; الإرهاب الغربي.. حقائق وأرقام | مجلة المجتمع

العنوان الإرهاب الغربي.. حقائق وأرقام

الكاتب جمال خطاب

تاريخ النشر الثلاثاء 01-أغسطس-2017

مشاهدات 24

نشر في العدد 2110

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 01-أغسطس-2017

ذكر «ريتشارد تك»، نائب رئيس فريق العمل لشؤون الإرهاب في فترة رئاسة «رونالد ريجان»، الرئيس الأربعون للولايات المتحدة الأمريكية الذي تولى عام 1981م، حيث الفترة التي تصاعدت فيها نبرة الحديث عن الإرهاب؛ ذكر أن 6 مشروعات تقترح تعريف الإرهاب قد قدمت للرئاسة - أو للرئاسات الأمريكية المختلفة - لم تقبل جميعها من كل الإدارات الأمريكية.. لماذا؟!

يوضح كلام «تك» السابق رغبة أمريكا البيّنة أن يظل مفهوم الإرهاب مبهماً وغامضاً بصورة مقصودة، فلو أرادت أمريكا تعريف الإرهاب لفعلت، ولو أرادت أن تفرض تعريفاً للإرهاب جامعاً ومانعاً لفرضت، لكنها لا تريد، تريده أن يكون غير محدد.. لماذا؟ لأنها تريد مفهوماً مرناً فضفاضاً تكون لها وحدها الحق في أن تلبسه من تشاء وتنزعه عمن تشاء.

فالمستوطنون الصهاينة، وهم مدنيون متدينون يستظلون بظل وبندقية الاحتلال، يقتلون مدنيين فلسطينيين يدافعون عن بيوتهم التي احتلت بقوة الجيش الصهيوني ولا يتهمهم أحد بالإرهاب، و»حماس» المنتخبة شرعياً التي تقاوم احتلالاً استيطانياً مجرماً واضح المعالم توصم بالإرهاب.

مملكة الرعب

ترفض أمريكا تعريف الإرهاب؛ لأنه لو تضمن «قتل المدنيين»؛ فستصبح أمريكا أكبر إرهابي عرفه التاريخ البشري بقتلها عشرات الملايين من المدنيين في الفلبين واليابان وفيتنام وكوريا وكمبوديا وأفغانستان والعراق وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية!

ولو تضمن تعريف الإرهاب “الإبادة الجماعية”؛ فأمريكا هي التي أبادت أكثر من مائة مليون هندي أحمر لتستوطن أراضيهم الشاسعة وتسرق خيراتهم اللانهائية؛ حيث ذكر منير العكش في كتابه “أمريكا والإبادة الجماعية” ما يدل على الجرائم التي ارتكبها “جورج واشنطن” - المسمى بأبي الجمهورية الأمريكية - ضد الشعب الهندي الأحمر؛ حيث ذكر أنه في عام 1779م أصدر “واشنطن” أوامره إلى الجنرال “جون سوليفان” بأن يحيل مساكن هنود الأوروكو إلى خراب، وألا يصغي لنداء السلام حتى تمحى قراهم ومدنهم وآثارهم من وجه الأرض.

وذكر أنه قال: إن طرد الهنود من أوطانهم بقوة السلاح لا يختلف عن طرد الوحوش المفترسة من غاباتها، كما يذكر أنه دمَّر 28 بلدة من أصل 30 بلدة من بلدان الهنود؛ ولذلك لم يكن غريباً أن سمَّوه «هدام المدن».

ولم يكن ذلك موقف «أبي الجمهورية الأمريكية» فحسب؛ بل إن “توماس جيفرسون”، المسمى «رسول الحرية الأمريكية» وكاتب وثيقة الاستقلال، أمر وزير دفاعه بأن يواجه الهنود الذين يقاومون التوسع الأمريكي بالبلطة، وألا يضعها حتى يفنيهم أو يسوقهم وراء المسيسبي؛ قائلاً: “إننا مجبرون على قتل هؤلاء الوحوش أو طردهم مع وحوش الغابات إلى الأحراش”.

ولو تضمن تعريف الإرهاب “قتل الأسرى”؛ فأمريكا هي التي قتلتهم وعذبتهم، ومجازر قتل أسرى الحرب أكثر من أن تحصى، كما حدث في مجزرة “كانيكاتي” بإيطاليا على يد العقيد “جوزيف مكافري”، ومجزرة “داتشاوي” في ألمانيا، ومجزرة “بيسكاري” بإيطاليا، وما ملحمة قتل وتعذيب الأسرى في “جوانتانامو” عنا ببعيد.

وقد أرجع المؤرخ الأمريكي “جيمس وينجارتنر” القلة الشديدة لأسرى الحرب اليابانيين لدى الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية لعاملين أساسيين:

- مقاومة اليابانيين الشديدة للاستسلام.

- اقتناع أمريكي منتشر لدى الجنود الأمريكيين بأن اليابانيين عبارة عن “حيوانات” أو “غير آدميين” بما لا يعطيهم حق المعاملة بقوانين حماية أسرى الحرب. 

ولو عد “الاغتصاب” إرهاباً؛ فالأمريكيون هم الذين اغتصبوا اليابانيات والكوريات والفيتناميات في حروبهم وتدخلاتهم البشعة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

إذن فالإصرار على الغموض مقصود ومتعمد؛ حتى يظل ما يسمى بـ”الإرهاب” مصطلحاً فضفاضاً متروكاً للإعلام الذي يعتمد الإيحاء والظن، خاصة الإعلام الموجَّه والمسيطَر عليه أمريكياً وصهيونياً الذي يصم المسلمين دون غيرهم بالإرهاب لتبرير حربهم وقتلهم وتشريدهم وقمعهم وسرقتهم ونهبهم للمسلمين، الإعلام الذي يسلط أغلب الضوء على حوادث قليلة منعزلة كثير منها مفتعل أو مضخم. 

هذا الإعلام وهذه الدعاية التي يسميها “نعوم تشومسكي” هراوة الديمقراطيين عندما يقول: “الدعاية في النظام الديمقراطي بمثابة الهراوات في الدولة الشمولية”؛ يقوم بأهم الأدوار فيما يسمى بالحرب علي الإرهاب.   

إحصاءات فاضحة

أوهم الإعلام الغالبية العظمى من سكان العالم بأن «الإرهاب» إسلامي، وجعل المغفلين يكررون المقولة الكاذبة الضالة المضللة: «إذا لم يكن كل المسلمين إرهابيين، فكل الإرهابيين مسلمون»، وهذا كذب صراح وتضليل فج؛ فأرقامهم وإحصاءاتهم هم تكذّبهم؛ لأن الجرائم الإرهابية التي تنسب لمسلمين في كل من أوروبا وأمريكا لا تشكل إلا نسبة قليلة.

ففي مارس 2007م أصدرت منظمة الشرطة الأوروبية تقريراً عن وضع واتجاه الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، جاء فيه أنه في عام 2006م حدثت 498 عملية إرهابية في دول الاتحاد الأوروبي، 424 منها أوقعتها منظمات انفصالية، و55 عملية قامت بها منظمات يسارية، و18 عملية قامت بها منظمات إرهابية مختلفة، وعملية واحدة فقط نفذت من طرف مسلم في ألمانيا؛ أي بنسبة 0.2%.

ومع ذلك، فإن عدد المعتقلين المسلمين بتهمة الإرهاب وصل إلى 257 من مجموع 706 معتقلين؛ أي بنسبة 36.4%، في حين لم يعتقل من الانفصاليين سوى 226 شخصاً بنسبة 32%، رغم أن نسبة عملياتهم بلغت 85.1%، والعجيب أن التقرير الذي جاء بهذه الأرقام يعتبر أن مواجهة “الإرهاب الإسلامي يعد أولوية” بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي!

والإحصاءات في أمريكا أيضاً تقول: إنه من عام 1980 إلى 2005م؛ فإن 42% من الأحداث الإرهابية حدثت بواسطة أمريكيين من أصل مكسيكي (لاتينو)، و24% بواسطة متطرفين أمريكيين، بينما المسلمون لهم علاقة بأقل من 6% فقط!

ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى عام 2014م عدد الضحايا لهجمات إرهابية بواسطة مسلمين في أمريكا هو 37 شخصاً فقط من أصل 190 ألفاً تم قتلهم في هجمات إرهابية بالأسلحة. 

وفي إحصاءات لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب فيما بين عامي 1997 و2002م؛ اعتبرت 77 عملية عام 2002م بمثابة عمليات إرهابية ضد أهداف أمريكية، 46 منها في أمريكا اللاتينية، و16 عملية في الشرق الأوسط، كما وقعت 355 عملية في عام 2001م اعتبرت بمثابة إرهاب دولي، منها على سبيل المثال 29 عملية فقط في منطقة الشرق الأوسط، و201 في أمريكا اللاتينية.

ومع ذلك لم نسمع شيئاً عن الإرهاب اللاتيني أو الكاثوليكي، لكننا سمعنا الكثير عن الإرهاب العربي أو الشرق أوسطي أو الإسلامي.

ولأن الحملة الحالية ضد “الإرهاب” أيديولوجية وفكرية بامتياز، والخصم الأساسي فيها هو الإسلام والمسلمون، وبعض مؤسساتهم الفكرية والاجتماعية؛ يتوقف الأمريكيون كثيراً قبل أن يحاولوا أن يحددوا أو يعرّفوا مصطلح الإرهاب.

وقد ذكرت صحيفة “لوتون” السويسرية، في تقرير ترجمته “عربي21”، أن الكاتب الإنجليزي الساخر “جورج أورويل” قال ذات مرة: “إن البشر الذين يعيشون خارج القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية، وبعض البلدان المتقدمة في آسيا، لا يعتبرون بشراً”؛ ولذلك فأمريكا باحتكاراتها الاقتصادية ومن أجل استمرار هيمنتها على ثروات الكوكب إلى ما لا نهاية، ترى البشر خارج إطار العالم الأول، وتتعامل معهم على أنهم بشر بلا حقوق ولا حرية ولا إرادة ولا رأي.  

أسباب الإرهاب

الظلم والقمع والقهر أهم دوافع الإرهاب، كما يقول محاضير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، في خطبة بماليزيا عام 2004م؛ حيث ذكر أن «الإرهاب حرب الضعفاء ضد الأقوياء، فما دام يوجد هذا الفارق الهائل بين القوي والضعيف في القدرة على القتل فلا بد أن تحدث هجمات إرهابية رداً على أنواع القهر التي يذيقها القوي للضعيف».

ويضيف أن “الحرب التقليدية ليست أكثر من إرهاب معطى شرعية، والمقتولون أكثرهم عزل وليسوا مقاتلين، إنهم ضحايا إرهاب القنابل والصواريخ، وهم مثل ضحايا الهجمات الإرهابية؛ ولأن الحرب التقليدية ترهب الناس فيجب أن يتم وضعها في الحقيبة نفسها كالأعمال الإرهابية التي يقوم بها الإرهابيون غير النظاميين، وليس لأحد الحق في أن يتوج نفسه مالكاً وملكاً لناصية الأخلاق والحق”.

الرابط المختصر :