; التنصير بين المسلمين.. تاريخه.. آثاره.. خططه | مجلة المجتمع

العنوان التنصير بين المسلمين.. تاريخه.. آثاره.. خططه

الكاتب محمد الظواهري

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أغسطس-1985

مشاهدات 22

نشر في العدد 729

نشر في الصفحة 36

الثلاثاء 13-أغسطس-1985

دور النصارى في البلدان الإسلامية

٢) إنشاء مركز للموارد والأبحاث أطلق عليه معهد صموئيل زويمر:

وفي هذا الخصوص نصَّ التقرير على ما يلي:

«إدراكًا منَّا إلى الحاجة إلى تطوير اتصال مستمر متبادل بين أولئك العاملين في مجال تنصير المسلمين نقترح تشكيل مركز رئيسي للموارد والأبحاث في الولايات المتحدة يتبعه بعد زمن، وكلما دعت الحاجة تشكيل مراكز إقليمية في كافة الأجزاء الرئيسية في العالم الإسلامي، وأن يتم تنظيم وإدارة هذه المراكز من قِبَل عالم مُنَصِّر ذي خبرة واسعة يسانده في مهمته باحثون من مختلف التقاليد الكنسية ممن لهم خبرة في علم الأجناس البشرية والشؤون والدراسات الإسلامية، وأن يقوم المركز أيضًا بتجنيد العديد من المستشارين الذين يمكنهم زيارة الكنائس، وتقديم الخدمات إليها، وجمع كميَّة كبيرة من المعلومات حول مواقع وطبيعة وحجم المجتمعات الإسلامية كافة إضافة إلى خواصها النفسية والسكانية، كما يجب أن يتضمن أرشيف المركز مكتبة غنية تحتوي على كافة أنواع المعلومات وسبل الاتصال.

وإدراكًا للحاجة إلى مجموعة من المعلومات عن الشعوب الإسلامية التي لم يتم الوصول إليها، نقترح أن يؤسس هذا المركز اتحادًا يقوم بتنسيق كافة المعلومات التي لها علاقة بتنصير المسلمين وعلى مدير المركز أن يرخص بإقامة ارتباط مع كافة مراكز الأبحاث الرئيسية في أرجاء العالم لتطوير علاقة عمل مع الإرساليات العاملة في صفوف المسلمين ولجمع المعلومات التي تخص موضوع التنصير في مؤسسات الأبحاث والمعاهد الثقافية التي تقوم حاليًا بإعداد أبحاث متعلقة بالإرساليات إضافة إلى ذلك يقوم هذا المركز بإصدار نشرة إخبارية شهرية لإيصال المعلومات إلى الكنائس والإرساليات العاملة في أرجاء العالم الإسلامي، ويشجع كافة المدارس في أمريكا الشمالية والتي تتخصص بالتدريب اللاهوتي والتنصير من أجل تعزيز وتقوية ما تقدمه في مجال الدراسات الإسلامية ولتهيئة المناهج والكتب المناسبة لدورات أساسية عن الإرساليات التنصيرية إلى المسلمين».

 ٣) الاستعانة بالنصارى العاملين في البلدان الإسلامية:

ربما كان هذا القرار أخطر القرارات التي توصل إليها المؤتمر نظرًا للأبعاد الخطيرة التي يتضمنها، حيث أشارت العديد من الأبحاث والكلمات إلى ضرورة الاستفادة من وجود أعداد كبيرة من العاملين النصارى في البلدان الإسلامية. ويطلق على هؤلاء الذين يعملون بالتنصير إضافة إلى «أو تحت غطاء» عملهم الرسمي «أصحاب الخيام» ومصالح أصحاب الخيام كما ذكر أحد الأبحاث، وكما أشار أيضًا الدكتور أحمد دنفر في كتابه «التغلغل الصليبي في منطقة الخليج العربي» قد استعير من سيرة أحد حواريي السيد المسيح وهو بولس، والذي يطلق عليه النصارى الرسول بولس أو القديس بولس، فقد كان هذا الحواري وراء انتشار النصرانية في أرجاء عديدة من منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، ويعرف عنه أنه لم يكن يعتمد على المساعدات المالية لأعوانه ولم يتفرغ فقط لنشر النصرانية، بل كان يعمل في صنع الخيام لتمويل رحلاته ودعوته، واعتبر المؤتمر أن الاستعانة بهؤلاء الأطباء والمهندسين والأساتذة والخبراء والفنيين... إلخ، بعد تدريبهم وإعدادهم يمكن أن يكون أسلوبًا فعَّالًا جدًا وخاصة في البلدان التي لا يسمح فيها بممارسة التنصير بصورة علنية، وفيما يلي بعض ما جاء في الأبحاث والتقارير حول «أصحاب الخيام»:

«يعيش النصارى اليوم ويعملون في كافة أقطار العالم الإسلامي وبدأت كنائس مهاجرة بالظهور أكثر فأكثر في هذه المناطق، ربما أن الإسلام واستنادًا إلى القرآن يتيح إلى أهل الكتاب حريَّة العبادة فإن الكنائس تقوم بموافقة السلطات المحلية، فعلى سبيل المثال حضر ۳۸۰ شخص من المغتربين صلوات عيد الميلاد في عاصمة دولة نفطية مهمة... علينا أن نستغل هذا التواجد النصراني أينما وجد في المناطق الإسلامية... وقد قام مهندس نصراني أثناء عمله في جامعة إسلامية في دولة مغلقة بوجه التنصير بالدعوة إلى النصرانية بين طلابه، وشرح لهم عن المسيح وعلمهم العقيدة وعقد لهم جلسات لقراءة الإنجيل، ولعب مع عائلته دورًا نشطًا، كما أنه أعطى نصف راتبه لدعم التنصير والمشروعات التنصيرية في العالم الإسلامي... وقام مهندس آخر في دولة إسلامية مقفلة أيضًا بوجه التنصير بتوزيع نسخ من الإنجيل باللغة العربية على كافة الذين يعملون معه، ولما كان لهذا الرجل أهميته لهذه الدول فإنها لم تستطع طرده... إننا بحاجة أن نستعين بهؤلاء ونجنِّد آخرين لمساعدتهم ونصلِّى من أجلهم ونشجعهم على كتابة وإرسال التقارير... لقد وفَّر الرب لنا فرصة عجيبة أخرى هي الطلاب النصارى الذين يدرسون في الجامعات الإسلامية حول العالم، وقد وجدت القلة التي قامت بذلك تجربة قيمة وحقلًا مثمرًا للتنصير، ويبحث الآن القس BRUCE NICOLAS الذي يعمل مع اللجنة اللاهوتية للرابطة التنصيرية العالمية عن طلاب نصارى ناضجين يستطيعون أن يلتحقوا بمختلف الجامعات في البلدان الإسلامية حيث يمكنهم بجانب عملهم الأكاديمي الدعوة إلى الرسالة النصرانية».

وهكذا أيها الأخوة يعمل المنصرون المتفرغون إضافة إلى أصحاب الخيام في كافة أرجاء العالم الإسلامي ولكنهم يركِّزون جهودهم بشكل ملفت للنظر والاهتمام في منطقة الخليج.

وقد صدرت عدة كتب ودراسات ومقالات تحذر من هذا التحرك المشبوه والخطير.

فقد أثار الدكتور سالم الوالي في مقدمته لكتاب «التغلغل الصليبي في منطقة الخليج العربي» إلى وثيقة تنصيرية خطيرة قدمها المرحوم الشيخ عبد الله بن علي المحمود رئيس مركز الدعوة الإسلامية العالمي بالشارقة إلى مؤتمر علماء المسلمين الثامن الذي انعقد في القاهرة عام ۱۹۷۷، ومما جاء في الوثيقة ما يلي:

«أن التنصير ركز نشاطه في الخليج تمهيدًا للقضاء على الإسلام والسيطرة على معاقله الرئيسية، وأن المنظمات التنصيرية قررت جعل دُبَيّ مركزًا وقاعدة للانطلاق والهجوم على مكة المكرمة». 

قد تضمن هذا الكتاب القيِّم معلومات قيِّمة عن النشاط التخريبي التنصيري في الخليج وعلى أسماء المنظمات الكنسية التنصيرية وكذلك أسماء الكنائس الموجودة هناك، كما توجد أيضًا ً معلومات على درجة من الأهمية في رسالة الدكتوراه التي أعدها الدكتور عبد المالك خلف التميمي تم نشرها باللغة العربية عام ۱۹۸۲ تحت عنوان «التبشير في منطقة الخليج العربي دراسة في التاريخ الاجتماعي والسياسي». وكذلك يحتوي كتاب «الغزو التبشيري في الكويت» لمؤلفه أحمد النجدي الدوسري على معلومات قيمة وخطيرة مدعمة بالوثائق والصور عن هذا النشاط.

والمجال لا يسمح لنا هنا أن ندخل في تفاصيل هذه الأنشطة، ولكن علينا أن نشير إلى أنه إضافة إلى نشاط الكنائس والمنصرين المتفرغين وأصحاب الخيام توجد أيضًا مكتبات نصرانية لبيع الكتب، وتوجه الإذاعات التنصيرية برامجها إلى المنطقة من إسبانيا وفرنسا ولبنان، كما تقوم الإرساليات والمؤسسات التنصيرية بإرسال النشرات بالبريد إلى بيوت المواطنين المسلمين وأماكن عملهم، وتزور سفن تنصيرية الموانئ الخليجية بين حين وآخر حيث يجري على ظهرها توزيع الكتب وإقامة المعارض النصرانية وإلقاء المحاضرات وعندما زارت الباخرة التنصيرية LAGOS أحد هذه الموانئ وزع الإعلان التالي:

«يود طاقم الباخرة... أن يوجه دعوة ترحيب حارة إلى الشباب البالغين ليحضروا لأمسية نفكر فيها معًا حول عملنا وشهادتنا كنصارَى في القرن العشرين».

وكان برنامج اللقاء يتضمن ما يلي:

تناول المرطبات والتعرف على مهمة الباخرة.

محاضرة عن دور النصارى في عالم غير نصراني.

فیلم بعنوان «لص في الليل».

محاضرة بعنوان «شهادة النصراني في عالم اليوم».

ندوة مفتوحة للأسئلة والأجوبة. 

وتنتشر المدارس التنصيرية بشكل مكثف في الخليج، ففي الشارقة توجد ٤ مدارس كما توجد ١٠ في دبي، و٦ في أبو ظبي، و٤ في البحرين، و١٠ في الكويت.

أيها الأخوة... إن علينا جميعًا دون استثناء واجبًا رئيسيًا، ووجودنا في الغرب ومعرفتنا

بلغاته تجعل الواجب مضاعفًا، فالله تعالى هيأ لنا فرصة ثمينة علينا أن نستثمرها في سبيله، ولذا لا يجب أن يقف أي منَّا موقف المتفرج واللا مبالي من هذا التحرك التنصيري الخطير، وعلينا أيها الأخوة أن نبدأ بالاطلاع على الكتب والدراسات الإسلامية حول هذا الموضوع ثم نبذل على الأقل قصارى جهدنا في سبيل الاطلاع والحصول على كل ما يُصدره المنصرون حول هذا الموضوع ودراسته وإيصاله إلى كل من نستطيع الوصول إليهم من ذوي الخبرة ومن المهتمين بهذا الموضوع وإلى أفراد عوائلنا وأقاربنا وإخواننا، إن الكثيرين منكم سوف يعودون إن شاء الله بعد إكمال دراستهم إلى بلادهم، ولذلك عليهم أن يكونوا على دراية جيدة وعلم بهذه المخططات كي يتمكنوا من الإفادة والاستفادة منها في عملية التصدِّي للتنصير بكل أشكاله الكريهة، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال:٣٠). صدق الله العظيم.

نعم أيها الأخوة الكرام، نحن جميعًا لدينا إن شاء الله إيمان عميق بهذا الوعد الحاسم ونؤمن أيضًا أن الله سبحانه وتعالى غالب على أمره، ولكنه عز شأنه أمرنا أن نعمل وأن نسعى وأن نقوم بواجبنا في الدفاع عن دينه والتصدِّي لأعدائه، يجب ألَّا يكون أقصى طموح لنا في غربتنا الحصول على ورقة الشهادة التي جئنا من أجلها، بل أن يقترن هذا بعمل مُثْمِر فعَّال في سبيل الله يكون مبنيًّا على فَهْمٍ وإدراك دقيق وعميق بكل ما يحيط بنا، إن حضورنا المحاضرات الإسلامية والندوات والمؤتمرات والمناسبات الأخرى لا يكفي وحده للتصدِّي لما يخطط لنا، كما أن صلاتنا وصيامنا والتزامنا بالفروض الأخرى ليست هي فقط ما أوجبه عز وجل علينا وليس مقبول منا في دنيانا ولا في آخرتنا تردد أو تقاعس أو تقصير ونحن هنا نضم صوتنا إلى ما طالب به الأخ الدكتور سالم الولي في مقالة له نشرت مؤخرًا تحت عنوان «دروس من ندوة النصرانية والإسلام»، ومن بين ما كتبه ما يلي:

«على المسلمين عامة والدعاة خاصة أن يفهموا كيف يفكر الآخرون وأن يكثروا من حضور مؤتمراتهم وندواتهم وقراءة كتبهم ونشراتهم حتى يعرفوا كيف يتعاملون معهم وبالتالي يعرفون أفضل الطرق لدعوتهم إلى الإسلام».

كما أكد على مسؤولية المؤسسات الإسلامية فاقترح:

«أن تحرص المراكز والجمعيات وإدارات المساجد والصحف والمجلات الإسلامية على حيازة الملفات والوثائق التنصيرية كمقدمة لفهم موضوع التنصير وعرضه على المسلمين عرضًا علميًّا منطقيًّا مدروسًا بعيدًا عن العاطفة من أجل توعيتهم بما يدبَّر لهم من ناحية ووقايتهم من أخطارها من ناحية ثانية».

أيها الأخوة.. في الختام أود أن أذكر لكم ما قرأته في إحدى الدراسات عن التنصير في الخليج ما قاله أحد المنصرين في احتفال أقيم في مدينة نيو يورك عام ۱۹۷۱ من أجل جمع التبرعات لبناء كنائس في الجزيرة العربية، قال هذا المنصر:

إن محمدًا قد طرد المسيح من الجزيرة العربية وإن المسيح سيعود للجزيرة منتصرًا في القرن العشرين، وإنكم إذ تتبرعون للكنائس في الجزيرة العربية إنما تساعدون في تحقيق حلم النصارى في بناء كنيسة كبرى ستكون إلى جانب الكعبة في مكة».

والدراسة كانت على حق عندما أشارت إلى أن هذا القول لا يحتاج إلى تعليق.

وفقكم الله أيها الأخوة.. ورعاكم.. وأخذ بأيديكم.. وجزاكم خيرًا على حضوركم وإصغائكم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بقلم: الدكتور محمد الظواهري

الرابط المختصر :