; الحصار المالي «يضرب» الأفراد بعد الحكومة | مجلة المجتمع

العنوان الحصار المالي «يضرب» الأفراد بعد الحكومة

الكاتب وسام عفيفة

تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006

مشاهدات 16

نشر في العدد 1704

نشر في الصفحة 28

السبت 03-يونيو-2006

واشنطن والصهاينة يشددون القيود على التحويلات المصرفية

  • التضييق طال مصارف الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الداعمة لأهالي الشهداء والأسرى والمحتاجين.. بحجة أنها تابعة لحركة حماس!.

تواجه الأفراد والمؤسسات المالية الخاصة، العقبات والعراقيل نفسها التي تواجهها الحكومة الفلسطينية في التحويلات المالية عبر البنوك المحلية، رغم أن ذلك كله يأتي في أعقاب زيادة الدعوات التي وجهت للبنوك العربية والفلسطينية تطالبها بالقيام بواجبها، حيث وجهت لها أيضًا الانتقادات والاتهامات لامتناعها عن إيصال الأموال. وقد وصلت مراسل المجتمع في غزة شکاوی عديدة من المواطنين والمؤسسات في تعاملاتهم مع بعض البنوك العربية والفلسطينية، كان أبرزها ما ذكرته مؤسسة إعلامية خاصة أنه تم تأخير رواتب موظفيها شهرًا كاملًا بسبب قيود مصرفية حالت دون وصول الحوالات المالية من مؤسسات دولية مانحة. وأشار مصدر في المؤسسة أنها سوف تضطر إلى صرف رواتب موظفيها عن شهرين مطلع يونيو ٢٠٠٦م.

 وقد أرجع بعض المصرفيين ذلك جزئيًا إلى أسباب تجارية، لكنهم صرحوا أيضًا بأن الولايات المتحدة أبلغت البنوك بأنها قد تواجه إجراءات عقابية إذا قدمت خدمات لحكومة حماس مما أثر على حركة الحوالات!.

القائمة السوداء

وهنا لم يستغرب الحاج «أبو أيمن» من مدينة غزة أن تتأخر حوالته التي تأتيه من الخارج عن طريق البنوك العربية المعروفة في غزة؛ لأنه أعتقد أن المشكلة مجرد إجراءات أو وقت أو ربما يكون حدث خطأ هنا أو هناك، ولكنه وبعد تردده على ذلك البنك والسؤال المتكرر عن وصول الحوالة، تأكد من مصدر الحوالة ورقم الحساب والإجراءات الأخرى المتبعة في التحويل بأنها صحيحة!.

وأكد «أبو أيمن» أنه عند مراجعة إدارة البنك لم يفصحوا له عن دواعي التأخير أو المنع إلا بالقول إن الحوالة لم تصل لأسباب خارجة عن إرادتنا، مما دفعه إلى تقصي الحقيقة ومعرفة السبب الذي صرح به أحد موظفي البنك سرًا قائلًا له: «حوالتك من نوع القائمة السوداء»Black List  

ولم يختلف حال الموطنة «حنان» الموظفة في وزارة التربية والتعليم، فقد عبرت عن استيائها من طريقة التعاملات البنكية مع الحوالات المالية، مشيرة إلى أنها خضعت لمساءلة من إدارة البنك وصفتها بالتحقيق، وموضحة أن ابنها الذي يعمل مستثمرًا في شركة كبيرة في إحدى الدول الغربية أرسل لها مبلغًا من المال.

وقالت: ما طرح عليّ من أسئلة في البنك أشعرني بأنهم يعتقدون أن المبلغ محول لصالح منظمة إرهابية! 

وهذا مثال آخر لإحدى المؤسسات العاملة على الساحة الفلسطينية في قطاع غزة وكانت تتعاون مع أحد البنوك حيث يقول «أبو ياسر» المدير المالي للمؤسسة أنه كان يقوم بإرسال واستقبال حوالات مالية من الضفة الغربية وبالعكس، مشيرًا إلى أنه فوجئ في المدة الأخيرة بإجراءات معقدة تطلبها إدارة البنك منه للقيام بها، مما دعا مؤسسته إلى تغيير النظام المالي الذي تسير عليه بالكامل والاستجابة لمطالب البنك.

وأكد «أبو ياسر» أنه رغم كل ما واجهته مؤسسته من مصاعب ومتاعب مع تلك السياسة الجديدة للبنك إلا أنه لم يدر إلى خلده أي شك بأن يكون البنك مشاركًا في المؤامرة والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن مؤسسته ألغت جميع تعاملاتها مع ذلك البنك بسبب تعطل مصالحها لفترة ليست بالقصيرة.

تدخل مباشر

وحسب قول الخبير الفلسطيني في الحسابات المالية والمصرفية منير وادي فإن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لمنع أي خطوة أو مشروع الدفع رواتب موظفي السلطة والتضييق على المواطنين، كي لا يتم تخفيف الأزمة عن الشعب الفلسطيني وحكومته؛ حيث إن الضغط الأمريكي على البنوك جاء كذلك لإفشال خطة الجامعة العربية لنقل المبالغ مباشرة لحساب الموظفين، مؤكدًا أن خير دليل على ذلك هو دخول طاقم أمريكي إلى الأراضي الفلسطينية لمراقبة البنوك المحلية، وفرض قيود عليها تتعلق بنقل الأموال والتحويلات المالية مهما كان حجمها، وسواء أكانت لأفراد أو هيئات!.

وقال وادي: إن مشكلة تضييق بعض البنوك على حوالات المواطنين الفلسطينيين يذكرنا بحملة التضييق السابقة على مصارف الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الداعمة لأهالي الشهداء والأسرى والمحتاجين بحجة أنها تابعة لحركة حماس، مؤكدًا أن التعامل مع الأفراد العاديين بالطريقة نفسها فيه ظلم كبير يتم عن الحقد والتآمر الأمريكي والصهيوني على القضية الفلسطينية.

وأشار وادي إلى أن قضية منع إدخال الأموال عبر معبر رفح البري على الحدود المصرية مع قطاع غزة، تأتي في ذات السياق التآمري، ولكن هذه المرة بتدخل فلسطيني واضح وجلي، رغم معرفتهم أن الأموال هي أموال تبرعات من الشعوب العربية وهي في طريقها للحكومة الفلسطينية، وهي مخصصة لدفع رواتب الأسرى وذويهم ولم تدفع لمدة شهرين سابقين.

علامات استفهام

من جانبه يرى الخبير الاقتصادي عمر شعبان في الموقف الذي اتخذته البنوك الرافضة للتعاون أو إيجاد حل وسط أو محاولة للتفاهم مع الحكومة بأنه يثير علامات استفهام كثيرة، خاصة أن موقفها جاء موائمًا للموقف الصهيوني والأمريكي. ويشير شعبان إلى أن البنوك استفادت من العمل في فلسطين وقطاع غزة تحديدًا خلال الثلاثة عشر عامًا الماضية، من خلال الأرباح الهائلة المقدرة بالمليارات التي استثمرتها خارج الوطن، قائلًا: إن أحد البنوك في قطاع غزة -لم يفصح عن اسمه- حقق أرباحًا بنسبة 203% خلال العام 2005م ضعف العام ٢٠٠٤ بـ ٢٣ مرة!.

 وأوضح شعبان أن البنوك مؤسسات خاصة تتجنب أي نوع من التصادم للحفاظ على مصالحها المصرفية، مبينًا أن البنوك الفلسطينية لم تقم بأي برنامج تنموي وأن حجم التسهيلات البنكية لا تزيد على 19% من إجمالي الودائع.

ولعدم رغبة مديري البنوك التحدث في تلك القضية الشائكة أو لربما الحرج الذي ينتابهم من وراء حساسية الموضوع، فقد أعتذر لنا بعضهم عن التصريح عبر الإعلام، ولكن رئيس مجلس إدارة بنك فلسطين المحدود د. هاني الشوا كان قد نفى أي علاقة للبنوك بالأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني بسبب الحصار وعدم تحويل الأموال من الخارج، مشددًا على أن بنك فلسطين المحدود لم يرفض استقبال الأموال التي يتم تحويلها بطرق قانونية وشرعية ورسمية.

وقال الشوا: إن البنوك هي أداة للتمويل واستقبال الحوالات، ونحن مؤتمنون على ودائع الشعب والمبالغ الموجودة في البنوك ليست ملكًا لنا وإنما هي ملك للمودعين، فأين لنا من دفع الرواتب التي تطلب منا، وهل لدينا أموال تم تحويلها من الخارج ونحن أحجمنا عن دفعها، مشيرًا إلى أن البنوك تتعرض لضغوط خارجية لا يستهان بها.

وأشار د. الشوا إلى أن الضغوط الخارجية تتعلق بالحوالات التي قد تصل من الخارج، وتعامل البنوك مع أفراد أو مؤسسات أسماؤها موجودة على القوائم غير المرغوب في التعامل معها «الإرهاب»، إلا أن الحوالات حتى اللحظة لم تصل من البنوك الخارجية العالمية.

وتساءل: لماذا تلام البنوك الوطنية؟ موضحًا أن سياسة البنك تتمثل في استقبال الحوالة ومن ثم توزيعها على الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من البنك.

مراعاة الظروف

وحول الإجراءات التي قامت بها بعض البنوك في المعاملات الداخلية قال د. جورج العيد محافظ سلطة النقد: إن هناك بعض الإجراءات غير المقبولة من بعض البنوك بذريعة أن الوضع يفرض نفسه عليها، وقال: إن سلطة النقد أتصلت بهذه البنوك وطلبت منها عدم اتخاذ إجراءات من شأنها تغيير التعامل مع العملاء وعليها الالتزام بذلك، بما ينسجم مع القانون ومع سلطة النقد، وعدم إصدار تعليمات إلى الفروع قبل التنسيق مع السلطة، وأن سلطة لا يمكن أن تعطي تعليمات تضر بمصلحة هذه البنوك.

الشعب الفلسطيني هو الذي يضحي دائمًا، والذين يتشدقون بالحرية والديمقراطية محاولين أن يحولوا المنطقة برمتها إلى النسق الذي يريدونه هم أنفسهم الذين يعاقبون هذا الشعب على ممارسته للديمقراطية واختياره لحكومته وممثليه فأي ديمقراطية هذه التي يقولون عنها والفلسطينيون محاصرون حكومة وشعب

الرابط المختصر :