; التوزيع الجديد للدوائر هل يحقق أهدافه؟ | مجلة المجتمع

العنوان التوزيع الجديد للدوائر هل يحقق أهدافه؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

مشاهدات 26

نشر في العدد 509

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

على الرغم من انشغال الخليج بشؤون حربه إلا أن الكويت تبدو منهمكة في شؤون عودة الحياة النيابية، كيف لا، وقد قضت أربع سنوات بعيدة عن التمثيل النيابي الذي تعودت عليه لمدة تقارب الخمسة عشر عامًا وسجلت خلاله تجربة رائدة. رغم ما رافقها من سلبيات -ليس على صعيد دول الخليج العربي فحسب بل على صعيد التجربة البرلمانية في المنطقة.

إن الحوار الدائر اليوم في الشارع- الانتخابي يكاد ينحصر في قضيتين رئيسيتين، تتناول الأولى منهما قضية الأهداف التي من الممكن تحقيقها من خلال التوزيع الجديد للدوائر الانتخابية ومدى صلاحية هذا التوزيع بينما يلاحظ من جانب آخر أن تلك القضية مفروغ منها عند فئة من الناس، ويتجاوزونها إلى الخوض في تناول قضية المعركة الانتخابية القائمة والتكتيكات المطلوبة للتكيف مع الوضع الجديد والخوض في «معمعة» المعركة ذاتها.

وفي تعليقنا لهذا الأسبوع نحاول إلقاء الضوء على التوزيع الجديد من حيث المراحل التي مرت بها المسيرة البرلمانية حتى وصلت إلى هذا الشكل، ومن حيث مبرراته التي أعلنتها الحكومة في نفس وقت إعلانه ومدى إمكانية تحقيق أهدافها «سواء المعلنة منها أم التي استنتجها البعض» أو توقع ذلك من خلال:

1- إبداء بعض الملاحظات على هذا التوزيع.

2- التعليق على الممارسات الأولية لدى المرشح والناخب بعد صدور المرسوم الأميري.

خلفية لا بد منها:

من المعروف أنه في عام 1961 قُسمت الكويت إلى 20 دائرة انتخابية يمثل كل منطقة منها نائب واحد لتشكيل المجلس التأسيسي، كل ذلك كان بموجب قانون تم تعديله قبل العمل به ليعاد التوزيع بعد ذلك إلى 10 دوائر انتخابية تنتخب كل منها عضوين وتم ذلك بالفعل. وانتخب على نفس هذا التقسيم أعضاء أول مجلس أمة للبلاد عام 1963 ولكن بتعديل أضيف بموجب نص المادة 51 من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، ولكن على أساس انتخاب خمسة أعضاء عن كل دائرة بدلا من اثنين.

واستمر هذا التوزيع، ولم تطرأ عليه تعديلات جوهرية، إنما أُحدثت تعديلات غير جوهرية عام 1966 بالقانون رقم 78 وعام 1971 بالقانون رقم 6 حيث أُجريت تعديلات طفيفة في الدوائر الانتخابية.

وقد أوضحت المذكرة التفسيرية المرفقة بالمرسوم الأميري المحدد للدوائر والصادر في 17/12 من هذا العام أربعة أسباب استندت عليها الحكومة في توزيعها الجديد.

السبب الأول:

مضت سنوات طويلة منذ صدور التقسيم الأول الذي اعتمده التعديلان التاليان مع تعديلات غير جوهرية، وقد مضى على آخر تعديل نحو 10 سنوات وتغيرت خلال هذه المدة المعالم السكانية في الكويت حتى كادت مناطق معينة أن تخلو ممن لهم حق الانتخاب كما عمرت وازدحمت مناطق أخرى كانت خالية أو قليلة السكان.

السبب الثاني:

التفاوت الكبير في عدد الناخبين بين دائرة وأخرى في التقسيم السابق.

السبب الثالث:

كان القانون السابق ينص على أن الموطن الانتخابي للشخص هو الذي يقيم فيه عادة أو الذي فيه مقر عائلته، وقد ترتب على هذا التعريف منح الناخب الخيار في قيد نفسه في أي دائرة يختارها استنادًا إلى أن بعض أقاربه يقيمون في هذه الدائرة.

وقد جاء التعديل محددًا الموطن الانتخابي بالمكان الذي يقيم فيه الشخص بصفة فعلية ودائمة.

السبب الرابع:

الأصل أن يكون الانتخاب فرديًّا حيث تنقسم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة تنتخب كل منها نائبًا واحدًا، بهذه الطريقة تيسر مهمة الناخب في التفكير والاختيار، على خلاف الطريقة الأخرى أي الانتخاب متعدد الأصوات الذي ينتخب فيه كل ناخب عدة أصوات (خمسة كما النظام السابق) إذ إن ذلك يصعب مهمة الناخب خصوصًا لمن يجهلون القراءة والكتابة، فقد لا يعرف الناخب خمسة من المرشحين ينتخبهم فيكون عرضة للتأثير فيه، فإما أن ينتخب واحدًا أو اثنين ويهدر بقية العدد الذي له الحق في انتخابه، وقد يختار العدد دون روية أو اختيار سليم معرضًا في الحالتين للدعايات والضغوط.

أولا: بعض الملاحظات على حيثيات التوزيع

1- لئن كان التفاوت كبيرًا بين الناخبين في الدائرة والأخرى في التوزيع القديم فإن التماثل والتجانس في عدد المسجلين في الدوائر الحالية لا يمثل الصورة الحقيقية والواقعية للكثافة السكانية لمن يحق لهم حق الانتخاب، وذلك راجع لسبب قصر فترة إعادة القيد الانتخابي، حيث لم تكن هناك فترة كافية تتيح للجميع فرصة إعادة القيد. وعلى الرغم من الاستدراكات التي حاولت الحكومة بها تسهيل مهمة تسجيل من هم في خارج البلاد، إلا أن الدور البارز في الحث والتشجيع على إعادة القيد الانتخابي كان النصيب الأكبر منه للهيئات الشعبية كجمعيات النفع العام والاتحاد الوطني لطلبة الكويت.

وإذا أضفنا إلى ذلك ما صاحب تلك الفترة من انشغال الكثير من المواطنين في الاكتتاب في الشركات المساهمة والتي كانت فترة الاكتتاب في بعضها هي نفسها فترة إعادة القيد تقريبا.. نصل إلى نتيجة مؤداها بأن الأسماء المسجلة حاليًا لا شك أنها تمثل نسبة لا بأس بها من المواطنين ولكنها لا تمثل الصورة الواقعية لتوزيع من يحق لهم الانتخاب، وعلى أية حال فإنه إذا فتح باب القيد في العام المقبل «كالعادة» سيتضح المقصود.

2- إن اشتراط التسجيل في المنطقة للمقيم فيها فقط شرط جيد ويكفل عدم تدخل قوى أخرى من خارج المنطقة ويوصلنا إلى أن «يمثل المنطقة من يريده سكانها وحدهم».. ولكنه من زاوية أخرى لا يحقق هدف التمثيل الفئوي للمجتمع الكويتي كفئة المهندسين -الأطباء- المحامين الاقتصاديين الإداريين... إلخ، إذ لا توجد ضمانات لوصول كفاءات تخصصية للمجلس.

3- أما ما يتعلق بكون الأصل في الانتخاب أنه فردي وما تبع ذلك من مبررات لاحقة في السبب الرابع، فهناك ملاحظة يبدو أنها متوقعة بسبب توفر الجو المناسب للعناصر الجيدة للمواجهة فيما بينها فتحصل المنافسة في نفس الدائرة، وحيث إن مجال النجاح محصور في مقعدين لكل دائرة، وحيث إن الدائرة صغيرة، فإنها لا شك ستشجع الكثير من هذه العناصر للنزول في الانتخابات.. ومن هذه الحيثيات يتضح لنا ما يتوقع من صراعات قد يكون مؤداها رواسب نفسية يخشى من تطورها مستقبلاً.

ولئن كانت هذه الملاحظات عابرة فإنها لا تنسينا المحاسن الموضوعية لهذا التقسيم؛ «إذ نحن في هذه المرة لا نناقش الشكلية حيث إن لها قضية مستقلة».

ثانيًا: تعليق على الممارسات الأولية لدى المرشح والناخب بعد صدور مرسوم تحديد الدوائر

في رأينا أن الاجراءات الأخيرة «بكل ما اشتملت من أهداف» فإنها مرهونة بعنصر رئيسي يحدد الصورة النهائية لها، هذا العنصر هو «المواطن»، وسواء أكان المواطن مرشحًا أم ناخبًا، فإننا نعتقد أنه العامل الذي سيتحكم بمشيئة الله في مصير التمثيل النيابي للأمة، ولئن كان دور المرشح حساسًا في ضرورة مراجعة نفسه قبل الترشيح «بل إن الأصل أن يرشحه قبل الانتخاب مواطنوه» وهل هو الأصلح للتمثيل؟ وما مدى قربه أو بعده من وصف الباري تبارك وتعالى للــــــ «القوي الأمين».. نقول لئن كان له ذلك الدور فإن دور الناخب يبدو أكثر أهمية لأنه هو الذي يثبت أمام الله عز وجل ومن ثم للتاريخ ما مدى نزاهته في اختيار الأصلح؛ ففي موازيننا الشرعية لا يجوز اختيار الشخص في حالة وجود من هو اكثر التزامًا منه بالإسلام قولاً وعملاً وعلى درجة أعلى من الكفاءة التمثيلية أو ما يسمى بـ متطلبات المقعد النيابي.

إذ إن المراقب للساحة الانتخابية يلحظ تلك المظاهر المتدنية المستوى التي يسلكها بعض المرشحين لمخاطبة الناخبين من خلال بطونهم أو مصالحهم المادية، وتكرر هذه الظاهرة يبدو أنه مؤشر سيئ للغاية لبعض قطاعات المجتمع التي تتعامل مع الأصوات الانتخابية كتعاملها مع الأسهم، فمن أخبار انتشرت عن ارتفاع سعر الصوت في بعض المناطق من 75 إلى 100 دينار ومن أخبار تسربت حول مرشحين عرضوا على المرشحين المنافسين الانسحاب من الانتخابات لقاء حفنة من الدنانير أو  التوسط لبعض المناصب أو... إلخ ومن مثقفين يحملون أعلى الدرجات العلمية خرجوا علينا بنغمة نشاز مؤداها أنه لا بد من الاستسلام أمام الثقل المالي للمرشح.. ومن آخرين أجهدوا أنفسهم في دراسة الوضع الانتخابي ليخرجوا بنتيجة تقول بأنه لا ضرورة للمرشح بأن ينتهج برنامج عمل... وهكذا .

من هنا نوجه دعاءنا من الأعماق إلى كل أولئك المنعتقين من تلك الوشائج التقليدية التي تتمثل فيها الطائفة والقبيلة والعائلة والمصلحة المادية بأن يسدد الله خطاهم ويوفقهم لتمثيل هذه الأمة، فهم الذين يتصفون بخصائص النظرة البعيدة المدى والشعور بالمسئولية التاريخية أمام الله عز وجل، وهم الذين يمتلكون بإيمانهم وكفاءتهم أمضى سلاح على مر العصور، وهم الذين يعون بأن مجلس الأمة قضية تتجاوز الأشخاص والحلقات الاجتماعية الخانقة وتتسع في نظرتها لتشمل دور الإنسان «وليس المواطن فحسب» في الكون كله «وليس على رقعة من الأرض فحسب» لإرضاء الله تعالى «وليس الناس».

على المجتمع متكاتفًا تسجيل موقف ناصع في تاريخ الحركة النيابية في الكويت، من هنا ينبغي تفويت الفرصة على من أرادها طائفية أو عائلية أو قبلية أو سوى ذلك من شعارات الجاهلية.

متى يحاكم واضعو المتفجرات؟

يتساءل كثير من الناس متى سيحاكم المجرمون وعن ما وصل إليه التحقيق في الحادث الذي أقدمت عليه عصابة وضع المتفجرات في جمعية الإصلاح الاجتماعي؟ ويتساءل كثيرون ما هو مصير الدبلوماسي الذي اشترك في الحادث الإجرامي؟ هل زج بالتوقيف مع أفراد العصابة؟ هل استدعي من قِبل نيابة أمن الدولة؟ وهل .... وهل.

هذه أسئلة كثيرة يرددها المواطنون، وإننا نجيب على هذه التساؤلات بأن التحقيق في قضية إجرامية بهذه الضخامة يحتاج إلى وقت لمتابعة المجرمين واحدًا بعد واحد، ولمعرفة من هو المجرم الأصلي ومن وراءه، وإننا على يقين أن الجهات المعنية سوف تضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بأمن الكويت واستقرارها.

وإننا على ثقة بأنه مهما كان حجم المجرم وحجم من ورائه فإنهم سوف يحاكمون وينالون جزاءهم فإن أرواح المواطنين وسلامة الكويت أهم من أي اعتبار.

وإننا نتطلع مع المواطنين إلى ذلك اليوم الذي تعلن فيه الأحكام الصارمة ليكون المجرمون عبرة لمن سواهم، وفي العقاب الصارم يقضى على الجريمة، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾       (البقرة: 179).

الرابط المختصر :