; إرساليات التبشير كتائب متقدمة للزحف الاستعماري | مجلة المجتمع

العنوان إرساليات التبشير كتائب متقدمة للزحف الاستعماري

الكاتب فتى الخليج

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أبريل-1971

مشاهدات 65

نشر في العدد 55

نشر في الصفحة 15

الثلاثاء 13-أبريل-1971

تصاعد ملحوظ يحدث هذه الأيام لمشكلة جنوب السودان هذا التصاعد له عدة أوجه من حيث حجم المشكلة ومن حيث الاهتمام الدولي والإعلامي بها.

ولا شك كما بينت الصحف الغربية أن هناك مظلة سياسية دولية تحمي التمرد العسكري في جنوب السودان وتتبنى تدعيمه وتصعيده وتدفع بمنظمة الانيانيا إلى الأمام، والوضع الحالي في جنوب السودان ليس ولید يوم أو أیام بل ثمرة عمل تآمري خسيس ضد التراب السوداني رعته بريطانيا وتعهدت به يوم كان لها وجود في السودان، فبريطانيا هي التي اقتنعت يومذاك بوجهة نظر الإرساليات التبشيرية المسيحية بوجوب عزل الثلاثة أقاليم في جنوب السودان عن الشمال السوداني، وذلك عن طریق فرض قوانين المناطق المقفلة.

وفعلًا استجابت السلطة السياسية البريطانية يوم كان على رأسها غوردون لتطبيق هذه القوانين واعتبار الأقاليم الجنوبية مناطق مقفلة بالنسبة للعربي المسلم الوافد من شمال السودان، وفي ظل هذه الرعاية السياسية مضت الإرساليات التبشيرية التآمرية بالعناية بمسائل الحقد التي زرعتها فوق أرض جنوب السودان، والتي ليست منظمة الانيانيا التمردية إلا ثمرة من ثمراتها، وليس هنا مجال البحث في تاريـخ وأسباب هذه المشكلة التي يواجهها السودان اليوم، وليس من شأني أن أضع أو أبحث في طرق الحل، فكل ما أرجوه هو أن يوفق شعـب السودان لسحق أي تآمر على وحدة ترابه وأرضه وشعبه.

غير أن اهتمامي ينصب على الدور الأساسي الذي قامت به الإرساليات التبشيرية المسيحية، والذي تسبب في تصعید وتأزيم المشكلة مما دعا السودان قبیل أکتوبر٦٤م بترحيل عدد كبير من كهنوت وقساوسة الكنيسة؛ نظرًا لتآمرهم الواضح في خلق الفتنة الخسيسة داخل السودان الحبيب.

وإذا كانت الطائرات قد حملتهم إلى مطار روما، فقد تحولوا لطائرات أخرى في روما لتحملهم إلى القرى الشمالية من أراضي يوغندا المتاخمة لجنوب السودان، وذلك ليكملوا دورهم التآمري ضد السودان.

واستمر عدد كبير من هؤلاء القساوسة بمزاولة النشاط الحركي التنظيمي الذي يهدف لتغذية ودعم التمرد العسكري في جنوب السودان حتى دخلت في الحلبة إسرائيل وبدأت طائراتها عمليات الإسقاط الجوي فوق القرى الشمالية في يوغندا مزودة منظمة الانيانيا التمردية بالأغذية والألبسة وقطع السلاح، وأخيرًا بالخبراء والمستشارين ونجح القساوسة وكهنوت الكنيسة والعاملين في أوساط الإرساليات التبشيرية في تصعيد المشكلة، والتي لم يكن من المتوقع أن يكون لهم دور أساسي في توجيه عملها العسكري والسياسي.

ومشكلة جنوب السودان لا يجب أن تمر علينا إلا وقد أعطيناها القسط اللائق بها من التفكير والتقييم وسبر مدلولاتها السياسية والاجتماعية، وينبغي ألا ننسى أن الإرساليات التبشيرية هذه تمارس نشاطًا في كل قطـر عربي وتحاول أن تخلق عبـر مناهج مدارسها في عقلية النشء العربي قوانين مناطق مقفلة أخرى عن طريقها تسبب الانشقاق في بنية الأجيال التي تخرجها، ومن ثم تتسبب في صـدع کیاننا السياسي والمجتمعي. والحقيقة التي ينبغي أن يدركها المسئولون في العالم العربي أن الإرساليات التبشيرية حينما تشيد المدارس والمستشفيات في بلادنا فإنها لا تفعل ذلك استجابة للاحتياجات المحلية، فالحكومات العربية قادرة ولا شك على فعل ذلك، ولها من الإمكانيات ما يؤهلها لتحقيق ذلك، غير أن تلك الإرساليات التبشيرية المنتشرة لها أهداف أخرى لا تتحقق إلا بصنع وتربية شريحة شبابية تشكل أداتها في المستقبل لعملها السياسي البعيد المدى وهذا ما أثبتته تجربة جنوب السودان، فطلبة المدارس التبشيرية الجنوبيين الذين ربتهم ورعتهم الإرساليات هم اليوم يشكلون المادة البشرية في كوادر منظمة الانيانيا التمردية في عملها العسكري.

إن تجربة جنوب السودان تدعونا للتوقف ودراسة الأهمية السياسية للزحف التبشيري على الأقطارالعربية، وإنه من الضروري أن تتنبه الحكومات العربية لدور وعمل تلك الإرساليات، ويجب أن تحاول تقليم نفوذها بالتدريج والعمل على تصفيتها بهدوء باعتبارها جيوبًا استعمارية جديدة تدخل إلى المنطقة من أبوابها الخلفية.

إما أن تفعل الحكومات العربية ذلك، وإلا فاليوم ليـس ببعيد حينما تجد نفسها تواجه مشكلة في أقطارها بنفس طبيعة وحجم ومنشأ مشكلة جنوب السودان.

فتى الخليج

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 4

137

الثلاثاء 07-أبريل-1970

قضَايا ومشكلات..

نشر في العدد 8

169

الثلاثاء 05-مايو-1970

حول العالم - العدد 8