; الأسرة.. خاطرة: الخلال العشر والمرأة الحديثة | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة.. خاطرة: الخلال العشر والمرأة الحديثة

الكاتب الكوكبي

تاريخ النشر الثلاثاء 31-أغسطس-1971

مشاهدات 15

نشر في العدد 75

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 31-أغسطس-1971

الأسرة

خاطرة

الخلال العشر والمرأة الحديثة

بنات اليوم ضاع منهن كل شيء، بعد أن تخلى البيت عن توجيههن، أو خرجن هن عن توجيهات البيت.. وتسلم دفة هذا التوجيه وسائل إعلام متخبطة.. تخبط ذات اليمين وذات الشمال خبط عشواء.

إن البيت الناجح هو الذي يستطيع أن يقدم فتاة قادرة على بناء بيت جديد على أسس من السعادة والهناء، فالفتاة لا بد متزوجة آجلًا أو عاجلًا ولا بد أن تترك بيت أهلها لتعيش مع إنسان آخر جديد ولا بد من إعدادها إعدادًا كاملًا يخدم هذا الغرض ويمهد له.

المدرسة أصبحت لا تعني إلا بحشو ذهن الفتاة بالمعلومات الجافة، التي لا تجد منها الفتاة كبير نفع حين تصبح زوجة وربة بيت وأم أطفال.

ووسائل الإعلام لا تعني بغير خلق فتاة مبتذلة لاهية لاهثة وراء زخرف الدنيا ومتع الحياة.

أو ربما تخلق منها فتاة خيالية حالمة تعيش في غير عالمها، وتحلق في غير الأجواء الحقيقية تتصور الحياة الزوجية مع فارس يصعد بها إلى السماء، ويحلق بها في الفضاء ويحملها إلى جنان وهمية من صنع خيالها المحض.

من هنا تأتي أهمية البيت في إعداد الفتاة لتكون زوجة صالحة وربة بيت ماهرة، ومربية أطفال حاذقة وبانية أسرة وصانعة مجتمع ومنشئة أجيال.

هذا هو ما خطر لي وأنا أقرأ وصية لأمانة بنت الحارث لابنتها توصيها بها قبل أن تحمل إلى بيت زوجها.

إن لنساء اليوم أن يقرأن هذه الوصية ليتعرفن على العقلية التي كانت تفكر بها نساء الأمس السحيق، وإنهن لا شك واجدات فيها الكثير الكثير مما ينقصهن ومما يجلب رغد العيش والهناء لأسرهن.

إن نساءنا دائمًا في حاجة إلى مراجعة التاريخ، وقراءة سير النساء اللواتي سطرن بحكمتهن ونبوغهن أسطرًا من نور لا زالت تشع عظة وعبرة لنساء اليوم ولنساء الغد في كل زمان ومكان.

ولست بهذا أحابي الرجال أو أعفيهم من المسئولية غير إن مكانة المرأة في البيت من الأهمية بحيث تشع فيه السعادة أو تخيم عليه التعاسة، نتيجة لشخصيتها وسلوكها في هذا البيت.

فإلى نساء اليوم أقدم هذه الوصية الخالدة، ولتسترجع كل امرأة ما تفعله وما لا تفعله من هذه الوصية، فلا شك أنها واجدة سر السعادة التي تغمر بيتها أو سبب الازورار الذي يبديه زوجها.

قالت أمانة بنت الحارث لابنتها:

«أي بنية، إن الوصية لو تركت لعقل وأدب، أو مكرمة في حسب لتركت ذلك منك، ولزويته عنك، ولكن الوصية تذكرة للعاقل، ومنبهة للغافل.

أي بنية، إنه لو استغنت المرأة بغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، لكانت أغنى الناس عن الزواج، ولكن للرجال خلق النساء، كما لهن خلق الرجال.

أي بنية، إنك قد فارقت الحواء الذي منه خرجت، والوكر الذي منه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك ملكًا، فكوني له أمة يكن لك عبدًا، واحفظي عني خلالًا عشرًا، تكن لك دركًا وذكرًا.

· فأما الأولى والثانية: فالمعاشرة له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وحسن السمع والطاعة رأفة الرب.

· وأما الثالثة والرابعة: فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا طيب الريح. واعلمي، أي بنية، أن الماء أطيب الطيب المفقود، وأن الكحل أحسن الحسن الموجود.

· وأما الخامسة والسادسة: فالتعهد لوقت طعامه، والهدوّ عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيـص النومة مغضبة.

· وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والرعاية على حشمه وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال من حسن التقدير، والرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير.

· وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سرًا، ولا تعصي له أمرًا، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.

واتقي الفرح لديه إن كان ترحًا، والاكتئاب عنده إذا كان فرحًا، فإن الأولي من التقصير، والثانية من التكدير.

 واعلمي أنك لن تصلي إلى ذلك منه حتى تؤثري هواه على هواك، ورضاه على رضاك، فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك، ويصنع لك برحمته». 

انتهت الوصية.. فهل لدينا القدرة والشجاعة على تحسس هذه الكلمات في داخل أنفسنا؟ لنجرب.

                                                                                   الكوكبي

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

زوجتي جميلة ولكن..!

نشر في العدد 2122

97

الأربعاء 01-أغسطس-2018