العنوان الاستراتيجية الجديدة.. استغلال الإسلام.. وهذا المؤتمر نموذج!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1971
مشاهدات 19
نشر في العدد 74
نشر في الصفحة 3
الثلاثاء 24-أغسطس-1971
الاستراتيجية الجديدة.. استغلال الإسلام.. وهذا المؤتمر نموذج!
قبل ستة أيام -۱۸ أغسطس الحالي- بثت وكالة رويتر خبرًا بالغ الخطورة.. ومضى في زحمة الأحداث الأخرى دون أن يثير اهتمامًا، أو يشحذ يقظة هذه الأمة.. ونحن نعرف أن من الأخبار ما يراد به هذا ابتداء.. بمعنى أن يبث الخبر بطريقة عادية. وبلا دوي ولا تعليقات مطولة. وذلك لمعرفة رد الفعل.. أي مدى تقبل أو رفض القضية التي يخدمها الخبر.. وبعد مرحلة انتظار «رد الفعل» يمضي المخططون في رسم خطتهم في ضوء التقديرات المناسبة. ولسنا -الآن- بصدد استعراض الأخبار التي تُصاغ وتُبث بخبث ذكي.. أو ذكاء خبيث فذلك موضوع آخر.. ولنركز السمع والبصر والفؤاد على الخبر الخطير.
فقد قالت رويتر: إن الدكتور/ إبراهام هير شبرغ؛ رئيس اتحاد حاخامات أميركا اللاتينية قد أعلن أن دعوته الرامية إلى عقد مؤتمر يضم كبار علمـاء المسلمين واليهود في الشرق الأوسط قد لقيت تجاوبًا وتأييدًا عظيمين
على المستوى العالمي وقال: إن استجابة مشجعة قد لمسها من اليهود والمسلمين -بمن فيهم مفتي القدس- وإنه أجرى اتصالات مع ممثلين دينيين مغربيين ومصريين وإنه تلقى رسائل تأييد من كبار الشخصيات الإسرائيلية كما تلقى رسائل مماثلة من نكسون ومؤسسة غاندي للسلام». فماذا يعني هذا؟
· إن الظروف والأحداث الجارية في هذه المنطقة والتي تبدو وكأنها رسمت قصدًا لتمكين إسرائيل.. هذه الأحداث والملابسات والاتجاهات الرامية إلى منح الكيان الصهيوني منعة الشرعية هي التي ولدت فكرة عقد هذا المؤتمر المريب.
إن دبلوماسية العـدو تستهدف إقرارًا من المنطقة العربية بشرعية الكيان اليهودي فوق أرضنا. وإعلام العدو يستهدف هذا.. وتحركاته الخفية والعلنية.. مناوراته ومؤامراته كلها تتجه في هذا الخط وتبتغي نفس الهدف. لكن اليهود يعلمون ويقدرون -على الأقل من تجربتهـم الخاصة- عمق العقائد الدينية وأثرها الفعال في جماهير منطقتنا هذه. ويعلم اليهود -بناءً على ذلك- أنه مهما تكن ضخامة المكاسب التـي يحصلون عليها من فوق.. فإن الجدار العقائدي الشعبي سيقف في وجوههم. ويمثل حاجزًا قويًا أمام حرکات الانفتاح الدائبة التي تقوم بها إسرائيل من أجل الانسياح في المجتمعات العربية وتخريبها -من ثم- من الداخل اجتماعيًا وفكريًا وأخلاقيًا بصورة مباشرة فما هو الموقف إزاء هــذا الجدار الصلب إذن؟
إن مهاجمة الجدار -مباشرة- تثير ردود فعل توازي الهجوم في القدر وتضاده في الاتجاه. وهذا وضع تغرق منه إسرائيل وتتحاشاه بكل وسيلة لأنه سيفجر ثورة عقائدية تلتهم كل المخططات.. وتفسد جميع الحسابات والتقديرات.. ومن التجارب المؤكدة أن الهجوم والتحدي لا يزيد العقيدة الإسلامية إلا توقدًا ومضاء. ومع تقدير العد لكل هذه الاحتمالات يمضي في محاولات الانفتاح وتخدير الجماهير المؤمنة. ولئن اعترف بفشل الهجوم العقائدي المباشر في زلزلة الجدار القوي فإنه يحاول اليوم «تذويب» الجدار.. رويدًا.. رويدًا..
والمؤتمر المقترح إن هو إلا عملية «تذويب» للجدار.
إن اليهود يريدون أن ينتزعوا من الإسلام اعترافًا بوجودهم الباطل.. يريدون إیجاد خلفيات إسلامية.. وتبريرًا من علماء المسلمين لاحتلالهم لفلسطين.. ومن أجل ذلك ينشط الحاخام الحاقد في الدعوة لمؤتمر يضم علماء المسلمين واليهود في منطقة الشرق الأوسط. وهذا أخطر ما واجهته أمتنا في تاريخها كله. فلقد واجهت هذه الأمة هزائم شتى.. ومرت عليها فترات انحطاط رهيبة.. بيد أن تلك الهزائم بقيت في دائرتها العادية.. ولم تأخذ طابع الذل الأبدي. وفق مبررات عقائدية وتاريخية. اليهود اليوم يريدون أن تبتلع أمتنا الهزيمة بكل مرارتها وبشاعتها.. ويريدون أن ترفع أمتنا أيديها بالتسليم.. ويريدون بعد ذلك كله أن تبرر الهزيمة ويبرر الاستسلام بأسباب عقائدية!
إن المؤتمر المريب لن يبحث في طبيعة الكيان الصهيوني في أرضنا.. وحاخامات اليهود لن يقبلوا أبدًا المناقشة ولا المساومة في «وجود» إسرائيل.. ولن يقبلوا أبدًا مجرد طرح سؤال: هل تبقى إسرائيل.. أم تزول؟
إذن؛ لماذا يُعقد المؤتمر؟ الجواب واضح جدًا.. وهو أن المؤتمر سيعقد لإبرام
«صلح» عقائدي وفكري واجتماعي بيننا وبين اليهود يواكب ويدعم شعارات
«الصلح» المطروحة في المنطقة.
اليهود حريصون على هذا الأمر أشد الحرص. فهم كلما أدركوا أن هناك عقيدة ما تقف في طريقهم أو تعرقل مسيرهم نظموا أنفسهم لإقامة صلح مع تلك العقيدة.. مثلًا وهم يتعاملون مع العالم النصراني أحسوا أن عقيدة الصلب تجعل كثيرًا من النصارى ينفرون منهم ومن هنا عمدوا إلى الفاتيكان لإبطال «عوامل» نفور بعض النصارى منهم. فالنصارى يعتقدون أن اليهود هم الذين صلبوا المسيح عليه السلام.. لكن اليهود استطاعوا أن يغيروا أصولًا أساسية في عقيدة النصارى فيصدر الفاتيكان «وثيقة» تبرئ اليهود من دم المسيح!! ونحن نؤمن أن صلب المسيح مسألة باطلة نفاها القـرآن الكريم.. إلا أن القضية التي تستحق الانتباه والاهتمام هي: استغلال اليهود للأديان في سبيل مصالحهم. وهذا المؤتمر استغلال بشع للإسلام.
· لقد أصدر الفاتيكان وثيقة تبرئ اليهود -وفق المعتقدات الباطلة- من دم
المسيح.
· وهذا المؤتمر المريب يحاول إصدار «وثيقة» تبرئ اليهود من جريمة
الاحتلال واغتصاب فلسطين. والعدوان على المسجد الأقصى.. والمذابح المروعة التي أقامها اليهود لأبناء فلسطين.
أليس كذلك يا حاخام إبراهام؟
· وليس هناك حل.. ليس هناك خلاص.. ليس هناك وسيلة لإحباط كل هذه
المخططات لاستغلال الإسلام ولفرض ذل أبدي على الأمة.. إلا الجهاد في سبيل الله.. وإذا كان اليهود يريدون هدم الجدار العقائدي فالجهاد وحده هو الذي يزيد هذا الجدار علوًّا وصلابة.. وإذا كان هناك علماء ورجال يبيعون دينهم بدنياهم ويساهمون في استراتيجية استغلال الإسلام فإن الرجل المجاهد وحده هو الذي يستعصي على كل ذلك لأن من باع نفسه لله لن يبيعها لأحد غيره أبدًا:
﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ﴾
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل