العنوان التغريبة الغوطانية.. آلاف المهجرين من غوطة الشام إلى إدلب
الكاتب عمار حمو
تاريخ النشر الأحد 01-أبريل-2018
مشاهدات 18
نشر في العدد 2118
نشر في الصفحة 30
الأحد 01-أبريل-2018
«ربّما هذه الساعات الأخيرة لي على ثرى الغوطة، سأخرج وقلبي يعتصر ألماً على فراقكما وفراق من سبقنا إلى رحمة الله».. بهذه الكلمات ودّع مضر الغوطة الشرقية مهجّراً إلى الشمال السوري، ولم يجفّ قبر زوجته وطفلته اللتين ارتقيتا في قصف على مدينة عربين.
هجر مُضر أرضه مكرهاً بعد سبع سنوات ثورة، منها 5 عجاف، حيث تعرضت الغوطة الشرقية لحصار منذ مطلع عام 2013م، لاقى أهلها صنوف العذاب من نقص في الطعام والشراب، وتوفي العشرات لنقص الدواء والعلاج، وحصد قصف نظام «الأسد» أرواح آلاف المدنيين.
وبدأ مسلسل التهجير في مدينة حرستا بالغوطة الشرقية في 21 مارس 2018م، بعد اتفاق بين أحرار الشام والجانب الروسي، يقضي بخروج العسكريين (الثوار) بسلاحهم ومن يرغب من المدنيين إلى الشمال بضمانات روسية، وإعطاء ضمانات للأهالي الراغبين بالبقاء في المدينة بعدم التعرض لهم، والحفاظ على مكون المدينة دون تهجير أو تغيير ديموجرافي، وتم الخروج في الثاني والعشرين من الشهر ذاته، وبحسب عضو في المجلس المحلي لمدينة حرستا لـ«المجتمع»، بلغ عدد المهجرين من حرستا 12800 شخص بين نساء وأطفال ورجال.
وبعد يوم واحد على خروج المهجرين من حرستا، توصل فيلق الرحمن مع الجانب الروسي إلى اتفاق يتشابه في بنوده، ولكنه يضم عدداً من مدن وبلدات القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، وخلال 24 ساعة من توقيع الاتفاق بدأ العمل بموجب الاتفاق، وانطلقت الحافلات إلى الشمال السوري، وتجاوز عدد المهجرين حتى إعداد هذا التقرير 23 ألف شخص، ولا يزال إخلاء المدنيين مستمراً.
عمليات التهجير من الغوطة الشرقية كانت أشبه بصفعة في وجه ثوار سورية والدول الداعمة لثورة الشعب السوري في مواجهة الظلم والاستبداد، ومن أجل تحقيق مطالب الشعب السوري بالحرية والعدالة، لا سيما أن للغوطة أهمية إستراتيجية ورمزية على الخارطة السورية، فموقع الغوطة الشرقية على خاصرة العاصمة دمشق، تعدّ مصدر خطر لنظام «الأسد»، وقوة للمعارضة السورية، كما أنها من أكثر المناطق الثائرة قوة وتنظيماً.
لم يبق في الغوطة الشرقية تحت سيطرة الثوار إلا مدينة دوما، وهي عاصمتها، حيث رفض جيش الإسلام، الفصيل المسيطر عليها، عمليات التهجير كما حصل مع أسلافه أحرار الشام، وفيلق الرحمن، ورغم استمرار المفاوضات بينه وبين الجانب الروسي فإن الناطق باسم جيش الإسلام قال لـ«المجتمع»: مفاوضاتنا على البقاء وليس على التهجير، معتبراً أن التهجير خطّ أحمر بالنسبة لهم، ولم يتضح حتى الآن إذا ما كان سينجح جيش الإسلام في وقف نزيف «التهجير» من الغوطة الشرقية وحقن دماء عشرات الآلاف من المدنيين الصامدين في المدينة، حيث يراهن من خلال مفاوضاته مع الروس على التوصل إلى اتفاق لا يحمل بين بنوده «التهجير»، ويتوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار.
وجاءت مفاوضات الثوار ونظام «الأسد» (يمثله وفد تفاوض روسي) بعد حملة عسكرية كبيرة، أطلقها نظام «الأسد» أواخر ديسمبر 2017م، بمساندة من الطيران الروسي، استخدما فيها مختلف أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، ومنها أسلحة محرمة دولياً، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1770 مدنياً، وإصابة الآلاف بجروح، وسيطر النظام برياً على أكثر من ثلثي أراضي الغوطة الشرقية.
وفي الأيام الأخيرة للحملة العسكرية لنظام «الأسد»، فتح ما أسماه «ممرات إنسانية» لخروج المدنيين من مناطق المعارضة إلى مناطق سيطرته، متعهداً بعدم التعرض للمدنيين، وتسوية أوضاع من اعتبرهم «مخالفين»، وخرج الآلاف إلى مناطق سيطرته، ولكنه لم يلتزم بتعهداته، وقام باعتقال مئات المدنيين بتهم «الإرهاب»، وساق آخرين إلى الخدمة العسكرية، وانتشرت فيديوهات توثق تعذيب عناصر النظام لمدنيين خرجوا عبر معابره الإنسانية!>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل