العنوان إسرائيل والقنبلة الذرية
الكاتب إبراهيم أبو خليل
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يوليو-1970
مشاهدات 15
نشر في العدد 20
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 28-يوليو-1970
إسرائيل والقنبلة الذرية
عالم من علماء الذرة يتحدث إلى المجتمع
هل تستطيع إسرائيل أن تصنع القنبلة الذرية
وإذا نجحت في ذلك.. فهل سيكون في ذلك خطورة على سلامة الوطن العربي؟!
تحقيق: إبراهيم أبو خليل
دراسة علمية رصينة لاحتمالات.
استخدام إسرائيل للقنبلة النووية.
هل تستخدم في القنال؟ هل تستخدم في الأردن؟
هل يمكن استخدامها بصفة عامة.. أین؟
لماذا يروِّج أنصار التسوية السلمية والاستسلام للحملة الذرية، ولماذا استجابت معظم الصحف العربية «للوهم الذري الإسرائيلي» بالخطوط العريضة؟
هل تستطيع إِسرائيل استعمال السلاح الذري في حربها مع العرب؟
الأسلحة الذرية قنابل نووية وهيدروجونية، هذه الأسلحة الفتاكة التي نسمع عنها بين الحين والآخر وتهديدات كبيرة في استعمالها وأسئلة كثيرة حول امتلاك إسرائيل لهذا النوع من الأسلحة، وتهديدات إسرائيل حول استعمالها للذرة على نطاقات محدودة، وكلام كثير محاولة للتخويف وعرض العضلات وإظهار القوة، هذه الأمور لا بُد وأن نقف على حقيقتها لأنها تمسنا مباشرةً وتدور في عالمنا وبشكل استعراضي ضخم في غمرة هذه التساؤلات كان قد زارنا عالم من علماء الذرة وهو الدكتور حسين الشهرستاني الحاصل على شهادة الدكتوراة في الهندسة النووية من جامعة تورنتو بكندا والدكتور الشهرستاني من الجمهورية العراقية الشقيقة وخلال زيارته هذه كان للمجتمع لقاء معه اتسم بالصراحة الموضوعية والحقائق الواضحة.
ما هي الأسلحة الذرية؟
في بداية حديثنا مع الدكتور حسين الشهرستاني أعطانا فكرة واضحة ومبسطة عن الأسلحة النووية فقال: بالنسبة للتأثير الذي تُحدثه القنابل بشتى أشكالها وأنواعها يُمكن تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول تأثيرها الحراري، أي القوة الاحتراقية التي تولدها هذه القنابل، وعادة تُسمى بالقنابل المحرقة وهي القنابل التي يكون لفاعليتها إنتاج كمية كبيرة من الحرارة وتسبب اشتعال واحتراق المنطقة المنسوفة، مثل قنابل النابالم والقنابل الفسفورية.
القسم الثاني، القنابل التي تتسبب في إيجاد ضغوط عالية جدًا فتهدم المنطقة المضروبة نتيجة للزيادة المفاجئة في الضغط؛ فيتسبب عن هذا الضغط تدمير المنشآت وتطاير شظايا يمكنها أن تُصيب وتقتل، وهذا النوع من القنابل هو أكثر الأنواع المستعملة في الحروب مثل قنابل تنت وغيرها.
فأهمية السلاح الذي يظهر من خلال هاتين الزاويتين، أولهما أن باستطاعتها أن تنتج كمية هائلة من الطاقة الحرارية كافية لحرق مناطق شاسعة. وثانيهما، تُسبب ازديادًا كبيرًا في الضغط، أي أن السلاح الذري يجمع خاصية القنابل المحرقة والقنابل المُنتجة للضغط ويتميز السلاح الذري عن بقية القنابل الأخرى من ناحية تلويث المنطقة بالمواد المُشعّة بعد الانتهاء من الانفجار وتجعل المنطقة غير صالحة سواء للإنسان أو الحيوان أو النبات لفترات مختلفة باختلاف نوع القنبلة المستعملة.
(وبجميع الألوان، كتبت وتكتب الصحف على اختلافها حول امتلاك إسرائيل أسلحة نووية، والقصد من ذلك واضح للعيان، فهي حملة تخويف تشنها الصهيونية العالمية بجميع وسائلها لتبرير ما يجري في منطقتنا من جري لاهث وراء الحلول الاستسلامية.
ولعل تحقيقنا هذا الذي ننشره في هذا العدد مع أحد علمائنا في الذرة يضع الحقائق واضحة أمام أمتنا المسـلمة لتوضيح الحقيقة أمامهم، ويكون ردًا على كل هذه الدعاية والهالة الضخمة التي قصد بها تخويف منطقتنا وإدخال الروع في صدور أبنائها.
ولقد قادت هذه الحملة المخابرات المركزية الأمريكية وذلك في النشرة التي طالعتنا بها صحيفة «نيويورك تايمز» والتي تضمّنت معلومات وتكهنات حول إمكانية امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية، حيث قالت الصحيفة إن ذلك جاء ضمن التقرير الذي قدّمه مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في جلسة سرية عقدتها لجنـة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في الأسبوع الماضي، ويدور محور هذا التقرير وباختصار أن إسرائيل تستطيع امتلاك وتجميع قنبلة ذرية وهناك قلق شديد حول هذا الموضوع.
ثم يأتي بعد ذلك التكذيب من إذاعة العدو الصهيوني بأن إسرائيل لا تمتلك قنبلة نووية ولا تُفكّر في صنعها.
وأخيرًا نقول لماذا كل ذلك وخاصةً في مثل هذه الأيام، ولماذا هذا الأخذ والرد بين المخابرات الأمريكية المعروفة بمطيتها لليهود وإذاعة اليهود.
ولماذا هذا التواضع من العصابات الصهيونية؟ نقول ذلك ونحن نعلم ألاعيب الأفاعي الملتوية).
أنواع الأسلحة
§ وحول أنواع الأسلحة الذرية وتسمياتها قال:
§ في الواقع إن تسمية هذا النوع من القنابل بالقنابل الذرية خطأ، والاصطلاح الحديث هو القنابل النووية وذلك لأن تأثير القنبلة هو ناتج عن تغليق نواة الذرة الثقيلة مثل ذرات اليورانيوم والبروتونيوم الموجودين في نفس تكوين القنبلة، ونتيجة لهذا الانفجار تتولد طاقة حرارية عالية جدًا، وكمثال نقول إن إحداث تغليق الذرات الموجودة في جرام واحد من هذه العناصر ينتج طاقة حرارية تساوي الطاقة الحرارية المتولدة من احتراق آلاف الأطنان من الفحم أو النفط.
وهناك نوع آخر من القنابل وهي ما تُسمى بالقنابل الهيدروجونية، وهذه القنابل على نقيض من القنابل النووية حيث إن الطاقة الحرارية الهائلة تتولّد نتيجة لاندماج نواة ذرات نظائر الهيدروجين (ديتوريوم - D) و(الترينيوم T-) ويعتبر تأثير القنـابل الهيدروجونية أكبر من النووية وفعاليتها أكثر.
§ الأسلحة النووية والإمكانيات المطلوبة والمواد اللازمة لإنتاجها كان تكملة لحديثه لإعطاء فكرة واضحة عن هذا الموضوع حيث قال:
§ المادة الرئيسية المستعملة الآن في القنابل النووية هي البلوتونيوم PU وهذه المادة غير موجودة في الطبيعة ولكنها تتولد نتيجة لاحتراق الوقود الذي في المفاعلات الذرية حيث تتحول بعض نظائر اليورانيوم U إلى بلوتونيوم، واليورانيوم موجود في الطبيعة.
أما بالنسبة للإمكانيات الفنية المطلوبة فهي:
أولًا: وجود مفاعل ذري بحجم مناسب يتولى تحويل اليورانيوم إلى بلوتونيوم.
ثانيًا: وجود معامل كيميائية لفصل وتنقية البلوتونيوم من المواد الأخرى في الوقود الذري والمفاعلات الذرية فإنها نسبيًا متوفرة وتُباع الآن بشكل تجاري في بعض البلاد الغربية ويمكن لأكثر البلدان امتلاكها وتشغيلها، ورأس المال المطلوب طبعًا يعتمد على نوعية وحجم المفاعل ولكنها في حدود الخمسين مليون دينار.
أما بالنسبة لعملية فصل البلوتونيوم عن بقية المواد المُشعّة من الوقود الذري المشتعل داخل المفاعل فتحتاج لمعامل كيميائية معقدة نسبيًا والكفاءات العاملة المطلوبة تندر في أكثر البلاد النامية.
أما حساب الكتلة الحرجة وكميات البلوتونيوم المطلوبة اللازمة لصنع قنبلة فهي ليست صعبة للدرجة التي يتصورها الكثير من الناس، وعادةً تجرى تجارب نووية للتأكد من إتقان تركيب القنبلة ودقة الحسابات، والفترة الزمنية اللازمة لصنع القنابل الذرية فإنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإمكانيات الموجودة لإنتاج البلوتونيوم، أي حجم المفاعلات الذرية، فكلما كان بالإمكان إنتاج كميات أكبر من البلوتونيوم كلما استطاع الإنسان أن يجمع الكمية المطلوبة للكتلة الحرجة، وذلك إذا توفرت الإمكانيات الأخرى، ولإعطاء فكرة عامة عن الكمية المطلوبة من البلوتونيوم فإن ۱۰ كيلو جرامات تكفي لإنتاج قنبلة فعالة وهذه الكمية يمكن إنتاجها سنويًا في المفاعلات المتوسطة الحجم (۱۰۰ مليون ك - ط).
هل نستطيع إنتاج قنابل ذرية؟
§ وتكملة لحديثه عن إمكانية إنتاج القنابل الذرية حدثنا عن مدى إمكانية بلادنا العربية وعدوتنا إسرائيل لإنتاج مثل هذه الأسلحة فقال:
§ إسرائيل تمتلك منذ سنوات مفاعل ديمونة الذري والذي نُقدّر كميته بحوالي (24 مليون ك - ط) وهناك أكثر من تقرير يقول بأن إسرائيل تمتلك الآن معامل البلوتونيوم من الوقود الذري المُشتعل فإن صحَّت هذه التقارير فيبدو أن بإمكان إسرائیل إنتاج حوالي خمسة كيلوجرامات من البلوتونيوم سنويًا، وهذا يضعها في تعداد الدول القادرة على إنتاج الأسلحة النووية الصغيرة ويبدو أنها تمتلك الكفاءات العلمية وهناك تعاون وثيق بين أكثر من مؤسسة ذرية فلا يوجد للآن فيها أي مفاعل ذري ينتج البلوتونيوم بشكل معقول ولا توجد فيها معامل لاستخراجه، أما الكفاءات العلمية العربية فلا بأس بها إن وفَّرت لها الإمكانيات وظروف العمل ولكنها غالبًا لا تجد الفرصة للمساهمة في هذا المجال في بلادها وتضطر أن تُكمل بحوثها في الجامعات والمؤسّسات الغربية، وهناك الآن مئات العرب المتخصصون في العلوم الذرية والذين يعيشون في الخارج، وعليه فإمكانية صنع الأسلحة النووية في الظروف الحاضرة في البلاد العربية ضعيف جدًا.
إمكانية حروب الذرة في منطقتنا
من خلال حديثه السابق علمنا أن إسرائيل يمكنها امتلاك السلاح النووي ولكن هل يمكن لإسرائيل أن تستفيد من هذا السلاح في حربها معنا؟ حول هذا الموضوع حدثنا بقوله:
§ مما لا يخفى أن الأبعاد الجغرافية في منطقة الصراع بيننا وبين اليهود قصيرة وأن استعمال سلاح ذري في هذه المنطقة سيؤثر تأثيرًا مباشرًا على جميع الأطراف في منطقة الصراع، الوضع يختلف في الشرق الأوسط عما كان عليه حين استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتها النووية في اليابان حيث كانت اليابان منطقة معزولة وبعيدة كل البُعد عن أمريكا وبذلك كانت تصلح في نظر الأمريكان لاستعمال سلاحهم الجديد آنذاك.
أما بالنسبة للوضع في منطقتنا فالوضع مغاير تمامًا ولهذا يبدو أنه من المستبعد أن تستعمل إسرائیل سلاحًا ذريًا في حرب متكافئة مع العرب وحتى في حالة خسارتها خسارة ممكن تحملها، وهناك احتمال وحيد قد تلجأ إسرائيل لاستعمال السلاح الذري إن وجد عندها وذلك في حالة اقتناعها بأنها مُبادة إبادة تامة، وعندها لا تفكر إلا بالانتقام من العرب وتكبيدهم أكبر خسارة ممكنة وذلك يبدو مستبعدًا جدًا لأنه من غير الممكن بأن يببد اليهود أنفسهم إبادة تامة لأن طبيعتهم الحريصة على حياة أي حيـاة مهما كانت ذليلة فهي على استعداد أن يعيشوها حتى إذا قويت شوكتهم بدأوا بالفتن من جديد وتاريخهم الطويل ينبئنا بذلك.
وهناك نقطة أخرى وهي التزام العرب حرب التحرير الشعبية «حرب الفدائيين» كأسلوب لتحرير الأراضي المقدسة فإن هذا سيُضيّـع الفرصة نهائيًا على إسرائيل من استعمالها أي سلاح ذري لأن عندها تكون حرب داخل المنطقة المحتلة والالتحام المباشر بين العرب واليهود وليس من الممكن تحديد فئة معينة داخل الأرض المحتلة وخبرتها بالسلاح الذري.
• وحول تهديدات إسرائيل باستخدام الذرة على نطاق محدود فحدثنا الدكتور حسين موضحًا لنا ذلك بقوله:
•• لا يمكن صنع القنابل النووية والهيدروجونية بحجوم صغيرة جدًا حيث إن هناك حدًا أدنى للكتلة الحرجة المطلوبة للتفجير النووي وبدونها لا يُمكن أن تنفجر القنبلة.
وعليه فإن القنابل النووية تعتبر قنابل كبيرة وتأثيرها يشمل مناطق واسعة مهما صغرت.
ولكن يُمكن استعمال الأسلحة الذرية بغير القنابل وفي نطاق محدود، فمثلًا يُمكن تلويث مناطق محدودة بالمواد المشعّة والتي لا يُمكن معها استمرار الأحياء من إنسان وحيوان ونبات بشكل طبيعي، ويمكن أن تستعمل القنبلة النووية بالذات لضرب مناطق بعيدة عن نقطة الصراع في فلسطين، ولكن تأثيرها غير مباشر على الحرب مثل ضرب السد العالي في مصر وتغريق المناطق المصرية المأهولة مع تلويث مياه النيل بالإشعاعات.
• وفي نهاية حديثنا مع الدكتور الشهرستاني حدثنا عن مدى حاجة الكويت لإنشاء مفاعل ذري ومدى الاستفادة منه فقال:
•• من الناحية التجارية البحتة فإن النفط في الكويت تجعل منه وقودًا رخيصًا لإنتاج الطاقة الكهربائية وليس الكويت بحاجة للاستفادة من الوقود الذري لإنتاج الطاقة الكهربائية أكثر كلفة من استعمال النفط.
ولكن لا يخفى أن هناك فوائد أخرى للصناعات الذرية في أي بلد من بلدان العالم كإنتاج النظائر المشعة واستخدامها في التطوير الصناعي وخاصةً في الطب والزراعة، فإن لم تكن هناك حاجة ماسّة لإنشاء المفاعلات الذرية في الكويت فإن الإمكانيات المادية متوفرة والمشروع لا يخلو من فائدة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلإلى أبناء الأمة.. وإلى أعضاء مجلس الأمة – لا تلقوا سلاح المقاطعة يا أبناء الأمة
نشر في العدد 1057
103
الثلاثاء 13-يوليو-1993
الفلسطينيـــون يشيــدون بدعـــم «أردوغـــان» و«العدالــــة والتنميــــة» التركــــي لقضيتهــــم
نشر في العدد 2179
31
الاثنين 01-مايو-2023