العنوان التعددية
الكاتب د. فتحي يكن
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 19
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 66
السبت 04-يناير-2003
في هذه الحلقة الأخيرة يعرض د فتحي يكن البند الأخير من بنود المشروع الإسلامي وهو التعددية قائلًا:
لابد من رؤية جديدة ومؤصلة، من قضية التعددية في المجتمع الإسلامي، مبنية على موقف الشرع المبدئي من الآخر سواء كانت تعددية أديان أو تعددية طوائف ومذاهب أو تعددية أحزاب في ضوء قاعدة لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان من هذه الأحكام:
- أحكام التعامل مع أهل الكتاب عمومًا يرشح مراجعة كتاب(غير المسلمين في المجتمع الإسلامي) للدكتور القرضاوي.
- أحكام التعامل مع الأحزاب القومية العلمانية - الوطنية وغيرها .
- الأحكام المتعلقة بالجزية يرشح للمراجعة كتاب أهل الذمة للمستشار سالم البهنساوي.
- الأحكام المتعلقة بمشاركة الآخرين في الحكم في السلطات التشريعية والتنفيذية والأمنية والعسكرية وغيرها .
الإسلام والتعامل الحضاري مع التعددية
يكفي الإسلام مثلًا على تعامله الحضاري أنه استوعب كل الانتماءات الدينية والقومية والعرقية حين أعلن ابتداء ﴿لَا إِكرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشدُ مِنَ ٱلغَيِّ﴾ (البقرة : ٢٥٦)، وجاء الخطاب القرآني الآخر ليكرس حرية المعتقد بقوله تعالى: ﴿وَلَوشَاءَ رَبُّكَ لَأمَنَ مَن فِي ٱلأَرضِ كُلُّهُم جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤمِنِينَ﴾(يونس:99)
ولقد بلغت سماحة الإسلام في تعامله مع التعدديات المختلفة شاءوا لا مثيل له في الأولين والآخرين، وبخاصة في هذا الزمان الذي تفاقمت فيه حروب التصفيات العرقية والأثنية والدينية، على نحو ما جرى ويجري في العديد من دول العالم كالبوسنة والشيشان وكشمير والهند وكوسوفا وإيرلندا وغيرها .
لقد احتضن الإسلام أصحاب الانتماءات الأخرى وجعلهم في عهدته وذمته، مما يؤكده بجلاء الخطاب النبوي القائل: «من أذى ذميًا فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله»(رواه الطبراني في الأوسط)، وفي موضع حضاري آخر يقول: «من قتل معاهدًا، لم يرح-أي يشم-رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا».
وهنا أود أن أنقل كلامًا مميزًا للمؤرخ «جوستاف لوبون»، إذ وضع كتابًا عنوانه حضارة العرب، جاء فيه: «كان تأثير العرب على الغرب عظيمًا، وإليهم يرجع الفضل في حضارة أوروبا ولم يكن نفوذهم في الغرب أقل من نفوذهم في الشرق، لقد تمتعت إسبانيا بحضارة سامية بفضل العرب، بينما كانت بقية أوروبا غارقة في ظلام وتأخر ولو سار الغرب تحت راية العرب لتسامت منزلته، ورقت أخلاق أهله، ولما وقعوا في الحروب الدينية والمصائب التي غرقت فيها أوروبا بالدماء عدة قرون».
إنه يكفي دلالة على انفتاح الإسلام الحضاري على الآخرين في المجتمع الإسلامي وضمن الدولة الإسلامية، أن التاريخ ذاخر بالشواهد والأدلة التي تؤكد مشاركة غير المسلمين في شؤون الحكم والإدارة وفي مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة.
المشروع الإسلامي والتحالف السياسي
والمشروع الإسلامي أجاز التحالف السياسي مع الآخرين ضمن برنامج محدد من شأنه أن يدرأ المفاسد ويجلب المصالح.
ولقد اعتبر البيان النبوي بشأن حلف الفضول الذي حضره رسول اللهr قبل الإسلام مع فئات وقوى متعددة، من أجل رفع وتحقيق العدالة وضمان حقوق الإنسان، والذي قال فيه مشيدًا بعد الإسلام: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أني دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت»، (سند صحيح لولا أنه مرسل) اعتبر هذا التحالف من الأدلة التي تساق على جواز التحالف مع الآخر.