; رسالة أمريكا (401) | مجلة المجتمع

العنوان رسالة أمريكا (401)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 27-يونيو-1978

مشاهدات 79

نشر في العدد 401

نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 27-يونيو-1978

الأمريكيون يصرخون..  أوقفوا الجريمة في برامج التلفزيون

ونحن.. هل نبدأ من حيث ينتهي الآخرون..؟

*في العام الماضي قام شاب أمريكي في مدينة ميامي بولاية فلوريدا بقتل مسن يبلغ السبعين، وحين التحقيق مع هذا الشاب الذي لم يجاوز السادسة عشرة من عمره فإذ بأن السبب الرئيسي الذي حداه إلى هذه الجريمة أنه كان يريد أن يطبق ما رأى في التلفزيون في مسلسله -كوجاك - كوجاك- مسلسل بوليسي أمريكي.. وقد أثارت هذه القضية مع هذه النتيجة ضجة كبيرة في أوساط مختلفة كرجال الدين وعلماء النفس والاجتماع والمهتمين بشؤون التربية وغيرهم وكانت هذه القضية إحدى الدوافع التي حدت بكثير من العلماء والباحثين والمجلات المتخصصة وغير المتخصصة إلى إجراء دراسات متنوعة وعمل استفتاءات حول تأثير التلفزيون في مجال الجريمة.

* ومع استمرار صدور هذه الدراسات وتتابعها فقد تراوحت بين من يرى أن عرض الجريمة ومشاهدها على الشاشة ذو أثر فعال في ازدياد نسبة الجريمة في أمريكا، وبين من يرى أن الجريمة في التلفزيون ليست وحدها السبب الرئيسي في ازدياد تلك النسبة وأنه ليس لها ذلك الأثر الضخم الذي تصوره بعض الدراسات والبحوث، وإنما تعتبر الجريمة في التلفزيون واحدًا من الأسباب المختلفة لهذه القضية الخطيرة التي يواجهها المجتمع الأمريكي المعاصر. فمن الأسباب أيضًا ضعف الوازع الديني، وتدهور سلطة القانون، وتخفيف عقوبة الإجرام، وكذلك المشكلات النفسية التي يعيشها شباب أمريكا نتيجة لظروف متعددة..

*ومع هذا الاختلاف في إبراز حجم التأثير الذي يتركه التلفزيون في الجريمة فإن هؤلاء يتفقون جميعًا من حيث المبدأ على أن للتلفزيون أثرًا يختلف حجمه من مجتمع إلى مجتمع ومن وقت إلى آخر في بعث دوافع الإجرام والاعتداء في نفوس الناس على الأخص الشباب والأطفال.

* وإضافة إلى العلماء والمربين الذين اهتموا بهذه القضية فإن كثيرًا من طبقات الشعب قد بدأ يدرك الخطورة التي تنبع من استمرار برامج الإجرام على شاشة التلفزيون، ففي ولاية جورجيا قامت مظاهرات شعبية تطالب بإيقاف برامج الجريمة والجنس في التلفزيون، ومن ضمن اللافتات الكثيرة التي ارتفعت في تلك المظاهرات "فضلاً أوقفوا الجريمة واللاأخلاقية في التلفزيون".. وكذلك "إننا لا نريد الجنس أو الجريمة في التلفزيون"..

*ومن ضمن الدراسات المتعددة التي صدرت عن هذه القضية نشرت جريدة- كريستيان سانيس مونيتور في عددها الصادر يوم 27 مارس 1978م مقالاً عن الدراسة الإحصائية التي قامت بها جمعية الآباء والمدرسين الوطنية حول أثر التلفزيون في الجريمة وتعتبر هذه الدراسة من أوسع الدراسات التي عملت في هذا المجال حيث اعتمدت على أكبر عدد من الناس في استفتاءاتها وإحصاءاتها على امتداد الولايات المتحدة. وقد بلغت صفحات هذه الدراسة 50 ألف صفحة ومن صحف الحقائق التي وردت فيها:- أن الطفل إذا بلغ 17 من عمره تكون نسبة الوقت الذي صرفه في مشاهدة التلفزيون أكثر من تلك النسبة التي صرفها في غرفة الدراسة.

- بين سن 5 و 10 نسبة عمليات القتل التي يشاهدها الطفل في التلفزيون تبلغ 13 ألف عملية قتل.

- الجريمة في التلفزيون تساهم في بعث روح الاعتداء- العدوان- في سلوك الشباب.

- يلاحظ نمو فقدان العاطفة أو تحجرها لدى الشباب والبالغين بسبب مشاهدة الجريمة في التلفزيون والاعتياد عليها.

* وتقول المشرفة على هذة الجمعية في مدينة أوكلاهوما بأن: تجاهل هذه القضية، معناه تجاهل أن التلفزيون في الوقت الحاضر واحد من – المربين- المؤثرين في مجتمعنا. وتضيف المشرفة بأن من ضمن اللقاءات التي قامت بها لجنة الجمعية لإخراج هذه الدراسة لقاء تم مع أحد رجال البوليس في مدينة شيكاغو حيث عمل هذا الرجل في سلك البوليس مدة 35 عاما، ولا يذكر أنه استخدم مسدسه أكثر من مرتين فقط، بينما يرى الأطفال في التلفزيون كل ليلة عددًا كثيرًا من المسدسات تنطلق منها عيارات قاتلة، وكذلك يرى مشاهد أخرى متنوعة.. وتتابع: لقد حان الوقت لأن نتوقف عن الكلام فحسب.. إننا يجب أن نفعل شيئًا اتجاه هذه المشكلة.

* ثم تناقش المشرفة اللوم الذي يوجهه موجهو التليفزيون في هذه القضية إلى الوالدين في أنهم لا يحاولون التعاون مع أبنائهم في ضبط أوقات مشاهدة التليفزيون، ورغم أن المشرفة ترى أن هذا جانب مهم من العلاج، إلا أنها تضيف أن هناك كثيرًا جدًّا من الأطفال والشباب الذين لا يمكن مراقبة أو تحديد أوقات مشاهدتهم للتليفزيون وخصوصًا في مجال العدد الكبير من الوالدين الذين يعملون معًا خارج المنزل ..

* وفي نهاية المقالة تطلق المشرفة هذا التهديد.. أن هذه الدراسة تعتبر أوسع وأعم دراسة من نوعها وينبغي أن يستجيب التليفزيون لنداء الواقع والمعلومات العلمية، فإن لم يستجب ولم تنخفض نسبة الجريمة في التليفزيون فإن الجمعية ستسعى إلى استخدام وسائل أخرى للضغط.

* تلك لمحة عن قضية من أخطر القضايا التي يعانيها المجتمع الأمريكي .. صورة نقدمها للمسؤولين في إعلامنا في الدول الإسلامية.. ونقول لهم.. هل سنبدأ من حيث ينتهي الآخرون؟.

 

التدخين ينخفض في الغرب ويرتفع في العالم الثالث

*في دراسة صدرت حديثًا عن أحد المعاهد يلاحظ الأخصائيون أنه في الوقت الذي تنخفض فيه نسبة المدخنين في أوساط -المتعلمين- والطبقات في أمريكا الشمالية وأوربا، ترتفع نسبتهم بين المتعلمين والطبقات الثرية في دول العالم الثالث.

*وترى الدراسة أن أسواق بيع واستيراد الدخان والتبغ تتوسع في تلك الدول كنتيجة للتغيرات الاجتماعية وكذلك لترقي شركات الدخان فيها.

* في تقرير أمريكي عن التدخين في أمريكا لاحظ الباحثون أن سنة 1964 كانت بداية الانحدار في نسبة المدخنين بين الذكور البالغين من 53% في عام 1939م إلى 39% في عام 1975م، وكذلك انخفضت نسبة المدخنات من البالغات من 34 % إلى 29%.

* وقد أبرزت هذه الدراسة العلاقة بين عدم التدخين والتعليم، وأثبتت أن نصف المتخرجين من الكليات الذين كانوا يدخنون قد توقفوا عن التدخين؛ ففي جامعة –هارفارد- على سبيل المثال- كانت نسبة المدخنين في صفوف المبتدئين في الجامعة في عام 1977م تساوي 2٪ فقط.

بينما يلاحظ أن أكثر المدخنين في دول العالم الثالث هم طلاب الجامعات ومن ضمن الدول التي تمثل نسبة مرتفعة في هذا المجال الهند ويوغندا.

وفي بعض بلدان العالم الثالث يظهر أن التدخين -في نظر المدخنين- ينم عن التطور والمعرفة.

*وتحذر الدراسة من بعض الأخطار الصحية التي يمكن أن تنشأ نتيجة لارتفاع نسبة المدخنين في العالم الثالث، وقد حثت -منظمة الصحة العالمية- الأمم المتحدة أن تحول مساعداتها في ترقية زراعة التبغ إلى محصولات أخرى أقل ضررًا أو خبثًا.

ن زراعة التبغ اليوم تجارة رابحة في مسماها الدولي، فان مستهلكي الدخان -التبغ- في العالم يصرفون حوالي 85 إلی 100 بليون دولار كل عام في سبيل هذه العادة الضارة، ويمثل هذا المبلغ 25٪ من ميزانية العالم في النواحي العسكرية.

* وتقدم الدراسة تجربة السويد كإحدى الحلول الدولية لهذه القضية؛
حيث قامت السويد بعمل مشروع لحل مشكلة التدخين فيها، ومدة المشروع 25 عامًا. تأمل السويد بعدها أن تقدم للعالم أول جيل غير مدخن. 
ويبدأ المشروع أولًا بدعايات ضد التدخين في أوساط النساء الحوامل، ثم يواصل بين صفوف الأطفال في  المدارس منذ الروضة وخلال سنوات
الدراسة العامة. وسيمنع الأطفال أقل من 16 سنة من شراء الدخان وكذلك يمنع بيع الدخان في محلات بيع الأغذية أو في مكائن البيع الأوتوماتيكية. إعلانات الدخان سيعمل على إيقافها تدريجيًّا وأسعار الدخان سترتفع. وكذلك سيعمل على إجبار الشركات على وضع رسالة في كل علبة سجائر تحتوي 16 ضررًا صحيًّا للدخان.

* وتورد الدراسة أنه لا وجود لمثل هذه الرسالة التحذيرية في العالم الثالث. ففي –تایوان- مثلا يقومون بإلصاق دعايات التدخين على علب السجائر نفسها. ومن ضمن هذه الدعايات: حافظ على احترام الناس لك وثقتهم بك.. كن هادئًا في وجه الشدة.. - من: كريستيان سانيس مونيتور 27-3- 1978م. 

* إننا نقدم هذه الدراسة..

 إلى المدخنين في عالمنا الإسلامي.. ليعتبروا ..

- وإلى المسؤولين عن هذه القضية في المجال الحكومي ليعملوا على الحد من تفاقم هذه المشكلة.

- وإلى خبراء الصحة الذين تقع عليهم مسؤولية تحذير المسؤولين الحكوميين، وكذلك العمل على توعية الناس بمخاطر التدخين الصحية.. 

- وإلى الصحافة ووسائل الإعلام.. ليتوقفوا عن إعلانات التدخين.. ويعملوا على توعية الناس وتجنيبهم الوقوع في هذه العادة الخطرة...

إنها مسؤولية نحملها كل مسؤول له علاقة بالأمر.. وكلنا أمل في أن يجد هذا النداء آذانا صاغية... وطوبى لمن أدرك خطورة المشكلة وعمل على القضاء عليها .. حتى يجنب أمتنا مشكلات عديدة .. يخبئها لنا المستقبل ..

الرابط المختصر :