العنوان استنساخ البشر.. بين صرعة العلم ومستقبل الكون
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 25
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 32
السبت 04-يناير-2003
بينما تتواصل الضجة الكبرى حول العالم بعد الإعلان عن نجاح أول تجربة لاستنساخ أول طفل في التاريخ فاجأت عالمة الكيمياء الفرنسية بريجيت بواسيليه- صاحبة التجربة-العالم بالإعلان عن أن هناك أربعة أطفال آخرين مستنسخين سوف يولدون نهاية هذا الشهر في شمال أوروبا واثنين في آسيا وآخر في أمريكا.
وهكذا فيما تزداد الاحتجاجات من المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية الكبرى ومن الدول وأولها الولايات المتحدة نفسها وفرنسا وغيرها، يتكاثر نسل الاستنساخ دون أنيوقفه أحد رغم كل الأخطار التي ساقها العلماء والأطباء وعلماء الدين.
وقبل أن نسرد ردود الفعل ورؤية المؤسسات الدينية والطبية والعلمية للقضية، نتوقف قليلاً أمام تجربة العالمة الفرنسية كيف ولدت ومن الذي يقف وراءها وأي فكر شجعها؟
شركة «كلون أيد» التي أعلنت عن تبني التجربة وتعمل بريجيت بواسيليه من خلالها مع فريق من المساعدين، وتتخذ من جزر البهاما مقرأ لها .. هي شركة ليست تجارية وليست لها رسالة علمية بالمعنى البحثي وإنما تم تأسيسها على فكر شاذ ومارق هو الذي يحرك تجاربها، فهي ترتبط بحركة «الرائيليين» التي يترأسها سائق سباق السيارات السابق كلود فور ليهون (فرنسي) الذي يطلق على نفسه«رائيل»،ويزعم أنه ألتقى ست مرات منذ عام ۱۹۷۳مع مخلوقات قادمة من الفضاء عند بركان خامد في فرنسا، وأنه أسس بعد هذه اللقاءات ديانة جديدة تقوم على الاعتقاد بأن مخلوقات الفضاء خلقت البشر من خلال الاستنساخ منذ ٢٥ ألف عام.
وقام «رائيل»بالترويج لعقيدته الخرافية الجديدة التي وجدت في ظل الفراغ الروحي والفساد العقيدي الذي تحياه المجتمعات الغربية أنصارًا اقتنعوا بما يروج له، وقد تراوح تعدادهم بين ٥٠ و ٥5 ألفًا لكن بعثة فرنسية متخصصة في التصدي للطوائف تقول إن تعدادهم لا يزيد على عشرين ألفًا.
وينتشر اتباع هذه الطائفة في ٨٤ بلدًا ويعيش معظمهم في فرنسا وكيبيك بكندا والولايات المتحدة وسويسرا حيث مقرها العالمي.
وقد تمكنت الطائفة من جمع مخصصات مالية هائلة عبر الإنترنت إذ يخصص اتباعها ما بين3-10%من عائداتهم، وتتميز بقيادة من زعيم ذي شخصية قوية يخضع له أتباعه تمامًا.
ويقول رائيل مؤسس الطائفة إن استنساخ البشر سيسمح للبشرية يومًا بتحقيق الخلود عبر السماح بتجديد وعائها الجسدي بانتظام.
ويؤكد العلماء أن أيديولوجية هذه الطائفة تنتشر بسرعة وأنها وإن كانت لا تدعو إلى تدمير البشرية فإنها تعمل على القضاء على الأجناس التي في مستوى أدنى عن طريق التلاعب بالجينات.
في عام ۱۹۹۷ أسس الرائيليون مؤسسة «كلون أيد»، وهي أول مؤسسة للاستنساخ البشري برئاسة عالمة الكيمياء الفرنسية بريجيت بواسيليه وتعلن هذه المؤسسة عبر موقعها على الإنترنت إن الاستنساخ سيسمح ببلوغ الحياة الأبدية نظرًا لأن الأشخاص الذين أتوا من كوكب آخر في صحون طائرة يتقدمون علينا بـ ٢٥ ألف سنة.
هذا هو الفكر الذي وقف وراء هذه التجربة، وإن كانت هناك تجارب أخرى لعلماء آخرين، وهو فكر الحادي لا يؤمن بالله الخالق وهو يضاف إلى غيره من الأفكار والمعتقدات الشاذة التي يموج بها الغرب والتي تشكل وبالاً على معتنقيها والمجتمعات ذاتها.
وكان الإيطالي د.سفرينو انتينوري، إخصائي الإخصاب والصحة الإنجابية والاستنساخ قد أعلن أن أول طفل بشري مستنسخ في العالم سيولد في صربيا الشهر القادم، ويتوقع أن يكون طفلًا طبيعيًا صحيح الجسم بسبب اكتمال فترة الحمل.
وأوضح سفرينو-الذي جذب أنظار العالم والأوساط الطبية عندما ساعد عجوزًا على الحمل والولادة عام ١٩٩٤ومحاولاته لاستنساخ كائن بشري، في شهر مايو الماضي-أن ثلاث نساء كن حوامل بأجنة مستنسخة، وأن حملهن كان في أسبوعه العاشر، وقال إن حمل المرأة بالمولود المستنسخ أصبح مكتملًا تقريبًا، وينتظر أن تتم الولادة في مطلع الشهر القادم.
وكان العديد من الدول العظمى مثل بريطانيا وأوروبا قد حظر تجارب الاستنساخ البشري بموجب قانون الإخصاب البشري وعلوم الأجنة الصادر عام ۱۹۹۰ إلا أن دولًا مثل صربيا لم تحظر مثل هذه التجارب.
وقد أثارت أبحاث استنساخ الكائنات الحية وسلالاتها المختلفة بما فيها الأغنام والأبقار والخنازير والفئران والقطط الكثير من الجدل والمخاوف بسبب بقاء القليل من الأجنة المستنسخة على قيد الحياة وإصابة الحي منها بمشكلات طبية لم يستطع العلماء إيجاد وسيلة لحلها.
ويرى مناصرو هذه الأبحاث أنها ستقود يومًا ما، إلى علاج أمراض شتى منها مرض السكري وإصابات العمود الفقري ومرض الزهايمر، إضافة إلى توفير الأنسجة والأعضاء اللازمة لعمليات الزرع الجراحية.
ردود الفعل
ردود الفعل لم تتوقف عما أعلنت عنه بواسيليه خاصة من المراجع الإسلامية والمسيحية والطبية.
ففي القاهرة أصدر مجلس مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر فتوى جاء فيها «أن استنساخ الإنسان حرام ويجب التصدي له ومنعه بكل الوسائل».
وأكد نص الفتوى أن الاستنساخ ويعرض الإنسان الذي كرمه الله لأن يكون مجالًا للعبث والتجربة وإيجاد أشكال مشوهة وممسوخة.
وشددت الفتوى على أن الإسلام لا يعارض العلم النافع، بل يشجعه ويحث عليه ويكرم أهله، أما العلم الضار الذي لا نفع فيه أو الذي يغلب ضرره على نفعه فإن الإسلام يحرمه ليحمي البشر من أضراره، وقالت إن القاعدة الفقهية في الإسلام أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
كما أوضحت الفتوى أنه يجب التفريق بين استخدام الهندسة الوراثية في النبات والحيوان الإنتاج سلالات قيمة ونافعة، وكذلك في علاج الأمراض ومحاصرة توارث الأمراض والارتقاء بالطب ومعالجة الإنسان.
وتابعت أن ذلك نافع ومفيد طالما ليس فيه مخالفة للمنهج الذي اختاره الله للخلق ولا مانع من مزاولته بإجراء التجارب فيه للوصول إلى نتائج إيجابية.
وفي فتوى صدرت في ١٢ ديسمبر على موقعه في شبكة الإنترنت عدد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي الأسباب التي تدفع الإسلام إلى تحريم الاستنساخ، موضحًا أن هذه التقنية تتناقض مع اختلاف الكون لأن الله خلق الكون انطلاقًا من اختلافه بينما يقوم الاستنساخ على إعادة نسخة من خصوصيات الجسد.
وأضاف أن الاستنساخ يناقض النموذج الكوني المرتكز على أن كافة مخلوقات الله تأتي من أزواج بينما يرتكز الاستنساخ على جنس واحد ولا يكون الطفل المولود بتقنية الاستنساخ ثمرة تزاوج جيني بين الأب والأم بل إعادة مطابقة للأصل لأحد والديه.
إلا أن القرضاوي شدد في المقابل على أن استنساخ أجزاء معينة من جسد الإنسان مثل القلب والرئتين لمعالجة الأمراض مسموح به، وحتى مطلوب (...) لأن الإسلام يشجع التقدم في كل مجالات العلم طالما يتطابق مع المبادئ الدينيةوأوضح: «أما بخصوص استنساخ الحيوان فإنه جائز إذا أتى بمنفعة كبيرة للبشر، ولكن لا يجب أن ينطوي على انتهاكات أو تعذيب للحيوان».
العالمة الفرنسية صاحبة التجربة تنتمي لطائفة الرائيليين، التي تعتقد أن مخلوقات الفضاء استنسخت البشر منذ ٢٥ ألف سنة!!
وجاء رأي الفاتيكان متوافقًا مع رأي الأزهر، وقال إن مزاعم الاستنساخ البشري تعبير عن عقلية جامحة تفتقد جميع الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان جواكين نافارو فالس في بيان رسمي أثار الإعلان الذي خلا من أي دليل تشككًا وإدانة أخلاقية في قطاع كبير من مجتمع العلماء في جميع أرجاء العالم.
وفي المقابل أعرب محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي في لبنان عن موقف آخر، وقال نرى في الشريعة الإسلامية أن أحكام الله بالتحليل والتحريم تأتي تبعًا للمصالح والمفاسد المتعلقة بموضوعات الحكم.
وأضاف: إذا كانت المصلحة تغلب على المفسدة، فهناك الحلال وإذا كانت المفسدة تغلب على المصلحة فهناك الحرام.
وتابع لذلك لا بد أن ندرس حركة هذا الإنتاج العلمي الجديد في الواقع وهل يتحرك في إيجابياته أو سلبياته لتحدد بعد ذلك من خلال المتابعة والملاحظة الحكم الشرعي.
وأكد: نحن نقبل بالاستنساخ لكنا نرفض قتل الأجنة بعد أن تكون استقرت في جدار الرحم.
وأوضح أن الله أعطى الإنسان القدرة على أن يتصرف في الموجودات التي بين يديه ويطورها من خلال ما يلهمه الله سبحانه وتعالى من علمه﴿عَلَّمَ ٱلإِنسَٰنَ مَا لَم يَعلَم﴾ (العلق:5) ،﴿وَقُل رَّبِّ زِدنِي عِلما﴾(طه:114)
وقال: لهذا فالذين يقولون بأنه تدخل في مشيئة الله يفترضون أن هذه المشيئة تنحصر في الأسباب الطبيعية لكنها تتحرك من خلال الأسباب الطبيعية والأسباب التي يكتشفها الإنسان بعد ذلك من خلال القوانين التي أودعها الله في الكون.
أما عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر د. محمد رأفت عثمان فيقول: إنه لا يرى دليلًا فقهيًا يحرم الاستنساخ بزرع نواة الزوج في بويضة زوجته، ويضيف عثمان المقصود بالاستنساخ هو تفريغ بويضة الأنثى من النواة، ووضع نواة خلية أخرى سواء أكانت من نفس الأنثى، أم من أخرى في هذه البويضة ثم يسلط عليهما تيار كهربائي معين فيتحدان في خلية واحدة ثم ينقسمان إلى خليتين ثم أربع، وهكذا يبدأ تكوين الجنين دون حاجة إلى حيوان منوي من الرجل كما هو معتاد.
وقال عثمان: إن تطبيق الاستنساخ على الإنسان يأخذ أربع صور هي أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من زوج المرأة صاحبة البويضة أو من رجل آخر ليس زوجًا لها، أو من الأنثى نفسها أو من أنثى أخرى، ولكل صورة حكمها الفقهي.
وحدد عثمان ثلاثة شروط الجواز الاستنساخ، وهي أن يكون الزوجان لا ينجبان أصلًا بالطريقة الطبيعية، وأن يتم التأكد أن المولود بطريقة الاستنساخ سيكون إنسانًا طبيعيًا في حياته وسلوكه وليس معرضًا لأي نوع من الأضرار الصحية لأنه من المحتمل أن يكون عمر المولود بطريقة الاستنساخ هو عمر نواة الخلية المزروعة في البويضة، أما الشرط الثالث فهو أن تؤكد الدراسات القانونية والاجتماعية أنه لن يترتب على وجود شخصين متصفين بكامل الصفات بينهما أي إضرار بالفرد أو المجتمع.
على الصعيد العلمي والطبي والأكاديمي حذر معهد روزلين في أدنبرة «إسكتلندا»، حيث ولدت النعجة المستنسخة دولي من أخطار استنساخ كائن بشري، وقال الدكتور هاري غريفين الناطق باسم المعهد الذي اشتهر عالميًا منذ ولادة دولي أول نعجة مستنسخة في ١٩٩٦م«إني أجد أن الأمر يستوجب الشجب».
وقال الباحث: إن كل المجموعات التي عملت على استنساخ الحيوانات-من أبقار وخراف وخنازير وفئران وماعز- أشارت إلى وجود نسبة كبيرة من حالات الإسقاط والوفيات بعد الولادة والمشكلات مع الحيوانات المستنسخة خلال حياتها. وأضاف: ليست هذه نتيجة حتمية للاستنساخ إلا أنها نتيجة حاصلة.
ودلت أبحاث البروفيسور إيان ويلموت المسؤول عن معهد روزلين الذي استنسخ النعجة دوللي على أن كل الحيوانات المستنسخة في العالم تعاني من تشوهات جينية وجسدية، وتعاني دوالي أول حيوان مستنسخ في العالم انطلاقًا من خلية مأخوذة من حيوان بالغ من تشوهات جينية ومن التهاب في المفاصل ظهر بشكل مبكر.
ورأى خبير بريطاني آخر هو الدكتور باتريك ديكسون الاختصاصي في المسائل الأخلاقية المتعلقة بالاستنساخ، أن رد فعل العالم سيكون النفور والاشمئزاز، إذا أثبت خبراء مستقلون صحة الخبر الذي أعلن عنه في الولايات المتحدة من دون أي دليل علمي.
وقال ديكسون وهو صاحب كتاب الثورة الجينية، أن هناك سباقًا على الصعيد العالمي بين علماء هامشيين من أجل تنفيذ عمليات استنساخ تدفعهم إلى ذلك الرغبة بالشهرة والثروة ومعتقدات شاذة. وسأل: هل يمكنكم تخيل ما سيحصل عندما تنظر فتاة في الثانية عشرة من عمرها إلى والدتها وتكتشف أنها تنظر إلى شقيقتها التوأم.
وفي الكويت قال رئيس المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية د. عبد الرحمن العوضي إن المنظمة سبق وأن ناقشت موضوع الاستنساخ بكل صوره سواء على الحيوان أو البكتيريا أو الإنسان الذي کرمه رب العالمين حرصًا من المنظمة على ضرورة توضيح مكانة الإنسان في الإسلام، وأن الاعتداء عليه اعتداء على البشرية جمعاء، وقال: إن قضية الاستنساخ في حد ذاتها من القضايا المعاصرة التي تكتسب أهمية بالغة، مشيرًا إلى أن للمنظمة تاريخًا في بحث قضية الاستنساخ منذ عام ١٩٨٣م وحتى الآن، موضحًا أنه في عام ۱۹۸۳م سبق وأن نوقشت القضية وكانت التوصية التي اتخذت في ذلك الوقت تنص على عدم التسرع في إجراء الحكم الشرعي في هذه القضية بالنسبة للإنسان على نحو ما آلت إليه التجارب في مجال الحيوان مع الدعوة إلى مواصلة دراسة هذه القضية طبيًا وشرعيًا.
وقال د. العوضي إن قضية الاستنساخ عادت الآن لتطرح نفسها بشكل جاد وعاجل منذ تم استنساخ جنين الإنسان بطريقة الاستنساخ عام ۱۹۹۳م وحتى أعلن عن استنساخ النعجة التي سميت دوللي في إسكتلندا في فبراير ۱۹۹۷م وتلا ذلك الإعلان عن استنساخ قردين بطريقة أخرى في جامعة أوريغون إلى أن أعلنت مجموعة أمريكية لأبحاث الاستنساخ عن مولد أول طفلة مستنسخة في العالم تدعى «حواء»، وقال د. العوضي إن المنظمة سبق وأن دعت إلى ضرورة وضع ضوابط شرعية وقانونية وأخلاقية لمثل هذا النوع من التجارب، مشيراً إلى أن تلك القضية تكتنفها محاذير فادحة منذ دخلت حيز التنفيذ من أبرزها العدوان على ذاتية الفرد وخصوصيته وتميزه من بين طائفة من أشباهه بالإضافة إلى خلخلة الهيكل الاجتماعي المستقر والعصف بأسس القرابات والأنساب وصلات الرحم والهياكل الأسرية المتعارف عليها على مدى التاريخ الإنساني كما اعتمدته الشريعة الإسلامية وسائر الأديان.
وأكد د. العوضي أن الإسلام لا يضع قيداً على حرية البحث العلمي، كما أنه يقضي كذلك بالا يترك الباب مفتوحًا من دون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج البحث العلمي إلى الساحة العامة بغير أن تمر على مصفاة الشريعة الإسلامية لتمرر الحلال وتحجز الحرام، وحذر العوضي من مغبة التغاضي عن هذه القضية وتركها دون ضوابط.
من جانبه اعتبر الأمين العام المساعد للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية د. أحمد الجندي أن بعض محاولات الاستنساخ هدفها استخدام خلاياه قطع غيار بشرية، وتعتبر على جانب كبير من الخطورة مؤكدًا أهمية اعتماد وثيقة دولية عن حقوق الجنين تمهيدًا لإصدار قانون لحقوق الجنين.
وقال د. الجندي إن إنجاب طفل تكون له صفات وراثية لمعالجة طفل آخر وهو ما اصطلح على تسميته مجازًا أطفال قطع غيار، يمثل الانعكاسات الأخلاقية للأبحاث المتقدمة في علم البيوتكنولوجيا وبخاصة علم الوراثة وهو موضوع قال إنه لم يمس إسلاميًا من قبل إلا بحذر شديد و وفق رؤى وتحليلات محدودة، فالعلاج الجيني وكذلك الإجهاض الاختباري والعقم البشري وتحسين النسل وغير ذلك تحتاج من العلماء المسلمين إلى بحث ودراسة ومقارنة مع أصول العقيدة ومقاصد الشريعة، وقال د. الجندي إذا لم تكن لنا الجرأة في إبراز الرأي الإسلامي العلمي حيال هذه القضايا فستبقى مثارًا للجدل بين التيارات المختلفة والاعتقادات المتناقضة مما ينعكس سلبًا على أجيالنا القادمة ويمس مباشرة عقيدتنا بطريقة أو بأخرى، وقال د. الجندي إن هناك شكوكاً كثيرة حول مسألة بأن ترك وراثة الإنسان والحيوان والنبات في أيدي حفنة من العلماء من دون رادع سيؤدي لا محالة إلى العمل على تدمير الإنسانية جمعاء.
وعلى الصعيد السياسي أعرب الرئيس جورج بوش عن انزعاجه الشديد وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان: يعتقد الرئيس مثل معظم الأمريكيين أن استنساخ البشر أمر مزعج للغاية ويؤيد بقوة تبني تشريع يحظر جميع أبحاث استنساخ البشر.
وفي باريس قال بيان أصدره الرئيس الفرنسي جاك شيراك بغض النظر عما إذا كانت هذه المزاعم حقيقية أم لا ينتهز الرئيس شيراك هذه المناسبة لتجديد إدانته الشديدة لجميع الأبحاث التي تجرى لاستنساخ البشر وإعادة تأكيد أن هذا العمل يمثل جريمة في فرنسا.