العنوان البطالة
الكاتب أ. د. زيد بن محمد الرماني
تاريخ النشر السبت 07-مايو-2011
مشاهدات 22
نشر في العدد 1951
نشر في الصفحة 66
السبت 07-مايو-2011
لا شك أن من أبرز المشكلات التي يواجهها النظام الاقتصادي المعاصر وأخطرها أثراً على الكيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ظاهرة البطالة، التي صاحبته منذ نشأته والتي يعاني منها العالم معاناة كبيرة، فقد ظل الهدف الأساس من الدراسات الاقتصادية بوجه عام، هو رسم الخطوط العريضة لرفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة والتعطل.
لذا، حظيت ظاهرة البطالة باهتمام على الصعيدين النظري الوصفي والواقعي التطبيقي، فتعددت المذاهب والنظريات تجاهها وتنوعت أشكالها وصورها واختلفت أسبابها ومبرراتها وعمت آثارها وأضرارها الفرد والمجتمع والدولة والعالم. فهناك بطالة إقليمية، وهي بطالة تنشأ في إقليم معين بسبب ظروف الإقليم الاقتصادية أو الطبيعية، وبطالة انكماشية ترجع إلى أسباب أصلية تتمثل في انكماش حجم النشاط في بعض الصناعات وقلة الطلب على العمل فيها بالنسبة للمعروض منه، وبطالة تقنية ناتجة عن الاستغناء عن تشغيل عدد معين من العاملين، نتيجة إدخال آلات ومعدات وأساليب عمل مستحدثة.
وتمتد البطالة إلى ما يعرف بالبطالة الموسمية والتي تحدث في بعض الصناعات بسبب التغيرات الموسمية في النشاط الاقتصادي نتيجة للظروف المناخية أو التغيرات الدورية. وأسوأ أنواع البطالة ما اصطلح على تسميته بالبطالة المقنعة وهي ناتجة من أداء الشخص لعمل دون مستوى مؤهلاته، أو أداء مجموعة العمل يمكن أن يؤدى بعدد أقل منهم.
أبرز الأسباب:
إن أبرز أسباب حدوث البطالة تتركز في:
1- عدم توافر فرص العمل.
2- نقص الكفاءات.
٣- كساد الأسواق.
٤- قلة المعرفة والخبرة والتدريب.
ثم إن البطالة مشكلة اقتصادية واجتماعية وإنسانية ذات خطر فإذا لم تجد العلاج الناجح تفاقم خطرها على الفرد وعلى الأسرة وعلى المجتمع، يقول الراغب الأصفهاني يرحمه الله: من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى، لذا فإن من آثار البطالة على الفرد ما يلي:
اقتصاديا: تفقده الدخل.
صحيا: تفقده الحركة.
نفسيا : يعيش في فراغ
اجتماعيا: ينقم على غيره
وآثارها على الأسرة تتمثل في: فقد رب الأسرة الشعور بالقدرة على تحمل المسؤولية والتوتر والقلق.
أما آثارها على المجتمع فتتمثل في:
اقتصادياً: تعطل طاقات قادرة على الإنتاج.
اجتماعياً: انتشار الجرائم نتيجة الفراغ والقلق.
لقد عالج الإسلام ظاهرة البطالة عن طريق تعاون الأفراد مع ولي الأمر، حيث يسعى ولي الأمر جهده في تدريب وتعليم العامل وتوفير فرص العمل المناسبة، ومن نحو آخر حث ولي الأمر الناس على العمل ومنع التسول.
علاج الظاهرة
ولذا، وضع الإسلام مجموعة من القواعد والنظم لمعالجة ظاهرة البطالة. وبإيجاز، فقد عالج الإسلام ظاهرة البطالة من جانبين أحدهما: جانب وقائي، أي قبل وقوع ظاهرة البطالة وانتشار آثارها وأضرارها بالحث على العمل وذم المسألة.
والثاني: جانب علاجي أي بعد وقوع بعض أفراد المجتمع في أتون البطالة ومستنقع التعطل، ومواجهة ذلك بالحث على التخلص من البطالة، من خلال أوامر صريحة وإجراءات ملزمة، تجعل من السهل التصدي لمعالجة ظاهرة البطالة ومشكلة العطالة في المجتمع. ورد في مجمع الزوائد، أن رجلين أتيا رسول الهدى عليه الصلاة والسلام فسألاه، فقال لهما: اذهبا إلى هذه الشعاب فاحتطبا فبيعاه ثم جاءا، فأصابا طعاما، ثم ذهبا فاحتطبا أيضا، فجاءا، فلم يزالا حتى ابتاعا ثوبين ثم ابتاعا حمارين، فقالا: قد بارك الله لنا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث دلالة على أهمية تشغيل العاطلين وإرشادهم إلى العمل.
وورد في الصحاح قول رسولنا عليه الصلاة والسلام في شأن الزكاة لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، وفي الحديث دلالة على أن الزكاة لا تعطى للقوي القادر على العمل.
ولذا نهى الشرع المطهر عن المسألة والكدية والتسول وذم استجداء صدقات الناس وأعطياتهم، ودفع المسلمين إلى أن يصونوا أنفسهم عن ذلك ويسموا عن المذلة ويحفظوا كرامتهم، بالعمل وكسب الرزق.
وسائل معينة
ومن الوسائل المعينة في معالجة الظاهرة:
أ - استغلال الأموال المعطلة والإفادة منها في المشروعات
ب- تكريم العمل اليدوي وحض الناس عليه.
ج إعانة الراغبين في العمل.
د مسؤولية ولي الأمر والمجتمع في إعداد العاملين.
وهكذا، لا نستطيع أن نرى دولة من دول العالم قديماً ولا حديثاً، اتخذت في معالجة البطالة أسلوباً حكيما كما اتخذه الإسلام ولا نجد نصوصا في قوانينها كما نجد ذلك في شريعة الإسلام.
(*) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية