; الأَتُونِيون.. حلقة في مسلسل الأديان الحديثة | مجلة المجتمع

العنوان الأَتُونِيون.. حلقة في مسلسل الأديان الحديثة

الكاتب أحمد لطفي عبد اللطيف

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1976

مشاهدات 14

نشر في العدد 322

نشر في الصفحة 48

الثلاثاء 26-أكتوبر-1976

يقف الإسلام منذ ظهوره وإلى اليوم أمام أعداء ثلاثة، اليهودية والوثنية والنصرانية، وهؤلاء الثلاثة قد عقدوا بينهم حلفًا لحرب ديننا والقضاء عليه إن استطاعوا، ولن يستطيعوا!

وقد اتبعت هذه المعسكرات الثلاثة في حرب الإسلام طرقًا شتى وأساليب متنوعة، فقد بدأت بالمجابهة العسكرية المباشرة، فكان الفشل حليفها دائمًا. فقد بقي الإسلام طودًا شامخًا تتكسر على صخرته الصلدة جميع الحملات العسكرية. 

ونتيجة لهذا الفشل الذريع نوع الأعداء في أساليبهم وطرقهم، فلجأوا إلى بث الدعوات الباطنية والشعوبية، فكان لها تأثير في كيان العالم الإسلامي أشد وأنكى من حملات عسكرية جرارة، ولكنها لم تصل بالأعداء إلى هدفهم الكبير، فلجأوا إلى أساليب أخرى كثيرة من أهمها..  إرساليات التبشير التي تستخدم  الأعمال الإنسانية في سبيل الهدم والتدمير! ولجأوا إلى إقامة الأحزاب السياسية، واستغلوا بواسطتها الأقليات المتناثرة في العالم الإسلامي، ثم قاموا بفرض الثقافة النصرانية الوثنية اليهودية على المسلمين عندما تولوا زمام الأمور في البلاد الإسلامية مع انهيار المقاومة العسكرية للمسلمين في العصر الحديث، ثم فرضوا على المسلمين التأخر الاقتصادي والعلمي والثقافي وجعلوا من دون ذلك ستارًا حديديًا لا ينفذ منه إلى المسلمين إلا ما كان غثًا مهلهلًا تافهًا، وأشاعوا الانحلال الخلقي ونشروا البغضاء والحسد والشقاق بين الشعوب الإسلامية، بل وبين أبناء الشعب الواحد معلنين سياستهم الدنيئة في ذلك «فرق تسد»! 

وكان من أخبث الطرق التي لجأ إليها هذا الثالوث الحاقد لتشكيك المسلمين في دينهم والسيطرة على أفراد من المسلمين الضعفاء بدعة «الأديان الحديثة» فإذا كان المسلمون لا يقبلون على النصرانية واليهودية والوثنية فلماذا لا يخترعون لهم أديانًا جديدة براقة تستل من بينهم جماعات وأفرادًا ؟! فكان أن ظهر مسلسل «الأديان الحديثة» بدءًا بالبهائية ومرورًا بالقاديانية والمهاريشية وانتهاء بالدين الذي أعلن هذه الأيام باسم «الأتونيون». 

وأعداؤنا في ممارستهم لكل هذه الأنواع والأساليب في حرب الإسلام لم يتخلوا لحظة واحدة عن أسلوب التصفية الجسدية لقادة المسلمين الأوفياء وعلمائه المخلصين كلما سنحت لهم الفرصة وواتتهم المناسبة! 

نكتب هذا مقدمة لحديثنا عن الحلقة الجديدة في مسلسل الأديان الحديثة، وهو ما يسمى «بالأتونيين» والأتونيون كما نشرت عنهم جريدة الدستور الأردنية، في عددها رقم ۳۳۰۳ بتاريخ ٨-١٠-١٩٧٦م نسبة إلى الإله الفرعوني القديم «أتون» ومكانهم المقدس/ الهرم الأكبر بمصر/ لذا فإنهم يحجون إلى هذا الهرم الأكبر وتتلخص طقوس الحج عندهم بالوقوف قبل شروق الشمس بساعتين على ربوة عالية عند الهرم الأكبر وعيونهم مشدودة إلى الشرق نحو الشمس، وبمجرد بزوغ الشمس يركع الجميع على نصف ركبة إلى أن يكتمل قرص الشمس بالسماء، ومن لم ير قرص الشمس في صبيحة يوم «الحج»! فلا حج له، وبعد ذلك يتوجهون إلى «أبي الهول» ويقرأون صلوات قصيرة ثم يتوجهون إلى الهرم الأكبر ويذهبون إلى غرفة الدفن فيه فيؤدون تمتمات يزعمون أنهم يغسلون بها ذنوب العالم كله!، وتقود موكب الحج هذا «كاهنة» ترتدي لباس الفراعنة القديم وتردد ترانيم فرعونية قديمة ويردد أتباعها من خلفها هذه الترانيم!

وتقول الدستور بأن الكاهنة، واسمها «باتريشيا دي سيمون»، وأتباعها جميعهم جاءوا من أمريكا، بالرغم من أنهم أمريكيون فإنهم يزعمون بأنهم مصريون!، أما كيف جاءتهم هذه «المصرية» فإنهم يزعمون أنهم في الأصل من قدماء المصريين، ماتوا ثم بعثوا حديثًا بصورة أمريكية!.

وتزعم جريدة الدستور أن لهذه الكاهنة وديانتها الأتونية أتباعًا يعدون بالملايين!

هذا ملخص لما نشرته الجريدة الأردنية عن هذه الديانة المزعومة، ولا يفوتنا أن نلفت النظر هنا إلى أمور لا نشك بأنها مقصودة من وراء الدعوة لهذه الديانة: 

أولها: أن المقصود بهذه الحركة «الديانة» هو الدعاية لها وبثها بين أبناء المسلمين، لذا كان مكان الحج فيها إلى بلد إسلامي. 

وثانيها: أن اختيار مصر بالذات كان مقصودًا، وذلك لأن مخططي السياسة الأمريكية يعلمون مدى تأثير مصر في المسلمين جميعًا. 

وثالثها: أن أمريكا وأحلافها قد لاحظوا فتور الدعوة الفرعونية في مصر، وكانوا قد أثاروها في الماضي وفرضوا بعض مظاهرها على الحياة المصرية، فأرادوا بهذه الحركة أن يبعثوا الفرعونية من جديد في صورة ديانة مركزها مصر، وأصلها فراعنة مصر!

ورابعها: جعل القيادة في هذه الديانة للنساء، فاختاروا لها «سجاح أمريكية» وهذا أسلوب من أساليبهم في تزيين أفكارهم وبثها بين المسلمين، فهم قد دأبوا على دفع المرأة المسلمة إلى مهام لا يقرها الإسلام ولا تصلح لها، وزينوها لها حتى تقف بالتالي من الإسلام موقف العداء، وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد!

وخامسها: أن هذه الديانة ديانة توحيد فيما يزعمون، فإذا كانت هذه الديانة تدعو إلى التوحيد- بزعمهم الباطل- فلم يعد الإسلام هو الديانة الوحيدة التي ترفع شعار التوحيد، وهم- بظنهم السوء- يفقدونه هذه الميزة التي جعلته طودًا شامخًا لا يتزعزع.

وبرغم هذا الزعم، فإن مفهوم التوحيد عندهم هو التوجه بالتقديس نحو الشمس وأبي الهول والهرم الأكبر.

وسادسها: أن هذه البدعة خليط من أفكار عبدة الكواكب وأصحاب التقمص وطقوس النصارى وهو ما يحرص أعداؤنا على بثه في أذهان المسلمين لتتشوش في عقولهم المبادئ الإسلامية.

وسابعها: أن في ثنايا هذه البدعة دعوة إلى التخلي عن الضمائر والفضائل في ارتكاب الذنوب بلا رقيب، ذلك لأنهم يزعمون أنهم بصلاتهم عند الهرم الأكبر يغسلون ذنوب العالم كله. فلا بأس إذن أن يرتكب العالم ذنوبًا أخرى ويزيد في ارتكاب الذنوب طالما أن هذه الفئة قد تبرعت بغسلها بتمتمات عند «غرفة الدفن» في الهرم الأكبر! 

وأخيرًا يجب ألا يفوتنا في نهاية هذا العرض السريع والتعليق الخاطف أن نسجل ملاحظات ثلاثًا: الأولى: كيف سمحت مصر لهذه الشرذمة من الأمريكيين في ممارسة خزعبلاتهم على أرضها، وأين من هؤلاء الأزهر وعلماؤه والجماعات الإسلامية ورجالاتها؟

الثانية: كيف سمحت جريدة الدستور الأردنية لنفسها- ورئيس مجلس الإدارة فيها وزير الأوقاف الحالي- أن تنشر مقالًا مستفيضًا عن هذه الديانة المزعومة يشتم منه الإعجاب والتقدير لما جاءت به هذه الشرذمة من الأمريكيين!

الثالثة: نريد أن نؤكد لأعداء ديننا أن الإسلام كمبدأ قد تكفل بحفظه وصيانته رب الناس جميعًا، وأن مثل هذه الدعوات الباطلة لا تلقى استجابة إلا من شراذم هم عبء على الإسلام والمسلمين، أما أصحاب العقيدة السليمة وعامة الشعوب الإسلامية فإنها تلفظ مثل هذه الترهات لأنها لا تتفق مع العقل الراجح والفطرة السليمة.

ونحن في نهاية كلمتنا نتوجه إلى حكومات الدول الإسلامية ونطالبها بأن تقوم ببعض واجبها نحو شعوبها المسلمة، وأن تمنع مثل هذه الدعوات من التسلل إلى بلادنا، وإلا فهم شركاء في الآثام التي ترتكبها مثل هذه الدعوات، وإلى الله المشتكى، وهو حسبنا، ولا حول ولا قوة إلا به.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل