العنوان الدستور الإسلامي الواقع والأمل
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1977
مشاهدات 17
نشر في العدد 356
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 28-يونيو-1977
كل القلوب المؤمنة والأنفس المخلصة من أبناء هذا الشعب، تتطلع إلى اليوم الذي تعود فيه الكويت للحياة الإسلامية، لتحتكم بشرع الله بعد سنوات من الانحلال والتردي وإتباع الأهواء.
ومع بداية العمل لتنقيح الدستور وتصريحات المسئولين على مدار العام بالرغبة في العودة للاحتكام بالشريعة الإسلامية، واستمداد القوانين منها، ثم تأتي دعوة سمو ولي العهد للمواطنين للإدلاء بالرأي والنصيحة أفرادًا وجماعات.
مع كل هذا عاش الشعب في حلم سعيد وآمال واسعة بانتظار اللحظة التي يعلن فيها الحكم عن العودة للشريعة الإسلامية.
بل إن البعض بلغ به الأمر إلى درجة اليقين، لفرط ثقته بكل ما يسمع ويدور، وفي الوقت نفسه خشيت القلوب الضالة عن هدى الله، والمعادية لدينه أن تدور عليها الدوائر بالعودة للإسلام، وبذلك تنسلخ مرغمة من بيئة اللهو والعبث إلى بيئة جادة منظمة لا مجال للمصالح والأهواء فيها، وبين الفئتين قوم لم يعارضوا العودة ولم يستاؤوا، وإنما استعدوا لوداع حياة الحرية اللا مسئولة، وترك الملذات والشهوات التي نشأوا عليها في الأعوام الماضية.
ولكن: نتساءل هل سيحدث كل هذا؟ وهل هذا هو الحقيقة أم أنه خيال في خيال؟
ولسنا ممن يدعو للتشاؤم وينزع يد الثقة من موضعها.
ولكننا في الوقت نفسه ننظر بعين واعية فاحصة لكل ما يجري، ونعيش في الحقيقة والواقع بعيدًا عن عالم الخيال.
على رسلكم
وعلى هذا علينا ألا نستطرد في صنع الأحلام والخيالات ونتمهل، فالأمور بخواتيمها.
كما يجب ألا نصنع من اللا شيء شيئًا، فلم يحدث أي تغيير نحو الأفضل بعد، كل ما حدث هو قرارات ورغبات.
شواهد
وفي الوقت نفسه تظهر بعض الشواهد التي تردنا إلى الحقيقة:
• بعد وقفة التأمل بشهور صدر قانون الجزاء المعدل، وكل ما جاء فيه هو التشديد في العقوبات والنص على بعض الجنايات.
• شكلت لجان التعديل القانونية، وما ندري ما حظ علماء الشريعة فيها، وكل ما نعرفه أنها تضم خبراء في القانون قدموا خصيصًا لهذه المهمة.
• يجري العمل على تشكيل لجنة تنقيح الدستور، ونخشى أن يكون من بين المرشحين لعضويتها رجال لا يتحلون بحب الدين والغيرة عليه، بل من السهل عليهم التفريط فيه، وقد ثبت ذلك من خلال عملهم في السنوات الماضية.
كما لم نسمع أن رشح لهذه اللجنة عالم بالشريعة أو رجل متمسك بالدين ويدعو له.
وإذا كان على صاحب الحق أن يذكر بحقه دائمًا، ويطالب به حتى يناله فنحن نذكر بما يلي:
• تطبيق الشريعة الإسلامية حق الله علينا، وأمر مفروض منه يجب علينا طاعته وتنفيذه.
﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾. (المائدة: ٤٩).
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. (المائدة: ٥٠).
﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. (يوسف: ٤٠).
• إن رغبة الشعب وهي الركيزة الأساسية لكل حكم «ديمقراطي» سليم، توجب على المسئولين الاستجابة لها بعد أن وصلت إليهم بالآلاف. وهذا منطق الشورى أيضًا.
وإن كان ثمة مناد بالانحلال والبعد عن الشريعة، فهم قلة ومنحرفون أيضًا.
• إن الوعد بالشيء عند أهله كفعله، وهذا ما قطعه المسئولون في رمضان الماضي على أنفسهم من أن يكون التصحيح بهدى من تعاليم الدين الحنيف - كتاب الله وسنة نبيه - والشعب كله مترقب لتنفيذ الوعد.
• ما يصدر من قرارات ملزمة في مجالس الحكم كفيل بتحقيق الأمنية «الدستور الإسلامي»، لولا ما نعرفه عن تلاعب بعض دعاة القانون بألفاظ القانون، الأمر الذي يجعل القرار قابلًا للتفسير على كل وجه، ونحن مع ذلك ننظر للجانب المشرق، وهو أن هذه القرارات تعني ما نصت عليه، هذا ما نرجو ونعتقد ولا نملك إلا هذا.
ومن قبيل ما ذكرنا قرار مجلس الوزراء بإنشاء لجان التقنين التي جاء فيها هذا النص: «على أن تكون هذه التشريعات مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وفقًا لأحكام الدستور متفقة مع واقع الكويت وتقاليدها»، الأمر الذي لا يخلو من عجب، فما هو الجديد إذن هل هو النص على الشريعة، ووصفها بأنها غراء.
فإذا كان استمداد التقنين من الشريعة وفقًا لأحكام الدستور، فالدستور يعدها مصدر من بين المصادر، ويمكنه الأخذ من غيرها، وهذا محل الإشكال والمخالفة، وإن أخذت ۹۹ % من أحكام الشريعة، ثم ۱ % خالفها، فهو رفض لها وهي كلام الله، الذي لا يجوز أن يواجه بهذا، هذا هو المبدأ.
ثم إذا كان واقع الكويت يبيح اللهو الماجن، والنوادي الليلية، وأصناف الخلاعة، وشرب الخمر في البيوت والفنادق والمزارع، والصحافة والإعلام المنافي للأخلاق، واستيراد الراقصات والمطربات، والعري والتفسخ في النوادي البحرية والرياضية والفنادق، ثم المعاملات الربوية واللا إسلامية، وغيرها من المظاهر التي تمثل جزءًا من واقع الكويت خلفته سنوات الانحراف، فهل يقصد بهذا النص أن تكون التشريعات والتعديلات وفقًا لهذا الواقع فكيف تستمد منه الشريعة، إذن والدستور الذي يجري العمل به يعتبرها مجرد مصدر إلى جانب المصادر الوضعية.
فهل نستمر بعد هذا في الأمل بدستور إسلامي؟
نقول نعم، ونعم ألف مرة، فالإسلام دين الله، وحكمه لا نرضى له بديلًا، وسنظل نأمل ونعمل حتى يتحقق.
هذا للأسباب التالية:
• لثقتنا بالله أولًا وأخيرًا وإيماننا به وتوكلنا عليه.
﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾. (التوبة: ٣٢).
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. (النور: ٥٥).
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾. (الحج: ٣٨).
• ثم لثقتنا برجال طيبين تحملوا المسئولية ورعوها، وبدعاة مخلصين مثابرين على العمل الدائب في سبيل الله.
• ثم ثقتنا بأن الباطل وإن كثر لا بد أن يزهقه الحق: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾. (الإسراء: ٨١).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل