; الافتتاحية (100) | مجلة المجتمع

العنوان الافتتاحية (100)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 16-مايو-1972

مشاهدات 25

نشر في العدد 100

نشر في الصفحة 3

الثلاثاء 16-مايو-1972

دعوا الخليج وشأنه ولتكن صلتكم به «المصالح المتبادلة» لا الوصاية والصراع

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ أن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ، هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ أن اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، أن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ أن اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (سورة آل عمران:آية ١١٨ - ١٢٠) صدق الله العظيم.

دون أدنى امتعاض، وبنغمة لا إحساس بالخجل فيها تردد- هذه الأيام- صحف، ويردد كتاب، ويردد زعماء، كلامًا غريبًا، وخطيرًا.

من الذي سيمسك بمقاليد منطقة الخليج؟

من الذي ستكون له الغلبة والسيطرة في المستقبل؟

والتساؤل لا يدور حول رجال من أبناء الخليج، ولا حول طموح دول خليجية في المستقبل.

إن الأسلحة تطرح وتدور حول الأمريكان، والروس والإنجليز

من الذي سيسيطر على الخليج- من هؤلاء- في المستقبل؟

هكذا وكأن خليجنا ولاية أمريكية، أو جمهورية سوفيتية، أو مقاطعة إنجليزية.

إن هذا التفكير إلى جانب أنه فاقد الإحساس بالأصالة، والوطنية هو أيضًا عودة صريحة إلى عهود التسليم بالانتداب.

هو تفكير ينطوي على نظرة موغلة في التخلف والقدم، ويشجع الطامعين ويغريهـم بإطالة عمر نفوذهم في هذه المنطقة.

إن العالم يتجه إلى التحرر، ويكافح ببسالة من أجل التخلص من قيود الوصاية وإغلاق النفوذ الأجنبي، فلماذا يريد أقوام– إذن- إخضاع خليجنا من جديد لهذا النفوذ، أو ذاك؟

إن الخليج لأبناء الخليج، ولا وصاية بعد التحرر من النفوذ الدخيل، ولا تبعية، مع الاستقلال، الخليج لأهله، هذه قضية لا تحتمل المداهنة، ولا تقبل المساومة

وعلى الرغم من هذه البديهية الواضحة يدخل أناس في تفاصيل- بناءً على التسليم بقاعدة الوصاية- تفضل نفوذًا على نفوذ، بريطانيا سترحل عن الخليج، بل هي رحلت فعلًا، ولا تزال ماضية في تجميع شتاتها استعدادًا للرحيل النهائي.

وما دام الأمر كذلك فإن الأمريكان والروس على الأبواب، والصراع بينهما على أشده من أجل السيطرة على منطقة الخليج، أو من أجل الخروج من اللعبة بأكبر كمية من الأوراق الرابحة، على مائدة المساومات؛ ولننتظر حتى يسفر الصراع عن شيء، أو هيا بنا نقف بجانب هذه القوى ضد تلك.

هذا هو منطق الذين فقدوا الإحساس بأصالة انتمائهم، وفقدوا الشعور بالوطنية.

إن أغبى الحلول، استبدال نفوذ، بنفوذ

لماذا؟

لأن الوجود الروسي يؤدي- على الأقل بعوامل رد الفعل- إلى حضور الوجود الأمريكي، وحين يحضر الطرفان في الصراع تصبح المنطقة في دوامة من القلاقل المستمرة أما الحل الذكي، الحل الأبعد نظرًا، والأكثر تعبيرًا عن الأصالة، والثقة، والمصلحة الوطنية، والعصرية، والإدراك المستنير للاتجاهات التحررية في العالم الحديث، هو الإصرار القوي على تحرير الخليج من كل نفوذ أجنبي.

لماذا؟

لأن إغلاق المنافذ ضد النفوذ الأجنبي سيحمي الساحة من وجود الصراعات، ومنافسات المطامع، الوجود الروسي يستدعي- بمنطق تقاسم النفوذـ الوجود الأمريكي هذا صحيح، كذلك هناك قضية ذات معنى مغاير وهي:

عدم الوجود الروسي يعني عدم الوجود الأمريكي، على أن الأمر لا يخضع لإرادة هذه القوى المتصارعة.

وإنما يخضع لإرادة أبناء البلاد أنفسهم، فالذي يرفض النفوذ الروسي، يرفض- بنفس المنطق ولنفس السبب– الوجود الأمريكي.

وينبغي- هنا- توضيح نقطة مهمة، إن هذا الكلام لا يعني أبدًا وضع الخليج في قمقم لا ينفذ إليه ضوء، ولا حرارة، ولا هواء، إن التحرر لا يعني الانغلاق، ولا العزلة

والسؤال المهم هو: ماذا تريد القوى العالمية منا؟

إنها مصالح متبادلة، هي تريد بترولنا، ونحن نريد علمها وخبرتها، وبمنطق تبادل المصالح، يأخذ الخليج من العالم، ويعطيه.

إما إذا اقترنت هذه المعاملة بمحاولات فرض العقائد والأفكار، فهي محاولات فاشلة، لأنها تضر التبادل المصلحي أولًا، ولأنها خاسرة أدبيًا، ثانيًا، فالعقائد والأفكار لا تقبلها الشعوب عن طريق الفرض والإكراه.

ونحن نملك من العقائد والأفكار «فائضًا»، وبالتالي لا نعاني نقصًا يضطرنا للاستيراد.

ومن الخير قراءة الآيات التي وردت في مستهل هذه «الافتتاحية»، أكثر من مرة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا

(سورة آل عمران: آية 118)

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل