العنوان التخطيط اليهودي في البلاد العربية
الكاتب جمال الحسن
تاريخ النشر الثلاثاء 22-سبتمبر-1970
مشاهدات 18
نشر في العدد 28
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 22-سبتمبر-1970
الحلقة الثانية
بقلم: المهندس جمال الحسن
من مظاهر التخطيط اليهودي التي بدأت تتضح معالمها في عالمنا العربي:
• تقسيم الدول العربية إلى قسمين منفصلين.
• تدمير الإمكانات المالية العربية.
• تدمير الإمكانات العسكرية العربية.
ونحن إذ نكتب هذا على صفحات الجريدة، إنما نقصد أن ننبه الغافلين، ونفضح المخربين. وتنبيه الغافلين شيء على قدر كبير من الأهمية؛ لأن عدم انتباههم معناها أن تتحول ضربات الأمة إلى بعضها، وهذا هو البلاء الذي يحيط بأمتنا حاليًا، بل من الضرورة بمكان الانتباه إلى أن في هذا الأمر يكمن سر كبير من أسرار الأمة المسلمة حسبما ورد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، أو قال: من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا» (حديث رقم 2000 صحيح مسلم).
«عن عامر بن سعد عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معًا، ودعا ربه طويلًا، ثم انصرف إلينا فقال: سألت ربي ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» (حديث رقم 2001 صحيح مسلم).
وهذا هو تاريخ أمتنا كله شاهد على مصداق هذا الكلام، فهل حان لنا الوقت كي نعرف أنفسنا؟ ورحم الله امرءًا عرف قدر نفسه، إنها ثغرة خطيرة في كيان الأمة، فهل ندرك كيف نعالجها فينهزم أمامنا العدو، وتفشل مخططاته، ويعود للأمة مجدها مع دينها؟ اللهم آمين، اللهم آمين.
ولنذكر الآن بعض مظاهر التخطيط اليهودي التي بدأت تتضح معالمها في عالمنا العربي:
١ - تقسيم الدول العربية إلى قسمين منفصلين تمامًا:
والمقصود به أن ينفصل العالم العربي إلى: عالم عربي إفريقي، وعالم عربي آسيوي بحيث يكون الانفصال تامًا بقدر الإمكان، ويعبرون عن ذلك في الصحف كبداية لعمليات الإيحاء الصحفي، حتى يعتبره الناس أمرًا عاديًا يعبرون عن ذلك بعرب ما شرق السويس وعرب ما غرب السويس، أو عرب المشرق وعرب المغرب والذي تولى كبر هذا الموضوع بداية الصحف العربية الأكثر خضوعًا للتوجيه اليهودي، وقد ظهرت هذه الفكرة في تلك الصحف بعد مؤتمر الرباط مباشرة ولأول مرة، ونظرًا لأن الفكرة جديدة وأتت بتعبيرات وأسماء جديدة، فإن الصحافة بصورة عامة ستتناقل هذا الأمر، يشترك في هذا المخلصون وغيرهم، وبعد فترة من الزمن سيرسخ الأمر في الأذهان، ويصبح أمر انقسام العرب إلى شقين أمرًا واقعيًا، وسيتبع ذلك اهتمام كل شق بنفسه فقط. إن انتباه حكامنا وصحافتنا المخلصة لهذا الشيء ضروري جدًا؛ حتى ينكشف أمره وحتى يبطل مفعول عمليات الإيحاء التي يستخدمها العدو أما إذا لم ننتبه إلى ذلك منذ الآن، فسيحصل تمامًا كما حصل لفكرة الوحدة العربية حيث اضمحلت في الإعلام العربي بشكل يدعو إلى التساؤل والعجب! فإذا ما اضمحلت الأفكار والأصوات الداعية إلى الوحدة العربية اضمحلالًا تامًا، وإذا ما تكرست فكرة الانقسام العربي، وهما فكرتان متكاملتان تصدران عن مصدر واحد، وتصدران بتوقيت زمني مقصود، إذا تم ذلك فسيصبح الرابط بين البلدان العربية غير وارد على مر الزمن وتعاقب الأجيال.
وإذا ما تبع ذلك نشاط على نفس النغمة على مختلف المستويات الثقافية، فإن الشعب العربي سيقتنع بفكرة أن تعيش كل دولة عربية لوحدها؛ وذلك تمهيدًا لمرحلة أخرى من التخطيط اليهودي، وهي ابتلاع المزيد من البلاد العربية دون وجود عقبات من البلاد العربية الأخرى، إن هذا التخطيط اليهودي مرتبط مع خطط أخرى سنتكلم عنها، يضمن لنفسه النجاح إلا أن يُفْضَحَ الأمر، وتوضع خطة متماسكة لمقاومته، وللبدء بعملية بناء كاملة للأمة العربية، ولن تنجح أية عملية بناء للأمة العربية إلا إذا اتخذت دين الله أساسًا؛ لأننا لا يمكننا أن نتغلب على أعداء أمتنا بقوتنا وحدها؛ لأسباب عديدة: أن الذي يمكنه أن يهزمهم هزيمة منكرة هو الله، وأن الطريقة الوحيدة أمامنا هي الإيمان والعمل الصالح في بناء الأمة وإعداد القوة والإلحاح على الله في طلب النصر.
٢ - تدمير الإمكانات المالية العربية:
﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾. (النساء: ٥).
المال شيء بدونه لا يمكن أن تقوم لنا قائمة، فهو الذي يبني الجيوش ويبني الدول، ووجود دولة عربية غنية يقض مضاجع اليهود، ألم يكن مال الدول العربية الغنية هو سبب في استرجاع القوة العسكرية العربية لدول المواجهة؟
لذلك لا يمكن للتخطيط اليهودي أن يقر له قرار إلا إذا دمر المال في الدول العربية الغنية، ويتبع من أجل ذلك وسائل شتى منها ما لا يظهر مفعوله إلا بعد فترة طويلة من الزمن، ومنها ما يظهر مفعوله في الحال مثل: زج الدول العربية الغنية في حرب لا طائل من ورائها سوى تدمير المال، ومعروف أن الحرب تأكل المال بشكل مثير.
إن من وسائل تدمير المال سوء الإدارة وفساد الضمير، وهذا أمر واضح كل الوضوح في عالمنا العربي، فإن العناصر الكفء والمخلصة لا تستطيع أن تصل إلى المراكز الإدارية والحساسة في مؤسسات الدولة المختلفة؛ وذلك لأنها لا يمكن أن تسلم قيادتها للحركة الماسونية الهدامة المنتشرة انتشارًا واسعًا في البلاد العربية، هذه الحركة التي تعمل جاهدة على منع كل إصلاح في الإدارة في العالم العربي، وتساعد على انتشار الرشاوي، والفساد الخلقي، وتدمير المشاريع الضخمة الحيوية التي تقوم بها الدول، ومنها: البنوك ومراكز المال.
نعود إلى العناصر الصالحة التي إذا استطاعت أن تصل إلى المراكز الهامة، فإنها لا تستطيع الاستمرار إلا إذا وجدت التأييد التام من الحكام؛ وذلك لعدم وجود الانسجام مع العناصر التي تأتمر بأمر الفساد.
ونحن لا نريد بهذا الكلام أن نتهم ونهاجم العناصر القيادية الإدارية في العالم العربي، فإنه يشهد الله أن بينهم الكثير المخلص الذي يعمل على مضض، ولا يرضى عن الفساد الموجود، ولكن ليس في أيديهم حيلة ونحن إنما نعبر عما في نفوسهم.
٣ - تدمير الإمكانات العسكرية العربية:
لا شك أن السلاح في البلاد العربية بدأ يكثر بعد حرب حزيران، وخطر هذا الأمر بالنسبة لليهود واضح؛ لذلك فإن محاولات كثيرة لليهود بذلت ولا زالت تُبْذَل من أجل إقحام العرب في حرب مع غير اليهود؛ لتكون تلك الحرب سببًا لاستنزاف الطاقة العسكرية العربية وقد اتضحت إحدى هذه المحاولات في استخدام العناصر الماسونية في كل من البلاد العربية وإيران؛ لإثارة الشعب الإيراني وحكومته وإثارة الشعب العربي وحكوماته من جهة أخرى، وزيادة حد الإثارة حتى تصل إلى حد يسهل معه بمبرر بسيط إشعال حرب عامة بين الشعبين، حرب تأكل الأخضر واليابس، وتدع المنطقة فقيرة ضعيفة سهل على اليهود ابتلاعها مع الزمن، بالإضافة إلى الفائدة الحالية لليهود إذ يضمنوا بقاء إسرائيل بدون تهديد وفوائد أخرى هامة سيأتي ذكرها فيما بعد.
إن هذا الكلام لا يعني أبدًا أن نترك المشاكل العربية الإيرانية بدون حل، بل المقصود أن نعالج الأمر بدون السماح لوقوع الحرب، ولعل حل مشكلة البحرين يعطي الدليل القاطع على صدق هذا الرأي، وكذلك فإن المقصود أن نرد كيد التخطيط اليهودي إلى نحره.
البقية في العدد القادم
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل