; الإنسان.. والكون حياة تبدأ من خلية واحدة! | مجلة المجتمع

العنوان الإنسان.. والكون حياة تبدأ من خلية واحدة!

الكاتب أ.د. زغلول النجار

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أبريل-1973

مشاهدات 24

نشر في العدد 144

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 03-أبريل-1973

الإنسان.. والكون حياة تبدأ من خلية واحدة! الخلية تشبه بناء الذرة! للأستاذ الدكتور: زغلول النجار أستاذ الجيولوجيا بجامعة الكويت ● الإنسان جزء من هذا الكون المادي.. ولكنه يختلف عن كل ما فيه بأنه أيضًا كيان روحي عاقل.. يفكر، ويدرك ما يفكر، ويستطيع التعبير عن تفکیره ببیان واضح، وهو يحس في نفسه معاني وقيمًا للأشياء والأفعال تجعله قادرًا على أن يدرك ذاته ويجدها متميزة على كل ما سواها من الكائنات الحية الأخرى رغم ما بينه وبينها من شبه في البناء، وعلى ذلك فلیست إنسانية الإنسان بجسده المادي المعقد البناء وصفاته التشريحية الخاصة.. إنما الإنسانية فيه هي ارتقاء إلى الدرجة التي تؤهله للخلافة في هذه الأرض واحتمال ............ ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ﴾ (سورة الأحزاب: 72)، ومن هنا أفرد الإنسان وحده في مواجهة الكون؛ لأنه المخلوق الوحيد المتميز بالعلم والبيان والعقل والتفكير. ● أما الكون فهو مجموع الموجودات الكائنة وما يرتبط بها من قوى وعمليات متباينة في المكان والزمان وشملها ذلك النظام المذهل للأجرام السماوية.. المدروك منها حسيًّا وغير المدروك.. والذي يشمل أرضنا وشمسنا وقمرنا وغير ذلك من الكواكب والكويكبات والأقمار والمذنبات والشُهب والنيازك والنجوم التي تملأ الفضاء الكوني من ..... ندرك أكثرها. ● والأرض التي نعيش عليها هي شبه كرة من الصخر معلقة في الفضاء تبلغ كتلتها ٦٦٠٠ مليون مليون مليون طن، يحيطها غلاف هوائي يقدر سُمكه بحوالي ألف کیلومتر، ويغمر الماء ثلاثة أرباع سطحها، وعلى هذه الأرض تدب صور متباينة من الحياة تقدر بملايين الملايين من الأفراد التي وإن اختلفت فيما بينها تجمعها وحدة في البناء. الوحدة العظمى تتنظم الكون: ●جماده.. وأحياءه ●نباته.. وحيوانه ●صلبة وسائله وغازه ● والأرض تدور حول نفسها في الفضاء الكوني في يوم ينقسم إلى نهار وليل كما تدور في مدار خاص حول الشمس في سنة تنقسم إلى فصول أربعة ويبلغ متوسط بُعد الأرض من الشمس 50 ............ عن الأرض ۳۸۰ ألف كيلومتر فقط، ويدور حول الشمس ثمانية كواكب أخرى يتراوح بُعدها عنها بين ٥٨ مليون و ٦٠٠٠ مليون كيلومتر، وتعتبر الأرض والكوكب الثالث بعدًا عن الشمس. ▪والشمس نجم متوهج مضيء بذاته، في حالة شبه غازية، يبلغ متوسط قطرها أكثر من مليون كيلومتر و تبلغ كتلتها حوالي ۲۰۰۰ مليون مليون مليون مليون طن، وتبلغ درجة حرارة سطحها ٦٠٠٠ درجة مئوية، وتتزايد الحرارة في اتجاه مركزها إلى ۲۰ مليون درجة مئوية، وهي تتكون أساسًا من نفس العناصر التي تتكون منها الأرض ولكن بنسب متفاوتة؛ حيث يكون الهيدروجين معظم مادتها، والشمس في نشاط نووي مستمر هو سر الطاقة الهائلة الناتجة عنها منذ نشأتها حتى اليوم وإلى أن يشاء الله. ▪والشمس ترتبط بالكواكب التسع التي تدور حولها بتوازن محكم يمكــن الكواكب من أن تبقى في أفلاكها الثابتة حول مراكزها. ﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ (يس: ٤٠) ▪ويشكل ذلك النظام «شمس في الوسط وعدد من الكواكب تدور حولها» ما يُعرف باسم «المجموعة الشمسية»، وهناك أكثر من مئة ألف مليون نجم کشمسنا ترتبط فيما بينها بنظام دقيق مكونة ما يعرف باسم المجرة، وتفصلها عن بعضها مسافات لا يمكن التعبير عنها بمقاييسنا الأرضية المعروفة، فاقترح العلماء لقياسها ما يُعرف بالسنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته المعروفة «۳۰۰ ألف كم في الثانية» في سنة من سنيننا ومقدارها تسعة بلايين وأربعمائة وستون ألفًا وثمانمائة مليون كيلومتر. وأقرب النجوم إلى مجموعتنا الشمسية يبعد عنا ٤,٤ سنة ضوئية. ▪ومجرتنا تُعرف باسم «درب اللبان» على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره نحو مئة ألف سنة ضوئية وارتفاعه نحو عُشر ذلك، وتقع مجموعتنا الشمسية على بُعد ٣٠ ألف سنة ضوئية من مركزها، وعشرين ألف سنة ضوئية من أقرب أطرافها وبالسماء من أمثال مجرتنا ألف مليون مجرة توجد على هيئة عناقيد ترتبط فيما بينها بالجاذبية وتعرف باسـم«المجرات العُظمى» وهذه قد تكون فيما بينها مجموعات أكثر تعقيدًا. وكل ذلك ينطلق في ركن من الفضاء الكوني يُقدر قطره بخمسة آلاف مليون سنة ضوئية. ﴿فلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ (الواقعة: 75، 67). ▪وفي آفاق أوسع تنتشر السدم وهي تشبه مجرتنا من حيث طبيعة تكوينها ولكنها أكبر وأوسع وأكثر نجومًا، وهي تتفرق في الفضاء على هيئة جزر كونية قد يصل ضوء الواحدة منها إلى الأرض بعد مئة بليون سنة ضوئية. وكل منها يدور حول نفسه وحول مركز عام لها بسرعات متفاوتة. وهناك الكوازار وهي .. شبيهة بالنجوم على ... تجمع للمادة.. كثيف .. يعرفه العلم من قبل. كل هذه المكونات ●● تنطلق متباعدة عن ●● لتتسع مع اتساع ●● إلى نهاية لا يعلمها إلا خالق الكون، ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ (الذاريات: 47). وإذا رجعنا بهذا ●●ع مع الزمن إلى الوراء ●● إن كتلة الكون كلها عبارة عن كم مركز ●●ب العلماء أن السنتيمتر ●● منه كان يزن 250●● طن انبعثت منه المادة ●● هذا الكون المعقد، ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ (الأنبياء: 30) ثم يرتد البصر من هذا ●● المذهل في اتساعه.. ●● في دقة بنائه ووحدة ●●ليعود مرة أخرى إلى ●● فنجد ●●رتها مكونة من صخور ●● النشأة، وصخور ●●الأرضية تتركب من ●● متباينة البناء ●●ت، وتتركب المعادن من عنـاصر ومركبات.. عنـاصر الأرض زادت على المئة بقليل.. أخفها الهيدروجين وهو غاز وأثقلها اليورانيوم وهو صلب.. وتتركب العناصر من جزيئات.. ويتركب الجزيء من ذرات.. وتتركب الذرة من نواة في الوسط عليها شحنة كهربية موجبة وعدد من الإلكترونات يدور حولها في مدارات ثابتة محددة وتحمل شحنة كهربية سالبة تعادل شحنة النواة الموجبة لتحفظ للذرة حالتها من التعادل.. وقد يوجد بنواة الذرة أجسام متعادلة هي النيوترونات، تبلغ أجزاء الذرة من الدقة أن جرامًا واحدًا من اليورانيوم يحتوي على ألفي مليون مليون مليون ذرة. ● والإلكترونات تدور في مدارات حول نواة الذرة كما تدور الكواكب السيارة حول الشمس، وقُطر الذرة يكبر قُطر نواتها بعشرين ألف مرة مما يؤكد تشابه الفضاء الكوني بفضاء الذرة. ● هذه الصورة الواحدة في بناء المجموعات الشمسية على ضخامتها وعلى بناء الذرة على تناهيها في الصغر تدل دلالة واضحة قاطعة على وحدة الخالق الذي أتقن كل شيء صنعه ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (القمر: 49). ● والحياة بمختلف صورها تتكون من خلية واحدة أو من مضاعفات هذه الخلية، والخلية في بنائها تشبه أيضًا بناء الذرة.. وبناء المجموعة الشمسية كلها: نواة في الوسط تحمل أسرار الحياة وجسيمات وسوائل تدور حولها.. فهل هناك وحدة أتم أو أعم أو أشمل من ذلك..!! - وهكذا تتحلل مركبات هذا الكون إلى وحدة عظمى تنتظمه أجمع.. جماده وأحياؤه.. نباته وحيوانه.. صلبه وسائله وغازه.. في أدق دقائقه وفي أوسع مكوناته.. الكل ينطق بوحدة الخالق وعظمته وإعجازه. ● أثبتت دراسة الكون أن الأصل في مادته هو غاز الهيدروجين الذي اتحدت ذراته في درجات حرارة عالية جدًّا وتحت ضغوط كبيرة لتكوّن مختلف العناصر المعروفة.. وقد ثبت أن العناصر في مجرتنا وربما في الكون كله قد تكونت في الفترة من سبعة آلاف مليون إلى ستة آلاف وخمسمائة مليون سنة مضت، وأن الشمس قد تكثفت على هيئتها الحالية منذ ستة آلاف مليون سنة، وأن الكواكب الابتدائية قد تحولت إلى صورتها الحالية منذ حوالي خمسة آلاف مليون سنة.. وأن أقدم أثر للحياة ظهر على الأرض منذ ۳۰۰۰ مليون سنة.. وظهرت أول ما ظهرت الحياة النباتية وتلتها الحياة الحيوانية وكلاهما ظهر على الأرض لأول مرة في الماء ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء: 30). ● من هذا كله يتضح أن الكون المذهل الذي نعيش فيه لم يكن أزليًّا فقد كانت له في الأصل بداية وهو ليس بأبدي فلا بد أنه ستكون له في يوم من الأيام نهاية، وهو معجز في بنائه.. مذهل في اتساعه.. رائع في حركته وإتزانه.. ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (آل عمران: 190 – 191).
الرابط المختصر :