العنوان التحالف مع إسرائيل لن يزيد تركيا إلا خسارًا
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
مشاهدات 17
نشر في العدد 1317
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
اختتم مسعود يلماظ - رئيس الوزراء التركي - زيارة لفلسطين المحتلة، استهدفت تأكيد التحالف العسكري بين تركيا وإسرائيل، وتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما.
ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي تركيا قبل نهاية الشهر الجاري، ليعطي علاقات البلدين دفعة أخرى، في إطار التحالف بينهما، وقد أعلن أن الجانبين، سيجريان مناورات بحرية مشتركة قريبًا، بمشاركة الولايات المتحدة، وكانت الأطراف الثلاثة، قد أجرت مناورات مشتركة في يناير الماضي قريباً من السواحل السورية.
ومن المنتظر أن تشهد القدس المحتلة ما بين ١٣ - ١٦ ديسمبر القادم، قمة اقتصادية بين الجانبين التركي والإسرائيلي، يحضرها أكثر من ألف رجل أعمال إسرائيلي، ومثلهم من مختلف أنحاء العالم معظمهم من اليهود، ويحضرها من الجانب التركي مسؤولون حكوميون كبار، فضلاً عن مسؤولي الطائفة اليهودية في تركيا، وبحضور «آل جور» نائب الرئيس الأمريكي.
إن السياسة التركية تجاه إسرائيل، التي يرسمها جنرالات الجيش، وينفذها الساسة، من أمثال يلماظ وغيره، تثير العديد من علامات الاستفهام والاستغراب فما المصلحة في عزل تركيا عن محيطها الإسلامي وجيرانها العرب الذين تعايشت معهم طوال قرون؟ ولمن يوجه هذا الحلف التركي - الإسرائيلي؟
إن ساسة تركيا يرددون باستمرار، أن الحلف ليس موجهاً ضد أحد من الجيران، وهو تبرير غريب، إذ لابد من أن يكون هناك سبب واضح لقيام الحلف وهذا السبب يمكن معرفته، من معرفة توجهات السياسة العدوانية الإسرائيلية، فإسرائيل توجه عداءها للعرب والمسلمين، ومازالت أطماعها قائمة في قيام كيان مغتصب يمتد من النيل إلى الفرات، بل هيتعادي دولاً إسلامية أخرى، خارج نطاق المنطقة الممتدة من النيل إلى الفرات، وهذا يعني أن أي دعم عسكري من تركيا لإسرائيل يؤثر سلبًا على أمن كل الدول العربية والإسلامية، وبخاصة بعد كشف النقاب عن إقامة قاعدة جوية قريبة من الحدود التركية، مع سورية والعراق تستخدمها الطائرات الإسرائيلية وتتيح لإسرائيل تطويق سورية من الشمال، وتهديد العراق وإيران وباكستان.
وإذا كانت الحكومة التركية، أو بمعنى أدق جنرالات تركيا، يرفعون شعارات العلمانية ليعادواالإسلام والمسلمين داخل تركيا وخارجها، ويتخذون العلمانية ذريعة لضرب إرادة الشعب التركي الذي اختار الإسلام طريقاً، والمسلمين ممثلين عنه، وبعد أن حققوا بغيتهم بإزاحة حزب الرفاه عن الساحة يوجهون حربهم ضد المرأة التركية المسلمة ويحرمونها من أبسط حقوقها في أن تختار الزي الذي ترتديه، إذا كان هذا سلوك جنرالات تركيا مع الإسلام والمسلمين، فلماذا يتحالفون مع حكومة إسرائيل، التي يسيطر عليها غلاة المتطرفين اليهود الذين وصلوا إلى السلطة، وإلى كراسي الكنيست اليهودي، تحت رايات التوراة والتلمود؟
وإذا كانت إسرائيل تزعم أنها تتوجه للسلام، فهل من المصلحة دعمها عسكريًا في هذه المرحلة، بتحالف تركيا معها، أم أن هذا التحالف يزيد من صلفها واستكبارها، ورفضها رد الحقوق لأصحابها؟
لقد عاشت تركيا عقب سقوط الاتحاد السوفييتي حالة الخوف من انحسار دورها الاستراتيجي في التحالف الغربي، والذي قام على أساس قرب تركيا من أراضي الاتحاد السوفييتي، وحاجة الغرب إلى نصب الصواريخ في تركيا، وإطلاق طائرات التجسس على السوفييت من أراضيها، وقام عسكر تركيا بإعادة رسم استراتيجية جديدة، كان من المفترض أن تمثل عودة إلى البعد الإقليمي العربي الإسلامي، الذي افتقدته تركيا منذ وصول مصطفى كمال إلى الحكم، ولكنهم آثروا أن يمارسوا دور الوكيل عن الغرب والصهيونية في تهديد الأمن العربي والإسلامي، وفتح الطريق للصهيونية إلى بلدان آسيا الوسطى، التي تربطها بتركيا روابط دينية وتاريخية وعرقية ولغوية قوية.
إن الأمر يحتاج من الدول العربية والإسلامية وقفة جادة لقطع الطريق على إسرائيل، ومنعها من استكمال تنفيذ مخططاتها، التي تستهدف تهديد المنطقة كلها، ووضعها تحت السيطرة، أما تركيا فإننا ننصحها بترميم علاقاتها المتصدعة مع المحيط العربي والإسلامي، بدلًا من الارتماء في أحضان إسرائيل، وعليها أن تنبذ سياستها الراهنة التي تضعها في مواجهة شاملة مع العرب والمسلمين.
وإذا كان حكام تركيا مخلصين حقًا لبلدهم ويسعون لمصلحتها، فإن تلك المصلحة لن تتحقق بالتحالف مع عنصر دخيل منبوذ في المنطقة، فبقدر ما تمتن أنقرة علاقاتها مع تل أبيب، بقدر ما تخسر علاقاتها مع العرب والمسلمين، وتقطع روابطها الدينية والتاريخية، فهل يعقل ذلك جنرالات تركيا؟