العنوان الجيل الجديد.. ركن التربية والشباب (186)
الكاتب عبد العزيز الحمد
تاريخ النشر الثلاثاء 05-فبراير-1974
مشاهدات 22
نشر في العدد 186
نشر في الصفحة 18
الثلاثاء 05-فبراير-1974
دار الأرقم
لقد كان صلى الله عليه وسلم أستاذ هذه المدرسة، وهو قدوة لكل مدرس ناجح لصفات جمي تحلى بها فأكسبت المدرسة دورا مهما في تاريخ البشرية.
1 - فلم يكن صلى الله عليه وسلم يتقاضى أجرًا من طلابه إنما كان متطوعًا في عمله، يؤدي فريضة ندبه الله إليها ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 90)
وكل جهد يقدمه المدرس لطلابه بدون أجر، يكون أوقع في النفس، وأدعى للمحبة والتعاون، فليحرص الدعاة على ذلك، وليكتفوا بما أنعم الله به عليهم.
2 - وما كان صلى الله عليه وسلم ليتميز عن طلابه، أو يترفع عنهم، فلقد دخل معهم مدرسة لم يكن لها دوام يومي محدد، بل كانت مفتوحة ليل نهار، وكان صلى اللـه عليه وسلم يؤاكلهم ويعلمهم ويختبرهم، ويجيبهم عن كل شأن من شؤون حياتهم الخاصة والعامة.
ولا يليق بالمدرسين الدعاة أن تكون صلتهم بطلابهم مقصورة على داخل الفصل، فلتكن الصلة في المدرسة والمسجد والبيت، وليأخذوا بأيدي طلابهم ليحملوا الدعوة ويذودوا عنها بكل ما يملكون.
3 - ورسول الله بعد ذلك قدوة لطلابه في كل أمر من الأمور، فهو قمة في العلم، لا يرتفع إلى مستواه أحد من رواد الدار أو غيرها، وسلوكه صورة حية لما يقول ولقد وصفته عائشة رضي الله عنها - فيما بعد - فقالت: «كان خلقه القرآن». فلم يقل إلا حقا ويتبع القول والعمل فإذا ذكر الشجاعة فهو أشجعهم، فإذا شمرت الحرب عن ساقها كان الصحابة يلوذون به من هول المعركة، وكان أقواهم صبرًا وتحملًا للأذى، وأقدرهم على النهوض بشؤون الدعوة وهو بعد ذلك الأمين في قريش الذي لا ينسى أن يرد لهم ودائعهم في أشد ساعات الضيق عند هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.
يا أيها المدرسون، ويا دعاة الحق، اتبعوا القول العمل وليكن سلوككم صورة حية لدعوتكم، اتقوا الله في السر والعلانية، تأسوا بأستاذكم الأول صلى الله عليه وسلم، واعلموا أن الناس يراقبون أصحاب الدعوات في الصغيرة والكبيرة -ومراقبة الله أشد- فلا تفجعوا أحدًا بكم، واتقوا الله في طلابكم ولا تبخلوا عليهم بما فرضه الله عليكم من نصح وتبليغ والله الهادي إلى سواء السبيل.
عبد الله أحمد
لمسة قلم
هناك أمور كثيرة يحتار الإنسان في فهمها أو في إيجاد تفسير لها فنحن نقلد الغرب في القشور والشكليات، ونرى أتباعا لهم في أمور الفساد، ولا نرى ذلك في نواحي العلم، ويصرخ الكثير من المنفتحين على الغرب أن دعونا نأخذ مما لدى الغرب من حضارة وتقدم فما تخلفنا إلا بسبب هذا التحجر وتراه يعرض عن كل ما هو علم ليتجه إلى مظاهر الفساد يسير عليها.
هذا تمهيد لمعنى أحب أن أوضحه بالنسبة لوزارة التربية وطريقتها في المناهج فنراها تعتمد على الطريقة القديمة في تلقي العلم وفي إغراق الطالب بالمناهج مع إن الحصيلة منها ستكون حتما ضئيلة وهذا ما يلاحظ بين أوساط الطلاب.
ونسمع عن خطة تطوير المناهج وتكثيفها على الطلبـة مع أن الطلبة بحاجة إلى التخفيف عنهم من الثقل الذي يلاقونه فمع أن حصص مواد العلوم عددها كاف إلا أنها لا تستطيع أن تستوفي المنهج بل يأخذ الطلبة كثيرا من الدروس الإضافية.
ولو رجعنا إلى مستويات المناهج الآن لوجدنا أن كثيرا من الموضوعات أو العلوم التي تدرس من العلوم القديمة التي اكتشفت في أوائل هذا القرن، مع أن هناك كثيرا من العلوم المستحدثة لدى الغرب الآن نحن في بعد عنها، ولا يزال طلبة الصف الرابع الثانوي يدرسون المغناطيسية للسنة الرابعة. لا أدري هل مازال المسؤولون لا يكلفون أنفسهم البحث عما وصل إليه الغرب من علوم، فالمستوى العلمي لدى الطلاب في الكويت منخفض ويرجع ذلك إلى مستوى المناهج وأساليب التدريس التي بليت ومضى عليها الوقت وأصبحت وسائل لا تصلح لعصرنا هذا.
فعجبا لقوم يتبعون أحدث الأزياء ولا يتبعون ما يفيد أجيالهم، يأخذون الزخارف ويتركون الجوهر. إن وزارة التربية مدعوة لأن تنظر في المناهج نظرة جدية وإلى أسلوب تدريسها، وإلى طبيعتها وإلى القائمين عليها ولا نجعل أمورنا تسير دون تخطيط ولا بصيرة.
محاورة
مرت مدة طويلة ولم ألتق به فقد كان مسافرا إلــــــى إحدى الدول الأوروبية وحين التقيت به بعد رجوعه وتجاذبنا شتى الأحاديث قال لي وهو يتكلم عن عادات الغرب: إن أهم ما يمتاز به هؤلاء يا أخي هو الأخلاق، فإنك ترى أطفالهم يتعلمون الصدق والأمانة منذ صغرهم ترى حياتهم منظمة لا إخلاف في المواعيد، والاحترام يسود بينهم، وهذا ما نفقده نحن المسلمين في بلادنا مع أن هذه الأخلاق في الإسلام، انظر إلى طريقة تعاملنا، وإلى أخلاقنا جميعها تراها في ترد، وهذا الغرب البعيد عن الدين يتحلى بمثل هذه الأخلاق.
كانت تلك الكلمات تخرج من قلبه وكان يبدو على وجهه عبارات الأسى والألم لهذا الوضع السيء فقلت له مبتسما أنني معك يا أخي في أننا نفقد في مجتمعنا الكثير من القيم التي دعانا الإسلام إلى التمسك بها فأنت ترى الفسق والرشوة أو الكذب والنفاق، وإخلاف الوعد والخيانة تجدها في مجتمعنا ولكنها ليست الأساس في هذا المجتمع بل هي بذرت فيه من قبل الغرب ليضعفه وتجد مقابلها الكثير من القيم الفاضلة التي ما زال أصحابها يتحلون بها وأن تمسك الغرب بهذه الأخلاق ليس لأنها قيم فاضلة يتمسكون بها، فهم لا يؤمنون بهذا المبدأ ولكنها مصالح مادية تقوم عليها جميع أفعالهم وحين تنتفي هذه المصالح المادية تنعدم هذه الأخلاقيات، وأنت ترى ذلك في سياساتهم الدولية وما فيها من دناءة، أليست هذه ظاهرة لعدم وجود المصلحة المادية فيها وكانت المصلحة في تعدي هذه القيم، إن الخطأ يرجع إلى مناهجنا التربوية فهي مناهج ناقصة التوجيه تعتمد على البناء العلمي دون التربوي، ولم تعتمد في بناء الأفراد على الدين لذلك تجد أن زمام الأخلاق والقيم قد انفلت من أيدينا، وترى ظاهرة انحراف الشباب وابتعادهم عن القيم الفاضلة.
● وما الحل الذي تراه يا زميلي - الحل يبدأ من الجذور من الأساس، حين يبدأ الطفل في النشأة نغرس فيه معاني الإيمان، المناهج المدرسية -المدرس- المنزل. كل هذه تخدم هذا الهدف غرس الإيمان في نفوس الشباب وإذا وجد الإيمان وجدت جميع القيم وجميع الأخلاق، ولكن وللأسف نرى في المناهج المدرسية ابتعادا عن هذا الهدف وتشكيكا فيه، بل ونجد في بعض الدول الإسلامية درس الدين غير أساس وليس مادة رسوب.
ونريد بعد هذا أن ينصرنا الله ونريد أن نوجد جيلا صالحا متعلما!
ما هو هدف مدارس الأطفال؟
إن أنسب مرحلة يمكن تربية الإنسان فيها هي الفترات الأولى من حياته ففي هذه الفترات تتشكل نفسيته ويمكن أن تصوغه على الشكل الذي تريد وهذا الذي بينه الحديث الشريف «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه».
ومرحلة الروضة وهي التي تضم الأطفال من سن 4-5 هي مرحلة مهمة في تنشئة الطفل النشأة الصالحة. ولكننا وللأسف نرى التربية في هذه المرحلة ناقصة وأن الطفل لا يكاد يتلقى شيئا سوى مجرد ألعاب بسيطة ومعلومات قليلة ثم إذا انتقل إلى المرحلة الابتدائية يبدأ من الصفر، وكأن الأهل قذفوا بأبنائهم في هذه المدارس ليرتاحوا من «شكاوتهم» وتكون مرحلة السنتين اللتين قضاهما في الروضة هباء لا فائدة منهما مع أنه كان من الممكن أن يتعلم فيهما الشيء الكثير لأن هذه الفترة فترة نضوج يكون فيها ذهن الطفل متفتحا يستقبل كل شيء وحافظته تكون نقية فحين ندفعه لحفظ القرآن أو الحديث نكون أفدنا الطفل أكثر مما لو حفظناه قطعة موسيقية أو لوحة فنية من الذي نراه يتبع في مدارس الأطفال.
وإذا أردنا أن يكون لمدارس الأطفال دورها الفعال علينا أن نجعل لها تأثيرها في نفس الطفل فيقدم له مثلا ألعاب يركبها ذات معنى علمي بحيث يركب له صاروخ أو سيارة أو مصنع ويهتم بتحفيظه القرآن والحديث لأن ذلك يرسخ في نفسه حب الدين وحب الله وحب القرآن فإذا كبر كبرت معه هذه المعاني ويهتم بتعليمهم القراءة والكتابة وتعويدهم على الابتكار وتنمية مواهبهم والمجالات كثيرة ومتعددة للتربية ولكن تحتاج إلى من يتصدى لها ويطبقها في الواقع العملي.
أسامة بن زيد
هو أسامة بن زيد بن حارثة وأمه أم أيمن «بركة» حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، یکنی بحب رسول الله، وفي رواية عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لأسامة أحب الناس إلي»، استعمله صلى الله عليه وسلم أمــــيرا لجيش المسلمين وهو ابن ثماني عشرة سنة لقتال الروم.
ولما ثقل صلى الله عليـه وسلم توقف في مسيرة حتى توفي النبي الكريم وكانت يده صلى الله عليه وسلم ترفع إلى السماء وتشير إلى أسامة، حيث فهم الصحابة أنه كان يدعو له.
ولما تولى أبو بكر الخلافة أقر إمارة أسامة على جيش المسلمين حيث تابعوا مسيرهم لقتال الروم وقد أبلى رضي الله عنه بلاء حسنا وانتصر جيش المسلمين.
أما في عهد عمر بن الخطاب فيدلنا على حسن سيرته معه كيف فرض له في مرض موته خمسة آلاف دينار بينما فرض لابنه عبد الله بن عمر ألفين، ولما سأله عبد الله عن ذلك ذاكرا فضله عليه قال له عمر: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك.
أما بالنسبة لسيرة أسامة في عهدي عثمان وعلي رضي الله عنهما فكانت حسنة، إلا أنه لم يشترك مع حروب علي ودليله أن رسول الله صلى اللـه عليه وسلم تأثر منه لما قتل رجلا تعوذ منه - بلا إله الا الله - فأعطاه عهدا ألا يقتل رجلا يقول لا إله إلا الله.
وفاته:
توفي رضي الله عنه في آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين.
هذا هو أسامة ذاك الصحابي نشأ في الإسلام وتشربت جميع جوارحه تعاليم هذا الدين فاستطاع بها أن يتوصل إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، أصبح شابا وهو شعلة متقدة تريد أن تضع كل شيء للإسلام، فيا أيها الشباب اجعلوا قدوتكم أسامة الذي قاد لجيش المسلمين وهو ابن ثماني عشرة سنة مع بلائه بالنصر تنقصكم العقيدة الصادقة أيها الشباب حتى تصبحوا كأسامة وعندها يعود الإسلام كما كان أولا، والأمل بعد الله فيكم كبير يا شباب الإسلام. يا أبناء محمد!
أحمد الكندري
مدرسة الفروانية المتوسطة
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل