العنوان ارفعوا الحظر عن «حرية» الشعوب
الكاتب المحرر المحلي
تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1974
مشاهدات 25
نشر في العدد 193
نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 26-مارس-1974
التعليق الأسبوعي
ارفعوا الحظر عن «حرية» الشعوب
١٤٠ مليون عربي أو يزيد يعيشون في الثلث الأخير من القرن العشرين. ومن ناحية التعداد أو الإحصاء.. الرقم صح.
ولكن من الجانب المعنوي أو القيمة ذات الوزن في التقرير وإبرام الأمور وإدارة الشئون المشتركة.. هل يؤخذ رأيهم ويستشارون؟
صعب.. وتجاوز للحقيقة أن يقال ذلك.
إن أفرادًا معدودين هم الذين يقررون ويفعلون كل شيء.
أما الرقم ١٤٠ مليون.
أما الأكثرية الساحقة.
أما الشعوب الحاشدة فهي غائبة ومعزولة عما يدور.
نعم.. إن كل قرار يتخذ.. وكل خطوة تتم تصيب تاريخ هذه الشعوب وحاضرها ومستقبلها في الصميم.
ومع ذلك.. فهي غائبة.
ويمكن القول باطمئنان أن كل قرار... وكل خطوة لا تستشار فيها الشعوب، من حق الناس أن يرفضوها، وأن يتحللوا من الالتزام بها.
• بحجة بديهية وبسيطة جدًّا هي أن الغائب حجته معه!
• وبحجة شرعية واضحة هي: أن المكره من حقه أن يلغي ويبطل العقد الذي تم في فترة الإكراه.
• وبحجة قانونية عالمية نص عليها ميثاق حقوق الإنسان وهي: «حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها».
خمسة شهور -من حظر النفط- اعتبروها كثيرة جدًّا ومرهقة لأمريكا، وسارعوا إلى رفع الحظر.
• هناك حظر فرض على الشعوب العربية، استغرق ربع قرن من الزمان.
ونعني به حظر الحرية عن الشعوب العربية.
وهو حظر شامل.. شديد القبضة.. قاسي الوطأة.. لم يصب المكاتب والبيوت والمصانع والسيارات -كما في أمريكا- بالبرد والتعطل والشلل؛ وإنما أصاب إرادة الشعوب العربية وحريتها وعزمها وحيوتها بالصقيع، والتعطل، والشلل، والكبت.
ونحن -في هذه المجلة- نوقن بأن هذه الأمة لن تتقدم خطوة واحدة ولن ترتفع شبرًا إلا بالحرية الحقيقية التي تمكن الرجل العادي من الصدع بالحق في وجه الحكام.
الحرية التي تسحب حق التقرير والإمضاء من الحكام وترده إلى الشعوب.
الحرية التي توفر للناس الأمن في أنفسهم وأعراضهم، وأموالهم، وبيوتهم، وأعمالهم.
الحرية التي يتكون في مناخها الصحي الرجال الأحرار.. بلا عقد ولا مخاوف، وبلا رهبة من ذي سلطان.
إن الحرية -في تقديرنا- ليست حقًّا سياسيًّا، ولا مطلبًا قانونيًّا فحسب..
إنها مقوم أساسي من تكوين الأفراد والشعوب.
إنها أساس التربية الصحيحة، والسلوك المعافى، والشخصية السوية الجريئة المقدامة..
إن سحق الشعوب بالكبت عدوان داخلي عليها يمهد ويخدم العدوان الخارجي.
إن الطغيان تمارين يومية على الذل والانكسار.
• ربع قرن من الزمان أو أكثر والحظر مفروض على حرية الشعوب العربية.
لقد طالت «فترة الانتقال» التي كانت تصدر مع أول بلاغ عسكري انقلابي، وأصبحت «وضعًا دائمًا» ثقيل الأنفاس، متلاحق الضغوط.
إننا نطالب برفع حظر الحرية عن الشعوب العربية، وندعو المثقفين الذين انشغلوا بتكوين أنفسهم عن الاهتمام بالقضايا الملحة للأمة.
وندعو العلماء الذين طال صمتهم.. ندعوهم إلى المطالبة برفع الحظر عن حرية أمتنا.
إن أبرز حجة قدمت لتبرير رفع حظر النفط عن أمريكا هي: أن الولايات المتحدة الأمريكية ذات «نية حسنة وطيبة».
ولقد ناقشنا في افتتاحيات سابقة هذا الزعم.
الآن نسأل: ألم تصل الثقة بالشعوب العربية المسلمة مرتبة الثقة بأمريكا؟
إن الشعوب العربية ذات «نية حسنة وطيبة».
وبناء على ذلك نطالب بتنحية الوصاية عنها، ورفع الحظر عن حريتها.
وثمة أسباب أخرى:
• أنهم يقولون: إن الشعوب معنا تؤيدنا في مواقفنا، ونحن نعبر عنها.
إذن فلماذا الخوف من تمكين الشعوب من ممارسة حرياتها؟
دعوها تعبر عن رأيها، وتبدي كلمتها، «والواثق» لا يخشى نتائج الحرية.
• إن فرض الحظر النفطي على أمريكا ظل خمسة شهور ثم رفعتموه.. وباعتبار عامل الزمن وحده، ألا ينبغي رفع الحظر الذي استغرق عمر شاب ولد ساعة الحظر، ثم تدرج في سلك الزمن، ثم تخرج من الجامعة، ثم توظف، ثم تزوج وأنجب.. بينما الحظر لا يزال مضروبًا!!
ألا ينبغي رفع هذا الحظر.. والإفراج العام عن أمة مسجونة وشعوب حبيسة؟
والحرية التي نطالب بها ليست هي الحرية الهامشية، أو الشكلية، أو التنفيسية التي تتيح للناس نقد تأخير القطارات عن مواعيدها، أو نقد تقصير الممرضات في عملهن أو المطالبة بإدخال بعض التعديلات على قانون إدارة المقاهي.
فستالين نفسه كان يتيح ذلك ويشجع الناس عليه.
الحرية التي نعنيها ونطالب بها هي:
• أولًا: حرية اختيار الحاكم باقتراع حر أمين.
• ثانيًا: حرية محاسبة الحاكم على تصرفاته.
• ثالثًا: حرية الإطاحة به إذا هو زاغ أو قصر أو فشل في إدارة المهمة المناطة به.
• رابعًا: حرية تقييد الحاكم بصلاحيات يضعها مجلس شورى منتخب؛ فالسلطات المطلقة مفسدة مطلقة. ولقد عانت الشعوب العربية الكثير من مفسدة السلطات المطلقة.
• خامسًا: يضمن هذه الحريات قضاء رفيع نزيه.
• سادسًا: يكفل هذه الحريات دستور موقر محترم، واضح وأصيل.
وبينما نطالب بهذه الحريات نحذر من محاولات الترقيع التي تغش الشعوب بإصلاحات لا تتناول جذور الأخطاء.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
