العنوان الحكومة التركية تصادر تبرعات أحد المواطنين وتسلمها لنادي الروتاري!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
مشاهدات 13
نشر في العدد 1373
نشر في الصفحة 45
الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
بضاعة الماسونية تعاني البور
للمحفل الماسوني التركي تاريخ طويل يقارب التسعين سنة، وهو محفل تجري مراسيمه في جو من السرية كغيره من المحافل الماسونية، ولكن محفل «الماسونيين الأحرار والمقبولين» في أسطنبول قام قبل عدة أشهر - ولأول مرة - بفتح أبوابه أمام الباحثين والصحفيين ولكل من يهمه معرفة أفكار الماسونيين وغاياتهم، كما فتحوا صفحة في الإنترنت حول تاريخ الماسونية في تركيا وفي العالم وأفكارهم وغايتهم، وذكروا أنهم تركوا طابع السرية وأن نشاطهم الآن أصبح في وضح النهار حيث أرسلوا قائمة بأسماء منتسبي المحفل إلى وزارة الداخلية إتباعًا لقانون الجمعيات.
ولم يصدق الكثيرون هذا الأمر وتوقعوا أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، ولقطع الشك باليقين قام أحد الصحفيين بمراجعة وزارة الداخلية وطلب الإطلاع على أسماء منتسبي المحفل الذي زعم أنه ترك الطابع السري ودخل في دور الشفافية والوضوح، وكم كانت دهشته عندما لم يجد سوى أسماء خمسين من الأعضاء فقط، كان معظمهم من المتوفين أو الموجودين خارج تركيا.
وهكذا ظهر للعيان عدم صدق المحفل في دعوى الشفافية والانفتاح وترك طابع السرية، لأن عدد منتسبي هذا المحفل باعتراف مسئولي المحفل وعلى رأسهم أستاذهم الأعظم ساهر طلعت يبلغ 12 ألفًا، فلماذا لم يرسل المحفل أسماء هؤلاء الأعضاء؟ وما الغاية من كتم أسمائهم؟ علمًا بأن هذا يشكل مخالفة صريحة لقانون الجمعيات في تركيا.
نشر الصحفي مقاله مشيرًا إلى المخالفة القانونية التي يرتكبها المحفل الماسوني، وطلب من المدعي العام إقامة الدعوى ضده، ولكن الجميع يعلمون بأنه لن يكون هناك شيء ولن يقدم المحفل إلى المحكمة وستستمر الأمور كعادتها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا إذن ادعى هذا المحفل تركه للسرية وفتح أبوابه للناس والصحفيين؟
الجواب هو أن هذه المحافل بدأت تشكو من قلة الإقبال عليها، فأرادت القيام بحملة دعائية للخروج من أزمتها ولتلميع صورتها أمام الشعب، وقد أدركت المحافل الماسونية مدى كره الشعب التركي لها من القضية التي ثارت حول مسعود يلماظ رئيس حزب الوطن الأم عام 1996 م، فقد أتهم يلماظ في ذلك العام بأنه ماسوني واعتبر مسعود الاتهام إهانة له ومحاولة للقضاء على مستقبله السياسي، فأقام دعوى ضد المتهم وكسب القضية لأنه لم يكن ماسونيًا فعلًا.
ولكن القضية كشفت للرأي العام وللمحافل الماسونية أن اتهام أي شخص بأنه ماسوني يعد إهانة وتحقيرًا.
وخبر آخر ظهر في إحدى الصحف التركية بعد كارثة الزلزال يتعلق بنادي روتاري «وهذه النوادي لها صلات معلومة مع المحافل الماسونية وإن أنكرت هذه الصلات»، وقد جاء في الخبر أن أحد العاملين الأتراك من المقيمين في ألمانيا منذ عدة سنوات كان قد ادخر 300 ألف مارك طوال هذه السنوات، ولكنه عندما سمع نبأ كارثة الزلزال وشاهد في التلفزيون حجم هذه الكارثة وبشاعتها والوضع الأليم لآلاف المنكوبين الذين بقوا دون مأوى قام بسحب كل رصيده في المصرف واشترى به خيامًا من ألمانيا وتوجه بها إلى أسطنبول لتقديمها لمواطنيه، ولكنه فوجئ في مطار أسطنبول بالسلطات الرسمية تضع يدها على هذه الخيام وتمنعه من توزيعها على المواطنين... لم يفهم هذا المتبرع الكريم سبب الأمر وبقي مذهولًا.
والحقيقة التي لم يكن هذا المتبرع يعرفها هي أن السلطات الرسمية عندما رأت أن الجمعيات والتجمعات والأوقاف ذات الطابع الإسلامي هبت لمساعدة منكوبي الزلزال، وأن هذه المساعدات كانت أسرع وأفضل وأكثر من المساعدات الحكومية... عندما رأت هذا خشيت من اكتساب الجماعات الإسلامية سمعة ومحبة شعبية كبيرة لذا قامت بمنع أي جهة من توزيع المساعدات، وقررت أن تقوم هي بجمع هذه المساعدات من المتبرعين وتوصيلها إلى المنكوبين على أساس أنها مساعداتها أو من مساعدات الهلال الأحمر التركي، تمامًا كما حدث بعد الزلزال الذي ضرب مصر عام 1992 م.
ماذا حدث لخيام ذلك المتبرع؟
لقد تبين فيما بعد أنها قدمت إلى نادي الروتاري، ووزعت على أساس أنها من تبرعات هذا النادي!.