; من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة..الأخ الداعية عبد الغني شيخ أحمد آدم ( ١٣٤٩ - ١٤٢٨هـ / ١٩٢٩ - ٢٠٠٧م) | مجلة المجتمع

العنوان من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة..الأخ الداعية عبد الغني شيخ أحمد آدم ( ١٣٤٩ - ١٤٢٨هـ / ١٩٢٩ - ٢٠٠٧م)

الكاتب المستشار عبدالله العقيل

تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009

مشاهدات 14

نشر في العدد 1836

نشر في الصفحة 52

السبت 24-يناير-2009

ارتبط بدعوة الإخوان أثناء دراسته الأزهرية بمصر وتبنى أفكارها وتخرج في كلية الشريعة ١٩٥٧م

عاد إلى الصومال داعية لفكر الإخوان وكافح الاستعمار الغربي الذي قسم البلاد

عمل قاضياً ومستشاراً ووزيراً للعدل وأحدث تغيرات جوهرية لأسلمة القضاء الصومالي وعارض قانون الأحوال الشخصية المخالف للشريعة فأعفي من منصبه وتم اعتقاله ثلاث سنوات

قدم للكويت وعمل في الموسوعة الفقهية وكان نموذجا للعالم العامل وتوفي عام ٢٠٠٧م بعد أن أسس حركة إسلامية في القرن الأفريقي


ولد الشيخ عبد الغني شيخ أحمد آدم سنة ١٣٤٩هـ . ۱۹۲۹م في محافظة «بكول» الواقعة غرب مدينة «مقديشو» العاصمة الصومالية، وكان أبوه وأمه قد هاجرا من منطقة الصومال الغربي المحتلة من الحبشة.

تعلم في الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم، شأنه شأن أهل منطقته الذين يتعلمون في الكتاتيب المنتشرة في أنحاء الصومال، ثم درس مبادئ اللغة العربية والفقه الشافعي على يد والده الذي كان من العلماء المعروفين، ثم رحل إلى كثير من المدن الصومالية لطلب العلم حتى استقر به المقام في مقديشو العاصمة التي كانت وما زالت مأوى للعلماء وطلاب العلم، ثم وفقه الله للحصول على منحة دراسية من الأزهر الشريف، بعد إجراء امتحان له والمجموعة من زملائه على يد البعثة الأزهرية التي كانت في الصومال لتقديم المنح للطلاب الصوماليين.

رحلته العلمية والدعوية: غادر الصومال بطريق البحر متوجها إلى «مصر» والتحق بكلية الشريعة في الأزهر الشريف أوائل الخمسينيات الميلادية، وأقام هناك إلى سنة ١٩٥٧م، بعد تخرجه في الكلية وكان أول وصوله إلى «مصر» قد تعرف على دعوة الإخوان المسلمين وحضر الدروس والمحاضرات التي يلقيها دعاة الإخوان، أمثال: «عبد الحكيم عابدين»، و«عبد العزيز كامل» و «محمد الغزالي»، و«سيد سابق»، وغيرهم فارتبط بالجماعة، وتبنى أفكارها، وانتظم في صفوفها ؛ فقد كان الإخوان المسلمون ب «مصر»، هم الجماعة الناشطة التي تتحرك في محيط الطلاب الوافدين إلى «مصر» من سائر البلاد العربية والإسلامية للدراسة بجامعاتها .

ونظرا لترحيب دعاة الإخوان وطلابهم بالوافدين إلى مصر من الطلبة المغتربين واهتمامهم بشؤونهم، وتقديم العون لهم في دراستهم، وزيارتهم في أماكن سكناهم والتعارف معهم وتيسير مطالبهم المعيشية وإشعارهم بأخوة الإسلام، وأنهم في «مصر» بين إخوانهم المسلمين الذين تربطهم بهم رابطة العقيدة، وهي أقوى الروابط فقد كان انتشار دعوة الإخوان في أوساط الطلاب الوافدين من خارج مصر من البلاد العربية والإسلامية، كبيرا في المعاهد والمدارس والجامعات المصرية أثمر ثماراً طيبة.

عودته وجهاده

وحين عاد الأخ «عبد الغني» إلى «الصومال» من «مصر» حمل معه فكر الإخوان المسلمين وانطلق يبشر به ويدعو إليه باعتباره الدعوة التي تمثل الإسلام الحق المستقى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وفقه الله إلى كسب العديد من الجماهير، وبخاصة الشباب، إلى صف الدعوة، متعاونا مع أخيه محمد أحمد نور عمر الذي تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وتتلمذ على دعاة الإخوان فيها، وبخاصة الشيخ الدكتور محمد السيد الوكيل»، الداعية والإخواني المعروف. كما شارك وإخوانه في الكفاح لأجل نيل الاستقلال وطرد الاستعمار الغربي الذي قسم «الصومال» إلى أجزاء متفرقة بعد أن كان صومالا واحدا.

عمله في القضاء

بعد مدة قضاها مدرسا في معهد إعداد المعلمين، التحق بسلك القضاء قاضياً، وتدرج في المناصب حتى أصبح مستشارًا في المحكمة العليا .

وفي أثناء خدمته في القضاء أسهم الشيخ عبد الغني» في إدخال تغييرات جوهرية على القضاء من أجل أسلمته بعد أن تأثر في تشريعاته بقوانين المستعمر الجاثم على صدور الصوماليين، فحقق بعض التقدم بفضل الله.

تأسيس نهضة العلماء

وفي نفس الوقت سعى مع أخيه ورفيقه في درب الدعوة الشيخ «محمد أحمد نور عمر» ومجموعة من إخوانه والمشايخ لتأسيس «جمعية نهضة العلماء» في الصومال وانتخب الشيخ «عبد الغني» رئيسا لها، كما انتخب الشيخ «محمد أحمد نور عمر» نائباً للرئيس، وكان يُراد لهذه الجمعية أن تؤسس لعمل إخواني منظم في «الصومال» له صبغة علنية، وما إن بدأت هذه الجمعية نشاطها المكثف في العاصمة الصومالية مقديشو» بإقامة ندوات ومحاضرات في المساجد والمدارس والجامعة والمنتديات كافة، حتى جاء الانقلاب العسكري سنة ١٩٦٩م الذي حل الأحزاب، ومنها «جمعية نهضة العلماء».

توليه وزارة العدل: وفي أوائل هذا الانقلاب أراد القائمون به تجميل صورتهم لدى الشعب الصومالي، فعينوا مجموعة من الوزراء ذوي السمعة الحسنة، وكان من بينهم الشيخ عبد الغني الذي عين وزيرا للعدل والشؤون الإسلامية.

وفي أثناء توليه الوزارة اصطدم مراراً مع رئيس ما كان يسمى بالمجلس الأعلى للثورة «محمد زياد بري»، الذي لم يعلن عن توجهه الشيوعي، ويقال: إنه كان للشيخ «عبد الغني» الفضل في تأخير إعلان «زياد بري» توجهه الشيوعي لمدة ثلاث سنوات تقريبا .

وقد التقى الشيخ «عبد الغني» في مكتبه أثناء توليه الوزارة الشيخ «محمد محمود الصواف»، وفي زيارته الثانية للصومال في شهر مايو عام ۱۹۷۱م، وفي الزيارة الثانية للشيخ «محمد محمود الصواف» إلى الصومال استقبله الشيخ «عبد الغني آدم»، وكان وزيرا للعدل بمكتبه، وجرى الحديث عن ضرورة تطبيق الأحكام الشرعية في «الصومال»، وألقى الشيخ الصواف» محاضرات في المساجد والمدارس.

إعفاؤه من منصبه

بعد ذلك أعلن زياد بري إعفاء الشيخ عبد الغني من منصبه الوزاري، الذي كان حجر عثرة أمام مشاريع المجلس الأعلى للثورة المخالفة للشريعة الإسلامية، ومن بينها مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي ساوى بين الرجل والمرأة في المواريث، وهذا القانون لم يعلن عنه إلا بعد إقالة الشيخ «عبد الغني» من وزارة العدل.

اعتقاله

وفي خضم ردود فعل هذا القانون السيئ الذكر من قبل الشعب الصومالي المسلم، ولا سيما بعد إعدام عشرة من خيرة العلماء، تم اعتقال الشيخ «عبد الغني» وأودع في سجن انفرادي لمدة ثلاث سنوات، وبعد ضغوط شعبية، أفرج عنه.

مجيئه إلى الكويت

غادر الشيخ بلده خفية دون علم النظام العسكري، حتى وصل إلى الكويت، حيث تم تعيينه باحثا علميا في الموسوعة الفقهية للاستفادة من علمه وذلك سنة ١٩٨٢م، وقد بقي في الكويت وبوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكتب عشرات البحوث الفقهية وأسهم في أنشطة بعض اللجان العلمية إلى أن وافته المنية فيها .

معرفتي به : كان ذلك أوائل الستينيات الميلادية، حين قدم الشيخ عبد الغني» إلى الكويت مع وفد يمثلون (جبهة تحرير الصومال الغربي) الواقع تحت الاستعمار الحبشي، وقد التقيته مع الأخ عبدالله العلي المطوع - يرحمه الله - وإخواننا في «الكويت»، الذين بذلوا المستطاع من الجهد لدعمهم ومساعدتهم، والوقوف إلى جانبهم بحكم أخوة الإسلام.

وقد وجدت في الأخ «عبد الغني» الخلق الفاضل والبساطة والتواضع والغيرة على الإسلام، والعمل الهادئ الدؤوب في نشر الدعوة الإسلامية، والوفاء لإخوانه وأساتذته الذين تتلمذ عليهم في «مصر» كما وجدت فيه صفات الداعية الصلب الذي لا يخضع للطغيان، ولا يقبل الضيم ويبذل الغالي والنفيس في سبيل الإسلام ونصرة المستضعفين.

ثم دارت الأيام دورتها ومضت السنون فإذا الأخ «محمد أحمد نور عمر» يكلمني من «الرياض» عن أخينا الشيخ «عبد الغني» ويطلب ترشيحه للعمل بالموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية، فطلبت منه أن يرسل لي أوراقه وشهاداته، وسعيت في ذلك، وتم بفضل الله عمله بالموسوعة، وسعدنا به طوال هذه السنوات، وازددت به معرفة وتوثقت الصلة أكثر فأكثر، فكان نعم الأخ العامل والمجاهد الصامت والفقيه المتواضع والداعية الصابر الذي أحبه كل من عرفه وسعد به كل من جالسه.

وهكذا استمرت صلتي به كزميل في الوزارة حتى غادرت الكويت سنة ١٩٨٦م إلى «السعودية»، حيث عملت ب« رابطة العالم الإسلامي» بـ «مكة المكرمة» ولكن الصلة لم تنقطع؛ لأنني أتردد على «الكويت» أكثر من مرة في العام لحضور الاجتماعات، أو المؤتمرات، أو الندوات، أو الزيارات الخاصة فكنت ألتقيه وإخوانه وأسعد بهم، وكان على العهد به وفيا لدينه ودعوته، محبا لإخوانه في الله كثير الاهتمام بوطنه ومواطنيه من الصوماليين - وبخاصة في المهاجر - ووجدت فيهم صفة التعاون والتكافل فيما بينهم، وفي مقدمتهم الأخ الشيخ «عبد الغني» الذي عمل بصمت وفي كرم وسخاء وآثر إخوانه على نفسه.

 كما وجدت فيه العالم الفقيه الذي يعطي العلم حقه ويغوص على المعاني ويستنبط الأحكام الفقهية، مما جعله موضع الثقة والاحترام لدى العاملين معه في الموسوعة الفقهية الكويتية.

وفاته

توفي الشيخ عبد الغني شيخ «أحمد آدم» صباح يوم الجمعة۱۷ /۸/۲۰۰۷م بمدينة «الكويت»، وقد شيعه إخوانه ومحبوه وزملاؤه ودفن في مقابر «الكويت».

وقد ترك وراءه حركة إسلامية عملاقة انتشرت في ربوع القرن الأفريقي، يعتبر الفقيد من روادها الأوائل، ومؤسسيها الأفاضل .. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا الله وإياه مع الصالحين من عباده في الفردوس الأعلى من الجنان والحمد لله رب العالمين ..

تنبيه: هذه الحلقات بعضها خواطر من الذاكرة قد يعتريها النقص والنسيان. لذا أرجو من إخواني القراء إمدادي بأي إضافة أو تعديل لتداركه قبل نشرها في كتاب مستقل على البريد الإلكتروني: alaqeelabumostafa@hotmail.com

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مجتمعنا 4

نشر في العدد 4

25

الثلاثاء 07-أبريل-1970

أكثر من موضوع (1)

نشر في العدد 179

19

الثلاثاء 11-ديسمبر-1973

محليات (247)

نشر في العدد 247

20

الثلاثاء 29-أبريل-1975