العنوان الجامعات الخاصة.. عبء اقتصادي جديد على كاهل الأسرة المصرية
الكاتب أحمد عبدالعزيز
تاريخ النشر الثلاثاء 01-أغسطس-2017
مشاهدات 1080
نشر في العدد 2110
نشر في الصفحة 44
الثلاثاء 01-أغسطس-2017
الجامعات الخاصة.. عبء اقتصادي جديد على كاهل الأسرة المصرية
سوء التعليم الحكومي وحرص الأسر على تعليم أولادها سبب المعاناة
65 ألف جنيه للطب و50 ألفاً للأسنان و35 ألفاً للعلاج الطبيعي
القزاز: الدولة هي المسؤول الأول عن التنمية التعليمية والإنفاق على هذا الملف
الخصخصة وسحب الدعم تطبيقاً لمطالب صندوق النقد الدولي أحد أسباب الأزمة
عقب نتيجة الثانوية العامة تبدأ الأسر المصرية الدخول في صراع جديد ومعاناة لا تنتهي مع التعليم ورغبات أولادهم والكليات المتاحة أمامهم ونظام التنسيق الذي يحرم أبناءها من تحقيق رغبتهم؛ فتتجه للجامعات الخاصة كحل بديل رغم الإرهاق المادي الكبير؛ حيث المغالاة الكبيرة في رسوم هذه الجامعات، خاصة «كليات القمة» كما تسمى بمصر؛ ومنها الطب والصيدلة والهندسة، حيث تفوق الرسوم طاقات الكثير من الأسر خاصة أنها تكون خارجة لتوها من «ماراثون» الثانوية العامة ودروسها الخصوصية.
عبر عدد من الخبراء في تصريحات لـ«المجتمع» عن رفضهم لهذه المغالاة من جانب هذه الجامعات، متهمين إياها بالمتاجرة، ومطالبين الدولة بالتدخل لضبط الأمور وعدم تركها للانفلات، وتحول الأمر إلى نوع من المتاجرة من جانب هذه الجامعات، مع الاهتمام - في المقابل - بتطوير التعليم الحكومي والاهتمام به والتوسع في إنشاء الجامعات حتى لا يكون المواطنون وأبناؤهم عرضة للمتاجرة بهم وبمستقبلهم عبر «مافيا» التعليم الخاص، خاصة التعليم الجامعي.
وإذا تناولنا رسوم هذه الجامعات نكتشف مدى المغالاة من جانبها، خاصة أنها رسوم للعام الواحد، وتأثير ذلك على الأسر ودخلها المحدود التي ترغب في تعليمٍ أفضل لأولادها رغم ضيق ذات اليد، ولكنها تحاول تلبية رغبة أبنائها؛ وهو ما تستغله هذه الجامعات بشكل مبالغ فيه.
فعلى سبيل المثال؛ في جامعة مصر للعوم والتكنولوجيا، مصروفات كلية الطب 65 ألف جنيه مصري، وكلية طب الأسنان 50 ألف جنيه، وكلية العلاج الطبيعي 35 ألف جنيه.
أما جامعة 6 أكتوبر، فمصروفات كلية الطب والجراحة في السنة الأولى 65 ألف جنيه، وطب الأسنان 43 ألف جنيه، وكلية العلاج الطبيعي 31 ألف جنيه.
وفي جامعة الأهرام الكندية، بلغت مصروفات كلية طب الفم والأسنان 60 ألف جنيه للطلاب المصريين، و8 آلاف دولار للطلاب الوافدين، أما في الجامعة الروسية فقد جاءت مصروفات كلية طب الفم والأسنان 42 ألفاً و350 جنيهاً، أما مصروفات كلية طب الفم والأسنان بالجامعة البريطانية 60 ألف جنيه.
ومصروفات جامعة فاروس كلية طب الأسنان 53 ألف جنيه، أما كلية العلاج الطبيعي 36 ألف جنيه، ومصروفات كلية طب الأسنان في جامعة النهضة 65 ألفاً و595 جنيهاً، ومصروفات طب أسنان جامعة المستقبل 66 ألف جنيه.
أما بخصوص مصروفات كليات الصيدلة الخاصة؛ ففي جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا 41 ألف جنيه، وجامعة 6 أكتوبر 43 ألف جنيه، وجامعة الأهرام الكندية 50 ألف جنيه، والجامعة الروسية 35 ألف جنيه، أما الجامعة البريطانية فبلغت 58 ألف جنيه، وجامعة فاروس 55 ألف جنيه، وجامعة المستقبل 51 ألف جنيه، وجامعة النهضة 53 ألفاً و130 جنيهاً.
تنسيق متقارب
وتأتي هذه المغالاة رغم أن تنسيق هذه الكليات لا تقل مؤشرات القبول بها بفارق كبير خاصة المجموعة الطبية، فطبقاً للقواعد التي اعتمدها مجلس الجامعات الخاصة، للعام الجامعي الجديد 2017/2018م، فقد جاء الحد الأدنى للتقدم للطلاب المصريين على النحو التالي:
95% الطب البشري، و90% كليات طب الأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعي، و80% الهندسة، 70% الفنون التطبيقية، والعلوم الطبية التطبيقية، و70% علوم الحاسب، والتكنولوجيا الحيوية، و65% كليات الاقتصاد والعلوم السياسية، والإدارة، واللغات والترجمة، والإعلام، 55% باقي الكليات.
وطبقاً لهذه المؤشرات، فالفارق في درجات القبول بين كليات الجامعات الحكومية والخاصة ليس كبيراً قياساً بالأموال المُبالغ فيها التي تأخذها الجامعات الخاصة.
الأسر تتحمل الإخفاق: وتعليقاً على هذا الواقع وهذه المعاناة التي تعاني منها الأسر المصرية، يقول د. يحيى القزاز، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، لـ«المجتمع»: الأسرة المصرية معروف عنها اهتمامها بالتعليم، وهي تنفق على هذا الأمر أموالاً كبيرة سواء التعليم الحكومي من خلال الدروس الخصوصية أم التعليم الخاص، وهذا الاهتمام الكبير والرسوم المُبالغ فيها التي تدفع يكون السبب فيها أموراً عدة؛ منها محاولة الحصول على وظيفة، أو الوجاهة الاجتماعية، أو محاولة الحصول على فرصة سفر في ظل ظروف اقتصادية وبطالة تعاني منها البلاد؛ ولهذا تكون الأسرة مستعدة للإنفاق ودفع الرسوم المطلوبة منها من أجل تحقيق رغبة أبنائها للأسباب المشار إليها.
ويضيف د. القزاز: المفروض أن الدولة هي المسؤول الأول عن التنمية التعليمية والإنفاق على هذا الملف وتحقيق الجودة فيه، ولكن ما يحدث في الواقع مختلف تماماً؛ وهو ما يجعل الأسرة تتحمل هذا الإخفاق، سواء بسبب تراجع التعليم الحكومي؛ وهو ما يؤدي إلى تحصيل محدود ونتائج غير طيبة، أو من ناحية الإنفاق على أبنائها كبديل للحكومة التي تخلت عن الإنفاق، ويتم هذا عبر الدروس الخصوصية أو رسوم الجامعات الخاصة التي تغالي في رسومها، ويجب على الدولة هنا أن تتدخل أيضاً لوقف تصرفات هذه الجامعات وإلزامها باللوائح والقوانين المنظمة لذلك.
صندوق النقد
أما الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للتنمية أحمد خزيم؛ فيعبر في حديثه لـ«المجتمع» عن إشفاقه على الأسرة المصرية التي تلهب ظهورها برسوم تعليمية مُبالغ فيها، ودروس خصوصية ونفقات تعليمية كبيرة على أبنائها في ظل تراجع للحكومة عن أداء مهامها في هذا الأمر، خاصة أن هذا الملف المفروض أنه من أولويات أي حكومة، فمعروف في كل دول العالم أن التنمية في البشر والثروة البشرية لدى أي دولة هي أهم الثروات، وهذا يتأتى من خلال التنمية التعليمية والصحية، ولكن الحكومة تخاذلت بشكل واضح في هذا الأمر، وتركت الأسر في مواجهة غير متكافئة مع هذه الجامعات والتعليم ونفقاته بشكل عام.
وربط الخبير الاقتصادي ما يجري في الساحة التعليمية المصرية بعدة أمور؛ منها اتجاه الحكومة لخصخصة كل شيء في مصر، وسحب الدعم في كافة الخدمات تطبيقاً لمطالب صندوق النقد الدولي بعد حصول مصر على القرض الذي طلبته منه؛ وبالتالي لا بد من الاستجابة لشروطه.
يتزامن ذلك مع ظروف اقتصادية صعبة بشكل عام بعد تعويم الجنيه المصري؛ وهو ما انعكس على كل مناحي الحياة في مصر ومن بينها التعليم بالطبع، فضلاً عن عدم الرقابة الجادة من جانب الحكومة على الجامعات والمدارس الخاصة، والضغط عليها للالتزام باللوائح المنظمة، كل هذا أثقل كاهل الأسرة المصرية التي ترى في التعليم نوعاً من الترقي الاجتماعي والحصول على فرصة عمل في ظل غياب شبه كامل لدور الدول في تقديم خدمات تليق بشعبها.
وحول هروب الأسر المصرية إلى التعليم الخاص رغم مصروفاته الكبيرة، يقول الخبير التربوي مرعي إبراهيم لـ«المجتمع»: هناك أسباب عديدة في هذا الأمر؛ منها الفساد الكبير والإهمال المتفشي في التعليم الحكومي، وعدم السعي لإصلاح هذا الخلل من جانب الحكومة وخبراء التعليم بها؛ وهو ما يشعر الأسر بالقلق على مستقبل أبنائهم.
ويضيف مرعي: أيضاً هناك رغبة من الأسرة المصرية في إلحاق أبنائهم بتعليم متميز إلى حد ما للحصول على شهادة تمكنه من وجود فرصة عمل في ظل انتشار البطالة الكبيرة بين خريجي الجامعات والمعاهد؛ وبالتالي يكون السباق في إطار مارثوني بهدف الحصول على مكان في كلية قمة تحقق فرصة عمل وتحقيق حلم أو طموح لأبناء هذه الأسر؛ حيث الأعداد الكبيرة من الخريجين والفرص القليلة في ظل عدم وجود حلول حقيقية من جانب الحكومة سواء لتطوير التعليم الحكومي أو إيجاد فرص عمل حقيقية والقضاء على البطالة
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالجامعات الخاصة.. عبء اقتصادي جديد على كاهل الأسرة المصرية.
نشر في العدد 2111
69
الجمعة 01-سبتمبر-2017