي زرتها للجامعة الإسلامية التي هو مديرها، والمشروع الذي عرضته على الجامعة بترجمة التراث القازاني عامة، وتاريخ رجاله خاصة؛ حتى يستطيع المسلمون التتار وغيرهم الاستفادة من هؤلاء الرجال العظماء، ودعاني لزيارة الجامعة مرة أخرى حتى نناقش هذا الأمر ونرى كيف يمكن إتمامه، وهذا ما سأقوم به إن شاء الله تعالى.
الجلسة الأولى
ثم ابتدأت الجلسة الأولى بعنوان: «تتارستان موطنًا للعلوم الإسلامية» وأدارتها الدكتورة «ماجدة مخلوف» من «مصر»، وهي رئيسة قسم اللغات الشرقية وآدابها بكلية الآداب بـ «جامعة عين شمس» المصرية.
وبدأ الدكتور «أحمد طوران أرسلان» الأستاذ التركي بجامعة «مرمرة» بإلقاء بحثه بعنوان «الكلمات العربية في لغة التتار» وابتدأ الحديث بالقول: إن كل لغة تتأثر بلغة أخرى، وضرب مثلًا على ذلك باللغة التركية التي دخلتها كلمات عربية وإنجليزية وفرنسية وفارسية... إلخ، وذكر أن بعض مفردات اللغة العربية دخلت في التركية والألمانية، والإنجليزية، والإيطالية، أما اللغة الإنجليزية ففيها ۱۲۰ ألف كلمة وفيها مفردات لاتينية و جرمانية كثيرة جدًا، والإنجليز يفخرون بهذا، وبيّن أنه رُبّ كلمات تنتقل من لغة لأخرى؛ لكن تختلف دلالاتها في اللغة المنتقلة إليها، فتعبر عن معنى لم يكن مستعملًا من قبل؛ فلذلك لا يوجد هذا المعنى الجديد في المعاجم القديمة.
وذكر أن اللغات تقوى وتضعف بحسب أحوال أهلها من القوة والضعف في المجالات المختلفة، وأن أسباب انتقال المفردات من لغة لأخرى تختلف من سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، ثم ضرب أمثلة للكلمات العربية المستخدمة في اللغة القازانية التترية وفي التركية أيضًا، فمن ذلك:
الله أكبر، أول، آخر، إيمان، إسلام، إذن إقرار، إثبات، السلام عليكم، إنصاف، إيجاد، قبول، آخرة، أمر، أحوال، اعتبار، اختيار، اجتهاد، أسباب، أمانة، أجل، أكثر، إبليس، أمير، علم، إشارة، إسراف، إفراط، إصلاح، إخلاص، إحسان، أحكم، أولياء، أنبياء، اقتدار، اشتهاء، احتمال، استهزاء، استغفار، الجبر، والمقابلة، أمان.
بلی، بلاد، باطن، باب، باقي، بناء، بركة، بلاغة، بلبل، بهتان، بسم الله.
توبة، تشاؤم، توقّف، توثيق توصيف، تمكّن، تعريف، تسبيح، توحيد، تابوت، تشريف، تقدير، تكبر، تفسير.
ثبات، ثيب، ثابت، ثناء.
جمعة، جماعة، جماد، جهاز، جواب، جهنم، جنة، جنازة، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، جوهر.
حرام، حرمة، حساب، حور عين، حضرة، حضور، حسد، حافظ حمية، حسرة، حج، حكمة، حقارة، حكيم.
خير، خراب، خاطب، خطبة، خوف، خليفة، خلائق، خزينة، خمر، ختم، خيال، خادم.
دولة، دنيا، درس، دین، دعاء، دليل، دلالة، ديانة، دراهم.
ذم، ذوق، ذكر، ذخيرة، ذو القرنين، زاهد، زمان، زينة، زنار، زهرة.
سرطان، سنبلة، سبحان الله.
شعر، شافي، شاعر، شوكة، شمايل، شهادة، شهيد، شرع.
صبي، صبر، صندوق، صابون، صناعة، صفر، صوفي، صلوات، صدقة، صحابة، صريح.
ضرر، ضد، ضايع، ضعيف، ضيافة، ضمير، ضرورة.
طوبى، طمع، طالب، طبيب، طاقة، طعام.
ظلام، ظن، ظفر.
عزة عود، عنبر، عار.
غفور غفار، غوث غدر.
فيل، فضل، فكر، فتنة، فقير، فرض، فرائض، فرعون.
قول، قدرة، قربان، قطار، قيل، وقال، قهر، قوة.
كلام، كافر، كفاية، كافٍ.
لحد، لذة، لذيذ.
منافق، مناسب، موافق، مبارك، معراج.
نهاية، نعم، نقم.
وقت، وصية، وكالة، وزن، وفاء.
هداية، هبة، هباء، منثورًا، هجاء.
ياقوت، ياسمين، يهود، يهودي، يسير.
وهو بحث لطيف عقبت عليه الدكتورة «ماجدة» بأنه دليل على اتصال الشعوب التركية بعضها ببعض.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالقيم العلمية والأخلاقية في الحضارة الإسلامية.. الدين والحياة وجهان لعملة واحدة
نشر في العدد 1811
42
السبت 19-يوليو-2008
معالم الإصلاح والتجديد في تجربة نور الدين زنكي (2) بناء دولة العقيدة على أصول أهل السُّنة
نشر في العدد 2180
38
الخميس 01-يونيو-2023