العنوان الرحلة المباركة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 12-يناير-1971
مشاهدات 22
نشر في العدد 43
نشر في الصفحة 3
الثلاثاء 12-يناير-1971
بدأت وفود الحجاج تزحف من أركان الأرض ملبية مكبرة مهلهلة «لبيك اللهم لبيك»، من أدغال أفريقيا وأعماق آسيا وثلوج أوروبا خرج المسلمون والمسلمات في رحلة طويلة ينشدون بيت الله..
﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (الحج: 14).
رحلة مضت عليها مئات السنين، والمسلمون لا يزالون على الطريق، الحر والبرد والجوع ومخاوف الطريق وآلام السفر لم تصرفهم عن قِبلتهم؛ فالمتعة عالية والسعادة كبيرة، وفي سبيلها يهون كل شيء.
فالجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، إن الرحلة إلى بيت الله هي رحلة التاريخ كله، وهي رحلة الدنيا كلها، رحلة بطول الزمان وعرض المكان، رحلة ستظل قائمة ما قامت الأرض، لكل أبناء الأرض.
رحلة الاغتسال والطهر والصفاء والحب، اغتسال الإنسان من آثامه وعصيانه لله، وتطهُّره من آثامه في حق الناس، الناس جميعًا..
ثم يخرج من دنياه متجردًا من ثيابه إلا ما يستره، ويندمج في الناس جميعًا في موكب تُلغى فيه الطبقات والدرجات، وتطوف أرواحهم في موكب ملائكي كبيرٍ.
يمضي رَكبهم مع إبراهيم وإسماعيل، وينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر..
هؤلاء كانوا على هذا الطريق، ويمضي الموكب الكبير على طريق أم إسماعيل عَدْوًا بين الصفا والمروة، في لهفةٍ إلى رحمة الله كلهفة الأم التي روَّعها عطش صغيرها، ويمضي الموكب إلى القمة العالية، إلى عرفة، ويتمثلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه يقف فيهم خطيبًا، يُجدد نشاط أمته، ويبعث فيها الحياة.
ويمضي الموكب على الطريق من نسك إلى نسك، وبقوة يندفع الحجيج إلى حيث يتمثَّل الشيطان والشر والإثم والبغي في الرمي، فيقذفونه بحجارة ويقصفونه بقوة حتى يتخلصوا من سلطانه وإغرائه.
ويمضي الرَّكب على الطريق، ويلتقي بسيد الطريق، سيد البشر، أستاذ العالمين، ومُعلّم الناس، القائد الإمام حبيب قلوبنا ونور وضياء نفوسنا، سيدنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ويكون اللقاء الكبير، ويعود الحجيج رحمة الله تحفُّهم على الطريق، يعودون بحياة جديدة كأنهم وُلدوا ليومهم، يعودون لمواصلة مسيرة الحياة على الطريق السوي.
أسعد بها من رحلة! وأسعد بهم من رجال ونساء! فعلى بركة الله سيروا، والجميع معكم بقلوبهم وعواطفهم ودعائهم.
· فلما قدموا «أي الذين بايعوا العقبة الأولى» المدينة إلى قومهم، ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم.
· فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفترض علينا الحرب، على:
1- ألا نُشرِك بالله شيئًا.
2- ولا نسرق.
3- ولا نزني.
4- ولا نقتل أولادنا.
5- ولا نأتي ببهتانٍ نفتريه بين أيدينا وأرجلنا.
6- ولا نعصيه في معروف.
· «فإن وفَّيتم فلكم الجنَّة، وإِن غشيتم من ذلك شيئًا فأمركم إلى اللّه عز وجل إن شاء عذّب وإِن شاء غفر».
· وفي رواية: «فإن وفَّيتم فلكم الجنة، وإِن غشيتم من ذلك (شيئًا) فأُخِذتم بحدّه في الدنيا فهو كفارة له، وإِن سُتِرتُم عليه إلى يوم القيامة فأَمركم إلى اللَّه عز وجل، إن شاء عذَّب، وإِن شاء غفر».
· وفي رواية: الذين بايعوا في العقبة الأولى بايعوا: على السمع والطاعة في يسرنا وعسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لَا نُنازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
· و لم يكن هناك وثيقة مكتوبة، وهكذا كانت حركة الإسلام تنتقل من فم إلى قلب، وئيدة لكنها صلبة، وتماسك الرجال على أخلاق طاهرة، وأضاءت النساء الشريفات بيوتًا كانت المنطلق الحركي الأول للإسلام من بؤرة مكة إلى أقصى حدود الدائرة التي غمرت دولًا عُظمى، بدأت بعهود ومواثيق شفوية.
كلمات لكنها صادقة، وبدون الصدق في العهد لا يمكن أن تولد الحركة الإسلامية.. فما بالك بالنجاح.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل