; الحرية والاستبداد.. دراسة في الشورى (169) | مجلة المجتمع

العنوان الحرية والاستبداد.. دراسة في الشورى (169)

الكاتب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق

تاريخ النشر الاثنين 24-سبتمبر-1973

مشاهدات 18

نشر في العدد 169

نشر في الصفحة 20

الاثنين 24-سبتمبر-1973

الفروق الأساسية بين: الإمامة العامة والجماعات الخاصة، ثم الفروق الأساسية تبعًا لذلك في أساسيات الطاعة

الحرية لا تكون إلا في مناخ الشورى.. فمجتمع الشورى هو مجتمع الحرية فالشورى حرية تفكير وتعبير معًا، إذ لا معنى للتفكير بلا حرية تعبير. 

إن حركة الذهن أو نشاط العقل يظل حبيسًا مالم يبرز إلى الخارج، ويتصل بالناس

ومجتمع الحرية هو مجتمع الإسلام؛ لأن الإسلام يموت أو يذبل في مجتمعات الكبت والتسلط والقهر.

أما الاستبداد فلا يكون إلا في جحور مصادرة الحريات وقمع الرأي المخالف، أو الضيق به، والأمة الإسلامية - وقد طال ليلها في ظلام الاستبداد والطغيان - فلن تتقدم خطوة واحدة ولن تقوم لها نهضة إلا بالحرية. 

قضية الدين، وقضية الإنسان هي الحرية.

والأستاذ الفاضل «عبد الرحمن عبد الخالق» من علماء الإسلام الذين يعيشون إسلامهم ويعيشون مشكلات أمتهم يكتب هذه الدراسة الموضوعية -للمجتمع- عن الحرية والاستبداد.

وهو إذ يصدر الرأي الفقهي يقرن ذلك بإدراك مستنير للواقع المعاصر، وحاجات الأمة، وقضية الناس.

في المقال السابق عرفنا أن الشورى: استطلاع الرأي من ذوي الخبرة للوصول إلى أقرب الأمور للحق، فإنها لا تكون إلا حيث يجهل الحق فإن علم فلا شورى، وأن الأمور التي لا تعرف نتائجها كشؤون الحرب، وسياسة الدولة، هي أهم ميدان للشورى «وسيأتي تفصيل هذا الأمر والأقوال فيه في مجالات الشورى إن شاء الله تعالى» وعرفنا أيضاً أن أسعد الناس حظًا بالوصول إلى الحق في أمور الاجتهاد والشورى هو الذي يخلص دينه لله سبحانه وتعالى، ويقول الحق لا يخاف فيه لومة لائم.

وقد رأيت قبل استكمال بحث الشورى أن أضع أمام القارئ الفروق الأساسية بين الإمامة العامة وهي الولاية أو الخلافة، وبين الإمارات الخاصة وأعنى بها الجماعات التي يؤلفها لتنظيم شأن من شؤون دينهم أو دنياهم وذلك أن الناس في وقتنا أصبحوا يخلطون بين الإمامة العامة التي هي خلافة الإسلام الكبرى التي يقيمها المسلمون لتطبيق شريعة الله عز وجل، وتنظيم شؤون حياتهم ومعاشهم، وبين الجماعات التي يؤلفونها للدعوة إلى دين الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعطون أحياناً لأمير جماعة الدعوة ما لا يجوز أن يعطى إلا لإمام المسلمين العام ويقع الناس بسبب ذلك في حيرة وإرباك، وتبلغ هذه الحيرة أقصاها في وسائل الطاعة، والخروج من الجماعة، والشورى ولذلك أحببت قبل أن استطرد في بحث الشورى أن  

أفرق بين هاتين الجماعتين، حتى لا ينزل كلامي في الشورى في غير منازله. 

الشورى في جماعة الدعوة تخضع للشروط المتفق عليها

وسيكون بحث موضوع الشورى متعلقًا بكونه أحد قواعد الشريعة وعزائم الأحكام في الحكم الإسلامي وكونه نظامًا واجب الاتباع في سياسة جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

تعريف - أولاً: الإمامة العامة:

فإمامة العامة أو الخلافة هي التي يُناط بها إقامة شرع الله عز وجل، وتحكيم كتابه، والقيام على شؤون المسلمين، وإصلاح أمرهم، وجهاد عدوهم.

ولا خلاف بين المسلمين على وجوبها ولزومها، وإثمهم جميعًا إذا قعدوا عن إقامتها وان كان هناك خلاف فيمن هو أحق بها، والشروط التي يجب توافرها فيمن يتولاها ولا خلاف بينهم أيضاً كما أوجبت ذلك نصوص الكتاب والسنة «وسيأتي بيان لهذا» أن الطاعة واجبة لولي الأمر المسلم ما لم يأمر بمعصية، وأن الخروج عن الجماعة والشذوذ موجب للعقوبة الأخروية والميتة الجاهلية، وقد اتفق أهل السنة على ما دلت عليه النصوص الواضحة من وجوب النصح للأمام المسلم وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر ولو أدى ذلك إلى قتل الأمر وأن ذلك أيضاً أفضل الجهاد، وكذلك اتفقوا على أنه لا يجوز الخروج على ولي الأمر المسلم، ودفعه بالقوة ما لم يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، وأما المعتزلة فانهم رأوا الخروج عليهم بالقوة إذا قطعوا منكراً، وجعلوا هذا داخلاً في قوله صلى الله عليه سلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»  

فجعلوا الإنكار بالسيد عامًا في تغيير منكر الإمام وغيره، ورأى أهل السنة أن هذا العام مخصوص بالأحاديث الآمِرة بتغير مناكر الإمامة -غير الكفر- باللسان والقلب فقط.

ثانياً- الجماعات الخاصة:

وأما الجماعات الخاصة التي تستلزم الإمارة فإنها متعددة وذلك بحسب مصالح الدين والدنيا التي تناط بها، وأشهر هذه الجماعات ثلاث هي: جماعة الدعوة، وجماعة السفر، وجماعة الغربة.

فأما جماعة الدعوة إلى الله تبارك وتعالى فقد استلزم وجودها إهمال أولياء أمور المسلمين الحكم بشريعة الله، وتحكيم كتابه، ومجاهدة أعداء دينه؛ مما أطمع في المسلمين أعداءهم، وأذهب شوكتهم، وساعد على نشوء أجيال من أبناء المسلمين تجهل الإسلام، وتعادى رسالته، ولذا كان تأليف الجماعات للدعوة لله  -تبارك وتعالى- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، وتربية ناشئة المسلمين على الإسلام فرضًا لازماً، ومن قال بغير ذلك فقد جهل دين الله تبارك وتعالى، وذلك أن الفرد لا يستطيع وحده أن يسهم كثيرًا في سد هذه الثغرات، والقيام بهذه التكاليف، ولذلك كان التعاون لازمًا مفروضًا كما قال تبارك وتعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (سورة المائدة: 2)، ومن ألزم التقوى والبر: الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحكيم شريعة الله، والعمل لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وتربية ناشئة المسلمين على الإسلام وهذه أمور قد أهملها من تولوا أمور المسلمين في عصورنا هذه فتعين أن يقوم بها المسلمون أنفسهم، ولن يستطيع الأفراد أن يقوموا بها، فلذا لزم تأليف الجماعات والهيئات لسد هذه الثغرات.

وأما إمارة السفر فالأصل فيها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم». (رواه أحمد)

والحكمة في إمارة السفر هو تنظيم شأن الجماعة المسافرة وإبعادها عن التنافر والخلاف وتعاونها على الخير والمنافع العامة وكذلك الشأن لجماعة العزلة والغربة فاتحادات الطلاب والمغتربين المسلمين في ديار الغرب ضرورة لازمة للمحافظة على إسلامهم وإيمانهم وتعاونهم على البر والتقوى ولا يتأتى هذا إلا بتنظيم الجماعة وتعيين الأمراء.

الفروق الأساسية:

وبهذا التعريف العـام لجماعة المسلمين وإمامهم، وجماعات الدعوة والسفـر والغربة وإماراتها والوظائف والغايات المنوطة بكل منها نستطيع إجمال الفروق يلي:

أ - المستند الشرعي:

المستند الشرعي للإمامة العامة هو إجماع المسلمين على وجوب القيام بها، قال «الماوردي» في الأحكام السلطانية «الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع» وكذلك الأوامر الشرعية التي لا تحصى كثرة التي تلزمنا وجوب تطبيق شريعة الله وأحكامه ومعلوم -عقلًا- أنه يستحيل تطبيق شريعة الله كاملة، وأحكامه تامة إلا بحكم إسلامي شرعي، ولم يخالف في هذا قديمًا إلا الأصم من المعتزلة، وتلامذة الغرب في العصر الحاضر كما قال «علي عبد الرزاق» في كتابه «الإسلام وأصول الحكم»  بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم بتأسيس دولة بالمعنى المفهوم في عصرنا وما كان إلا رسولاً فقط وما كانت أعماله التي تبدو -كما زعم- من سياسة الملك والرئاسة إلا وسيلة لتثبيت الدين وتأييد الدعوة، وقد أخذ هذا الفكر الخبيث ينتشر في أوساط المسلمين حتى أصبحت هذه القضية المسلمة المجمع عليها تحتاج إلى إثبات وبيان، وإذا لم يكن أمر الإمامة واقعاً فلا أقل من اعتقاد وجوبه على المسلم لأن نفي اعتقاد وجوب الواجب والمعلوم من الدين ضرورة كفر بإجماع المسلمين وأما جماعات الدعوة فمستندها الشرعي هو الأوامر الصريحة الواضحة من كتاب الله -تبارك وتعالى- بوجوب تغيير المنكر، ونشر المعروف وقد جعل سبحانه وتعالى هذه صفه لازمة من صفات الأمة حيث قال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. (سورة آل عمران: 110 ) ومعلوم أن هذا التغيير الآن لا يكفي فيه الأفراد بعد أن تخلت الحكومات عن فعله، بل قد تلبست بضده من نشر الفاحشة وترويجها وإشاعة المنكر وقتل المعروف فتعاون الأفراد هنا لازم واجب، فقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (سورة المائدة: 2 ) يصبح واجباً لازماً إذا كان الأمر الذي يجب أن نتعاون عليه واجبًا لازماً، وهذا شأن فروض الكفايات التي لا تؤدى بفرد واحد والدعوة إلى الله تبارك وتعالى من ألزم هذه الفروض، بل هي ألزمها. 

والجماعة من لوازم الدعوة فمصالح الأمة التي أهملها من يتولون أمور المسلمين الآن لا تحصى كثرة، فالجهاد في سبيل الله  -ولا أعني به القتال فقط بل الجهاد بمعناه العامل الشامل- معطل كله وها هو الإسلام يُرمى من كل صوب بسهم، فسهام إلى عقائده، وسهام إلى شرائعه، وسهام إلى آدابه وأخلاقه، ولا راد ولا مدافع إلا القليل؛ ولذلك تتراكم الشبهات وتكثر وتنشأ ناشئة المسلمين فتتشرب هذه الشبهات وتشربها قلوبهم فينشئون على بغض الإسلام وأهله ورسالته، فمن لهذا الجهاد غير الجماعات؟! وهذا الفسق يعلو كل يوم والفضيلة تختفى ولا يكفي في علاج هذا الطوفان فعل الأفراد بل لا بد من التعاون والتعاضد، ولذلك يجب أن يعلم الناس أن الإسلام الآن ليس نشاطًا محظورًا، بل هو نشاط واجب لازم والقوة أو السلطان الذي يقف في وجه هذا النشاط -ما دام أنه ملتزم بأدب الإسلام– قوة أو سلطان كافر، وقد أوضحت هذا جلياً بحول الله وقوته في رسالتي المسماة «الحد الفاصل بين الإيمان والكفر».

ب- الطاعة والالتزام:

وأما الفرق الثاني بين الإمامة العامة، والجماعات الخاصة ففي الطاعة فهي في الإمامة العامة مطلقة لا يقيدها إلا المعصية فقط، وهذه الطاعة ثانية للأمام العام في عنق المسلمين حتى مع جوره وظلمه يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» متفق عليه.

وكذلك حديث «عبادة بن الصامت» -رضي الله عنه- قال: «بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم» وفي رواية، «وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» (متفق عليه) فقوله رضي الله عنه «وعلى أثرة علينا » معناه أننا نطيع الإمام ولو أثر غيرنا علينا، وكذلك قوله «وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحاً»  أنه لا يجوز الخروج على الإمام بالفسق الذي لا يبلغ حد الكفر وطاعته مع هذا الفسق أيضاً واجبة، ولا يعني هذا بالطبع عدم نصحه، بل هو واجب كما قلت في صدر هذا المقال، بل جعل الرسول القيام للإمام الظالم الفاسق ونصحه أفضل الجهاد كما قال صلى الله عليه وسلم «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم من يقتله هذا الإمام الجائر عند نصحه من سادات الشهداء كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله»

وهذه الطاعة المبينة آنفا غير الطاعة الثانية لأمير جماعة الدعوة أو أمير جماعة الغربة أو السفر فالطاعة في كل الجماعات السابقة طاعة عرفية مشروطة، وأعني بقولي «عرفية» أنها بحسب ما تتعارف عليه الجماعة وبحسب ما تشترطه، وبالطبع لا يلزم الطاعة مع الفسق والجور، فقد أوجب الرسول الطاعة للأمام العام مع فسقه وجوره للفساد الحاصل من عصيانه والخروج عليه، ولا يتأتى فساد من عصیان أمیر جماعة السفر والغربة والدعوة كالفساد الحاصل هناك؛ فالطاعة والالتزام في هذه الجماعات مشروط ببقائها في نظامها الموضوع وشروطها المنصوص المتعارف عليها.

ج - الوحدة والتعدد:

وهناك اتفاق على أن ولاية أمور المسلمين يجب أن تكون بيد واحدة هي الخلافة أو الإمامة الكبرى، ولكن بعض المقررين للأمور الواقعة في عصور خلت من تاريخ الإسلام قالوا بجواز تعدد الإمامات العامة، ولا يخفى ما في قولهم من البعد والشطط.

وهذه الأقوال انطبعت أيضًا على العاملين في حقول جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى فرأى البعض أن تعدد الجماعات غير جائز، واشتط البعض فزعم أن من انضم إلى جماعة ما هم المسلمون وحدهم وما عدا ذلك فليسوا بمسلمين وكان من أسباب هذه الأقوال الظن الخاطئ بأن جماعة الدعوة إلى الله تبارك وتعالى هي الجماعة المسلمة فقط وأن أمير جماعة الدعوة يقوم مقام الإمام العام والخليفة؛ ولذلك أعطى مفارق جماعة الدعوة حكم مفارق بيعة الإمام العام وليس هذا بسدید، بل مفارق جماعة الدعوة مخل بعهد وبيعة خاصة ولا تنطبق عليه أحاديث مفارق الإمامة العامة ومنها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية» (متفق عليه) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. 

وأما حكم التعدُّد للجماعات الإسلامية فالحق أنه راجع لطبيعة الجماعات وأعمالها وظروف المجتمعات التي تعيش فيها، فالمصلحة الشرعية تحتم أحياناً التعدُّد في المجتمع الواحد وتحتم أحياناً التوحد والاجتماع وتجيزه أحياناً أخرى، ويحدد الحكم في هذا النظر الشرعي الصحيح المبنى على دراسة وافية للنصوص الشرعية، وطبيعة المجتمعات، والدعوات القائمة والمهمات المنوطة بها وهذا كلام فيه إجمال كثير ولتفصيله مجال آخر إن شاء الله تعالى. والمهم في هذا الصَدَّد بيان أن القول بحرمة تعدد جماعات الدعوة في المجتمع الواحد أو البلد الذي تحده حدود سياسية واحدة قول متعجل، وكذلك القول بالجواز مطلقا تنقصه الرؤية الواضحة لأحوال الدعوات ومشاكلها. 

«حدثني الشيخ «داود احمد فيصل» الداعية المسلم في «نيويورك» وصاحب جماعة الدعوة إلى الإسلام هناك قال: في «نيويورك» وحدها أكثر من أربعين جماعة تدعو إلى الإسلام، ولكن كل جماعة تدعو إلى إسلام غیر إسلام الجماعة الأخرى». 

فمن يقول بجواز التعدد إذا كان على هذا النحو من الفساد والبلبلة والصد عن سبيل الله.

ولكن إذا تعددت مصالح الأمة التي أهملها كثير من الحكام كبناء المساجد وتربية النشء على أساس الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفع شبه الضالين، وتنقية عقائد المسلمين فقامت لكل مصلحة من هذه المصالح وواجب من هذه الواجبات جماعة تفرغ جهدها فيها فهل يقال هنا بحرمة التعدد؟! كلا إن التعدد هنا واجب حيث إنه يجب سد هذه الثغرات جميعاً، والقيام بهذه الواجبات جميعًا.

ولكن ما يحز في القلب أن يرى المسلم -في أيامنا هذه- أن هم جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى -إلا من رحم الله منهم- قد انصرف إلى هدم بعضهم البعض، وأنهم ينفقون من أوقاتهم وأعمالهم في هذا الهدم أكثر مما ينفقون في البناء! 

د - الشورى

أعتذر للقارئ عن الإطالة في شرح الفروق السابقة وتعريف جماعة المسلمين وإمامهم والمهمات المنوطة به، وتعريف جماعات الدعوة وأمرائها والمهمات المنوطة بها وذلك حتى نستطيع -معًا في المقالات القادمة بحول الله- أن نكون على وعي بالإطار الذي سننزل الشورى فيه،  فنظام الشورى المنصوص عليه في القرآن والمعمول به في السنة وسيرة الخلفاء الراشدين هو النظام الواجب الاتباع في الإمامة، وأما جماعات الدعوة فهناك بعض الفروق كما سترى عند التمثيل والتطبيق إن شاء الله تعالى.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل