; الاستيطان يأكل ما تبقى من فلسطين.. فإلى متى السكوت؟ | مجلة المجتمع

العنوان الاستيطان يأكل ما تبقى من فلسطين.. فإلى متى السكوت؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 03-مارس-1998

مشاهدات 15

نشر في العدد 1291

نشر في الصفحة 9

الثلاثاء 03-مارس-1998

اعتمدت الحكومات الصهيونية المتعاقبة على اختلاف انتماءاتها السياسية  سياسة الاستيطان على الأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبارها من القواعد الأساسية الثابتة والمستمرة التي قامت عليها دولة الاغتصاب.

وتستهدف هذه السياسة فرض الأمر الواقع وإخفاء معالم جريمة اغتصاب الأرض، واستيعاب الهجرات اليهودية الكثيفة القادمة من شتى بقاع الأرض وإفشال أي حل مستقبلي يسعى إلى رد الأرض المحتلة لأصحابها.

ونسمع كل يوم عن خطط جديدة لالتهام ما تبقى من أرض فلسطين، وآخرها أن الحكومة الإسرائيلية تسعى باتفاق مع الوكالة اليهودية لحرمان الفلسطينيين من سكان المناطق المحتلة عام ١٩٤٨م داخل ما يسمى بالخط الأخضر من ملايين الدونمات، وذلك بنقل مسؤولية هذه الأراضي إلى الوكالة اليهودية، وستقوم الوكالة اليهودية بإقامة مزارع ضخمة عليها وعرضها على مستثمرين يهود من الخارج.

وهذه الأراضي صودرت في الغالب من أصحابها الفلسطينيين، أو وضعت السلطات الغاصبة يدها عليها في نطاق حملات المصادرة الكبرى التي لم تتوقف منذ قيام الكيان الصهيوني، وطالت بصفة خاصة أراضي الجليل والنقب.

ويقول تقرير أعدته دائرة الخرائط في «بيت الشرق» الفلسطيني في القدس الشرقية: إنه خلال عام ١٩٩٧م تمت مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية للبدء بإنشاء ۱۲ مستوطنة جديدة، وتوسيع حدود ١٤ مستوطنة، وإضافة وحدات سكنية إلى ٤١ مستوطنة ، إضافة إلى البدء بإقامة ثماني مناطق صناعية، وشق ستة طرق التفافية في الضفة الغربية، وقد صودرت لحساب هذه المشاريع عشرات الآلاف من الدونمات خلال عام واحد فقط.

ويقول تقرير آخر: «إن تراخيص البناء لحساب القطاع الخاص زادت خلال الشهور العشرة الأولى من عام ١٩٩٧م بأكثر من ٥٠%، وزاد عدد المستعمرين اليهود القاطنين في الضفة والقطاع خلال الفترة نفسها بنحو ١٥ ألف مستوطن جديد، وبلغ عدد المستعمرين اليهود في الضفة والقطاع ١٦٧ ألف مستوطن حسب إحصاءات مجلس المستوطنات اليهودية، وهو بمثابة هيئة عليا شبه رسمية للمستوطنين»

وحين تعلن بعض الحكومات الصهيونية وقف عملية الاستيطان، فإن ذلك لا يمثل إلا حيلة خبيثة ليس لها ظل من الحقيقة، إذ يلجأ المستعمرون إلى وضع بيوت متنقلة على الأراضي المغتصبة، وهذه لا تحتاج إلى موافقات حكومية من وزارة الدفاع، وسرعان ما يتم تزويد هذه المنشآت بالبنى التحتية لتتحول كل مجموعة منها إلى نواة لمستوطنة جديدة.

يحدث هذا في الوقت الذي يمارس فيه العدو عملية تطهير عرقي ضد سكان القدس العربية، حيث يحرمهم من الإقامة في مدينتهم، ويصادر أراضيهم ويمنع جمع شمل العائلات الفلسطينية داخل المدينة، كما يمنع منح الفلسطينيين تراخيص للمنشآت التجارية، أما المدارس فهي مهددة بالإغلاق.

وتطالعنا الصحف هذه الأيام بصورة أكثر من ستين شخصًا من أهالي المدينة يقيمون في العراء عند سفح جبل الزيتون بعد أن أصبحوا بلا مأوى.

إن الصهيونية ترى أن الأرض هي أهم مقومات الدولة التي لا تقف مطامعها عند حد، ومواجهة الاستيطان ينبغي أن تفهم في إطار مواجهة المشروع الصهيوني ككل، لأن الصهيونية هي «استيطان» كما قال أحد مفكريهم، وهم ليسوا على استعداد للتنازل عنه، وقد عبر عن ذلك بصراحة شديدة أحد المستعمرين على شاشة التليفزيون قبل أشهر، حين قال: «إذا كان الاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل سيؤدي إلى حرب بيننا وبين الفلسطينيين، فلتقع الحرب اليوم قبل الغد، فالاستيطان هو الصهيونية الحقيقية».

وإلى الذين يسيرون في عملية التسوية مع العدو نقول: إن الاستيطان لم يتوقف مع بدء عملية التسوية بل إنه تواصل بعد اتفاق أوسلو بوتيرة أعلى ، ليخلق واقعًا على الأرض الفلسطينية يصعب على أي مفاوض أن يجد له مخرجًا سوى التسليم بما يريده الجانب الإسرائيلي، ومن هنا تتجلى خطورة موافقة رئيس السلطة الفلسطينية على تأجيل بحث قضية الاستيطان إلى المرحلة النهائية للتسوية، فحينذاك لن تكون هناك أرض يتم التباحث بشأنها.

إن الاستيطان هو الحرب الحقيقية المعلنة على الشعب الفلسطيني كل يوم، والتي تستهدف في النهاية تجريده من كل مقومات الوجود على أرضه تمهيدًا للقذف به إلى البلدان المجاورة.

وفي خضم القضايا المفتعلة والأزمات المتتالية مؤخرًا، تنشغل الأمة على شاكلة ما فعل صدام حسين عن مواطن الخطر الفعلي، لتفاجأ بعد زمن وقد حلت الكارثة ببابها، فإلى متى الانتظار؟ وإلى متى الصبر على كيد الأعداء؟!

 

الرابط المختصر :