العنوان البترول العربي وقضَايا المصير
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-مارس-1970
مشاهدات 95
نشر في العدد 2
نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 24-مارس-1970
● أول من بدأ صناعة البترول وأول من حفر بئراً للبترول في العالم
● الكويت ومكانها بين الدول البترولية في العالم.
● الإنجليز والأمريكان وصراعهما حول بترول الشروق الأوسط
● البترول ومشكلة التأميم
● لابد من دخول سوق الشمول البترولي في كل المراحل
عقد في الكويت في هذا الأسبوع المؤتمر السابع للبترول العربي لدراسة مواضيع النفط وتصنيعه وتسويقه وأهميته الاستراتيجية للأمة العربية. وفي هذه الدراسة نقدم للقارئ نبذة عن نشأة صناعة النفط وتوزيعه في العالم وأهميته بالنسبة للعالم العربي.
بدأت صناعة البترول الحديثة عام ۱۸5۰ وكان يونج الكيميائي الأسكتلندي هو أول من اكتشف ذلك من البترول الحجري بأسكتلندا.
وفي سنة ١٨٥٩ حفر الكولونيل دريك أول بئر في بنسلفانيا بغية الحصول على البترول. ثم تطور إنتاج البترول تطورا سريعا في الولايات المتحدة وروسيا. وفي نهاية القرن التاسع عشر كانت روسيا أكبر دولة منتجة للبترول في العالم ثم فاقتها أمريكا ولا زالت تحتل مكان الصدارة منذ ذلك الحين حتى الآن. وتم اكتشاف البترول في القرن العشرين في بلدان كثيرة ففي المكسيك اكتشف عام ١٩٠١ وفي ترنداد عام ۱۹۰۹ وفي فنزويلا عام ١٩١٣ وفي ایران عام ۱۹۰۸ وفي العراق عام 1927 وفي البحرين عام ١٩٣٢ وفي الكويت والسعودية عام ۱۹۳۸ وفي قطر عام ١٩٤٠ وفي ليبيا عام ١٩٦١
بترول الكويت
ما زالت الكويت تحتل مركز الصدارة بين الدول المنتجة والمصدرة للنفط في العالم، فهي ثالث دولة منتجة في الشرق الأوسط بعد إيران والسعودية وثالث دولة منتجة ومصدرة في العالم العربي بعد ليبيا والسعودية.
أما مركز الكويت العالمي فهي سابع دولة من حيث الإنتاج، وخامس دولة من حيث التصدير فقد بلغ إنتاج الكويت في شهر يناير كانون الثاني لعام ۱۹۷۰، ما مقداره ٢,٧٢١,٢٠٠ برميل في اليوم في حين بلغ إنتاج السعودية حوالي 3.483.100 برميل في اليوم وإنتاج ليبيا في حدود 3.600.000 برميل في اليوم أما إیران فقد قفزت إلى ۳,۹۰۰,۰۰۰ برميل / اليوم وهي القفزة العالية التي سبقت بها فنزويلا التي تنتج في حدود ۳٫۷۰۰,۰۰۰ برميل / اليوم.
وتوزع مناطق الامتياز في الكويت على مجموعة من شركات النفط العالمية وهي:
1- شركة نفط الكويت المحدودة والتي كانت بالأصل الكويت كلها امتيازا لها.. ثم تنازلت في عام ١٩٦٢ و١٩٦٧ عن جزء من الأراضي التي تقع ضمن امتيازها.. وهذه الشركة هي أول الشركات إنتاجا ونفطها أجود النفط الموجود، وأهم حقول هذه الشركة هو حقل البرقان الذي يعتبر أغزر حقل في العالم.. في شهر يناير ١٩٧٠ كان إنتاج هذه الشركة يشكل ٩٢% من إنتاج الكويت ككل.
۲ - شركة الزيت الأمريكية المستقلة (أمن أويل)، وهي تعمل في الأرض اليابسة من المنطقة المشتركة السعودية الكويتية، وقد انخفض إنتاج الشركة في السنوات الأخيرة انخفاضا كبيرا وتوقفت عمليات الحفر والتطوير تماما، وتأمل الشركة في تحسن أحوالها بعد إقامة مصنعها الضخم لإزالة الكبريت الذي بدأ بالعمل في عام ١٩٦٩، وقد بلغ إنتاج الشركة في يناير 1970 حوالي 2% فقط من إنتاج الكويت.
3- شركة الزيت العربية المحدودة ( اليابان )..
وهي تعمل في القسم المغمور في المنطقة المشتركة السعودية - الكويتية، وقد ارتفع إنتاج النفط في هذه الشركة وتحسنت نوعية النفط وخاصة بعد اكتشاف حقل الحـوت وبدأ الإنتاج منه، وأعمال الشركة في تحسن مستمر وقد يكون لها في المستقبل القريب شأن كبير وتبلغ الآن حصة الكويت من إنتاج الشركة حوالي 6% من إنتاج الكويت ككل في حين تأخذ السعودية النصف الآخر.
4- شركة كويت شل لاستثمار البترول المحدودة.. وقد حصلت الشركة على امتيازها في عام ١٩٦١ وحفرت أولي آبارها الاستكشافية في عام ١٩٦٢، وأعمال الشركة متوقفة الآن بانتظار الفرصة المناسبة للبدء بأعمالها من جديد
5 - شركة البترول الكويتية الإسبانية.. وهي تعمل في المناطق الواسعة التي تخلت عنها شركة نفط الكويت عام ١٩٦٢، ١٩٦٧ على التوالي والشركة ما زالت تجري المسوحات اللازمة مثل المسح الزلزالي والبحري والمغناطيسي وغيرها
6- شركة البترول الوطنية الكويتية.
وهي شركة وطنية كويتية. ابتدأت أعمالها بتسويق منتجات النفط المكررة التي تحصل عليها من مصفاة شركة نفط الكويت المحدودة ثم أقامت لها مصفاة ضخمة في الشـعبية، وان تكن
المصفاة لم يتم تشغيل جميع وحداتها حتى الآن بسبب الصعوبات الفنية الكبيرة، ألا أنها تعتبر من أجود المصافي في العالم، فهي أول مصفاة تشتغل كليا بالهيدروجين.
وشركة البترول الوطنية هي التي أعطت الشركة الإسبانية امتيازها، ذات الصلة وهي الوثيقة بالشركة.
الإنجليز وبترول الشرق الأوسط
منذ الحرب الكونية الأولى وإنجلترا ترى ضرورة الاشتراك في أسهم شركات البترول وقد تم لها الحصول على ٥١% من أسهم شركة الزيت الأنجلو إيرانية عام ١٩١٤ وبعد انتهاء الحرب الأولى وتقسيم الدول العربية تقاسمت الدول الكبرى البترول فيما بينها وكان نصيب كل من إنجلترا وفرنسا وأمريكا على حدة ٢٣% من أسهم شركة بترول العراق.
الأمريكان وبترول الشرق الأوسط
في عام ۱۹۲۰ طالبت الولايات المتحدة بالاشتراك في أية مباحثات تتعلق بامتيازات البترول تجري مستقبلا وبعد ذلك حصلت الولايات المتحدة على نصيبها السابق من بترول العراق وفي عام ١٩٣٦ بدأت الشركات الأمريكية إنتاجها من البترول في البحرين وفي عام ۱۹۳۳ حصلت الشركات الأمريكية على امتياز استقلال بترول المملكة السعودية باسم « شركة الزيت العربية الأمريكية » « أرامكو« وفي العام نفسه استطاعت الشركات الأمريكية الحصول على امتياز استغلال بترول الكويت باسم شركة نفط الكويت بالاشتراك مع شركة الزيت الأنجلو إيرانية وفي عام ١٩٤٧، ١٩٤٩ حصلت الشركات الأمريكية على امتياز استغلال النفط في المنطقة المحايدة.
ولما كانت نفقات إنتاج البترول في الشرق الأوسط أقل منها في أي مكان آخر فإن أوروبا تهافتت على شراء بترول الشرق الأوسط وبذلك أخذ الإنتاج يزداد بسرعة مذهلة حتى أصبح الشرق الأوسط المصدر الأول لتموين أوروبا الغربية بالبترول. وقد أدركت كل من إنجلترا وأمريكا أن من يملك البترول يملك العالم منذ هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى فشددنا القبضة على البلاد المنتجة للبترول وحاولت كل منهما تدعيم نفوذها في تلك البلاد على حساب الأخرى.
نتائج الصراع
وقد ظهر هذا الصراع واضحا حين أقدم الدكتور مصدق في إيران على تأميم البترول الإيراني وفشل فشلا ذريعا قامت بعده أمریکا بمد إیران بمعونة مالية كبيرة في الوقت الذي بادرت فيه شركات البترول الأمريكية بالمفاوضة مع حكومة زاهدي لتحل محل الشركة الأنجلو إيرانية وبذلك حصلت الشركات الأمريكية على حصة كبيرة من بترول ایران.
هذا نموذج من الصراع الظاهر حول بترول الشرق الأوسط يدلنا على أن هذه البلاد كلها داخلة في محيط المشاكل البترولية لأنها إما بلاد منتجة للبترول أو تمر بها أنابيبه أو تقع في نفس المنطقة الاستراتيجية وكذلك يدلنا على أن بترول البلاد العربية» والشرق الأوسط بصفة عامة« تكاد تحتكر امتلاكه كل من بريطانيا والولايات المتحدة.
إن الصراع المستتر والظاهر بين الشركات البريطانية والأمريكية للاستحواذ على بترول الشرق الأوسط والذي كانت إيران أول مسارحه، يعني دوام عدم الاستقرار السياسي لمدة طويلة في دول الشرق الأوسط. كذلك فإن الشرق الأوسط لا يستطيع أن يحتفظ بحياده حين تقوم حرب عالمية وذلك لأن أحد المعسكرين يعتمد في وقوده على بترول الشرق الأوسط.
المؤتمرات العربية للبترول
وبعد فإن الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية التي تترتب على وجود النفط في العالم العربي دعت إلى عقد المؤتمرات المتتابعة من أجل التخطيط لمستقبل النفط ومواجهة الأخطار التي يمكن أن تترتب على وجوده ومن أجل استغلاله واستثماره في البلاد التي تنتجه وإقامة الصناعات المختلفة عليه..
وقد يجيء هذا الحديث في ختام جلسات المؤتمر السابع للبترول العربي وبعد أن يكون المؤتمر قد اتخذ قراراته في هذا الموضوع وإن كانت الصحف قد نشرت بعض الأحاديث حول المؤتمر مثل ما صرح به وفد منظمة التحرير الفلسطينية بالمطالبة بالمحافظة على استراتيجية النفط العربي ببناء المشاريع الحيوية الكثيرة والاستفادة من خيراته لبناء الاقتصاد العربي السليم ودعم الثورة الفلسطينية.
إن علينا ونحن نبحث في أمر بترولنا العربي وصيرورة معظم خيراته إلى جيوب أجنبية أن نفكر: كيف يمكن أن ينتهي أمر البترول في أيدي أبناء وطنه حتى يستطيعوا أن يقفوا من أعدائهم موقفا إيجابيا حازما؟
إن التأميم الذي يطرحه بعض الناس حلا لهذه المشكلة أمر جزئي جدا لا يحل المشكلة حتى وإن وجدت الأيدي العربية التي تقوم على إنتاج النفط ذلك إن أمر الإنتاج سهل جدا إذا قيس بعمليات التسويق المعقدة التي تحتاج إلى جهاز ضخم وخبرات متمرسة وإن تجربة الدكتور مصدق في إيران لتغنينا عن البحث في مثل هذا الموضوع.
وإن اتجاه الدول المصدرة للنفط إلى فرض أسعار أعلى أو إنتاج أكبر على الشركات المنتجة أو محاولة الحصول على نسبة أكبر من الأرباح لا تكفي لحل المشكلة.
ذلك أن امتلاك الزيت وحده ليس ضمانا للمالك لقيمة ما يملكه، وأن الطمأنينة للمستقبل لن تكون إلا بدخول سوق الشمول، وهذا يعني امتلاك أسطول من الناقلات يؤمن له إيصال النفط لمشتريه وامتلاك أو الاشتراك في امتلاك المصافي في نقاط عديدة على خريطة العالم، وإذا احتاج الأمر فامتلاك محطات بيع البنزين وزيت المحركات.. الخ.
وهذا ولا شك عملية ضخمة تحتاج إلى تكاتف الجهود عليها وإلى السنين الطوال لتحقيقها، كما أنها تحتاج إلى البناء حجرا حجرا تبدأ من الأساس ثم ترتفع إلى ما شاء الله.
كما أنها عملية لن يكتب لها النجاح الكامل إلا إذا قامت على سواعد أبناء البلد، وإلا إذا كانت ثمار جهودهم أنفسهم عقلا ويدا وإرادة ورغبة.
وهي عملية لا مفر منها إذا أراد العرب أن يطمئنوا إلى مستقبل أمين مضمون لا مجال فيه إلى أن يعتمدوا على عواطف غيرهم، وهي عملية تعني في واقع الأمر الخيار بين الحياة والموت اقتصاديا، كما أنها عملية مكملة لعملية إنتاج الزيت التي هي من أسهل العمليات.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
91
الثلاثاء 31-مارس-1970

