العنوان التحديات تستوجب وحدة الصف واتحاد الكلمة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 23
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 9
السبت 04-يناير-2003
لا يخفى على ذي بصيرة ما تواجهه الأمة العربية والإسلامية من تحديات، وما يحاك لها من مخططات، ولو جاءت هذه التحديات والمخططات والأمة في كامل عافيتها لأشفقنا عليها من التبعات، فكيف والأمة تعاني كثيرًا من العلل والأمراض التي فتكت بجانب مهم من قواها الحية؟ ومن المهم في مثل هذه الظروف أن يعكف البعض على دراسة سبل الخروج بالأمة من عنق الزجاجة، وطرق الوقاية والاستقواء التي تمكنها من المواجهة.
وفي هذا الإطار فقد وضعت الكلمات الطيبة التي قالها معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، أثناء زيارته لمقر جمعية الإصلاح الاجتماعي، وضعت هذه الكلمات اليد على جانب مهم من جوانب الإستدواء والاستقواء في مواجهة مخططات الأعداء، فقد ركز معاليه على أهمية الوحدة والعمل الجماعي لخدمة الإسلام فقال:
إنه لا مجال اليوم بأي حال من الأحوال للعمل الفردي سواء كان ذلك انفراد الأشخاص أو انفراد الجمعيات أو انفراد الوزارات أو انفراد الدول.. لابد من جمع الكلمة ولابد من التكتل و التعاون في جميع المجالات، تحقيقًا لقول الله تعالي:﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلبِرِّ وَٱلتَّقوَىٰ﴾(المائدة:2).. والتعاون في كل سبيل سمة من سمات الخير: ﴿ وَٱعتَصِمُواْ بِحَبلِ ٱللَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾(آل عمران:102) وإذا تفرقنا في الأقوال والآراء فإن هذا يمثل ضعفًا نهانا الله عز وجل عنه، ويعظم الأمر والخطب إذا ما رأينا التحدي أمامنا ونحن ننشغل بأنفسنا وننشغل بانتقاد بعضنا البعض وإنما الواجب توحيد الهدف والخطط لمواجهة الخطر الذي يكتنفنا أمة الإسلام مهددة في بلادها في مواطنيها.. في مقدرتها في عقيدتها في اقتصادها في تعليمها. في تربيتها. في أسرتها.. في جميع ما تميزت به، والواجب علينا أن نتكاتف جميعًا وأن نتعاون في سبيل استمرار تميز هذه الأمة حتى نوصل هذه الرسالة إلي الأجيال القادمة دون تغيير.
إن هذه المعاني الطيبة والمهمة التي أشار إليها وزير الأوقاف السعودي تتلاقى مع المعاني والمبادئ التي يعمل بها ولها كل المخلصين من أبناء الأمة من أفراد وجماعات وتجمعات.
ولاشك أنها تصلح لأن تكون أساسًا لبرنامج عمل وتعاون بين كل بلد شعبًا وحكومة، بل وبين الدول والحكومات، ولكن ذلك يتطلب ما يلي:
أولًا: أن تعيد معظم الحكومات العربية والإسلامية أسلوب النظر في تعاملها مع شعوبها وطريقة حكمها، وأن تتوقف تلك الحكومات التي تسوس شعوبها بالحديد والنار عن سياسة الكبت والتضييق وانتهاك حقوق البشر، فالواقع والمنطق وتجارب التاريخ تؤكد أن الشعوب دائمًا هي المرتكز الأساسي، فإن كان قويًا قويت وإن كان ضعيفًا ضعفت، وإن انكسر خارت قوى الدول وانهارت، فلتجعل الأنظمة والحكومات من شعوبها -بالحرية والعدل والحق- بنيانًا مرصوصًا يصد هجمات المعتدين ويحول دون غارات الغزو التي تتوالى علي الأمة بأشكال مختلفة.
وفي المقابل فإن على الشعوب وقاعدتها العريضة أن تجسّر علاقتها مع حكوماتها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى لتتكامل الجهود وتقوى الأمة.
ثانيًا: لقد أصبح من المتطلبات الاستراتيجية للأمة أن تفض الحكومات والأنظمة حالة الخصام والعداء التاريخي الحركات الإسلامية في بلادها، إذ لا يمكن أن تتحقق وحدة الأمة حكامًا وشعوبًا دون المصالحة مع الحركات الإسلامية.
فالحركات الإسلامية تمثل القلب النابض للأمة والقاعدة العريضة لها، بما تحمله من فكر إسلامي يتبنى الإسلام ويعمل له ويضحى من أجله، ويتفانى في خدمة الأمة، وهي تمثل طاقة كبيرة إذا أضيفت إلى طاقة الحكومات فإنها تشكل قوة كبرى تستطيع بفضل الله أن تواجه التحديات ومخططات الأعداء.
ولقد شاهدنا عبر الحقب التاريخية الماضية ولا نزال حملات دامية ومتواصلة من العديد من الحكومات ضد الحركات الإسلامية بغية تشويه سمعتها وتصفيتها والقضاء عليها، وما زاد تلك الحركات إلا قوة وانتشارًا.
لكنه تسبب في الوقت نفسه في إهدار طاقة الأمة البشرية والمادية، ولو رصد أي باحث محايد الخسائر التي منيت بها الدول والشعوب من جراء الحرب الدائرة منذ بدايات القرن الماضي على الحركات الإسلامية- بفعل الحكومات الانقلابية التي جاء بها الغرب- لفجع لهول الخسائر الناجمة عن ذلك، وهو أمر يصب في خانة إضعاف الأمة وتخلفها من جانب مقابل تزايد قوة العدو الطاغية، وهو ما يمكّن قوى الاستعمار والصهيونية من فرض مشاريعهم علينا فهل تراجع الحكومات التي تخاصم الحركات الإسلامية أجندتها وحساباتها وتبادر بالصلح مع تلك الحركات ليقف الجميع في وجه الحملة الطاغية التي تضمر للأمة الشر والعدوان.؟!
ثالثًا: إن الحركات الإسلامية بكل فصائلها مطالبة اليوم بإنهاء خلافاتها التي تتطور أحيانًا إلى خصومة محتدمة، وليحترم كل طرف اجتهاد الآخر، مادام مراعيًا لثوابت الإسلام واحترام مبادئنا وإن تعاون وتماسك العاملين في حقل الدعوة إلى الله يقدم القدوة الطيبة للشعوب لتلتف حولها، كما يقدم صورة طيبة لما ينبغي أن يكون عليه العمل الإسلامي.
رابعًا: إن الأمة جمعاء حكومات وشعوبًا مطالبة اليوم أكثر من أي و وقت مضى بالعودة العاجلة والصادقة إلى الله سبحانه وتعالى وتطبيق شريعته السمحاء، فهي تقدم العلاج الناجح لكل الأمراض المستعصية التي تعاني منها المجتمعات وهي تمثل الحصن الحصين ضد حملات الغزو الفكري واللاأخلاقي لبلادنا.
وإننا في هذه الآونة التي يبيت فيها الأعداء خططهم لحملة صليبية كاسحة على العالم الإسلامي نلح في التأكيد على أن العودة إلى الله والاحتماء بحماه واللوذ بكنفه ومعيته تماثل لنا القوة التي لا تعادلها قوة في الكون، فمن كان الله معه لا يعجزه شئ.﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱستَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحيِيكُم وَٱعلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَينَ ٱلمَرءِ وَقَلبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيهِ تُحشَرُونَ﴾(الأنفال:24).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل