; الحصار الصهيوني يعصف بأحلام الشباب بالزواج في غزة | مجلة المجتمع

العنوان الحصار الصهيوني يعصف بأحلام الشباب بالزواج في غزة

الكاتب محمد سالم

تاريخ النشر الخميس 01-يونيو-2023

مشاهدات 96

نشر في العدد 2180

نشر في الصفحة 26

الخميس 01-يونيو-2023

طوى الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة عامه الـ17 على التوالي، وانطوت معه أحلام الكثير من الشباب الفلسطيني في غزة، لما لهذا الحصار من انعكاسات اقتصادية واجتماعية وسياسية، خاصة على فئة الشباب من خلال ارتفاع نسب الفقر والبطالة والعوز؛ وبالتالي عدم القدرة على الزواج، أو العزوف عنه؛ مما رفع سن الزواج لدى الشباب لمستويات غير معهودة خلال العقود الماضية، يضاف لذلك الحروب والاعتداءات الصهيونية على القطاع التي تسببت في هدم آلاف الشقق السكنية، وتدمير هائل في البنية التحتية، وقد تسببت ظاهرة انخفاض نسب الزواج بانعكاسات على كافة الصعد.

في هذا التحقيق، تبحث «المجتمع» في أسباب تحطم أحلام الشباب الغزاوي بالزواج وتكوين أسر جديدة، وعلاقة الحصار الصهيوني بذلك، والأبعاد الديموغرافية لذلك على غزة، وكيفية علاجها.

في البداية، قال الشاب معتز عواد، من مخيم المغازي وسط قطاع غزة، لـ«المجتمع»: أبلغ من العمر حالياً 28 عاماً، وراودتني في كثير من المرات فكرة الزواج، ولكن تلك الفكرة تتبخر لأسباب تتعلق بواقعنا المؤلم في غزة؛ بسبب الحصار، فأنا خريج جامعي حيث أنهيت دراستي قبل 6 سنوات، ولم أحصل على عمل ولو لمرة واحدة؛ فكيف سأتزوج وأنا بلا وظيفة ولا منزل، وبات الزواج ضرباً من الخيال، وهذه حال الكثير من الشبان من أبناء جيلي، لنا الله، ومستقبلنا عصف به الحصار الصهيوني الظالم على القطاع.

أما الشاب أشرف عودة، فله حكاية مؤلمة؛ فقد تزوج في مارس الماضي بعد عزوف عن الزواج استمر حتى بلغ 35 عاماً، تعرض خلال هذه الفترة لضغوط نفسية واجتماعية متعددة، إلى أن نجح في جمع مبلغ بسيط من المال، ولجأ لاستكمال تكاليف الزواج من مؤسسات تيسير الزواج المنتشرة في غزة، التي أيضاً يعجز الشباب عن سداد ديونهم لها بسبب عدم حصولهم على فرصة عمل نتيجة الحصار الصهيوني مما يدخلهم في مشكلات قانونية واجتماعية.

 

انخفاض معدلات الزواج

من جانبه، أكد رئيس مؤسسة «فرحة» لتيسير الزواج سلامة العوضي، لـ«المجتمع»، أن أسباب انخفاض الزواج في غزة واضحة، أهمها ارتفاع نسب البطالة بين الشباب بسبب الحصار الصهيوني المستمر منذ 17 عاماً، وتفكير جزء كبير من الشباب بالهجرة؛ بسبب الحصار.

وأشار العوضي إلى أن الزواج شهد عام 2017م إقبالاً كبيراً، وبدأت نسبه تتراجع تدريجياً إلى أن وصلنا لعام 2023م بحالة غير مرضية من أعداد المقبلين على الزواج، حيث أصبحت التكاليف بمثابة معجزة للشباب رغم توفر فرصة التقسيط، لكنه أصبح صعباً بسبب الأوضاع الاقتصادية نتيجة الحصار.

وبيَّن العوضي أن متوسط تكاليف الزواج نحو 3500 دولار دون مهر العروس، الذي لا يقل في متوسطه عن 4 آلاف دولار، وتختلف المصاريف باختلاف ظروف العائلات والعادات والتقاليد الاجتماعية.

وعن سِنّ الزواج، قال العوضي: بدأنا نلمس في الفترة الأخيرة أن عدد المستفيدين من برامجنا في أعمار متقدمة، وأحياناً بعض الأعمار تزيد على 30 عاماً، وهذا مؤشر واضح على صعوبة حتى التفكير بالزواج لعدد كبير من الشباب بسبب التكاليف التي من المفترض أن تكون متواضعة وفي الاستطاعة، لكن بسبب الحصار والبطالة وعدم وجود فرص عمل أصبحت كل المصاريف بمثابة معجزة للشبان في غزة.

 

تأثيرات ديموغرافية

وأشار الباحث في الإعلام الاجتماعي د. سعيد أبو رحمة إلى معطيات مركز الإحصاء الفلسطيني، حيث إن 30% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة هم من فئة الشباب، وإن معدلات الزواج وفق القضاء الشرعي انخفضت في صفوف الشباب بنسبة تزيد على 6% في غزة العام الماضي، وهي نسبة تزيد على ما كانت عليه عام 2021م، وهذا يعني أن غزة تسير نحو خلل ديموغرافي خطير، سيؤدي لانخفاض عدد السكان بنسبة تصاعدية خلال العقد القادم، نتيجة البطالة وعدم القدرة على الزواج، مطالباً بوضع حلول اجتماعية عاجلة لحل تلك القضية التي لها أبعاد وطنية، خاصة ونحن نخوض صراعاً ديموغرافياً مع الاحتلال.

في السياق ذاته، قال المختص في مجال البيئة وصحة الأسرة د. توفيق جميعان: إن الشباب في غزة يعيشون ظروفاً حكمها الحصار طيلة 17 عاماً، والآن تحصد الأجيال الشابة نتائجها الكارثية على مستقبلهم وتكوينهم لأسر جديدة، مضيفاً أن الاحتلال الصهيوني حطم أحلامهم في بناء بيت أو الحصول على فرصة عمل، وبالتالي صعوبة الزواج وتكوين أسرة نظراً لتكاليف الزواج المرتفعة.

وأشار إلى أنه من الصعب توفير تكاليف الزواج لدى عائلات الشباب، لا سيما إذا ما كانت تلك العائلات فقيرة، وكان عدد أفرادها كبيراً مما لا يمكنها من توفير مصاريف الزواج لأبنائها، وكذلك غلاء المهور التي تجعل الشباب متخوفين من الإقدام على الزواج؛ الأمر الذي قد يوقعهم في مشكلات الديون التي لا يستطيعون تسديدها، خاصة إذا كان الشاب لا يتقاضى راتباً يكفيه لفتح بيت أو إنشاء بيت مستقل له ولزوجته.

وأوضح الباحث جميعان أن هناك من بين الشباب وفي الوقت الراهن لا تزال الديون التي صرفت على تعليمهم الجامعي يصعب تسديدها، خاصة إذا كانت تلك الرسوم الدراسية مرتبطة بمؤسسات أو بنوك، مما يحجب عنه فكرة الزواج، وخاصة إذا كان قد تخرج ومضى على تخرجه في الجامعة عدة سنوات ولا يجد أيّ عمل.

ولفت، في الوقت ذاته، إلى الانتباه لقضية خطيرة لها انعكاساتها الاجتماعية والوطنية؛ وهي هجرة الشباب إلى خارج الوطن هرباً من الفقر وبحثاً عن فرص خارج الوطن، جعلت من الشباب لا يفكرون في الزواج في هذه المرحلة؛ مما أدى إلى زيارة نسبة الفتيات العانسات في المجتمع الفلسطيني.

 

الحروب وأزمة السكن

وتشير إحصاءات لوزارة الأشغال الفلسطينية في غزة إلى أن هناك أكثر من 2000 منزل لم يتم إعادة إعمارها هدمت خلال العدوان الصهيوني على القطاع عام 2014م، في حين هدم الاحتلال أكثر من 12 ألف وحدة سكنية في عدوان عام 2021م، وتدمير أكثر من 102 شقة سكنية في العدوان الأخير في مايو 2023م.

وكل ذلك ترك ضغوطاً كبيرة على فئة الشباب في الحصول على شقق سكنية، حتى وإن توفرت، فإن متوسط سعرها في غزة لا يقل عن 30 ألف دولار، وهو مبلغ من المستحيل جمعه في ظل معطيات معدلات الدخل المنخفضة في غزة؛ لذا تبقى أحلام الشباب في غزة بالزواج معلقة ومرهونة بواقع مؤلم فرضه الاحتلال الصهيوني طيلة السنوات الماضية.

الرابط المختصر :