العنوان الأدب .. ماذا يريد الجنيدي خليفة في كتابه: نحو عربية أفضل؟
الكاتب عبد القادر طاش التركستاني
تاريخ النشر الثلاثاء 02-أكتوبر-1973
مشاهدات 10
نشر في العدد 170
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 02-أكتوبر-1973
الأدب
ماذا يريد الجنيدي خليفة في كتابه: نحو عربية أفضل؟
بقلم: عبد القادر طاش التركستاني
تعرضت اللغة العربية عبر تاريخها الطويل لكثير من الهجمات المعادية والدعوات الهدامة التي عملت على تقويض أركانها وزعزعة ثقة المتكلمين بها وذلك بقصد القضاء على تلك اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وكانت أكثر تلك الدعوات تنطلق من إيمان أصحابها بأن القضاء على اللغة العربية يعنى القضاء على القرآن الكريم وهنا مكمن الخطر... وقد اشتد أوار تلك الحملات المسعورة في القرون الأخيرة وكان للمستشرقين وأذنابهم من العرب الدور الكبير في بث تلك السموم وحشو أدمغة المثقفين بها.
ومن أمثلة تلك الهجمات: اتهامهم اللغة العربية بأنها لا تواكب المسيرة الحضارية الجديدة وأنها لغة قد انتهى دورها وأصبحت عاجزة عن أداء مهمات الفكر والحياة ولذلك فإنه يجب أن تحنط في رفوف المكتبات وخزائن المساجد ومن هذه القاعدة انطلقوا يتهمون العربية الفصحى مرة بالتقصير وتارة بالنقص وغير ذلك.
وأخرون من أولئك المهاجمين لم يكتفوا بإبداء العيوب فقط بل وتفضلوا على الأمة العربية بوضع الحلول الكفيلة بإصلاح تلك العيوب -في نظرهم- فدعا بعضهم إلى أن تكون العامية هي اللغة الرسمية ودعا آخرون إلى استبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني ولكن اللغة العربية وقفت في وجه هذه الهجمات والحركات الهدامة وقفة الصمود ولم تلتف إلى مثل تلك الترهات بل واصلت مسيرتها الخالدة وهي أكثر قوة وعزمًا على المضي في مسارب الزمن مما أحنق الأعداء وفكروا في طرق أخرى وأساليب جديدة لمحاربة هذه اللغة -التي فشلت أساليبهم السابقة في القضاء عليها- فاهتدوا إلى وسيلة –حسبوا أنهم سيصلون بها إلى هدفهم- وذلك بأن يقوم بعض الكتاب من العرب أنفسهم بإبداء عيوب اللغة والتي تقف حجر عثرة دون مرونتها وانتشارها «كما يرون» ثم إعطاء الوصفات الناجحات التي تشفى اللغة من تلك العيوب مع الحرص الشديد.
حسب ادعائهم «على أن تظل تلك الحلول مستوحاة من العربية الفصحى نفسها، قواعدها وأساليبها وروحها وجميع خصائصها» . والكتاب الذي بين يدي الآن أصدق مثال على الوسيلة الجديدة ل «الثورة على العربية القائمة والبناء العربية جديدة».
وتستغرق مقدمة الكتاب حوالي عشرين صفحة وقد قصد المؤلف من هذه المقدمة الطويلة محاولة إقناع القارئ بضرورة تعديل العربية وإدخال الإصلاح الجدي عليها.
.... ثم يقول المؤلف تحت عنوان «باقة من العيوب» «وما يتطلب التشخيص والعلاج في لغتنا العربية متعدد الجوانب والميادين فهناك: مسائل الرسم ومسائل المضمون نفسه ثم علاقة الفصحى بالدارجة وأخيرًا قضية الثقافة العربية نفسها» وقد شخص المؤلف في كتابه العيوب الخاصة بالرسم والمضمون ثم علاقة الفصحى بالدارجة فقط.
وقد بدأ برصد عيوب رسم الحرف العربي ويمكن تلخيص ما أبداه المؤلف من عيوب فيما يلي:
1- النقط والإعجام: فهو عيب يؤدي إلى تصحيف الكلمات وتحريفها.
٢- ثم العيب المتعلق بصورة الحرف العربي عموما. وينعت المؤلف تلك الصورة بأنها «أسلاك شائكة أو أخطبوط» !! «ولا سيما عندما تجتمع لتكوين لفظة: ذيول تحت السطر وزعانف فوق السطر وتكوير وتربيع وتدوير قديد منشور بسلك» !! ثـم يرفض المؤلف بشدة -ليبعد عن نفسه اتهامه بسوء النية- استبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني. ويقول إن تلك الدعوة دعوة مخالفة تمامًا ومناقضة لكياننا القومي والحضاري في أعظم وأنبل ما يتسم به. ولذلك فهو يدعو الى:
ا- إلغاء النقط.
۲- وكذلك تعديل الحروف المتشابهة صورها كالحاء والخاء مثلا وذلك باستبدال الخاء بحرف مهمل غير منقوط وتكون صورته مخالفة ومتميزة عن صورة الحاء.
٣- وكذلك تنظيم الحرف على شكل هندسي واضح تراعى فيه حدود السطر والائتلاف.
٤- أما تعدد صور الحرف الواحد تبعًا لمواقعه في اللفظ «كالعين والحاء مثلاً» فإن المؤلف يرى أن توحد هذه الصورة أنى كان موقعها!!
ولعلنا حينما نحاول الرد على المؤلف نسأله سؤالاً بسيطًا واضحًا هو: إذا كانت هذه العيوب موجودة في الحرف العربي فكيف استطاعت الأجيال العربية المتعاقبة أن تسير أمور الحياة والفكر والأدب خلال أربعة عشر قرناً من الزمان أو أكثر ؟ ؟ ؟ ولكن المؤلف يجاوز حدود المنطق والعقل حينما يدعى ظلماً وبهتاناً بأن عيوب الحرف العربي وما أصيب به مـن اضطراب والتواء ولبس قد أثر في أبناء اللغة العربية وسمم ثقافاتهم وهو رأي نشاز لا دليل له ولا برهان.
وأما فيما يتعلق بـ «الحركات الضابطة» فإن المؤلف يرى «تسهيلاً على المطبعة العربية» أن تستبدل تلك الحركات بالأرقام!! فمثلاً يوضع بدل الفتحة الرقم 1 أو بدل الكسرة الرقم ٢ وبدل الشدة الرقم ٤.... وهكذا فإذا أردت أيها القارئ أن تكتب «مكرم» بضم ففتح فتشديد فيجب أن تكتبها هكذا «م 3 كـ ار4م» ويقول المؤلف بأن هذه صورة تقريبية فقط وعلى المطبعة أن تجد طريقة أجمل من هذه الصورة لترتيب الحروف والأرقام. وهذا الحل الذي يراه المؤلف يزيد المسألة تعقيدًا وغموضًا وإرباكًا ولا يمكن أن يكون الحل المناسب ولنسأل المؤلف مرة أخرى لماذا لا نعمل على إيجاد أو صنع الحركات الضابطة في الآلة الكاتبة «بشكل مصغر طبعاً» حتى نتخلص من كل هذا التعقيد الذي يحدثه المؤلف باقتراحه النشاز. وبالتالي نستطيع الخروج من الارتباك الذي قد يحدث في بعض الكلمات التي تحتاج إلى الحركات لتوضيح نطقها وتبيان معناها.
ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى إبراز العيوب المتعلقة بالنحو والصرف فبين الصعوبة التي تكتنف الطلاب في هضم قواعد النحو والصرف وإجادة الإعراب وهو صادق في ذلك إذ أن هذه المشكلة قد استفحلت حتى أدت إلى نفور الطلاب من النحو والصرف وقواعدهما. ويرى المؤلف أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو إلغاء الإعراب «الأخرق» والاستغناء عنه بالتسكين! ويقول بان تسكين أواخر الكلمات لا يفسد المعنى وهو خطأ يكذبه الواقع!!
ولعل الحل المناسب لهذه المشكلة هو إعادة النظر في الطريقة التي كتبت بها قواعد النحو والصرف والأسلوب الذي تدرس به ومحاولة كتابة تلك القواعد بطريقة عصرية مشوقة والاستغناء عن المماحكات اللفظية والتعقيدات التي تتسم بها كتابات أكثر القدماء من علماء النحو -ولن تقوم بذلك العمل الكبير والمهم ألا لجنة متخصصة مكونة من أفاضل علماء النحو في البلاد العربية.
أما حل المؤلف المعتمد على إلغاء الإعراب فهو حل أخرق يوقعنا في مشاكل عديدة.
وبعد ذلك انتقل المؤلف إلى عيوب الصرف التي يراها وخاصة فيما يتعلق بصيغ الفعل الثلاثي وأوزانه وأحواله وما يتعلق بجموع التكسير ومسألة العدد.. وتكلم أيضًا عن الألفاظ المشتركة والمترادفة وجعل ذلك عيبًا في اللغة بينما الواقع أنه عكس ذلك فالألفاظ المشتركة والمترادفة من مزايا اللغة العربية التي تفخر بها للدلالة على سعتها ودقتها في آن واحد. وبهذه الروح الهدامة يمضي المؤلف في كشف عيوب العربية ووضع الحلول التي يراها محققة لأغراضه وما ذكرته في هذه السطور ما هي إلا نماذج مما يدعو إليه المؤلف وفي الكتاب أفكار وآراء هدامة لا تستطيع هذه السطور حصرها وقبل أن أختم هذا الاستعراض السريع لا بد من أن أشير إلى أن المؤلف يرد على المتخوفين على الدين والتراث من هذه اللغة الجديدة التي يدعو إليها والتي ستؤدي إلى أن لا يفهم المتكلمون بها لغة قرآنهم فيقول: إن مصدر الدين «ويقصد القرآن» يكون أعظم وقعًا وأشد تأثيرًا كلما كانت لغته غريبة على العوام وجمهور المعتنقين ويضرب لذلك مثلاً بأن المسيحيين أكثر خشوعًا في صلواتهم لأن الكاهن يقرأ تلك الصلوات بلغة لا يفهمونها!! وهذا الرأي يكشف عن خبيئة المؤلف لنرى بوضوح سوء نيته ورغبته في هدم القرآن الكريم وتعاليمه أن المؤلف يدعونا إلى أن يكون تديننا مجموعة من الشكليات والمظاهر دون فهم لحقيقة الدين والمثل الذي ضربه باطل إذ شتان بين تعاليم الإسلام وبين تعاليم المسيحية المحرفة.
وبعد: فإن هذه اللغة النشاز التي يدعو إليها المؤلف لن تجد أذنا صاغية ولن تلاقى غير الإهمال والاستنكار الشديد وما مثل تلك الدعوة التي تبناها المؤلف لهدم اللغة العربية إلا كمثل فقاعة الماء التي لا تلبث أن تزول عن قريب دون أن تحدث أثرًا أبدًا... ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون﴾. (سورة الحجر: 9).
عبد القادر طاش التركستاني
جدة
مناجاة
حتى إذا ماجن الليل وشعرت بالسجو يسيطر على دجوه الليل المحيطة..
حتى إذا ما هدأت القلوب ونامت العيون، وتوسط العرجون في كبد السماء يهمس للسواقي ويلحن للجداول أنغامها.
حتى إذا ما امتدت الرهبة وشاع السكون هنا يجلس الخاطئ لروي ذكرياته وألمه، ويبوح بکبته وندمه داعيًا -من على الدوام له الدوام وعلى الزمن له الخلود- أن يغفر له ذنبه ويقيل عثرته..
ربي...
في هذه الدجوة المترامية تنسل الأفاعي، فينسل الذنب من قلبي، واقف ببابك وحيدًا نادمًا اطلب رضاك وغفرانك، فلا تردني خائباً وأنت القائل في عزيز كتابك: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. (سورة غافر: 60).
ربي...
وقفت في باب رجائك وقفة الذليل الحائر، ومددت يداي بلهفة الغريق وألم المفارق، اطلب رضاك وعفوك، وأنت رب الضعفاء وربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ اللهم إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي...
ربي...
قد كنت بائساً، فامتد هداك إلى نفسي، وسمعت كلامك الهادي:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ أن اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾. (سورة الزمر: 53)، فامتلأ قلبي بنورك الذي لا يخبو، وعظمتك التي لا تهون، ورجوت مغفرتك، يا من كتبت على نفسك الغفران، تب علي وارحمني فإنني هالك بغير رضاك مهما كان كوني بغيرك، وحقير بغير دينك وهديك مهما زينت لنفسي الهوى إن كان ذلك فشكرًا لك على فضلك، وأنا عبدك.
وإلا فاقبل عبدك أبق في متاهات الضلال.
أخت الشهيد
أبو عمرو.. جامعة الكويت
حبيسة الدمع يا أختاه فكيه
فما الدموع بسحر كي تدانيه
وامضي لشأنك رعدا في قواصفه
إن الدماء لحري أن تحاكيه
أخت الشهيد حنانًا - مزقي حزنًا
فما البكاء ذليل الشعب يحييه
إذا النفوس إلى العلياء زاحفة
فعزمها البحر، أو صخرًا تضاهيه
وإن تدانت من الأحفار همتها:
فهمة الشعر والترديد وألفيه
يمضي الشهيد ونبقى في تخاذلنا:
ما بين دمع وبين الشعر نرثيه
صوت البنادق في سمعي معازفها
أشهى من الشجو أو أصوات شاجيه
****
أخت الشهيد وهذي الحرب عاصفة
وهذه القدس والأوطان في تيه
حل اليهود وما زلنا بواقعنا:
«هر» يفر أمام «الفار» يزريه-
مجد العروبة قد أدمت حوافره
خرافة الذل فأختارته تدميه
عشرون عامًا -كعمري- كلها شجن
نبكي المصاب وجرحاً لا نداويه
فليتني في سنين لم يفارقها
عز الرشيد وشمس ليس تخفيه
وليتني في بلاد لم تداخلها
أصالة الذل في شتى مناحيه
****
أخت الشهيد ودمعي لا أفجره
إن الدموع لضعف لا أداني
أخت الشهيد وللحمراء في وطني
باب يئن فجمعاً كي نحييه
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل