; الحزب الشيوعي الأردني والباب المفتوح له | مجلة المجتمع

العنوان الحزب الشيوعي الأردني والباب المفتوح له

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 28-أبريل-1970

مشاهدات 19

نشر في العدد 7

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 28-أبريل-1970

الحزب الشيوعي الأردني والباب المفتوح له

بقلم فتَى الخَليج

●     الحزب الشيوعي العربي والقضية الفلسطينية

●     موقف الحزب الشيوعي من العمل الفدائي

●     دور اليهود في تأسيس الأحزاب الشيوعية العربية

●     العمالة المكشوفة للأحزاب الشيوعية العربية

 

«لقد أصبح عدد المنظمات الفدائية المنضمة إلى القيادة الموحدة لحركة المقاومة الفلسطينية في الأردن إحدى عشرة منظمة بإعلان دخول المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين؛ وبذلك لم تبق أي منظمة فلسطينية خارج إطار هذه القيادة الموحدة التي جمعت شمل جميع القيادات الفلسطينية لأول مرة في العصر الحديث. ولقد تأكد من جهة أخرى أن القيادة الموحدة أصدرت قرارًا بإغلاق الباب أمام أي قوى جديدة باستثناء الحزب الشيوعي الأردني، متى قرر ذلك.

عندما قرأت هذا الخبر صعقت فالباب مغلق أمام أي قوى جديدة باستثناء الحزب الشيوعي الأردني وليس ذلك فقط، بل إن دخوله مرحب به متى قرر ذلك. ونظرًا لأن العرب قوم لا يقرأون وإذا هم قرأوا ينسون كما قال دايان، وأشهد أنه بذلك صدق أرى لزامًا علي أن أعطي للقارئ الكويتي والعربي فكرة عامة عن تاريخ هذا الحزب الشيوعي الأردني الذي ما زال الباب أمامه -دون سواه- مفتوحاً، وبعدها نعرج على بيان الأحزاب الشيوعية العربية كافة وموقفها من حركة الفداء، وقد نشر ذلك البيان في الجريدتين اللبنانيتين الأخبار والنداء الشيوعيتين الصادرتين بتاريخ ٤/٨/١٩٦٨م. ثم على دور اليهود في تأسيس تلك الأحزاب الشيوعية العربية، ثم نختمها بمسك -كوسيجين في خطابه الذي ألقاه باجتماع طارئ في الأمم المتحدة بتاريخ ١٩/٥/١٩٦٧ م، ثم بعد ذلك سأطالب القارئ الكويتي والعربي أن يحدد موقفه تجاه هذه القوى التي تملأ الدنيا والسماء صراخًا باسم- فلسطين وأرض فلسطين.

وأقصد بذلك الأحزاب الشيوعية العربية، وأخص بالعناية الحزب الشيوعي الأردني الذي ما زال الباب أمامه مفتوحًا لعضوية القيادة الموحدة لحركة المقاومة الفلسطينية.

الحزب الشيوعي الأردني:

تبدأ قصة الحزب الشيوعي الأردني مع بدء إنشاء «اتحاد الأمة الأردنية» وهي منظمة معارضة أسسها الدكتور صبحي أبو غنيمة في الثلاثينيات وهو فلسطيني من أعضاء حزب الاستقلال الفلسطيني، وقد ضم الاتحاد المذكور أقل من ألفي عضو. ثم أقام سنة ١٩٣٦م قاسم ملحم منظمة عمالية ذات صبغة شيوعية لعمال الأردن، غير أن الحكومة الأردنية رفضت السماح له ولرفاقه دخول الأراضي الأردنية ومزاولة العمل النقابي. غير أنه ورفاقه استطاعوا أن يزاولوا نشاطهم من الأراضي السورية، والتي وجد فيها الدكتور أبو غنيمة ملجأه. غير أن النشاط الشيوعي في الأردن لم تتبلور اتجاهاته، ولم يحقق الخطوة الأولية في صناعة الكوادر التنظيمية إلا بعد أن أدمجت الضفة الغربية مع شرقي الأردن لتشكيل المملكة الهاشمية الحاضرة، وقد تم ذلك سنة ١٩٤٩م.

 وبعد أن تم الدمج أوفد الحزب الشيوعي الفلسطيني، والذي تضم قياداته أكثرية يهودية كل من فؤاد نصار ورشدي شاهين، وذلك لنشر الفكرة الشيوعية فوق الأراضي الأردنية. وفؤاد نصار هذا مولود ۱۹۱۰م مسیحي وكان في بغداد في أثناء ثورة رشيد عالي الكيلاني ١٩٤١ م وعاد لفلسطين ١٩٤٣ م وكان من قادة «عصبة التحرر الوطني» وهي واجهة سياسية للحزب الشيوعي الفلسطيني، وكان من مؤيدي قرار التقسيم الذي نادى به جرومیکو مندوب الاتحــــــــاد السوفيتي في الأمم المتحدة ١٩٤7.

 ولقد اعتقل في يوليو ١٩٤٨من قبل السلطات المصرية في أثناء حرب فلسطين، وهو يوزع المنشورات والعبارة التي كانت في أحد المنشورات، إن هذه الحرب موجهة اليوم ضد الخطر الذي تمثله البروليتاريا الثورية في فلسطين، وإنها تخدم البورجوازية العربية بكبت البروليتاريا الصاعدة» وهي العبارات نفسها التي جاءت في مقال افتتاحي في نشرة للحزب الشيوعي المصري بعنوان «صوت البروليتاريا» العدد الثاني، نوفمبر، ١٩٤٨ «١» وأما رشدي شاهين، فلقد ولد في نابلس ١٩١٦ م.

وكان من سكرتارية عصبة التحرر الوطني المشار إليها سابقًا في أثناء الحرب العالمية الثانية.

موقفهم من تقسيم فلسطين:

ومضى كل من فؤاد نصار ورشدي شاهين بالاتصال بالطبقة المثقفة الفلسطينية والأردنية، وذلك لتكوين كوادر التنظيم الشيوعي، وحققوا في بعض المدارس الثانوية شيئًا من النجاح، وكانوا بالطبع يعملون تحت ستار عصبة التحرر الوطني.

 وكانت لهم مجلة بعنوان «المقاومة الشعبية» صدر العدد الأول منها في صيف ١٩٤٩ م. وفي أول عدد مضت مجلة المقاومة بشرح موقفها من قرار التقسيم الصادر في ٢٩/١١/١٩٤٧م. والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى قسمين قسم تقام عليه دولة اليهود وقسم آخر تقام عليه دولة العرب فلسطين، وتربط الدولتين علاقات التعاون والتكامل الاقتصادي. لا شك إذن بأن قرار التقسيم منح الوجود الصهيوني شرعية لم يكن يحظى بها قبل القرار والقابلين بذلك القرار يقبلون إذن شرعية ذلك الوجود.

وقالت المجلة إن قرار التقسيم يشكل الأرضية التي يشاد عليها، أو ينبثق منها أي حل للقضية الفلسطينية، وبأن لليهود حقًا في إقامة دولتهم القومية، كما أن لعرب فلسطين حقًا في إقامة دولتهم على الضفة الغربية من نهر الأردن.

والجدير بالذكر أن هذه المواقف لا ينفرد بها الحزب الشيوعي الأردني تحت قيادة فؤاد نصار، بل أصبحت تعلنه رسميًا الأحزاب الشيوعية العربية الأخرى، حتى أنها اعتبرت تدخل الجيوش العربية سنة ١٩٤٨ م. عدوانًا وطالبت بسحبها. ولقد بدأ الشيوعيون العرب قاطبة بما فيهم فؤاد نصار نشاطًا هائلًا لتأييد قرار التقسيم وقيام دولة يهودية في شهر كانون الأول سنة ١٩٤٧ م أي بعد أن أصدرت هيئة الأمم قرار التقسيم بوقت قليل.

وفورًا نظم الحزب الشيوعي العراقي في ذلك الشهر تأييدًا لقرار التقسيم على هيئة مظاهرات، وكان يتصدر هذه المظاهرات يهوديًا عراقيًا وعربيًا عراقي وقد اشتبكت أيديهما دليلًا على «المحبة والتعاون» بين البروليتاريا العربية واليهودية، ولم يكتف الحزب الشيوعي العراقي بذلك فحسب، بل مضى بعد قيام دولة إسرائيل فنظم مظاهرات يطالب فيها العرب الاعتراف بإسرائيل وسحب الجيوش العربية وتسريحها، أما الشيوعيون في مصر، فلم يتأخروا عن الرفاق في العراق، وأعلنوا في مجلتهم «الوعي» في ٢٠ كانون الأول ١٩٤٧ م بأن هذه الأمة يجب أن يعترف بها وبحقها في تقرير مصيرها؛ وبالتالي حقها بالانفصال في دولة يهودية خاصة لها. أما عصبة التحرير الوطني في غزة، فلم يكن موقفها بأحسن من الرفاق في كل الأقطار العربية، فقد دعت العصبة لتنفيذ قرار التقسيم وإقامة الدولة الديمقراطية في القسم العربي من فلسطين، دولة متحدة اقتصاديًا مع إسرائيل وصديقة للشعب اليهودي وبالمناسبة الرفاق الشيوعيون في غزة رفضوا الاشتراك في حركة المقاومة السرية التي نشطت إثر احتلال القوات الصهيونية لغزة سنة ١٩٥٦م.

تدويل القدس وموقف الشيوعيين منه:

وفي سنة ١٩٤٩ دعا الاتحاد السوفيتي لتدويل القدس فانبرت أقلام الشيوعيين في الأردن، وعلى رأسهم فؤاد نصار زعيم الحزب الشيوعي الأردني يؤيدون ذلك في مجلة «المقاومة الشعبية» وبأن هذا لو تمكن من تحقيقه لأصبح نصرًا عظيمًا للبروليتاريا العربية واليهودية، وبعدها بأسابيع تراجع الاتحاد السوفياتي عن موقفه بعد أن اتضح لديه أنها سياسة غير ممكن فرضها، فتراجع بعد ذلك أيضًا الحزب الشيوعي الأردني عن تأييد التدويل، وبعد أن كان تدويل القدس نصرًا للبروليتاريا العربية واليهودية أصبح قرارًا مشكوكًا فيه ويجب تحاشيه. وهكذا يتضح ولا شك للقارئ أن الحزب الشيوعي الأردني لم يكن ـ كما لم تكن كافة الأحزاب الشيوعية العربية إلا أدوات ضغط سياسية يستعملها السوفيت وقت الحاجة.

وقبيل مقتل الملك عبد الله في أغسطس ١٩٥١م بثلاثة أشهر وزعت عصبة التحرر الوطني مناشير تؤكد فيها بأنها لن تنزل الانتخابات النيابية التي ستجرى في نوفمبر من ذلك العام، إلا أنهم بعد التشاور مع الكومنفورم سرًا طبعا في موسكو جاءت مجلتهم لتقول للشعب الأردني بأنهم بعد مراجعة نصوص من كتابات لينين وستالين اتضح لهم بأنهم أخطأوا التقدير في مقاطعة الانتخابات وبأنهم عازمون أن ينزلوها مستخيرين بلينين وستالين.

 وكانت قائمتهم في نابلس تضم رشدي شاهين والدكتور عبد المجيد أبو حجلة، وأما في عمان، فقد كان المرشح الشيوعي هو محمود مطلق وأما المرشحون الدكتور عبد الرحيم بدر وعيسى شاكر وأحمد علي عريقات «القدس» ونصرى مسلم «بيت لحم» فقد كانوا في ذلك الوقت بالسجن، والعجيب أن هؤلاء في ذلك الحين والمحنة يحرق أبناء فلسطين في المخيمات أخذوا يعارضون المؤتمرات كلها -على حد زعمهم- لإدخال الأردن في حرب مع إسرائيل وبأن الحل العادل لن يتحقق إلا بتنفيذ قرار التقسيم.

حركة أنصار السلم:

وفي يونيو ١٩٥١م قررت العصبة أن تلغي هذه التسمية وتحولها للحزب الشيوعي الأردني صراحة، وذلك بعد أن يئسوا من إقامة الدولة العربية الفلسطينية فوق الضفة الغربية، والتي تنادي بها إسرائيل منذ أن قامت إلى يومنا هذا، والتي إذا تحقق قيامها، فتكون إسرائيل بحق نجحت في تصفية القضية برمتها. وأخذ الحزب الشيوعي الأردني يجمع المال وتواقيع المؤيدين تحت ستار اسم آخر «حركة أنصار السلم» وأصدرت تلك الواجهة السياسية للحزب مجلة «الفجر الجديد» وكان رئيس تحريرها حسن سعيد النابلسي وكان من بين الذين وقعوا على عرائض التأييد لهذه الحركة سليمان الحاج فاروقي الوزير السابق، وسليمان النابلسي، رئيس الوزراء السابق، والكاتب كامل ناصر من بير زيت، وعبد الله البندك من بيت لحم، وكان هذا الأخير رئيسًا لتحرير مجلة ذات صبغة شيوعية يشارك في تحرير مادتها يهود من فلسطين في أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين. وكانت حركة السلم في الأردن بمثابة الغربال للحزب الشيوعي الأردني القابع وراءها يجني المال باسمها، ويتخير من يشاء لمناصرته، ويتخلص ممن يشاء بعد أن يستعملهم لأغراضه ثم يلفظهم، والشيوعيون على كل حال ذوو براعة وإتقان في العمل الجمهوري.

العودة إلى السرية:

وتأتي بعد ذلك النهاية العلنية للحزب الشيوعي الأردني ليعود مرة ثانية تحت الأرض في العمل السري. في أواخر ١٩٥١ م اعتقل فؤاد نصار في مطبعة الحزب، وكان برفقته إلياس متري وإلياس حنا وجابر حسن. وحكم على فؤاد نصار بالسجن عشر سنوات، وأما الآخرون حكم على كل واحد منهم بالسجن ست سنوات، وفي مارس ١٩٥٢ م اعتقل حسن النابلسي وغيره، إلا أن السلطات الأردنية أفرجت عنهم، وبعدها ذهبوا لكل من فيينا وبوخارست لتمثيل حركة أنصار السلم، وكانت إسرائيل تشترك في هذه المؤتمرات وعند عودتهم اعتقل الدكتور يعقوب ضياء الدين، والذي كان مندوبًا في فيينا في مؤتمر الشعوب، والذي انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لتلك المنظمة، وكذلك اعتقل مسلم بسيسو صاحب مجلة الحوادث ذات الميول الشيوعية وكذلك الدكتور نبيه نشیدات ومحمود مطلق وفايز الروسان بعد عودتهم من بوخارست، هذه فكرة عامة عن التاريخ الخياني للحزب الأردني الشيوعي، والذي ما زال الباب أمامه مفتوحًا -دون سواه- للدخول في عضوية القيادة الموحدة للمقاومة الفلسطينية، والتي تضم إحدى عشرة منظمة فدائية.

والأحزاب الشيوعية الأخرى:

 أما موقف الأحزاب الشيوعية العربية مجتمعة من القضية الفلسطينية، فقد عبرت عنه في بيان نشرته في جريدتي الأخبار والنداء اللبنانيتين الشيوعيتين الصادرتين في ٤/٨/١٩٦٨ والذي فيه تتهم حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة بالمغامرة والتطرف. وفي سبتمبر ١٩٦٦ نشر فؤاد نصار زعيم الحزب الشيوعي الأردني مقالة في World Marxist Review الصادرة في براغ يقرر فيه ضرورة اتباع سياسة السوفيت تجاه القضية الفلسطينية، والتي منذ أواخر الأربعينيات وهي -بجانب الأمريكان- تكرس الوجود الصهيوني فوق الأرض الفلسطينية. 

أما من دور اليهود في تأسيس الأحزاب الشيوعية العربية فهو دور عظيم ورئيسي. ففي مصر وفي أواخر عام ۱۹۲۰ يلتقي جوزيف روزنثال وحسني العرابي وأنطون مارون الأول يهودي، ويعمل مجوهراتي والثاني كان في السنوات القليلة الماضية يعمل مدرسا في ألمانيا للغة العربية، وأما الثالث فمحامي وقد توفي في السجن بمصر عام ١٩٢٤.  وبعدها كان لليهوديين هنري کوربیل وهيلل شوارز دور رئيسي في تسيير الحركة الشيوعية في كل من مصر والسودان. وأما في فلسطين، فقد كانت الحركة الشيوعية تحظى بلقب الأب الروحي لكل من لبنان وسوريا. 

ومن زعماء الحركة الشيوعية هناك في بدء تأسيسها في شهر مايو۱۹۲۱ اليهود وولف أفرباج والملقب أبو سيان وجيرشون دوا والملقب بأفيجد ورو فيلسوف الحركة أزتشاك ميرسون، وكل الذين خلفوا ذلك الرعيل الأول ما هم إلا تلامذة يجتمع في ذلك فؤاد نصار وإميل حبيبي موسى الدجاني وإميل توما مهما ادعوا بأنهم ينقسمون إلى قسمين. وأما دور اليهود في تأسيس وتنظيم الحزب الشيوعي العراقي، فنستطيع أن نعرف ذلك من محاكمات الشيوعيين في العراق في أواخر عام ١٩٤٨ وقد شنق من زعماء اليهود في الحزب بجانب يوسف سلمان يوسف الملقب بفهد، يهودا إبراهيم صادق وهو يهودي، وأما ساسون شلومو دلال والذي تسلم قيادة الحزب بعد إعدام فهد، فقد شنق في شهر حزيران عام ١٩٤٩.

موقف السوفييت:

وأما الاتحاد السوفيتي ممول هذه الأحزاب، وسندها المتين، فقد حدد موقفه من القضية الفلسطينية منذ عام ١٩٤٧ عندما نادى مندوبه جروميكو بضرورة تطبيق قرار التقسيم المشار إليه سابقًا، وجاء كوسيجين من موسكو عبر أوروبا فالمحيط الأطلنطي ليقول في الأمم المتحدة بتاريخ ١٩/٦/١٩٦٧ أي بعد أن أحرقنا صهيون في تلك الأيام: «وقد يسأل سائل لماذا يقف الاتحاد السوفيتي ضد إسرائيل بهذا الحزم؟ كلا أيها السادة لا يقف الاتحاد السوفياتي ضد إسرائيل بل ضد السياسة العدوانية التي تنتهجها الأوساط الحاكمة لهذه الدولة. وأن الاتحاد السوفيتي طيلة الأعوام الخمسين من تاريخه يكن الاحترام للشعوب كلها كبيرها وصغيرها. ولكل شعب الحق في تأسيس دولته الوطنية المستقلة. وهذا هو من المبادئ الأساسية لسياسة الاتحاد السوفيتي. ولقد حددنا «انطلاقًا من هذا بالذات موقفنا من إسرائيل كدولة وصوتنا في عام ١٩٤٧ إلى جانب قرار هيئة الأمم المتحدة بقيادة دولتين مستقلتين عربية ويهودية في أراضي فلسطين التي كانت مستعمرة بريطانية. وأقام الاتحاد السوفيتي بعد ذلك علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل اهتداء منه بذلك الموقف المبدئي.»

نحن أمة تنسى:

تلك هي حقيقة التاريخ الخياني للحزب الشيوعي الأردني، وذلك هو موقف الشيوعيين العرب من القضية الفلسطينية مهما تلونوا وحاوروا، وذلك هو دور اليهود في تأسيس الحركة الشيوعية العربية حقيقة باردة أسجلها بالحبر البارد، ويصادق عليها التاريخ، وذلك هو خطاب كوسيجين عام ١٩٦٧ جاء ليؤكد خطاب جروميكو في المكان نفسه سنة ١٩٤٧. والمأساة التي تعاني منها أمتنا هي مأساة النسيان.

النسيان لتاريخها القريب قبل البعيد، وليكن في علمنا أن الأمة التي تنسى تاريخها -وخاصة تاريخها السياسي- تؤكل في غاب السياسة الدولية كما يأكل الذئب من الغنم القاصية. ومن نافلة القول إني كنت أقرأ منذ أيام قليلة في مكتبة الوثائق التابعة لوزارة الخارجية البريطانية قائمة بالرشاوى التي كانت تقدمها وزارة الحرب البريطانية لفهد بن هذ آل شيخ عشائر عنزة في لواء الدليم شمال غربي بغداد، ولقد تم تسليم الدفعة الأولى في تاريخ عام ۱۹۲۱ في الصقلاوية بالقرب من الفلوجة غربي بغداد. حقًا إنها دولة لا تنسى عدوًا ولا صديقًا إلا وسجلت ما له وما عليه. فهل نحن نسجل؟ وهل نسينا ما سجله التاريخ بحق الحزب الشيوعي الأردني.

أم أنها ضغوط سوفيتية تظهر على السطح بعد زيارة أبو عمار الموسكو؟

ستجيب الأيام...

                                                                               فتى الخليج

 

الرابط المختصر :