; البترول في المعركة | مجلة المجتمع

العنوان البترول في المعركة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 12-مايو-1970

مشاهدات 17

نشر في العدد 9

نشر في الصفحة 9

الثلاثاء 12-مايو-1970

البترول في المعركة

بقلم: خبير بترولي

البترول هو الدماء الساخنة التي تبعث الحياة في آليات عدونا، وهو الذي يُطلق هذه النفاثات الرهيبة: الفانتوم والميراج والميستير وهي محملة بأطنان الصواريخ؛ فتُلقي بها على مدارسنا ومصانعنا ودورنا، فتمزق الأطفال والنساء والعجزة.

 والبترول هو الذي يملأ خزانات الدبابات والمصفحات؛ فتدك بيوت الآمنين، وتحصد أرواح أبطالنا الفدائيين الميامين.

 وإسرائيل تهتم اهتمامًا كبيرًا بالبترول وتعمل على توفير ما تحتاج إليه من منتجاته جميعًا، الخفيفة والثقيلة. 

إسرائيل انتهت منذ فترة من مد أنبوب يصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض طوله 160 ميلاً وسعته 42 بوصة، ويجري فيه 400.000 برميل يومياً على أن تتضاعف الكمية في السنوات القادمة حتى تصل إلى 1,200,000  «مليون ومائتي ألف» برميل يومياً.

 هذه الكمية الضخمة التي تنقل من إيلات في خليج العقبة تسير باطمئنان عبر صحراء النقب، حتى تصل إلى عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

 وتوجد في عسقلان خزانات تختزن في بطنها مليونًا ونصف طن، وتخرج منها أنابيب سعة 30 بوصة لتعبئ ناقلات تصل حمولتها إلى 125,000 طن، وتجرى الترتيبات لاستقبال ناقلات تتسع لضعف هذه الحمولة.

ليس هذا هو كل البترول الذي يصل إلى إسرائيل، فهناك البترول المصري، حقول البترول في بلاعيم ووادي فيران وأبو رديس وسدر ورأس مطارمة وعسل، هذه الآبار أنتجت في العام الماضي 4,5 مليون طن أو ما يوازي 90,000 برميل في اليوم الواحد.

 وبترول سيناء يزيد عن احتياجات إسرائيل، وتُصدّر منه إلى الخارج، وهكذا نجد أن هذا الأنبوب الجديد والأنبوب القديم الذي كان يغذي مصفاة حيفا سيوفران لإسرائيل سيلا من العملات الصعبة نتيجة نقل البترول عبر أراضيها -فرسم نقل البرميل في الأنبوب 13.5 سنت- ويتجه نقله من موانئ إيران إلى موانئ أوروبا على ناقلاتها التي ترفع العلم الإسرائيلي، والتي بلغت حمولتها في العام الماضي 476,000 طن، ويقدر لها أن تصل إلى مليون ونصف طن سنة 1972 وتمكنها هذه الحمولة من نقل 24 مليون طن في السنة.

هذا علاوة على عمليات التكرير، والتي بلغت طاقتها في العام الماضي 5,5 مليون طن، وسترتفع في عام 1973 لتصل إلى 10 ملايين طن وبجانب مصفاتي التكرير الحالية في حيفا والمزمع إنشاؤها في عسقلان ستقوم مجموعة من الصناعات -البتروكيماوية.

هذه بعض الحقائق التي تعرفها عن الصناعات البترولية في إسرائيل.

 ومنها يتضح كيف تخطط إسرائيل المستقبل، وتفكر في تدعيم كيانها الاقتصادي متغاضية تمامًا عن روح العداء والكراهية التي تحيطها من كل جانب.

تمد خط أنابيب يعبر صحراء النقب المترامية الأطراف وآخر يعبر صحراء سيناء أو صحراء التيه، وتشغل آبار البترول المصرية على خليج السويس، وتنتج ملايين الأطنان. وتبني المصافي لتكرير البترول وتتوسع من تصنيع المنتجات البترولية، وترد الناقلات محملة بالبترول الخام، فتصب في ميناء إيلات، وتأتي فارغة إلى موانئ حيفا وعسقلان فتعبأ بالبترول الخام والمكرر لتسويقه في الدول الأوروبية الشرقية والغربية.

 كل هذا يحدث في أمان واطمئنان. عدونا يحطم معامل التكرير في السويس، ويضرب المصانع والمدارس والمدن المصرية والعربية، ونحن ماذا نفعل؟ وماذا فعلنا؟؟

هذه الصيحات التي تتعالى وتردد الهتافات والعبارات المنمقة عن دور البترول في المعركة أولى بها أن تسكت، وأولى بطائراتنا الميج 21 والميج 19 وسوخوي أن تدك الخط الإسرائيلي، وتدك منشآت البترول في سيناء وفي حيفا وفي عسقلان، وفي كل مكان في إسرائيل.

 نعم إن هذا البترول يجب أن يساهم ودوره الحقيقي في حرق إسرائيل، ويجب أن تندلع النيران في إيلات وفي حيفا، وفي كل مدن إسرائيل بنتيجة تدفق البترول وضرب كل خزان يحمل في داخله هذه الطاقة الرهيبة.

 وفي اليوم الذي يصبح فيه بترولنا الذي يخرج من أراضينا، ويتدفق على عدونا ليدعم اقتصاده نارًا تحرق طائراتهم وسياراتهم وجميع دباباتهم وآلياتهم ومدنهم ومزارعهم.. في هذا اليوم يكون البترول العربي قد أدى دوره الحقيقي.

فليس دور البترول في المعركة شعارات تُرفع أو صيحات تُردد أو أكاذيب تُطلق.

ليس دور البترول بعيدًا عن هذه الدائرة التي تقع داخلها إسرائيل، ولیس دور البترول في المعركة خططًا تُكتب على الورق، ويُنتظر تنفيذها عشرات السنين أو حتى آحادها،

كلا وألف مرة كلا.

 بل الحرب والضرب والعمل الفدائي الذي يُدمر ويحرق ويشعل النار بالبترول في جميع أرجاء إسرائيل، هو الدور الفعال المطلوب، لن يهدأ بالنا حتى نرى تل أبيب وإخوانها وقد تفجرت أتونا بحرق هؤلاء الغاصبين المعتدين الذين احتلوا أرضنا، وقتلوا أطفالنا وانتهكوا حرماتنا، وحرقوا المسجد الأقصى ثاني الحرمين وأولى القبلتين.

 لن يهدأ لنا بال حتى تُطهر أراضينا منهم، وتعود ديارنا لنا يتردد في جنباتها صوت لا إله إلا الله والله أكبر، وتعلو فيها كلمة الحق، ويسود فيها العدل والسلام.

 

الرابط المختصر :