العنوان اجتماعات دبلن الخطوة الأولي نحو تقسيم العراق
الكاتب محمد العباسي
تاريخ النشر الثلاثاء 26-سبتمبر-1995
مشاهدات 32
نشر في العدد 1168
نشر في الصفحة 30
الثلاثاء 26-سبتمبر-1995
أمريكا تهدف من وراء اجتماعات دبلن لإقامة دولة كردية في شمال العراق
• هؤلاء يشاركون في تقسيم العراق
• روبرت دوتش وستيفن جرومان، وبروك جونسون، وسوزانه مك جوربيك من الولايات المتحدة الأمريكية.
• روبرت ويسلون من بريطانيا.
• أوغور دوغان الرئيس السابق لدائرة الشرق الأوسط أجفت توزجان رئيس دائرة الاستعلامات والبحوث بالخارجية التركية، ومحمد إيمور- مساعد رئيس الاستخبارات من تركيا.
•ومن الحزب الديمقراطي الكردستاني سامي عبد الرحمن وجوهر سلامي، وموحيد
الزبيري، ومحسن ديزاتي .
• ومن الاتحاد الوطني الكردستاني نور شيروان أمير وفؤاد محسن، وبزهام سائي
وشاوي بيره .
• ومن المجلس الوطني العراقي أحمد شلبي- رئيس المجلس، وهاني الفكيكي، وتوفيق اليساري .
اجتماعات دبلن الثانية التي انتهت يوم الخميس ٢٤ سبتمبر الجاري بين الفصائل الكردية العراقية حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني انتهت وفقًا لتقييم الناطقين باسم المجلس الوطني العراقي، ووفقًا لما ذكرته صحيفة «أقشام» التركية- توزع مليون نسخة يوميًّا- يوم ١٧ سبتمبر بالاتفاق على بندين هما: إسقاط نظام صدام حسين، وإقامة دولة كردية في شمال العراق
كما أنها فتحت بابًا لم تستفد منه كل من تركيا وفرنسا، وهو إصرار واشنطن على إشراك بريطانيا في المباحثات دون إخطار مسبق، حيث جاءت مشاركتها تفرض أمرًا واقعًا على المجتمعين، ولذلك صرح عمر أقبل المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية التركية منتقدًا ما حدث بأن ذلك الأمر تحقق بعيدًا عنهم، في حين أفصحت باريس عن عدم ارتياحها لتلك المشاركة المفاجئة لبريطانيا في ذلك الموضوع، ولعدم إخطارها بتطورات الأمر.
وقال المتحدثون باسم المؤتمر الوطني أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لإسقاط النظام العراقي، يأتي ذلك في الوقت الذي ترغب فيه تركيا في إلغاء الإدارة المحلية في الشمال العراقي وتعمل جاهدة من أجل تحقيق ذلك، إذ إن أنقرة ترى أن تلك الإدارة ستكون الخطوة الأولى لإقامة دولة كردية وفدرلة العراق كخطوة مستقبلية.
وفي تركيا تنقسم وجهتا النظر حول ذلك التطور، فالمدافعون عن واشنطن يقولون: إن أمريكا تريد إقامة إدارة محلية وليس دولة فيدرالية، بينما يرى الفريق المعارض خطورة ذلك الأمر، وإذا ما تم النظر إلى موقف القريتين الكرديتين من الاقتراح الأمريكي سنجد أن جلال الطالباني- زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني- يؤيد الطرح الأمريكي. بينما نجد أن مسعود البارزاني- زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني- والذي يخوض حاليًّا حربًا ضد العمال الكردي- الذي يحارب من أجل إقامة دولة كردية في شرق وجنوب شرق تركيا- نيابة عن أنقرة يؤكد على دعمه لضمان وحدة الأراضي العراقية، وهو ما تصر تركيا عليه أيضًا.
وأوضح نور شيروان- أمير ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني في الاجتماعات- أن المجلس الوطني العراقي الذي تم تأسيسه بدعم أمريكي عام ۱۹۹۲م، سيقوم بدور البديل في مواجهة صدام، وأنه يجب إجراء مفاوضات معه حول مقترحات الفيدرالية فيما بعد إسقاط صدام خاصة وأنه قبل نتيجة الضغوط الأمريكية التعاون مع حسين كامل المجيد صهر صدام الهارب في الأردن، والذي يتردد أنه سيتم إعلان حكومة عراقية في المنفى بزعامته قريبًا، يكون هدفها الأساسي الإطاحة بصدام حسين، وأن الولايات المتحدة ستعمل على أن يكون ذلك الأمر على قائمة جدول أعمالها.
وترغب الولايات المتحدة الأمريكية في الخروج من تلك المناقشات بمتن يوقعه الطرفان الكرديان في نهاية الاجتماعات يستهدف إقامة دولة كردية برعاية أمريكية، وأن واشنطن ستواجه اعتراض تركيا من خلال تحوير النص ليعطي أنقرة حق مواجهة ما سيكون مؤثرًا على أمنها القومي، وكذلك سيملأ الفراغ في الشمال العراقي، ومقابل ذلك ستكون الورقة التركمانية مخدر جيد لأنقرة ليمكن من خلالها أن تقبل بفكرة دويلات شمال العراق وهو ما سيتم مناقشته في القمة الثالثة التي ستعقد في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.
وأشارت المصادر لـ «المجتمع» بأنه تم عقد لقاء في السفارة الأمريكية بدبلن شارك فيه ممثلون عن الحزبين الكرديين قبل انعقاد الاجتماعات حضره أيضًا روبرت دوتش معماري الاجتماعات، وأجفت توزجان- مساعد مدير إدارة البحوث والاستعلامات بوزارة الخارجية التركية- الذي اعترض في بادئ الأمر على مشاركة بريطانيا، ثم اضطر إلى سحب اعتراضه بعد الضغوط الأمريكية عليه، مما يعني تسليم الملف الكردي بالكامل لواشنطن.
وحذر محمد إيمور- نائب رئيس الاستخبارات التركية من خطورة النتائج إذا لم يتم اتخاذ الحذر الواجب، مشيرًا إلى أن هناك علاقات منذ سنوات بين الاستخبارات التركية والحزبين الكرديين بوساطة أمريكية، وأن هدف اجتماعات دبلن كما هو معلن هو تحقيق التقارب بين حزبي الطالباني والبارزاني، إلا أن الأمور تسير فيما يبدو عكس ذلك.
وتم عقد اجتماعات جانبية بين وفدي حزبي الطالباني والبارزاني في بار «جوريس أوتيل» مع وفد المجلس الوطني العراقي، وبذلت جهودًا لإقناعهم بالتعاون، كما حذرت واشنطن أنقرة من إدخال أطراف أخرى في المشكلة مثل سوريا وإيران، وانتقد الأمريكيون بشدة الاجتماعات الثلاثين التي تعقدها كل من تركيا وسوريا وإيران حول الأوضاع في شمال العراق، والتي كان آخرها في الشهر الجاري في أصفهان بإيران.
يأتي ذلك في الوقت الذي أصرت فيه واشنطن على إشراك بريطانيا التي لا دخل لها بالمنطقة، وهي محاولة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لإشراك أوروبا في حل المشكلة، وهو ما يعني تدويلها- وبالطبع فإن بريطانيا كما هو معلوم تابعة أمريكية عكس فرنسا أو ألمانيا مثلًا اللذان لهما خطًّا سياسيًّا مميزًا عن واشنطن، ويرفضان سيطرة واشنطن على السياسة العالمية، وبالطبع فإن تركيا تشكل ممثلًا إقليميًّا، وبالتالي تكون العناصر المحلية والإقليمية والدولية متوفرة في المحاولة الأمريكية لحل المشكلة الكردية من خلال فدرلة العراق وبداية تقسيمه لضمان ضعفه على المدى الطويل، وليس القصير فقط.
وحتى يمكن لأمريكا تفويت الفرصة على سوريا والعراق، فإنها أقامت جسورًا مع عبد الله أوجلان- زعيم حزب العمال الكردي- من خلال السفير الأمريكي السابق دافيد أدولفن كورين، وهو ما نشر في نشرة FIBIS الحكومية الأمريكية الرسمية وفقًا لما ذكرته صحيفة «اقشام»، يوم ١٤ سبتمبر واصفة فيه موقف الحكومة الأمريكية بالازدواجية- إذ إن سوريا وإيران تستخدمان أوجلان في مواجهة تركيا عندما تخطط ضدهما، وإذا ما نجحت واشنطن في ترويضه وإدخاله في القفص الأمريكي فإنها ستنجح في فرض حلها في الشمال العراقي من خلال إبطال مفعول أوجلان سوريا وإيران.
ويبقى الموقف التركي هو الحاسم، فإشراك التركمان في الإدارة المحلية الموسعة يمكن أن يكون مخدرًا لأنقرة، خاصة وأن التركمان مع احترام وحدة الأراضي العراقية، وفي نفس الوقت مع إقامة فيدرالية ديمقراطية في العراق إحداها للأكراد في الشمال، والثانية للتركمان في الموصل وكركوك وأربيل، والثالثة للسنة في الوسط، والرابعة للشيعة في الجنوب، ولكن هواجس انهيار الفيدرالية فيما بعد يظل يسيطر على تفكير أنقرة التي يمكن أن تتحول هي نفسها لضحية فيما بعد للتجربة العراقية. وما زال الخلاف بين الفصيلين الكرديين حول نزع سلاح أربيل قائمًا، إذ يصر البارزاني على نزع سلاح صلاح الدين مقابل أربيل، وكذلك حول الدخل الجمركي من باب الخابور، فالبارزاني لا يميل إلى منح المجلس الوطني العراقي صلاحيات أكثر في شمال العراق، إذ كان قد تم الاتفاق في اجتماعات دبلن الأولى على إسناد مهمة الإشراف والمراقبة وتوزيع دخل باب الخابور للمجلس ونقاط الخلاف تلك سيتم تداولها وإيجاد حلول لها في اجتماعات دبلن الثالثة التي ستتم في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، وفقًا لما تم الاتفاق عليه، إلا أن أنقرة تدرس حاليًّا الموقف بدقة، لأنه سيحدد مصيرها المستقبلي أيضًا إلى جانب مصير العراق، فإذا هي قبلت السيناريو الأمريكي اليوم في العراق فعليها قبوله غدًا في حالة خلافاتها معها أو مجيء نظام تركي لا ترضى عنه واشنطن، وهو الهاجس الحالي الذي يشغل العالم الخارجي، خاصة في ظل تزايد أحتمالات فوز حزب الرفاه الإسلامي بالحكم وتنامي قوة الحركة القومية.
وعمومًا فإن تركيا رغم طلب التركمان دعمهم للمشاركة في قمة دبلن، فإنهم لا يميلون للعب بالورقة التركمانية «تركيا- العراق ٢.٥ مليون نسمة» لضمان أمنهم القومي، وهو ما يتفهمه الساسة التركمان، دون أن يعني ذلك إهمال تلك الورقة أو التخلي عنها، خاصة بعدما بذلت أنقرة جهودًا ضخمة لتوحيدهم في الجبهة التركمانية ..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل